رحلت إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، صاحبة أطول فترة حكم في تاريخ المملكة المتحدة، مساء الخميس 8 أيلول/ سبتمبر 2022، عن عمر ناهز 96 عاماً، وبعد نحو شهرين على احتفالها باليوبيل البلاتيني لصعودها العرش.

وكانت تقارير عديدة قد أشارت إلى شعور الملكة بحزن وألم منذ وفاة زوجها الأمير فيليب العام الماضي عن 99 عاماً إذ جمعتهما قصة حب ثم أطول زواج ملكي في التاريخ البريطاني، وكانت تصفه: "قوتي ومتكئي". ولوحظ تدهور صحتها في الأشهر المنقضية.

وكان قصر باكنغهام قد أفاد، بعد ظهر الخميس، بأن الملكة تخضع للمراقبة الطبية في قصر بالمورال، مقر إقامتها في اسكتلندا، وأن الأطباء أعربوا عن قلقهم على صحتها بعد تقييم صباح نفس اليوم، موصين ببقائها "تحت مراقبة طبية".

وفيما أُخبر أفراد العائلة المالكة بالأنباء عن صحة الملكة وانتقلوا تباعاً إلى مقر إقامتها، أعربت تراس عن أن "البلاد بأسرها تشعر بقلق عميق" من الأنباء حول صحة الملكة، مضيفةً "خاطري وخواطر الجميع في مختلف أنحاء مملكتنا المتحدة مع جلالة الملكة وعائلتها في هذا الوقت".

وفي غضون الساعات التالية، زادت التكهنات بأن "جسر لندن سقط"، وهو الاسم الحركي لخطة موضوعة سلفاً للإعلان عن وفاة الملكة، تحمل أيضاً اسم "يونيكورن". إلى أن أكد قصر بكنغهام الوفاة بعد مرور ست ساعات.

بعد 70 عاماً على العرش… قصر بكنغهام يُعلن وفاة الملكة إليزابيث الثانية، صاحبة أطول فترة حكم في تاريخ المملكة المتحدة، ونجلها الأمير تشارلز يتوّج خليفةً لها، والأمير ويليام يصعد إلى ولاية العهد

أطول فترة حكم بالمملكة

جلست إليزابيث الثانية على العرش عام 1952، وتعاقب خلال فترة حكمها الممتدة 70 عاماً 16 رئيساً/ة حكومة بريطانية. وقد أصبحت قلعة وندسور المقر الرئيسي لحكمها منذ عام 2011.

وفق شجرة العائلة المالكة، فإن الأمير تشارلز (73 عاماً)، الابن البكر للملكة وأمير ويلز، سيتولى الحكم بعدها. على أن يخلفه في ولاية العهد نجله الأكبر الأمير ويليام (40 عاماً)، دوق كامبريدج. علماً أن كاميلا، زوجة تشارلز ودوقة كورنوال، تصبح ضمن مجلس مستشاري الدولة بشكل تلقائي عندما ينصّب تشارلز ملكاً.

وكانت الملكة قد ألغت اجتماعاً افتراضياً لمجلس مستشاريها الخاص الأربعاء 7 أيلول/ سبتمبر، استجابةً لنصيحة الأطباء لها بالتزام الراحة.

وبينما كان معتاداً أن تكلف الملكة رؤساء الوزراء الجدد من قصر باكنغهام بلندن، استقبلت إليزابيث الثانية رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، في قصر بالمورال، الثلاثاء 6 أيلول/ سبتمبر، وهذا خرق للتقاليد أوحى للبعض بأن الملكة ليست على ما يرام صحياً. انتقلت الملكة إلى بالمورال لقضاء عطلتها الصيفية التقليدية في 21 تموز/ يوليو الفائت.

قبل ذلك، أثار إلغاء الملكة مشاركتها في عدد من الفعاليات هذا العام، وظهورها في أكثر من مناسبة متكئة على العكاز.

حظيت بتقدير خاص في الخليج... عاصرت الملكة إليزابيث الثانية عشرات الحكام العرب. ويُعتقد أن العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز كان مقرباً منها، وكذلك حاكم دبي محمد بن راشد الذي ظهر معها في سباقات الخيول

علاقات متفاوتة مع الحكام العرب

على مدى فترة حكمها، عاصرت الملكة إليزابيث الثانية عشرات الحكام العرب الذين تفاوتت علاقاتها بهم. حظيت الملكة بتقدير خاص في دول الخليج واحتفظت بعلاقات مقربة من بعض حكامها لأسباب عديدة، منها تشابه نظام الحكم، وأن البحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات كانت محميات بريطانية قديماً، وحرص الأجيال الجديدة من الحكام الخليجيين على الدراسة في أكاديمية ساندهيرست العسكرية البريطانية، ومهارة الملكة في التعامل مع الحكام العرب والشعوب العربية خلال زياراتها المتكررة للمنطقة.

وشملت قائمة الحكام العرب الذين عاصرتهم إليزابيث الثانية: ملوك السعودية السبعة، وجميع رؤساء الإمارات منذ توحيد البلاد، وستة أمراء كويتيين، وخمسة حكام لقطر، وثلاثة سلاطين لعُمان، والملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق وجميع الرؤساء من بعده، وجميع رؤساء مصر في العصر الحديث عقب القضاء على الملكية، وجميع رؤساء لبنان منذ الاستقلال.

وكانت أول زيارة للملكة في المنطقة العربية لليمن (عدن) عام 1954، وكانت زيارة غير رسمية. وفي العام نفسه، زارت الملكة ليبيا في ما يوصف بأنه "ثاني زيارة خارجية لها منذ جلوسها على العرش" والتقت خلالها الملك محمد إدريس السنوسي، أول حاكم لليبيا عقب الاستقلال عن إيطاليا.

عام 1965، زارت الملكة السودان في أول زيارة رسمية لها لدولة عربية حيث استقبلها الرئيس الانتقالي للبلاد آنذاك التجاني الماحي. أعقب ذلك أول جولة خليجية للملكة، عام 1979، وبدأت بالكويت مروراً بالبحرين والسعودية وقطر والإمارات وانتهت بسلطنة عمان.

برغم زياراتها المتكررة للمنطقة العربية والخليج، لم تزر الملكة إليزابيث الثانية مصر -ذات الدور المحوري في المنطقة- يوماً!

وقابلت خلالها من الحكام العرب: الشيخ جابر الأحمد الصباح، والملك عيسى بن سلمان آل خليفة، والملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد.

عام 1980 أجرت جولة مغاربية شملت تونس (التقت الرئيس الحبيب بورقيبة)، والجزائر (التقاها الرئيس الشاذلي بن جديد)، والمغرب (استقبلها الملك الحسن الثاني).

وعام 1984، زارت الأردن لأول مرة والتقت الملك الحسين بن طلال. وحظيت الإمارات وعُمان بزيارة ثانية من الملكة عام 2010، التقت خلالها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والسلطان قابوس.

اللافت، أنه طوال حكمها الممتد سبعة عقود، لم تزر الملكة مصر - إحدى الدول المحورية في الشرق الأوسط-. علماً أن الرئيس المصري الراحل حسني مبارك زار لندن عام 1991 والتقى الملكة، وهي المقابلة التي لا تتوفر عنها الكثير من التفاصيل أو الصور.

ويُعتقد أن العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز كان أحد أقرب الحكام الخليجيين إلى إليزابيث الثانية بفعل طول فترة حكمه، ولقائهما منذ كان لا يزال ولياً للعهد. حضر الملك فهد (كان لا يزال أميراً) تنصيب إليزابيث الثانية على العرش ممثلاً للملك المؤسس الذي كان يحكم آنذاك. وحضر التتويج ممثلون من العائلات الحاكمة في قطر والبحرين والكويت أيضاً.