"لا"
باق من الزمن نصف ساعة، وقدماي غير قادرتين على الفكاك من أسر مشاعري. مهجتي مقبوض عليها، وفمها قد حيك بمغزل الدموع، ولكن، طالما مشيت في هذا الطريق فلابد أن أستمع إلى موسيقى كعادتي.
مدَّت يدي نَفسَها إلى داخل جيبي وسرَقَت سماعة هاتفي الذكي دون أن أشعر، ثم وصلتها بأذني، وبسرعة اقتحمت "Marche slave" أذني أو "مسيرة العبيد" كما يروق لي أن أسميها... كم أنت قاسية أيتها اليد، ويا لك من متواطئ يا تشايكوفسكي!
أرى زميل الكفاح يمشي في مسيرة العبيد الروس المساقين إلى مجاهل الحرب مع الدولة العثمانية. تُرى، لماذا سيسافر؟ كان يمكن أن يبقى، كان يمكن أن يهرب من السفر إلى أرض ليست بأرضه. إنه يهرب من القهر هنا ويبحث عن انتصار زائف هناك.
هو بالتأكيد انتصار بالوكالة لن يفيده شيئاً، هو انتصار لصالح آخرين. ربما أعذره فقد يكون الإحساس بالنصر ولو لصالح آخرين أهون من إحساسك الدائم بالهزيمة، ربما الراتب الذي سيأخذه من المنتصر سيعوّضه... لم أستشعر هذا الإحساس ولا أتخيله، ولكن ربما الأمر كذلك.
ركبت الحافلة، وبعد دقائق وجدت نفسي أمام زميل الكفاح... أُغلِقت الحقائب، تُليت الأوراد والأدعية، أُسديت النصائح، جُهزت التأشيرة وجواز السفر وكل الأوراق اللازمة للمغادرة، قفزت الذكريات إلى داخل الحقائب، وها قد حان موعد السفر واللحاق بالمسيرة.
لن أهاجم ابن تيمية وابن القيم وأحفادهما، وسأعيش مع الرومي وابن رشد وأحبائهما. لم أعد أحب دعاء العاجزين، لا أريد أن أدعوا الله بالستر، أو بإزاحة الغمّة، أو بطلب النجدة ولا الغوث. لا أحب أن أدعو "للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات"، ولا أن "يهلك الله الظالمين بالظالمين ويخرجنا من بينهم سالمين"... مجاز
وفجأة التقت العينان بالعينين، فتحدثن وبكين وعاتبن وأشفقن، تذكرنا محاولاتنا المستميتة للبقاء سوياً نبحث عن نصر يجمعنا. تعانقنا ولامس خدّي خدّه، وتذكّرت جلودنا أرض المعركة التي نمنا عليها سوية، نحلم باليوم الذي نصنع فيه واقعاً يشبهنا، فزاد البكاء والقهر.
ودّعته ومشيت؛ فإذا بيدي تعود لتسرق السماعة وتضعها في أذني مرة أخرى، فإذا بالعبيد لازالوا في مسيرتهم.
وصلت إلى المقهى العشوائي، وجلست في المكان المعتاد، لأجد كل شيء كما هو منذ عرفت المكان. ها هو تاجر المخدرات والبلطجي الذي يحميه يتفحصان الوجوه، للتمييز بين الزبائن والمرشدين. نادل المقهى يأتيني بالطلب المعتاد، وصاحبها يلقي عليّ التحية ويسألني عن سبب تأخري عن موعدي الأزلي.
وهناك، على كراسي فان جوخ، يجلس عمال اليومية، يحاولون تجميع ثمن أطباق الفول الذي سيحرس بطونهم حتى صباح اليوم التالي. يمرقون بحذر سيارة فارهة يترجّل منها الباشا باتجاه تاجر المزاج؛ ليأخذ منه ما يُنسيه جرائمه، وفي ركن هادئ يجلس الأستاذ عبده، الموظف الغلبان، مع سيد بيه "الواصل" يشكو له ألم انتظاره الحقن بالإنترفيرون، علّه يتوسط له ويقدم دوره في قائمة الانتظار ويتعالج بسرعة.
رفض صدري استقبال أحجار إضافية من الدخان المعسّل، وتجاوز الليل منتصفه، ولم يبق على ميعاد العمل إلا بضع ساعات. أعطيت النادل الحساب، ثم عاودت وضع السماعة في أذني وأنا أترجل في طريقي للمنزل، لأجد عبيد تشايكوفسكي لازالوا يترجلون في طريقهم المليء بالعثرات والانحناءات؛ فالسياط قد ترغم الغزلان على الركض نحو الأسود الجائعة.
*****
وصلت منزلي وتمنيت لو خلدت إلى نوم طويل، ربما تسفر ساعاته الأخيرة عن حلم، أستطيع التسلية بسرده لبعض الطيبين بعد ذلك، أو ربما يكون النوم الأخير لي، فلا أختتمه بكابوس الاستيقاظ مبكرا؛ لأجل التكفير عن ذنوب لا أعرف أغلبها. وفي كل الأحوال فالنوم ضروري، حتى ولو كان لتهيئة النفس لتحمل ضربات جديدة من السياط.
أحب دعاء المنتصرين، بالبركة في الأرزاق، ودوام الأفراح، والأنس بالله في أوقات النعيم، والدعاء للناس أجمعين بالسعادة والسلام والعزة، والصفح والعفو عن الظالمين. إلهي هو الذي أتوقعه تجاهي، وهو ليس سادياً كي يعذبني بناره! ماذا يفيده عذابي؟!... مجاز
قبل النوم تذكرت مقالي اليومي، ففتحت الشبكة العنكبوتية للاطمئنان على نشره، فإذا عنوانه قد تبدّل، لأن إدارة التحرير تعرف أن القيصر ليس لديه وقت لقراءة المضمون وسيحكم عليه من العنوان فقط، ولا يصحّ أن تقطع أرزاق جيش من الصحفيين بسبب كاتب لازال في قلبه مسحة من نقاء طفولته.
بدأت أطالع الأخبار، فإذا هي متنوعة جداً؛ فالبرافدا كتبت: "الزعيم يصل سالماً غانماً"، وكتبت تاس: "بأمان وصل الزعيم سالماً غانماً"، أما النجم الأحمر فقد صدّرت هذا العنوان الهام المختلف: "بعد بلاء عظيم... القائد يعود إلى الوطن سالماً غانماً!"... عناوين توضح كيف أن الزعيم يخوض معركة حربية في كل تصرّف، حتى لو سافر لدولة صديقة.
حاولت الاستماع إلى الراديو فوجد تنوعاً غير عادي في استعراض النشرات، لخبر عودة الزعيم سالماً، ولأنني غبيّ لم أستطع تقدير مغزى هذا التنوّع الرهيب في تناول الخبر، فأغلقت الراديو وضغطت على زرّ مشغل الموسيقى في هاتفي، فوجدت "Marche slave" ترن في أذني، واكتشفت أن هاتفي "الذكي" قد ضبط على ألا تعمل به سوى هذه الموسيقى، يبدو أن يداً خفية عبثت به وحذفت منه كل المقطوعات والأغاني الأخرى، أو ربما يدي فعلت ذلك دون أن أشعر.
إله الصياغة ينقذني من العدمية
كتبت القصة الموجودة أعلى هذه السطور منذ حوالي 8 سنوات وأنا ممتلئ بالإحباط، ومتأثر بسفر صديق عزيز إلى خارج الوطن هرباً من واقع يرفضه، وبها يطغى مزاجي الذي كان يسارياً ساخراً، المتأثر بعقلي الذي كان يريد تغيير العالم، عقلي الذي اضطررت لإجباره على السعادة، وما أجمل من هذا إجبار، بعد أن أقنعته أن المقاومة فعل الضعفاء، وأن الوقت الذي يضيع في رد الفعل يمكن إنفاقه بسعادة في الفعل.
أقنعت عقلي بأن عالمي يمكن صياغته من جديد، يمكنني عمل format جديد لعقلي، كما حاسوبي الذي فعلت معه نفس الأمر، نعم هي إعادة صياغة للمكونات الموجودة مسبقاً.
اكتشفت أن الصياغة هي سر الحضارة وسر كل موجود، هي كل اختراع، هي كل اكتشاف، هي كل تكوين سياسي، وكل تكوين اقتصادي، وكل تكوين ثقافي، وكل تكوين فني، وكل تكوين فلسفي، هي كل شيء في هذا الوجود، حتى أن المصريين الذين لا يقدرون شيئا أكثر من الذهب يسمون صانع الحلي "الصائغ"!
اكتشفت أن إعادة الصياغة التي أمارسها يومياً بحكم عملي الصحفي خلال مراجعتي لمواد الزملاء شكلت لدي ملكة تجاوزت عملي إلى كياني كله، اكتشفت أن الكون ليس به ما يستحدث من العدم، فكل جديد هو صياغة لمكونات هذا الكون، وكل عنصر يُستحدث هو صياغة لعناصر موجودة مسبقاً، تندمج بنسب من مقادير منتقاة، تتفاعل في ظروف معينة فينتج عن ذلك عنصراً جديداً.
لا داعي إذن لاختراع العجلة التي لا أدري لماذا يصرّ كتابنا على اختراعها أو ركوبها دون أن يفكروا في اختراع شيء آخر غيرها، وأن كل ما عليّ فعله هو إعادة صياغة عناصري نفسها.
بعد سنوات بسيطة عاد صديقي من جديد بعد أن اكتشف أن حياته مستحيلة خارج الوطن، فوجدني ولكن بصياغة جديدة، وجدني غارقاً في التاريخ والفلسفة والموسيقى، وجدني متصوفاً متأملاً، هارباً من الزمان والمكان، وجدني وقد اخترعت زمكاناً جديداً، وجدني أتواجد بين الناس وأعيش مع نفسي.
وجدني لا أسمع "مسيرة العبيد"، بل أسمع "نشيد الفرح" لبيتهوفن... هي نفس الآلات الموسيقية، بل على نفس السلم الصغير minor، وإن اختلفت درجات الركوز بين D و B flat، وإن اختلف التآلف بين النغمات؛ هما ينطلقان من أرض واحدة.
فالنغمات عموما واحدة (فقط 8 درجات بأنصافها وأرباعها ومضاعفاتها تُكوّن أي سلم موسيقي)، ولكن صياغتها أو نسج علاقات جديدة فيما بينها تخلق شيئاً مختلفاً، وقد خلق منها بيتهوفن الأصم الذي كان مقبلاً على الانتحار شيئاً ينتقي من الحياة أفضل ما فيها، شيء يهاجم الكون بالسعادة بدلاً من مقاومة تعاسته.
سئمت كلمات "يسقط"، "ارحل"، "فساد"، "ظلم"، "حرام"، "احتلال"، أتقيّأ من طلب بعضهم المنحة في عيد العمال، وأشمئز من طلب العلاوة السنوية، وأسخر من تطوير العشوائيات، وجمعيات مساعدة الفقراء... أشتاق إلى "يعيش"، "أكمل"، "شفافية"، "عدل"، "حلال"، "سيادة"، أهيم بمن يبتكرون وينشئون المشروعات لا من يعيشون عالة عليها... مجاز
استبدَلتُ التحقيقات والأخبار بالتحليلات والمقالات، استبدَلتُ الاقتصاد والسياسة بالموسيقى والفلسفة والتاريخ، رغم أن المكوّن اللغوي لكل ذلك يتألف فقط من 28 أو 29 حرفاً، وبدلا من محاربة الاستبداد والتطرّف صرت أحتفي بالحرية، دون أن أتلفظ بكلمة هجومية على المستبدّين المتطرّفين، بدلا من سبِّ القبح صرت أحتفي بالجمال، بدلا من الجدل والمعارك الكلامية أضغط على زر الحظر Block، وأقبل أو أطلب صداقة من يشبهني.
كان يمكن أن أفعل مثل كثيرين وأصير لامنتمياً، كما كولن ولسون، كان يمكن أن أكون مثل بطل رواية هنري باربوس "الجحيم" الذي يلجأ إلى غرفته ويغلق بابها ويرقب فوضى الآخرين من ثقب حائطها، كان يمكن أن أكون هذا الكريه، منعزلاً متفرّغاً للحقد على هذا العالم الظالم، أكبت القهر تلو الآخر في قلبي حتى أنفجر يوماً.
ولكن قبل أن يكتمل انزلاقي إلى مستنقع العدمية، وجدت إله الصياغة بداخلي يشد يدي ويأخذني رويداً رويداً إلى عالمي الجديد، عالمي الذي وجدته في داخلي ولم أستورده، هذا الداخل الذي بالتأكيد يحوي عوالم أخرى لم أزرها بعد.
إذن، لا داعي أبداً لانتقاد هذا العالم، يكفي أن أحكي لسكانه عن عالمي الجديد، علهم يأتون إليّ وينعمون، وصرت أدعو إله الصياغة مع أم كلثوم بدعاء بيرم التونسي: "ياريت حبايبنا ينولوا ما نلنا... يا رب توعدهم يارب، يارب، واقبلنا". وكتبت المقالة التالية في نشوة ميلاد صياغتي الجديدة.
أنا خليفة الله... معطٍ ومبدع وقدير
ماذا يعني عيد ميلادي؟
يعني أن قائمة المواليد في ويكيبيديا، تركت هذا اليوم خالياً، في انتظار أن تملأه باسمي، وآن لي أن أهم بالأمر. ولكن ماذا ستكتب ويكيبيديا؟ هل سيقولون الصحفي المجتهد؟ أم الكاتب المبدع؟ أم المؤلف البارع؟ لا يهم، في النهاية أنا معني بجوهر القيمة، الحكمة، النور، أياً كان شكل الوسيط المعرفي الذي أتعامل معه، أو شكل المنتج الذي أقدّمه.
أنا قادر وباسط ورافع ومعط ومبدع وقدير... أنا خليفة الله، والإله لا يقاوِم ولا يدافِع ولا يناضِل ولا ولا...، الإله يريد، يقرر، يأمر.
تأملت كرة القدم فوجدت أن رؤوس الحربة والمهاجمين هم من يصنعون الفارق، هم الأكثر ذكاءً، الأكثر إمتاعاً، هم من يراقصون، هم من يحرزون الأهداف، هم الأكثر احتفالاً، هم من تهتف لهم الجماهير أكثر، هم الخالدون، هم الفنانون: بيليه، كرويف، مارادونا، بلاتيني، الخطيب، فان باستن، ميسي، رونالدو...
لا أستمتع بخشونة المدافعين، وندائهم على زملائهم من أقصى الملعب ليعاونوهم في صدّ هجمات الخصم، كرهت ثباتهم وثقلهم، أنفر من سقوطهم ومرور الكرة بين أقدامهم، وأسفل أفخاذهم.
أسخر من مظالمهم؛ دائما يرون أن المهاجم كان في وضع تسلل، ويُقسمون أن أيديهم لم تلمس الكرة، وأن المهاجم سقط وحده، وبعد المباراة يؤكدون أنهم أبرياء من الهزيمة، ولكن الحكم أهدى الفوز للمنافس لأنه مرتشٍ وعميل لدولة أجنبية، وحليف للإمبريالية، وأنهم كانوا يواجهون تحالفاً أمريكياً إسرائيلياً سوفييتياً إسلامياً مسيحياً يهودياً ملحداً.
تأملت الجيوش فوجدت أصحاب الطيران المتقدّم ينتصرون على الدفاع الجوي المتطور، فمهما قويت وتطورت صواريخ "أرض – جو" يستطيع الطيران المنخفض اختراقها، فقط لو قاده طيارون ماهرون. هَزَمت إسرائيل العرب حين هاجَمَت، وهُزِمت حين هوجمت.
أريدهم أن يكتبوا أني هاجمت الفقر بالغنى، وهاجمت الجهل بنشر العلم، وهاجمت الجلافة بتقديم وتحليل الفنون. هاجمت الاستبداد بتمجيد الحرية، وهاجمت الظلم باستذواق حلاوة العدل... كرهت ألقاب "المناضل"، "المقاوم"، "المدافع"، وأحببت لقب "المهاجم"، لأني أردت أن أكون "فعلاً" لا "ردّ فعل".
سئمت كلمات "يسقط"، "ارحل"، "فساد"، "ظلم"، "حرام"، "احتلال"، أتقيأ من طلب بعضهم المنحة في عيد العمال، وأشمئز من طلب العلاوة السنوية، وأسخر من تطوير العشوائيات، وجمعيات مساعدة الفقراء... أشتاق إلى "يعيش"، "أكمل"، "شفافية"، "عدل"، "حلال"، "سيادة"، أهيم بمن يبتكرون وينشئون المشروعات لا من يعيشون عالة عليها، وأشجع الهجرة إلى المدن الجديدة، ويبهرني الفقير الذي أغناه علمه، ومساعدتي له هي تعليمه.
لن أهاجم ابن تيمية وابن القيم وأحفادهما، وسأعيش مع الرومي وابن رشد وأحبائهما. لم أعد أحب دعاء العاجزين، لا أريد أن أدعوا الله بالستر، أو بإزاحة الغمّة، أو بطلب النجدة ولا الغوث. لا أحب أن أدعو "للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات"، ولا أن "يهلك الله الظالمين بالظالمين ويخرجنا من بينهم سالمين".
أحب دعاء المنتصرين، بالبركة في الأرزاق، ودوام الأفراح، والأنس بالله في أوقات النعيم، والدعاء للناس أجمعين بالسعادة والسلام والعزة، والصفح والعفو عن الظالمين. إلهي هو الذي أتوقعه تجاهي، وهو ليس سادياً كي يعذبني بناره! ماذا يفيده عذابي؟! هو رحمن رحيم كريم، لم يخوفنا بالنار إلا ليُعلّم آبائنا أن الترهيب مطلوب أحيانا لتربية الأبناء، وفي وقت الحساب يستطيع التراجع، لأنه حر فيما يفعل.
ماذا أقول؟ لأَكُفّ عن هذا، هل أتحدث عن القيامة وغيبياتها؟!... لأعيش جنتي على الأرض؛ مجدي هنا، فعلي هنا، أنا هنا مسؤول، أنا هنا صاحب إرادة؛ أموال أحققها بأفكاري وجهدي ألذ من كنوز تأتي بلا عناء، إنسِيّة تمنحني جسدها حباً فيّ، أشهى من حوراء لا حول لها في طاعتي.
نعم؛ فرائحة الطعام أثناء الطهي، متعة لا يشعر بها من يأكل في أفخم المطاعم، متعة الطريق أحياناً تفوق روعة المقصد، لذة الظفر بعد الصبر تذاق كثيراً في الدنيا، أما في الجنة فلا تذاق إلا وقت دخولها فقط.
أنا قادر وباسط ورافع ومعط ومبدع وقدير... أنا خليفة الله، والإله لا يقاوِم ولا يدافِع ولا يناضِل ولا ولا...، الإله يريد، يقرر، يأمر.
عليّ إثبات أني ما فرطت في أمانته، هذا الكوكب لي، والتفريط فيه سذاجة وخيانة. لا أقدّس القناعة والزهد، بل أقدّس الكسب والعطاء. لا أحترم الاستقرار، ولكن أدعوا إلى الصعود والنماء، لن أهاجم البخلاء بل سأعطيهم. لن أقاوم الملوك، لأني سلطان.
عهد بإلغاء "لا" من قاموسي، فكل متوقع آتٍ، كما قال علي بن أبي طالب، و"اللي يخاف من العفريت يطلع له في طريقه"، كما قالت جدتي، وأنا طريقي واسع مستوٍ مستقيم، تحفه الأضواء. أريد أن تكتب ويكيبيديا عني: قرر أن يعيش فعاش... مجاز
مللت فيلم "الناصر صلاح الدين" وأشتاق لفيلم عن "طارق بن زياد"، أُنهكت من إغواء أغنية "فدائي" وأحن إلى "يا حبيبتي يا مصر".
لن أجادل المتطرفين والمستبدّين بل سأهاجمهم بحروفي السحرية، بالأغاني الرومانسية، بمعازف الموسيقى الكلاسيكية، بالمشاهد السينمائية، بلوحات التحرر التشكيلية... بنظريات الحب الصوفية!
سأتتبع التاريخ وأسرد على آذانهم سير المتحررين
سأجسم الخيال وأعرضه أمام عيون المنهزمين
سأذوب الأحلام وأصبها في عقول المحبطين
وأصمم المشروعات وأعرضها على اليائسين
نعم،
سأزرع زهوراً ناضرة في صحراء جلافتهم
وسأغرس أعمدة إرادة حول بيوت خناعتهم
وستشرق شمس فكري فوق ظل بلادتهم
وسيذيب لهيب عواطفي جليد تناحتهم
حياتي أنا الذي أجترّها من صور أحتفظ بها عقلي، ومن اليوم لن أترك في عقلي مكاناً لقبح أو سوء، حان الوقت لأتخلص من بقايا فلسفة الهزيمة والمقاومة والكآبة، لأؤلف مصحفاً للانتصار والسعادة، يحكي ويفسر ويشرح ويتوقع كل جميل.
عهد بإلغاء "لا" من قاموسي، فكل متوقع آتٍ، كما قال علي بن أبي طالب، و"اللي يخاف من العفريت يطلع له في طريقه"، كما قالت جدتي، وأنا طريقي واسع مستوٍ مستقيم، تحفه الأضواء. أريد أن تكتب ويكيبيديا عني: قرر أن يعيش فعاش.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون