أقدمت شركة محاماة عالمية على فض الشراكة مع محامٍ إماراتي بارز إثر تعليقات له عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم المثلية الجنسية وتحرض ضد من وصفهم بـ"الشذوذ".
قوبل قرار الشركة بانتقاد واسع في الإمارات والخليج حيث دشّن مواطنون حملةً لدعم المحامي الذي رأوا في تعليقاته "تمسكاً بالدين الحنيف، والقيم والعادات العربية الراسخة".
جاء ذلك بينما وجّهت دول عربية، غالبيتها خليجية، انتقادات لاذعة لمنصات وشركات عالمية بينها نتفليكس وديزني بسبب دفاعها عن حقوق أفراد مجتمع الميم عين وتضمين قضاياهم في أعمالها التي تحظى بشعبية جارفة في الدول العربية.
إنهاء الشراكة وإصرار على الموقف
وفي بيان عبر الموقع الرسمي للشركة على الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية، أعلنت "بيكر مكنزي العالمية للمحاماة": "بعد المناقشات التي جرت مؤخراً، تؤكد كل من شركة بيكر مكنزي ود. حبيب الملا أنهما قررا إنهاء علاقة الشراكة بينهما. وبينما تجري حالياً إجراءات فسخ العلاقة بين الطرفين، نؤكد التزامنا المستمر بدعم عملائنا وموظفينا في دولة الإمارات وعموم المنطقة".
شركة بيكر مكنزي العالمية للمحاماة تفض الشراكة مع المحامي الإماراتي #حبيب_الملا إثر تغريداته المحرضة ضد المثليين، والأخير يتمسك بآرائه قائلاً إنها "تمثل قناعاتي النابعة من ديني ومبادئي. أعتز بها ولا أعتذر عنها"
وشددت الشركة على أنه "مهما اختلفنا مع وجهات نظر ومعتقدات الآخرين، فلا بد لنا من أن نتعامل مع اختلافنا باحترام، ونشجع الحوار الشامل والبنّاء، ونوفر بيئة عمل شاملة تستوعب الجميع"، وأن "أي تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل د. حبيب الملا إنما هي وجهات نظره الخاصة ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن آراء ووجهات نظر الشركة".
عقب ذلك، أكد الملا الخبر صباح السبت 10 أيلول/ سبتمبر، قائلاً عبر حسابه في تويتر: "خبر انفصال بيكر صحيح وسنعمل كمكتب مستقل وسنستمر في خدمة عملائنا كما عهدونا دائماً. ألتزم الصمت ولن أعلق على ما حدث احتراماً للعلاقة التي كانت بيننا".
وأعرب الملا عن عدم ندمه على ما حدث إذ أضاف: "آرائي الشخصية التي عبرت عنها تمثل قناعاتي النابعة من ديني ومبادئي. أعتز بها ولا أعتذر عنها. نحن مجتمع متسامح ونتقبل المخالف ولكن لا نرضى بأن يُفرض علينا فكر وعقيدة تخالف ثوابتنا الإسلامية".
وختم بتوجيه الشكر إلى "جميع الإخوة والأخوات الذين عبروا عن دعمهم لي فى موقفي من قضية الفيديو والشواذ".
ماذا كتب؟
وكان المحامي الإماراتي قد نشر، في 6 أيلول/ سبتمبر الجاري، سلسلة تغريدات حول "فكر وحركة الشذوذ الجنسي في الغرب"، روّج خلالها لمجموعة من الأفكار المغلوطة عن المثلية الجنسية، معتبراً أن "الإشكالية ليست فقط في بشاعة الفعل بل في الإلحاد بطبيعته".
روّج لأفكار مغلوطة عن المثلية وزعم أن "حركة الشواذ قرينة الإلحاد"... حملة لدعم المحامي الإماراتي #حبيب_الملا عبر وسمي #حبيب_الملا_يمثلني و#حبيب_الملا_قامة وهامة بعد إنهاء الشراكة معه من قبل "بيكر مكنزي"
وشرح: "قد يمارس شخص الشذوذ فى السر وعلى استحياء لأنه مدرك لخطأه وأنه بفعله المنكر يعصي الخالق في ما يفعل. أما من يؤمن بصحة ما يفعل ويدعو لفكر الشذوذ فيستلزم هذا منه ابتداء نكران الخالق. وإلا فكيف تؤمن بالخالق الذي حرّم الشذوذ وتؤمن فى نفس الوقت بصحة وسلامة فكر الشذوذ".
وبينما زعم الملا أن "حركة الشواذ قرينة الإلحاد"، ألمح إلى وجود "تناقض واضح بين فكرة الشواذ القائمة على فرضية أن جسدي ملكي أفعل به ما أشاء وبين فكرة الإسلام في أن الجسد ملك لله". وشارك عبر حسابه تغريدات أخرى تهاجم المثلية الجنسية وتقرنها بالإلحاد و"مخالفة الفطرة".
وفي اليوم التالي، شارك الملا بياناً مشتركاً لهيئة تنظيم الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام في بلاده، حول "المحتوى المخالف للأنظمة على نتفليكس"، واصفاً ذلك بأنه "خطوة موفقة لإزالة المحتوى المخالف الموجه إلى فئة الأطفال" عبر المنصة.
"مثال يُحتذى"؟
وعبر وسوم #حبيب_الملا_يمثلنا و#حبيب_الملا_يمثلني و#حبيب_الملا_قامة_وهامة، دشّن مواطنون إماراتيون وخليجيون حملةً لدعم المحامي البارز، لافتين إلى أنه "رجل ذو قيم ومبادئ ورجولة، ومثال يُحتذى"، وممتدحين "تمسكه بقيم ديننا الحنيف وموروث عاداتنا وتقاليدنا، وانتقاده ما يخالف الفطرة السليمة" و"موقفه المشرف ضد الأفكار الهدامة".
رأت المحامية ريما الجرش أن "الدكتور حبيب قامة قانونية مشرفة ومواقفه واضحة ولن يقبل بالمزايدة على حساب مبادئه ودينه" وأن "موقفه شرف لجميع المحامين الإماراتيين"، مؤكدةً أن "انفصال هذه الشركة عنه لن يضره. فهو محامٍ قديم وله مكتبه الخاص ولن تتوقف مسيرته بسبب هذا الانفصال وكلنا داعمون له بالقول والفعل". وأعلنت مكاتب محاماة إماراتية تضامنها مع الملا.
وغرّد الناشط الحقوقي الإماراتي حمد الشامسي: "الدكتور حبيب الملا ، يخسر اتفاق شراكة مع بيكر ماكنزي ويكسب احترام وتقدير الآلاف من البشر. من يحترم مبادئه وقيمه يحترمه الناس".
شهدت الآونة الأخيرة انتقادات وتحذيرات رسمية متزايدة في مصر والدول الخليجية لمنصات مثل نتفليكس وديزني بسبب ما تعتبره "محتوى مخالفاً لقيم المجتمع"، في إشارة إلى تضمين قضايا أفراد مجتمع الميم عين في أعمالها
وقال بن ثالث إن فض الشراكة "دليل واقعي وواضح على الضغوط التي تمارسها ‘ميلشيات الش*ذوذ‘ على كل القطاعات - التدخل في سياسات الدول والضغط على الأفراد ومحاولة فرض أمر واقع، وسياسة خبيثة منافية للفطرة السليمة".
وطالب حمد الحوسني السلطات الإماراتية بـ"إعادة النظر في العقود الحكومية" مع الشركة.
واعتبر معلقون أن فض الشراكة من قبل الشركة العالمية دليل على أن "الدعوات الغربية للحرية وحرية التعبير مجرد شعارات زائفة تستعمل لتحقيق أهداف باتجاه واحد فقط". ووصفوا ذلك أيضاً بـ"فرض الوصاية" و"عدم تقبل الآخر" و"النهي عن المعروف والأمر بالمنكر".
كتب المحامي إبراهيم الحوسني: "حرية التعبير مكفولة فقط لمن يتوافق معهم (الغربيين) والشعار القديم المتجدد هو: من لم يكن معنا، فهو ضدنا".
حراك محموم ضد المثلية
يتزامن هذا الدعم الشعبي الواسع لموقف الملا مع حراك رسمي محموم في دول عربية ضد المنصات والشركات العالمية الداعمة لحقوق أفراد مجتمع الميم عين، كان آخرها بيان هيئة تنظيم الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام في الإمارات.
وورد فيه: "لوحظ في الفترة الأخيرة قيام منصة نتفليكس ببث بعض المواد المرئية والمحتوى المخالف لضوابط البث الإعلامي في دولة الإمارات والمتعارض مع القيم المجتمعية في الدولة"، مع توضيح بأنه جرى التواصل مع المنصة لإزالة هذا المحتوى. وأردف البيان بأن المكتب والهيئة سيتابعان محتوى المنصة خلال الفترة المقبلة، ومراقبة مدى التزامها بضوابط البث والتأكد من "تطبيق الإجراءات اللازمة في حال بث أية مواد متعارضة مع المجتمع" وأنظمة الدولة.
ليس واضحاً حتى الآن إن كانت نتفليكس سوف ترضخ للتحذيرات الرسمية المتكررة وتغيّر سياسة المحتوى الخاصة بها، في المنطقة العربية على الأقل، في الآونة المقبلة.
في الأثناء، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر إصدار "قواعد تنظيمية وتراخيص" لمنصات المحتوى الإلكتروني مثل نتفليكس وديزني، بما يلزمها بـ"الأعراف والقيم المجتمعية للدولة"، مهدداً باتخاذ "الإجراءات اللازمة حال بث مواد تتعارض مع قيم المجتمع".
وجاء ذلك بعد بيان مشترك للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في السعودية، ولجنة مسؤولي الإعلام الإلكتروني في دول مجلس التعاون، ضد المحتوى المخالف لـ"القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية" على نتفليكس. هدد البيان بأن "الجهات المعنية ستتابع مدى التزام نتفلكس "Netflix" بالتوجيهات، وفي حال استمرار بث المحتوى المخالف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة".
وليس واضحاً حتى الآن إن كانت نتفليكس سوف ترضخ للتحذيرات الرسمية المتكررة وتغيّر سياسة المحتوى الخاصة بها، في المنطقة العربية على الأقل، في الآونة المقبلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون