شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
رواية “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة”

رواية “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة”

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 31 مايو 201601:12 ص
يمضي بنا الروائي السوري خالد خليفة، من عنوان روايته الطويل والمميز إلى حقول الخس في حلب، ليحكي على لسان أحد شخصياته قصة عائلة عاشت حياة موازية لحياته تحت وطأة الاستبداد.
تبدأ الرواية بجملة يعلن فيها الراوي، وهو أصغر أفراد هذه العائلة، عن موت أمه: "في طريقي إلى المنزل تذكرت أن أمي لم تبلغ الخامسة والستين من عمرها كي تموت بهذه الطريقة المفاجئة".
بسبب هذا الموت المفاجئ، ستنهمر الذكريات على رأسه مستعيداً تاريخ عائلته. هكذا نتعرف إلى الأم التي تتزوج من شاب ريفي رغم رفض أهلها، فتعيش عزلتها المختارة، بعيداً عن العسكر القادمين إلى مدينتها الأثيرة "حلب"، متعالية على الجميع في محاولة لنسيان عارها من زوجها الذي هجرها مع امرأة أمريكية تكبره بثلاثين سنة، بعد أن أدرك أنها "فرصته الوحيدة لتغيير حياته التي شعر بأنها توقفت عند هذه النقطة، موظف يجب أن يقدم الولاء الدائم للحزب والرئيس القائد كي يحتفظ بكل هذا البؤس".
عبر السرد ننتقل بين شخصية وأخرى، من خلال الابن الأصغر الذي ترافقت لحظة ولادته مع حدوث انقلاب عسكري أوصل حزب البعث إلى السلطة، فيعيش حياة موازية لحياته، يتأثر بها ولا يؤثر فيها. يبدو هذا واضحاً في سرده لحكايات العائلة، دون أن يظهر كثيراً فيها إلا بصفته راوياً، يراقب من بعيد وينقل مجريات الأحداث. يعاني الراوي من سطوة الاستبداد الذي حوّله إلى شخص هامشي وثانوي، ويبدو هذا جلياً حين تمر صفحات الرواية دون أن نعرف اسمه.
أعاد خليفة مراراً وتكراراً ذكر هذه النقطة، كما كرر بعض الأفكار، مثل التأكيد على آثار الاستبداد، ومصادرة الحريات… الخ. كان من الأفضل، ربما، لو ترك الكاتب للقارئ أن يدرك وحده هذه الأفكار من خلال أحداث الرواية، دون أن يلقّنه إياها.
نتابع عبر شخصية الراوي حيوات أفراد العائلة، التي تبدو أكثرها تمرداً سوسن. ترفض التماهي مع أمها المقهورة والصامتة، تحب مدرس اللغة الفرنسية، جان عبد المسيح، المنغلق على نفسه. يهرب جان بدوره من آثار الاستبداد التي طالته إلى فعل التكرار، متجاهلاً حب سوسن، مما يدفعها إلى الانخراط في "كتائب المظليات"، وكتابة تقارير عن زميلاتها. لاحقاً، تنتبه سوسن إلى خساراتها، بعد سلسلة أحداث عاصفة فتتمنى لو تعود "امرأة نقية، غير ملوثة بالتقارير التي أودت برفيقاتها في المدرسة وعائلاتهم إلى التهلكة". في محاولة منها للهرب من عارها الشخصي، ستجد طرقاً للتكفير والنسيان، إذ يساعدها خالها "نزار" المثلي الجنس، والموسيقي العبقري، الذي تتقاطع حيوات أفراد هذه العائلة مع حياته، فيشاركهم همومهم كأم حنون بعد عودته إلى حلب.
تشكل حلب بؤرة الراوية. إنها المركز الذي يعود إليه الجميع بعد أن يُهزموا خارجه. رشيد، الأخ الأوسط، سيعود بدوره إليها، بعد ذهابه إلى العراق للجهاد ضد الغزو الأمريكي هناك. وكما تشكل حلب مركز الرواية كمكان لأحداثها، فإن لحظة موت الأم، تشكل أيضاً مركزها الزمني. من لحظة الموت تبدأ جميع فصول الرواية، لتمضي في بنية شبكية إلى نهايات الأحداث، ثم تعود في بداية الفصل التالي إلى النقطة الأولى، لتعاود مضيها من جديد إلى الأطراف حتى نمر على جميع الخيوط والعقد الكثيرة. هذه الطريقة في السرد، من أهم ما يميز هذه الرواية الغنية والتي تتضمن الكثير من الأحداث المثيرة.
مراجعة رواية لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة - مجموعة روايات لخالد خليفة
الجدير بالذكر أن خالد خليفة من مواليد حلب 1964، وهذه روايته الرابعة التي فازت بميدالية نجيب محفوظ للأدب لعام ٢٠١٣. له تسع مسلسلات تلفزيونية، وقد وصلت روايته "مديح الكراهية" إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية (2008)، والقائمة الطويلة لجائزة الإندبندنت العالمية (2013). وحازت أخيراً على المرتبة 95 ضمن قائمة List muse لأفضل مئة رواية لكل العصور.
مراجعة رواية لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة - معلومات عن الرواية

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image