شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
بعد قصقصة أجنحتهم... هل يُسمح للسلفيين بالعودة إلى تونس مجدداً؟

بعد قصقصة أجنحتهم... هل يُسمح للسلفيين بالعودة إلى تونس مجدداً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 27 أغسطس 202205:08 م

عاد الداعية المصري والقيادي في حزب النور السلفي، شريف طه، إلى القاهرة، لكن الجدل الذي أثاره إلقاؤه لمحاضرة في محافظة المنستير الساحلية في تونس، لا يزال متصاعداً وسط مخاوف من أن يتجدد نشاط الدعاة والسلفيين في البلد الذي يشهد أصلاً سجالات قويةً بين الإسلاميين المعارضين والرئيس قيس سعيّد المحافظ بشكل كبير.

بالرغم من المخاوف التي عبّر عنها البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن البيانات التي صدرت عن القوى التي تقول إنها تحمل لواء الدفاع عن مدنية الدولة كانت محتشمةً للغاية، إذ اقتصرت على تنديد من المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة.

خاضت تونس مواجهةً قويةً ضد السلفيين إثر سقوط حكومات حركة النهضة الإسلامية، ضمن ما يُعرف بالترويكات (2011-2013)، خاصةً أن هؤلاء نجحوا في التحكم بقوة في المساجد وتعيين أئمة موالين لهم، ما جعل المواجهة ضدهم وقتها صعبةً خاصةً في ذروة صعود الإسلاميين في المنطقة.

ولطالما نفت حركة النهضة الإسلامية حماية السلفيين، لكن هؤلاء لم يتعرضوا لأي تضييق إبان قيادتها للحكم إذ شهد نشاط السلفيين طفرةً كبيرةً منذ 2011، تاريخ عودة الإسلاميين من المنافي والوصول إلى الحكم بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.

السلطات في قفص الاتهام

أثارت المحاضرة التي قدّمها طه بعنوان "طفلي لا يحفظ"، جدلاً واسعاً في تونس، وسرّعت في وضع السلطات ممثلةً في وزارة التعليم العالي في قفص الاتهام كونها المؤسسة التي استضافت هذه المحاضرة، وهي "قصر العلوم"، تتبع للوزارة.

وندد المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة بهذه الخطوة قائلاً في بيان إن "عودة الدعاة لا تنبئ بخير".

تابع المرصد أن "على رئيس الجمهورية وضع حد لنشاط الجمعيات الإرهابية بدءاً بإغلاق جمعية العلماء المسلمين المعروفة بوَكْر (يوسف) القرضاوي المصنَّف إرهابياً في عدد من دول العالم".

ودفعت الانتقادات المتصاعدة إدارة مؤسسة "قصر العلوم" التابعة لوزارة التعليم العالي، إلى الرد قائلةً إنها تلقّت طلباً من جمعية "سفراء التعليم"، وهي جمعية قانونية لتنظيم محاضرة حول صعوبات التعلم.

التوجس من عودة رموز السلفية إلى تونس ما يزال قائماً

ولفت بيان الإدارة إلى أن "لا علم للمؤسسة بنشاط المحاضر شريف طه"، موضحةً أن دورها يقتصر على مساعدة الجمعيات والمنظمات على تنظيم أنشطة علمية وثقافية وبعض التظاهرات الدينية التي تتماشى مع طبيعة المؤسسة فقط.

من جانبها، دخلت وزارة التعليم العالي على الخط الخميس 25 أغسطس/آب لتعلن عن فتح تحقيق بسبب إلقاء هذه المحاضرة.

وقالت في بيان مقتضب إنها ستتخذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك دون أن توضح رفضها أو قبولها لحضور سلفيّ في مؤسسة عمومية.

"لن نصمت"

تحيي هذه المحاضرة مخاوف تونسيةً من نشاط السلفيين، خاصةً أن البعض يتهم هؤلاء بأنهم وراء اغتيال المعارضَيْن السياسيّين بعد ثورة 14 كانون الثاني/ يناير، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بعد صدور فتاوى ضدهما والتحريض عليهما داخل المساجد التي سيطر عليها السلفيون في تلك الفترة.

وفي وقت سابق، حُظرت جماعة أنصار الشريعة في تونس بقيادة سيف الله بن حسين المعروف بأبي عياض، الذي سبق له أن قاتل في أفغانستان. كما صنّفت الولايات المتحدة الجماعة تنظيماً إرهابياً له صلات بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وذلك بعد أحداث السفارة الأمريكية الدامية في 14 أيلول/ سبتمبر 2012، عندما حرّض السلفيون على اقتحامها.

بالرغم من إضعاف هذه الجماعة بعد قصقصة أجنحتها داخل المساجد، وقتل عدد من قياداتها البارزين، إلاّ أن التوجس من عودة رموز السلفية إلى تونس ما يزال قائماً.

وقال رئيس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة منير الشرفي، إن "ما حدث لا يزال محل تأويلات واسعة، لا نعرف إذا كان خطأ شخصياً أم سياسة دولة جديدةً. إذا كان خطأ شخصياً، نتمنى أن تتم مساءلته وتنحيته من هذا المنصب، لأنه قام بعمل خطير لا علاقة له بمهمته ولا بقصر العلوم والعلوم، وإذا كانت الحوادث ستتكرر فإن ذلك سيمثل عودةً إلى نقطة الصفر وستكون هناك سياسة كاملة للدولة تسعى إلى نشر ثقافة متخلّفة وخطيرة".

بالرغم من المخاوف التي عبّر عنها البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن البيانات التي صدرت عن القوى التي تقول إنها تحمل لواء الدفاع عن مدنية الدولة كانت محتشمةً للغاية

تابع الشرفي في حديثه إلى رصيف22: "نحن نرى أن هناك مؤشرات تدل على أن هذه السياسة الجديدة للدولة خاصةً الإبقاء على نشاط الجمعيات المشبوهة انطلاقاً من وكر القرضاوي الذي لم يتم غلقه بعد. وفي الدستور الجديد أيضاً تم التخلي عن مدنية الدولة وهذا شيء خطير وتم تعويضه بمقاصد الإسلام وإذا كانت هناك سياسة جديدة بهذا التوجه فسيكون لنا دور أيضاً للتصدي لذلك".

وشدد على أنه "إذا تكرّرت الحوادث ستكون لدينا وسائل أخرى ضمن نطاق القانون، سلميّة، لكن لن نصمت على هذه التجاوزات، وسندد بها كما فعلنا في 2012 و2013".

سياق مشجع للعودة

يربط محللون وفاعلون تونسيون، هذه العودة المحتملة لنشاط السلفيين في تونس بالسياق العام الذي تعرفه البلاد وخاصةً الخطاب المحافظ لرئيس الجمهورية قيس سعيّد والتشريعات التي يقوم بسنّها، لا سيما الفصل 5 من الدستور الجديد.

وينصّ الفصل المذكور على أن الدولة، وحدها، في ظل نظام ديمقراطي تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الخمسة وهو فصل أثار جدلاً واسع النطاق قبل تمرير الدستور المذكور في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، وبعده.

وقال المحلل السياسي هشام الحاجي، إن "السياق مشجع لعودة السلفيين للأسف؛ أوّلاً وبقطع النظر عن قراءة الفصل الخامس وتأويله، فإن رئيس الجمهورية يتبنى أفكاراً وأيديولوجيا محافظةً تضعه أحياناً على يمين حركات الإسلام السياسي في رؤية الدولة والمجتمع".

أردف الحاجي في حديثه إلى رصيف22: "من الناحية الاقتصادية هناك أزمة متفاقمة وتراجع لدور الدولة والمؤسسات الملطِّفة لهذه الأزمة، وهو الذي ينمّي ويغذي حالةً من الهشاشة المادية والنفسية التي تجعل المواطنين أكثر عرضةً لهذه الدعاوى التي توظف أساليب من حيث التأثير والديماغوجيا وكذلك تغري الناس بالمال وأشياء أخرى، خاصةً الشباب منهم".

إذا كانت الحوادث، مثل ندوة السلفي شريف طه، ستتكرر في تونس فإن ذلك سيمثل عودةً إلى نقطة الصفر وستكون هناك سياسة كاملة للدولة تسعى إلى نشر ثقافة متخلّفة وخطيرة

وأكد المتحدث على أن "استضافة مؤسسة عمومية لشخص لا أراه جديراً بأن تطلَق عليه صفة داعية وهو أقرب إلى المشعوذ والمحتال ومخرّب العقول، أمر مدان بشدة ويدعو إلى التعمق في أسباب تخريب العقول الذي تشهده تونس منذ عقود، وقد تطوَّر، خاصةً في العقد الأخير. هذه الزيارة مرفوضة ومدانة ولا تحمل أية إضافة".

في ظل الأجواء المشحونة سياسياً، قد يقود تكرر مثل هذه الزيارات أو نشاط السلفيين في تونس إلى تفاقم الانتقادات للسلطة القائمة حالياً، والتي تزعم مواجهة المنظومة السابقة التي تحوي الإسلام السياسي والسلفيّين وغيرهم، وهو ما قد يمثّل الرهان الأساسي للمعارضة لزيادة الضغط على الرئيس سعيّد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image