تراشق لفظي واتهامات متبادلة بالخيانة والعمالة ودعم الأنظمة الدكتاتورية تبادلها الإعلامي السوري فيصل القاسم والمعلق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي على مدار اليومين الماضيين، من مقر إقامتهما وعملهما: قطر.
بدأ التراشق مساء الجمعة 2 أيلول/ سبتمبر الجاري، حين غرد القاسم ساخراً من أنباء تأكيد الجزائر استعدادها لاستضافة القمة العربية الـ31 المقررة مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل لأجل "لم الشمل العربي"، وسط تكهنات بدعوة سوريا إليها.
كتب القاسم عبر حسابه في تويتر: "نظام يتآمر مع إثيوبيا ضد مصر، نظام يتحالف مع إيران ضد العرب، نظام يعادي جاره العربي المغرب، ثم قال شو قال: يريد لم شمل العرب في قمة عربية"، معقِّباً بالمثل الشعبي: "تركت زوجها مبطوح (مصاب) وراحت تداوي ممدوح".
في اليوم التالي، شارك دراجي تغريدة القاسم وعلق عليها: "المهم أننا لا نخون، ولا نبيع وطننا ولا قضيتنا ولا شرفنا، ولا نفتخر بتدمير بلدنا لأجل إسقاط رئيسنا. الجزائر لم تقل إنها ستلم شمل العرب، لأنه لن يلملم، في ظل تفشي أنواع خطيرة من المخدرات والمهلوسات، وتزايد حجم التطبيع مع كيان يسعى إلى منع عقد القمة في الجزائر باستعمال عملائه".
وبينما كان القاسم واضحاً في إشارته إلى "النظام" في الجزائر في تغريدته، اعتبر كثير من السوريين أن دراجي لم يوفق في رده إذ اتهم ضمنياً السوريين المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد وأنصار الثورة السورية بـ"الخيانة وبيع الوطن والشرف وتدمير البلد لإسقاط الرئيس".
"بلا شرف ولا وطنية" vs "بياع كلام ومحرض ومفتري"… فيصل القاسم وحفيظ دراجي يتبادلان الشتائم والاتهامات بالخيانة والعمالة ودعم الأنظمة الدكتاتورية. ما القصة؟
وهذا ما أشعل التراشق اللفظي ليس فقط بين دراجي والقاسم، وإنما أيضاً بين سوريين يرفضون اتهامات دراجي وجزائريين يتهمون القاسم بالعمالة للنظام المغربي الذي يعتبرونه معادياً لبلدهم، وعرب نشطين عبر الإنترنت على مدار اليومين الماضيين.
"بلا شرف ولا وطنية" vs "بياع كلام ومحرض"
واستمر التراشق اللفظي بين الإعلاميين البارزين في الأثناء. رداً على اتهام العمالة والخيانة من دراجي، كتب القاسم: "صار عندي قناعة تامة بأن الذين يوزعون تهمة الخيانة وشهادات الشرف والوطنية على الآخرين هم أصلاً بلا شرف ولا وطنية. فلطالما باعنا هؤلاء المنافقون على مدى عقود شعارات وطنية فاكتشفنا متأخرين أنهم مجرد ثلة من العملاء والخونة والسماسرة وبائعي الأوطان".
كما رد على اتهامه بموالاة إسرائيل قائلاً: "أحلى شي بيطلع لك واحد يتهمك بأنك صهيوني، وهو جالس في حضن فرنسا منذ عشرات السنين".
وطرح القاسم تساؤلاً لا يخلو من الاستهجان من الجزائر: "هل يمكن أن تكون عميلاً لفرنسا ومناصراً لفلسطين؟". وتكررت سخريته من دعم الجزائر للقضية الفلسطينية، في قوله: "يذبحون شعوبهم ويسومونها سوء العذاب ويحرمونها من أبسط حقوقها الإنسانية ثم يرفعون شعار: نحن مع فلسطين… هههههههه".
وذلك قبل أن يعود لينتقد وجود "أنظمة تفعل الأفاعيل بشعبها وتسومه سوء العذاب منذ عقود نيابة عن مشغليها، وتعتدي على الآخرين وترفع شعارات قومجية وتتاجر بقضايا عادلة، مع أنها مجرد كلب صيد وضيع. والغريب أن الإعلام لا يقترب منها ويغطي على قذارتها. وقد حان الوقت لتعريتها خاصة أنها أوهن من بيت العنكبوت ترتعب من كلمة".
ووصف الإعلامي السوري مهاجميه بأنهم "ذباب إلكتروني" تابع لـ"مخابرات عربية"، لافتاً إلى أن الهجوم عليه بمثابة دليل على ضعف النظام الجزائري إذ قال: "تظنه من الخارج نظاماً قوياً وصلباً، لكنه من الداخل أوهن من بيت العنكبوت تهزه تغريدة كتبها صاحبها وهو يشرب القهوة".
بينما كان #فيصل_القاسم واضحاً في سخريته من "النظام" في #الجزائر، اتهم #حفيظ_دراجي الثوار والمعارضين السوريين بوجه عام بالخيانة. قبل أن يوضح: أنا ابن ثورة عظيمة، وشعب عظيم حرر وطنه بكفاحه. لا يمكنني أن أكون ضد إرادة الشعوب في التغيير
وزاد في استفزاز الجزائريين باستشهاده بالمثل الشعبي باللهجة المغربية الدارجة "اللي فيه الفز كيقفز" بمعنى من يخشى شيئاً فإنه يتحسس منه ويعتبره موجهاً إليه.
وكرر ذلك في تغريدة أخرى، ورد فيها: "يا جماعة الخير أنا قررت منذ فترة أن لا أستهدف نظاماً عربياً بعينه سوى النظام السوري، وفي الغالب أكتب بشكل عام عن ظواهر وكوميديا سياسية عربية عامة. وكما يقول المثل المغربي: (اللي فيه الفز كيقفز) أو بالسوري: اللي فيه مسلة بتنغزو، أو بالمصري إللي على راسه بطحة بحسسها".
على الجانب الآخر، حاول دراجي توضيح قصده من التغريدة الأولى، فقال: "السوريون أشرف بكثير من كل بياع كلام، محرض ومفتري، وأنا ابن ثورة عظيمة، وشعب عظيم حرر وطنه بكفاحه، و صنع حراكاً سلمياً عظيماً، أطاح فيه برئيسه، لذلك لا يمكنني أن أكون ضد إرادة الشعوب في التغيير، لكنني ضد من يفرح لتدمير بلده، وضد من يحرض على بلدي، ويعتبر دعم فلسطين وجع راس".
ومن منطلق اعتباره الخلاف بينه وبين القاسم نتاج هجوم ضد الجزائر، كتب: "كلما ازددتم حقداً على وطننا ازددنا تمسكا به، وازددنا شراسة في الدفاع عن شعوبنا ومواقفنا ومبادئنا وقيمنا، وازداد دعمنا لفلسطين وكل المظلومين والمقهورين في الصحراء الغربية وليبيا والسودان والصومال واليمن والعراق وسوريا ولبنان وفي كل مكان".
دعم بشار الأسد
في غضون ذلك، قامت الناشطة السورية ميسون بيرقدار بخداع دراجي وأوهمته في اتصال هاتفي بأنها "السيدة سناء من القصر الجمهوري السوري" لكشف حقيقة دعمه للرئيس بشار الأسد.
خلال الاتصال، وجّهت المتصلة "التحيات من كل القصر الجمهوري وعلى رأسهم السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد حفظه الله"، ليرد دراجي: "الله يحفظكم. سلمي عليه كثيراً والله معكم". وتخلل الاتصال انتقاد لثورات الربيع العربي واعتبارها سبب خراب الدول العربية، واتهام دراجي للقاسم بأنه "كان سعيد وفخور بتهجير بلده. كان سعيد وفخور كل مرة يموتوا ناس. كل مرة تتهدم سوريا، كان سعيداً ومنتشياً".
ولم يُمانع دراجي دعوة المتصلة له لزيارة سوريا، وقال "والله يسعدني يا مدام". كما تمنى المعلق الجزائري: "إن شالله نشوف السيد الرئيس (بشار) في الجزائر".
وشدد دراجي في المكالمة على أنه قصد بتغريدته من خرج على رئيس منتخب من "الثوار والمعارضة"، نافياً أن يكون اعتذر منهم. وبرغم ذلك زاد: "أنا لم أسُب الشعب السوري. الشعب السوري حر… أنا لم أغير موقفي ومستعد أن أجدده غداً وبعد غد".
خلال مكالمة خادعة مع ناشطة سورية، أقر #حفيظ_دراجي بدعمه نظام الرئيس #بشار_الأسد، وتمنى زيارته لبلده ولم يُمانع في زيارة دمشق، موضحاً أن اتهامه بالخيانة كان موجهاً لـ"الثوار والمعارضة" في سوريا
وفي ختام المكالمة، كشفت بيرقدار عن هويتها، وقالت لدراجي: "دعني أقول لك شيئاً هاماً جداً أستاذ حفيظ: للأسف أنت خسرت نفسك وربحت الوقوف مع الدكتاتوريين. أنا ميسون بيرقدار، وهذا اعتراف منك بأنك عميل لنظام قتل شعباً وشرّد شعباً وهجّر شعباً. فعلاً، خسارة كبيرة أنه إنسان مثلك متمكن بالحياة يكون مع أنظمة دكتاتورية قاتلة مجرمة".
وأغلق دراجي الهاتف بينما كانت الناشطة السورية تصارحه بأن هدفها من المكالمة كان إثبات أنه "سهل جداً أنه الواحد يضحك عليكم (تقصد أنصار الدكتاتورية)".
"شبيح وقواد برخصة"
علاوة على المواطنين السوريين والجزائريين والمغاربة الذين استفزهم التراشق بين القاسم ودراجي، دخل العديد من الشخصيات العامة العربية على الخط. وكان أغلبهم يهاجمون دراجي لدعمه "نظاماً استبدادياً".
اعتبر الفنان التشكيلي السوري عمار آغا القلعة أن "من يدعي الوقوف مع القضية الفلسطينية ومع الشعب السوري وحقه في التغيير، عليه أن يدين المجرم عميل إسرائيل بشار الأسد ووالده، قتلة السوريين والفلسطينيين، وأن يتبرأ إلى الله من أن يكون ظهيراً لهما، وأن يقول ذلك علناً وعلى الملأ وإن لم يفعل فهو شبيح وقواد برخصة لدى أنظمة الاستبداد".
وأكد الصحافي المصري جمال سلطان أن "أي شخص يصطف مع بشار الأسد، أو يدافع عن بشار الأسد، أو يبرر لبشار الأسد، هو شخص حقير، ومجرم، ولا يصح نسبته إلى الآدمية، كائناً من كان".
"أي شخص يصطف مع بشار الأسد، أو يدافع عن بشار الأسد، أو يبرر لبشار الأسد، هو شخص حقير، ومجرم، ولا يصح نسبته إلى الآدمية، كائناً من كان".
وقال الباحث والحقوقي الجزائري أنور مالك: "لا شرف له، ويستحق الضرب بحفاظات رضّع #سوريا، كل من يتطاول على ثورة #الشعب_السوري ضد طاغية #الشام وميليشيات #إيران والمحتل الروسي. فقد كانت ملحمة تاريخية فضحت بغاة وطغاة وغلاة وغزاة وبعد مرور عقد من الزمن صارت تكشف حفاة همهم لعق أحذية العسكر بالطعن في شرفاء ضحوا بكل شيء من أجل حريتهم".
وفطن البعض إلى المفارقة بين موقف دراجي والموقف الذي تتخذه قطر، حيث يستقر ويعمل. تعقيباً على المكالمة الخادعة لدراجي، قال أنور مالك: "تخيل أنك كنت في #قطر تدافع عن ثورة سورية وتصفق لخط #الجزيرة التحريري ضد #بشار وتتقرب وتتودد للثوار وبعدها تقع بغباء قل نظيره في فخ ناشطة معروفة بصوتها وصورتها وتفضح نفسك بأنك كنت مجرد شبيح منافق تلبس قناع الثورة من أجل الثروة".
يُشار إلى أن الخارجية السورية أكدت الأحد 4 أيلول/ سبتمبر للخارجية الجزائرية عدم مشاركتها في القمة العربية بالجزائر، وتفضيلها "عدم طرح موضوع استئناف شغل مقعدها بجامعة الدول العربية، في خلال قمة الجزائر"، وفق ما نقلته تقارير إعلامية في البلدين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...