شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"اليوم، يقف فريد الديب مترافعاً عن نفسه لأول مرة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الثلاثاء 25 أكتوبر 202202:08 م

قضى المحامي المصري المخضرم فريد الديب، صباح الثلاثاء 25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، عن 79 عاماً إثر معاناة مريرة مع سرطان الدم تسببت في تدهور حالته الصحية في الأسابيع الأخيرة.

أعلنت الإعلامية حنان الديب، كريمة المحامي الشهير، وفاته عبر حسابها في فيسبوك: "كان عزيزي وعزّي وعزتي. فهو حبيبي الأول، وعيني الثالثة وملجئي بعد الله. طاب به عمري الفائت. ولكن أمر الله نافذ علينا جميعاً. مات أبي… الحمد لله وإنّا لله وإنا إليه راجعون".

وكما كان مثيراً للجدل في حياته، تصحبه الضجّة كلما تولّى قضية تلو الأخرى، جاءت وفاة الديب لتفجّر تعليقات شديدة التباين بين من يمتدح "مهنيته وبراعته" وأولئك "الشامتين" في "نفوق محامي الشيطان".

مسيرة مهنية عريضة 

وفريد الديب هو أشهر المحامين في مصر وطالما حضر اسمه في قضايا المال والسياسة والفساد التي تثير الرأي العام إذ يقف فيها دائماً مدافعاً عن المسؤولين ورجال الأعمال والمشاهير المتهمين بالفساد والقتل وما شابه.

صدقت نبوءته لـ"المرافعة الأخيرة"... وفاة المحامي المصري الأشهر فريد الديب عن 79 عاماً إثر معاناة مريرة مع سرطان الدم، وعلاء مبارك يُذكِّر بوقفته التي لا تُنسى مع أسرته

المحامي المولود في 23 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1943، بمنطقة السيدة الزينب، حفظ القرآن في الصغر وتخرج من كلية الحقوق عام 1963 بمعدل جيد جداً. على مدى عقود من العمل في المحاماة، ترافع عن أسماء لامعة في الوسط الفني والثقافي أبرزها نجيب محفوظ ونجوى فؤاد ومحمود السعدني.

لكن ما يبقى عالقاً في أذهان الناس هو ترافعه عن الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، في القضية التي اشتُهِرت باسم "محاكمة القرن".

قبل ذلك، كان الديب محامياً عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام وراج في حينه أنه تقاضى أتعابه من السفارة الإسرائيلية. لكنه كذّب ذلك لاحقاً موضحاً أنه تلقى الأموال من أشقاء عزام الذين ذهبوا إليه رفقة مسؤول إسرائيلي.

وكان الديب أيضاً ضمن فريق الدفاع عن رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى في قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم.

وقد أثار أخيراً الكثير من الجدل بعد إعلانه قبوله الدفاع عن المتهم بقتل فتاة جامعة المنصورة نيرة أشرف، المتهم محمد عادل المحكوم بالإعدام. وذلك بالرغم من أنه كان قد ألمح لاعتزاله المرافعات أمام محاكم الجنايات لقربه من سن الـ80 وتداعي الأمراض عليه في آذار/ مارس 2022.

تنبأ الديب خلال المرافعة النهائية في القضية التي اشتُهرت إعلامياً بـ"قضية الآثار الكبرى"، والمتهم فيها رجل الأعمال حسن راتب والنائب السابق علاء حسانين و21 آخرين، بأنها ستكون "المرافعة الأخيرة" له، وصدقت نبوءته.

حتى قبل اشتغاله بالمحاماة كان الرجل مثيراً للجدل. خلال عمله وكيلاً للنائب العام، أُدين الديب في مذبحة القضاة عام 1969، إذ فُصل 200 قاضٍ من عملهم بتهمة مناوئة نظام ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952، واستُبعد من القضاء آنذاك ليبدأ عمله بالمحاماة منذ عام 1971.

شادي جاهين: بعد دفاعه كتير عن باطل، بعد ما جادل بعد ما ماطل… ورد إلينا الخبر العاجل: ‘مات الديب‘. مات الديب وأهو راح لله، هو الحاكم في ما سواه… كل حسابه هناك يلقاه، من غير ظلم وغير تعريض #فريد_الديب

في كل مرة تعرّض المحامي للهجوم من الرأي العام بسبب قبوله الدفاع عن أشخاص يراهم المجتمع "فاسدين ومجرمين"، رد الديب بأن ما يهمه هو "تحقيق العدالة، واحترام القانون والقضاء" فقط.

سجال الترحم والشماتة

عقب وفاته، تصدر اسم "فريد الديب" قائمة المتداول في مصر، ودار سجال واسع بين من يترحمون على "أشهر محامٍ في الوطن العربي" والشامتين في "محامي المستبدين والفاسدين والمجرمين".

من الفريق الأول، المحامي المصري سامي حسني النزهي الذي اعتبر في تغريدة أن "مهنة المحاماة فقدت علماً من أعلامها"، والمحامي محمود السعودي الذي قال عبر فيسبوك: "سواء اتفقت أو اختلفت معه فلا أحد يستطيع أن يُنكر براعته ومهنيته وقدرته على اقتناص الهدف".

في رثائه، كتب نجل الرئيس المصري الأسبق، علاء مبارك، عبر حسابه في تويتر: "إنا لله وإنا إليه راجعون. نتقدم بخالص العزاء والمواساة في وفاة الأستاذ فريد الديب سائلين المولى عز وجل أن يتقبل الفقيد بواسع رحمته ومغفرته وأن يلهم أهله الصبر والسلوان"، مردفاً "لا ننسى وقفة الرجل مع الأسرة في وقتٍ انسحب فيه الآخرون، ربنا يرحمه".

في حين وصفه رجل الأعمال والمؤثر السعودي منذر آل الشيخ مبارك بأنه كان "أحد علامات المحاماة البارزة وأحد أشجع المحامين"، معتبراً أنه "تصدّى وأثبت وبيّن زيف وكذب #الإخوان والثورجيّة وفي أوج قوتهم نجح في إسقاطهم قضائياً".

على الجانب الآخر، عبّر كثيرون عن ارتياحهم لوفاة الديب الذي قالوا إنه "لم يقف يوماً مع مظلوم" وأفنى عمره في "تدليس الحقائق ونُصرة الظالمين" بفضل "أدلته الزائفة وحنكته المضللة". وأعربوا عن سعادتهم لأن القدر لم يمهله فرصة الدفاع عن قاتل طالبة جامعة المنصورة المنحورة نيرة أشرف.

كما كان مثيراً للجدل في حياته، تصحبه الضجّة كلما تولّى قضية تلو أخرى، جاءت وفاة فريد الديب لتفجّر تعليقات شديدة التباين بين من يمتدح "مهنيته وبراعته" وأولئك "الشامتين" في "نفوق محامي الشيطان"

من العبارات التي رددها هؤلاء:

"نفوق فريد الديب".

"عند الله تجتمع الخصوم".

"هلاك أحد أعوان الظالمين".

"فريد الديب الآن أمام محكمة العدل الإلهية".

"أن تكسب قضايا الناس وتخسر قضيتك مع الله".

"اليوم يقف فريد الديب مترافعاً عن نفسه لأول مرة".

وبلغة شعرية، اختصر شادي جاهين موقف هذا الفريق قائلاً: "بعد دفاعه كتير عن باطل، بعد ما جادل بعد ما ماطل… ورد إلينا الخبر العاجل: ‘مات الديب‘. مات الديب وأهو راح لله، هو الحاكم في ما سواه… كل حسابه هناك يلقاه، من غير ظلم وغير تعريض. حكم المولى مافهش خلاف، عدل في حكمه وف الإنصاف من غير طعن أو استئناف من غير غش ولا ألاعيب".

لكن البعض استنكر فعل "الشماتة" في وفاة الديب. قال أحدهم: "مش متخيل أنه فيه حد ممكن يشمت في ميت لمجرد أنه بيشتغل في مهنته أو بيمارس شيء هو اتعلم وتعب فيه. عقول مريضة فعلاً".

رداً على ذلك، أقر بعض منتقدي الديب بأن "للموت مهابة"، قائلين إنه هو نفسه لم يهتم بالموتى من ضحايا موكليه، مذكرين بأنه كان "محامي عوقر (شديد الخبث)" و"تخصص في الاستفادة من الثغرات القانونية" و"قبض كويس أوى من ممارسة مهنته بلا أى مشاعر أو اعتبارات لدرجة أنه دافع عن جاسوس! وجعنا وخوفنا على العدل".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

معيارنا الوحيد: الحقيقة

الاحتكام إلى المنطق الرجعيّ أو "الآمن"، هو جلّ ما تُريده وسائل الإعلام التقليدية. فمصلحتها تكمن في "لململة الفضيحة"، لتحصين قوى الأمر الواقع. هذا يُنافي الهدف الجوهريّ للصحافة والإعلام في تزويد الناس بالحقائق لاتخاذ القرارات والمواقف الصحيحة.

وهنا يأتي دورنا في أن نولّد أفكاراً خلّاقةً ونقديّةً ووجهات نظرٍ متباينةً، تُمهّد لبناء مجتمعٍ تكون فيه الحقيقة المعيار الوحيد.

Website by WhiteBeard