إذا كنت لا تحمل شهادةً جامعيةً، ففي ليبيا لا داعي للقلق؛ يمكنك ببساطة، ومن دون أن تحمل شهادة إتمام المرحلة الثانوية أو حتى إن كنت راسباً فيها، أن تشغل منصباً أمنياً رفيع المستوى.
ربما كان في ودّ محمد المنفى، رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، أن يهنّئا لطفي الحراري، رئيس جهاز الأمن الداخلي الليبي، على نجاحه في الحصول أخيراً على شهادة الثانوية العامة التي أُعلنت نتائجها الرسمية قبل ساعات. لكنهما لم يفعلا ذلك، ليس من باب الكسل أو السهو، ولكن من باب الرسوب: فقد فشل الحراري في تجاوز الامتحان.
أظهرت صور شهادة درجات الحراري، التي بثتها وسائل إعلام محلية وتداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، رسوب الحراري الذي يحمل رتبة "لواء"، في مادة الإحصاء، ضمن نتائج الشهادة الثانوية لفئة المنازل بنين، في بلدية أبو سليم.
إذ اتضح أنه سيتعين على الحراري، التابع للمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة، أن يؤدي لاحقاً الامتحان في دورة ثانية في هذه المادة، بعدما نال 12 درجةً فقط من 28 درجةً مطلوبةً للنجاح.
إذا كنت لا تحمل شهادةً جامعيةً، ففي ليبيا لا داعي للقلق؛ يمكنك ببساطة، ومن دون أن تحمل شهادة إتمام المرحلة الثانوية أو حتى إن كنت راسباً فيها، أن تشغل منصباً أمنياً رفيع المستوى
وتفجرت عاصفة من التعليقات الساخرة من فكرة أن الحراري يشغل منصباً رفيعاً في أجهزة الأمن الليبية، ولا يحمل حتى الآن شهادة الثانوية العامة، ناهيك عن الشهادة الجامعية. وذهبت بعض تلك التغريدات التي وصفته بأنه منتحلٌ منصبه، مشيرةً إلى بداياته التي عمل فيها مدلكاً في حمام عام.
في حين أشار البعض إلى تهم الفساد التي تحاصره، مطالبين بمنحه ملياراً للدروس الخصوصية.
في حين رأى البعض رسوبه دليلاً على نزاهته ورفضه الاعتماد على الوساطة والنفوذ.
وفي الوقت الذي عدّ فيه مواطنون وناشطون رسوب الحراري، آخر نكتة، ذهب موقع العنوان الليبي، إلى ما هو أبعد من ذلك، بقوله: "لا أخبار رسميةً حتى الآن عما إذا كان الدبيبة قد التحق بامتحانات الشهادة الثانوية أسوةً بزملائه، كونه لا يملك أي شهادة".
وطبقاً للنتيجة الرسمية التي اعتمدها موسى المقريف، وزير التربية والتعليم في حكومة الدبيبة، في شأن نتيجة امتحانات شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي لـ112 ألفاً و669 طالباً وطالبةً، للعام الدراسي 2021-2022، بلغت نسبة النجاح العامة 59.56%، بواقع 64.73% في القسم العلمي، و40.30% في القسم الأدبي، و34.48% في التعليم الديني.
في الوقت الذي عدّ فيه مواطنون وناشطون رسوب الحراري، آخر نكتة، ذهب موقع العنوان الليبي، إلى ما هو أبعد من ذلك، بقوله: "لا أخبار رسميةً حتى الآن عما إذا كان الدبيبة قد التحق بامتحانات الشهادة الثانوية أسوةً بزملائه، كونه لا يملك أي شهادة"
وقد هنأ الدبيبة رسمياً عبر تويتر، الأربعة الأوائل الحاصلين على المراكز الأولى في الشهادة الثانوية، وشدّد على من وصفهم بـ"أبنائي" الذين لم يُوفَقوا، لبذل مزيد من الجهد.
الرسوب معتاد
المفارقة أن الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، وُجّهت إليه شخصياً اتهامات قبل ذلك بتزوير شهادته من إحدى الجامعات الكندية، دعت مكتب النائب العام في ليبيا، إلى فتح تحقيق في شهاداته الجامعية، بعد تلقّيه مراسلات تفيد بعدم امتلاكه مؤهلاً علمياً يؤهله لتولّي منصبه، أو الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية.
وعلى الخط نفسه، طالت اتهامات التزوير مسؤولين في وزارة الخارجية، وهو ما دفع وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، إلى إصدار بيان عبر صفحتها على فيسبوك، تعلن فيه بوضوح أنها تتابع باهتمام تصريحات رئيس مركز الضمان والجودة وتقرير ديوان المحاسبة لسنة 2019، بخصوص شبهات تزوير شهادات موظفي وزارة الخارجية والتعاون الدولي. وتعهدت المنقوش بأن من سيثبت تزويره للشهادات والمستندات الرسمية الخاصة به، سوف يحال إلى الجهات المختصة.
جهاز حساس ومنصب رفيع
يُعدّ جهاز الأمن الداخلي، الذي يزاول أعماله من مقرّه في العاصمة، وله فروع ومكاتب موزعة على كافة ربوع البلاد، من الجهات الحساسة في ليبيا، ومن المؤسسات المدنية النظامية التابعة لمكونات الدولة الليبية، التي تهدف إلى حفظ كيان الدولة وحماية أمنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومكافحة الإرهاب والظواهر الهدّامة والمخاطر والتهديدات التي تستهدف قيمها الدينية والاجتماعية وتنال من مكانتها أو علاقاتها الدولية".
ولذلك، فإن رسوب الحراري، رئيس الجهاز، يلقي بظلال محرجة تطال الحكومه كونها تدعو دوماً إلى تأهيل كوادر رفيعة المستوى لديها القدرة على تحسين الوضع العام الليبي من خلال برامج التأهيل والتدريب داخل البلاد وخارجها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...