بالإضافة إلى التعدد في الأجناس الأدبية بين القصة والرواية والسيرة الذاتية وأدب الرحلات والمذكرات، فإن إنتاج الطبيب الأديب السوري عبد السلام العجيلي (1918–2006) يتنوع أيضاً بالأنواع السردية والأساليب الفنية، فيمكن أن تتجاور في المجموعة القصصية الواحدة قصصٌ تتعلق بانشغال الأديب على حياة الريف وخصائص البداوة، إلى جانب قصة عن باريس الفنون ومغامرات الجسد، وقصة من نمط الخيال العلمي، كما هو الحال في مجموعته القصصية "رصيف العذراء السوداء" (1960) التي تتضمن ثلاث قصص: "رصيف العذراء السوداء"، "زيلوس كوكب الغيرة"، و"الأحجية".
تحت عنوان "وجوه الإبداع عند عبد السلام العجيلي"، يكتب الناقد عبد الله أبو هيف: "أصدر العجيلي أكثر من أربعين كتاباً في الرواية والقصة والشعر والمحاضرات وأدب الأسفار والمقالات والمنوعات من الذكريات والسيرة ومراثي الراحلين، بالإضافة إلى كتبه على هامش الطب مثل: (عيادة في الريف-1978)، (حكايات طبية-1986)، و(أحاديث الطبيب-1996)".
تفرد العجيلي بإبداعه القصصي المتميز منذ ظهور مجموعته القصصية الأولى "بنت الساحرة" (1948) التي عُدّت برأي النقاد علامةَ انعطاف في تاريخ القصة العربية كمؤشر على استواء الاتجاهات التقليدية في إنجاز قضة فنية اتباعية من حيث ضبط المعايير الفنية وعناصر القصة في ما وصلت إليه من الغرب. بالإضافة إلى ذلك، عبر العجيلي في إبداعه عن عمق الحوار الحضاري للعرب مع الآخر، وتواصل في رحلاته وأسفاره مع الآخر الأجنبي في القارات كلها.
انشغل عبد السلام العجيلي بالتغيرات الاجتماعية التي رصد فيها أوضاع سورية في فترات تاريخية متعددة؛ فقد عالجت روايته "باسمة بين الدموع" الواقع السوري في الخمسينيات، وتناولت روايته "قلوب على الأسلاك" خذلان الوحدة العربية
وسجل مواقفه بصراحة في كتبه "حكايات من الرحلات" (1954)، "دعوة إلى السفر" (1963)، "خواطر مسافر" (1997). كما كتب العجيلي المقامة القنصلية والموجهة إلى نزار قباني التي يسخر فيها منه بشكل محبب، ونشرها في كتابه "المقامات" (1963).
بين الواقعية القومية والواقعية السحرية
أما في أعماله الروائية فقد انشغل بالتغيرات والتحولات الاجتماعية التي رصد فيها الأوضاع السورية والعربية، فقد عالجت روايته "باسمة بين الدموع" (1959) الواقع السوري في الخمسينيات، بينما تناولت روايته "قلوب على الأسلاك" (1974) خذلانَ الوحدة العربية تحت تأثير غياب الحرية والديمقراطية، وعرضت روايته "ألوان الحب الثلاثة" (1975) بعضَ جوانب انتشار الفساد الاجتماعي والسيايسي، وتابعت رواية "المغمورون" (1979) رصدَ التحرر الاجتماعي الكبير الحاصل بعد بناء سدّ الفرات والتحولات السياسية والطبيعية التي تقنعت بقناع قصة الحب المخفقة بين الطبقة البرجوازية وطبقة الكادحين.
واعتنى بالقضية الفلسطيينة في رواياته مثل "أزاهير تشرين المدماة" (1977)، كما عالجت روايته "أرض السياد" (1998) التحولات المجتمعية من الماضي في البادية وتحكُّم الأعراف والطقوس والتقاليد إلى المدينة بالانتقال إلى تحديات المعيش الالجتماعي والوطني في مدينة حلب أنموذجاً، واهتم بالحوار الحضاري والعلاقة بالآخر الأجنبي في مجموعته القصصية "رصيف العذراء السوداء" (1960)، ورواية "أجملهن" (2001).
ورغم هذه الموضوعات المرتبطة بصنف رواية الواقعية أو صنف "الرواية القومية" كما أطلق عليها النقاد، إلا أن العجيلي استمر بالعناية بالتنويع في تقنيات السرد الروائي، فزاوج باستمرار بين العلم والطقوس والشعائر والأعراف لتتشرب منظورات التخييل، ومنها الخرافة والحلم والوهم.
وأفصح العجيلي مبكراً عن مقدراته السردية الفائقة في كتابة "قصة فنية" بامتياز، مستفيداً من عناصر التمثيل الثقافي العربي في تشكل السّرد من خيارات الخبر والحكاية والمنادمة والمسامرة بذاتها إلى تماهيها مع مبنى قصصي مفعم بالإشارات والإحالات الثقافية والكلامية مثل الشعر والأمثال والأقوال والرموز وسواها.
تبادل نمطيات الهويات الثقافية
في القصة المعنونة "رصيف العذراء السوداء" نقابل "عباس" الشاب العراقي المكتشف لباريس وأجوائها الثقافية، والتي يقارب فيها شخصيات سهيل إدريس أو شخصيات الأدب العربي التي اعتبرت تجربة العيش في باريس أساساً لكتابة رواية فكرية.
وهكذا، عبر هذه الشخصية (عباس) نتابع اكتشافات ومقارنات الفكر العربي في علاقته بين الثقافة الأصل وباريس؛ فعباس القادم من العراق يُخضع تجربته الأوروبية للتفكيك والتحليل باستمرار، وتشكل النساء دوراً أساسياً في مغامرات هذا النوع من الشخصيات: هو عباس الطالب العراقي المترف الذي تنقل في الدراسة من الهندسة إلى الطب الأسنان إلى الحقوق وفشل في كل منها، وهي ماريا لينا السويدية الواسعة المعرفة بثقافات العالم ومشاكل الإنسانية والمتدينة المتعلقة تعلقاً غريباً بطقوس مذهبها الكاثوليكي الجديد. ومع ذلك فقد كانت تتقبل دخوله إلى جوِّها بتفهم وتسامح.
عند دراسة خواص الشخصيتين، نجد أن القاص قد قلب الهويات النمطية، فجعل من الأوروبية السويدية المتعلقة بثقافة الروح والدين، بينما الشاب المنحدر من مجتمع شرقي متدين هو الميال إلى حقيقة الجسد والمادة. وعبر هذا القلب للصور النمطية يرغب القاص أن يعالج احتكاك الثقافات ضمن أطر أدبية تسمح بالكشف عن الاحتمالات الثقافية المغايرة لتلك السائدة والمفروضة عبر "الهويات القاتلة".
تتعدد المدن التي تتداخل في الحكاية السابقة، لذلك يكتب الناقد إبراهيم خليل عن شعرية الأمكنة في أدب العجيلي، وخصوصاً روايته "أرض السياد" (1998): "تحضر في هذه الرواية ثلاثة أنواع من الأمكنة؛ المكان المجازي وهو الذي لا يتمتع بوجود حقيقي، بل هو أقرب إلى الافتراض ومجرد فضاء تقع أو تدور فيه الحوادث مثل خشبة المسرح يتحرك فوقها الممثلون؛ المكان الهندسي، والذي يظهر في الرواية من خلال وصف المؤلف للأمكنة التي تجري فيها الحكاية واستقصاء التفاصيل دون أن يكون دور في جدلية عناصر العمل الروائي الأخرى؛ والثالث هو المكان المعيش والذي يستطيع أن يثير لدى القراء ذاكرة أمكنتهم، فهو مكان عاش الروائي فيه، ثم انتقل منه ليعيش فيه بخياله بعد أن ابتعد عنه". ويرتبط المكان بسؤال الهوية في أسلوبيات العجيلي الروائية.
سؤال الهوية من الريف إلى الأقمار الصناعية
في نصها بعنوان "عبد السلام العجيلي وسؤال الهوية" توضح الناقدة ماجدة حمود حضورَ هاجس الأنا-الهوية في أدب العجيلي على عدة مستويات؛ هناك مستوى الصدام في الهوية بين الذات والآخر المعتدي أي المستعمر أو الصهيوني، وهناك بالآن عينه إدراك لمقدار التخلف والمرض الذي يصيب أمته، فهو "لم يكن يفهم ذاته إلا عبر فهم الآخر، ففي كل رحلة ينطلق فيها خارج البلاد نجده يعيش حلماً يهجس به، بأن ينقل أبناء جلدته معه في جميع سفراته".
وتتابع الناقدة: "أتاحت لنا روايات العجيلي فرصةَ فهم الذات، فعايشنا عيوباً تنخرها وتنغص إحساسها بهويتها، فبدت لنا تلك العلاقة المتوترة تصل حدَّ الصراع المسكوت عنه بين أبناء المدينة وأبناء الريف، وبذلك دفعنا إلى مواجهة الذات، وما علق فيها من شوائب قد لا ننتبه إليها.
في قصة "الحب والأبعاد" يعيش حلاق البلدة على أوهام الصور، فيعتقد أن الأشخاص الحاضرين فيها أشخاص أحياء، وهكذا يعشق الهندية الفاتنة المعلقة كـ"بوستر" في مكتبه عاجزاً عن إدراك الفارق بين حضور الكيان الإنساني وكيان الصورة
لكن سؤال الهوية يبدو أكثر إلحاحاً حين يواجه العربي الآخرَ الغربي، فنجده يرتكز إلى نماذج تراثية مشرقة، يراها تشكل دزءاً من هويته، لذلك يبين للآخر أن أساس الحضارة الإسلامية ليس العمران، بل الإنسان. وقد شكلت الذاكرة الجمعية بما تزخر من أمجادٍ مضت، مصدرَ قلقٍ وقهر، فقد آلمه مقارنة الماضي بالحاضر، فلاحظ اتساع معارفنا اليوم وتضاؤل همتنا، حتى همدت. ومع لقاء الآخر في بلاده تبرز عيوب الذات بكل قبحها. ولعل ما يميز العجيلي عن غيره من الأدباء أنه كان في مواجهة دائمة مع الذات، سواءً داخل الوطن أم خارج الوطن حين يرحل مسافراً في الثقافات".
من خصائص حضارة البداوة إلى احتمالات الخيال العلمي
هذا ما تمثله قصة الخيال العلمي "زيلوس كوكب الغيرة"، والتي تجري أحداثها في عالم مستقبلي، العام 2083 ميلادي، ويستهل القاص نصه الأدبي بالتنويه إلى "أن أحداث هذه القصة مستقبلية، وهي لا تخضع للمسلمات العلمية المتعارف عليها في عام نشرِها أي 1983".
تبدأ القصة بمجموعة من الصفحات التي تشرح بمعلومات علمية وفيزيائية عن مهمة العالم هامان رئيس دائرة أبحاث الترحيل بين النجوم. ويبدو هامان النموذج المتكامل للبرشي العلمي، العقلاني، الذي تعالى على المشاعر وألقى الأحاسيس العاطفية في الأدراج المهملة من مكتبه. يعيش بعيداً عن النساء منذ زمن، حتى يقابل سامارا، ابنة عالم الضوئيات الفضولية والمليئة بالحماسة لاختبار المعرفة وعيشها.
لكن الارتباط العاطفي مع سامارا محكوم بالاستحالة، ذلك أنها بعد 86 ساعة و28 دقيقة سيتلقى جهازُ الاستقبال في المحظة يابيتوس ذراتِ جسدها على شكل فوتونات ليعيد تكوينها إلى ذرات فعناصر ثم إلى سامارا ذات العينين العسليتين والقد الأهيف. إنها القصة التي يكتبها العجيلي لتضع الرغبة العلمية والمتعة المعرفية بالتجريب والاكتشاف على محك اللقاء مع العاطفة الصادقة، والتي تتطلب تراجعاً عن تجارب العلوم والفضاء. هكذا، يضع الأديب العجيلي السؤال الأخلاقي والعاطفي باستمرار أمام مغامرات الحضارة العلمية والتكنولوجية.
الأسلوب الوصفي، التناص الأدبي، والتحرر بالحكاية
يتطرق الناقد محمد سالم سعد الله أسلوبَ الوصف، ودور الحكاية، والتناص مع أدب الآخر في رواية "قلوب على الأسلاك" (1974) لعبد السلام العجيلي، وتحت عنوان "ارتحال النص دراسة في الخطاب الروائي"، يكتب: "إن التكوين الفني الذي نهضت به رواية (قلوب على الأسلاك) هو تكوين وصفي، أسهم في تحديد مجموعة من التصورات الدلالية وتقديم حشد من الأفكار المتعلقة بالشخصيات أولاً، وبالبيئة ثانياً.
ويكتسب مشهد تلقي نص "قلوب على الأسلاك" أبعاداً لا تنتمي إلى مضمون مقيد بسلوك دلالي واحد، فحركة الشخصيات وتنوع الأحداث تأخذ القراءة إلى نظرات فلسفية مرة، وسياسية مرة أخرى، وواقعية مرة ثالثة، ونفسية تعبيرية مرة أخرى. إنها رؤى متعددة تحيل بشكل مستمر إلى إمكانيات تعبيرية كبيرة، وقدرة مميزة في تقديم القص بوساطة الوصف، وهي عملية تحتاج إلى امتلاك مساحة واسعة من الخيال، واحتواء ناصية اللغة ومفرداتها. أما الحكاية بالنسبة إلى العجيلي، فتسمح له بالخروج من الفعل السياسي والدخول بحرية لا توفِّرها إلا الكتابة في عالم القص والحكي، وينقل فعل الكتابة من الهواية إلى المسؤولية.
وقد استدعى لإنشاء النص من مجرد الكتابة العابرة إلى الكتابة المتخصصة، الموسيقى والرسم والنحت. ويبدو التناص اللغوي في إبداعه متنوعاً، يعكس انفتاحه على الذات والآخر معاً، فقد وجدناه يستلهم من الموروث الروائي العالمي "راسكولينكوف" بطل رواية "الجريمة والعقاب" لدوستويفسكي في روايته "باسمة بين الدموع"، حيث تلتقي باسمة مع راسكولينكوف في الحنين إلى مكان الجركية. أما في رواية "قلوب على الأسلاك" فنجد البطل (طارق) ينبه عمه إلى أن ثمة تماثلاً بين علاقته به وبين علاقة الكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس بابنه الذي مارس الكتابة أيضاً.
العجائبي الخارق، والعجائبي العلمي
في قصة "الحب والأبعاد" يعاني حلاق البلدة الذي يروي القصة من الانغلاق في استقبال ثنائي الأبعاد للعالم، وهو يعيش على أوهام الصور، فيعتقد أن الأشخاص الحاضرين فيها أشخاص أحياء، وهكذا يعشق الهندية الفاتنة المعلقة كـ"بوستر" في مكتبه عاجزاً عن إدراك الفارق بين حضور الكيان الإنساني وكيان الصورة: "إن عيني اليسرى لا تنقل لدماغي، منذ عرفت نفسي، إلا صورةً يتيمة ليس لها من الأبعاد غير الطول والعرض، ككل صورة في أيّ كتاب. إني لا أدرك، إلا وهماً، وذلك البُعد الثالث الذي تتحدثون عنه أنتم، معشر ذوي العينين، فكلُّ ما في الوجود عندي صورة مسطحة لا نتوء فيها ولا بروز".
ويكتب الباحث فايز الداية عن حضور العجائبي في قصة بعنوان "العراف" درس فيها توظيفَ العجائبي في السرد الأدبي في نمط الحكاية داخل الحكاية، فتقوم البنية العجائبية في هذه القصة من حكاية يرويها سامر (الشحصية الرئيسية) تترافق مع ممارسات السحر وتعاويذ وكلمات لها طاقات فوق بشرية، مصحوبة بنشر البخور واستخدام وسيط ناقل للأسرار، ويأتي هذا كلُّه مخترقاً الأمكنة والأزمنة، وتأتي الذروة بتحقيق غاية كانت تستعصي في حضور النهار والوعي والإدراك بين الشخصيات، ونجد أمامنا شخصيات يصعب تبين تناظرها مع أبطال القصة الأساس.
بعد 86 ساعة و28 دقيقة سيتلقى جهاز الاستقبال في المحطة يابيتوس ذرات جسد سامارا"على شكل فوتونات... قصة للعجيلي تضع الرغبة العلمية والمتعة المعرفية بالتجريب والاكتشاف على محكّ اللقاء مع العاطفة الصادقة
أما في قصة "أحجية"، فلا يحضر العجائبي، لكنها تبتكر أسلوب القصة داخل القصة، وذلك في أحاديث جلسات الأربعاء الأسبوعية التي تعقد في دار السيد بدر الدين، وقد دارَ الجدلُ في المرة الأخيرة حول النية والعمل. وتروي الحكاية التي تتضمن عبرة ًقصةَ أخوين متناقضين يمثلان خيارين حياتيين وأسلوبيْ تفكير وتصرف متناقضين. إنها الفرضية الروائية بأن يكوّن الروائي شخصيتين متناقضتين، ليتابع الخيارات المصيرية التي سترسم معالم حياتهما، إلا أن النهاية، أي المصير الأخير في حياة الأخوين تُبين صعوبة الاختيارات التي تمنحنا إياها الحياة، فرغم التنافر والتناقض في سلوكيات وأفكار كلٍّ منهما، إلا أنهما ماتا في لحظة تحوِّل كلٍّ منهما.
كل ما تذكره القصة أن نية أحدهما قبل لحظة مغادرته الدنيا كانت في القطب المقابل لعمله أثناء حياته. نفض أحمد، وهو الأخ الصغير الفاجر يديه من المعاصي والخطايا، ونوى التوبة والرجوع إلى ربِّه بقلب نقي من الأردان. أما الأخ الكبير التقيّ النقي، فقد تحلل من تُقاه في اللحظة التي سبقت موته، وأرع إلى حيث كان مصمماً على أن يعطي نفسه هواها، فمات وهو عاقد النية على ذلك. كلٌّ منهما عمل شيئاً، ثم تحول عن عمله ونوى شيئاً آخر.
بين الحكاية والرواية، الروائي ينتقد نفسه
في 26 أيار/مايو العام 2000، شارك عبد السلام العجيلي بندوة الرواية العربية المعاصرة الجذور الثقافية والتقنيات الجديدة، في المركز الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط بدمشق، وقدم ورقة-شهادة بعنوان "الروائي ينتقد ذاته"، يشرح فيها رؤيته بأن الرواية هي فنٌّ دخيل على السردية العربية، وأن فنَّ القصّ أو فن الحكاية هو الذي يُعتبر بخاصية عربية.
فالحكاية هي رواية وقعت أو جرت حقاً، أو يُفترض أنها جرت حقاً، ومسؤولية حقيقة وقوعها يقع على كاهل الرواي لها. أما الرواية، فإنها، كما نكتبها اليوم، عملٌ متخيل، بمعنى أنها عمل يعتمد على التوهم البعيد بما هو واقع.
في أولى صفحات روايتي "أرض السياد" كتبت كلمة وجهتها إلى القراء: "الأحداث والأشخاص في هذه الرواية من نسج الخيال، وكلّ تشابه بينها وبين الواقع هو مجرد مصادفة". لقد أقررت على نفسي بكلمتي تلك بأني خرجت عن فن الحكاية كما تعلق بها وأنتج فيها العرب بأصالتهم.
وثمة نقد آخر لذاتي لن أفصل فيه في مداخلتي هذه أمامكم. أكتفي بأن أعيد عليكم كلمةً قيلت عن الكتّاب، وكيف يحاسبون يوم القيامة على تصرفاتهم في الحياة الدنيا. تقول هذه الكلمة أن الله في الدار الأخرى، لن يحاسب الكتّاب على ما كتبوه وهم أحياء على ظهر البسيطة، بل إنه سوف يحاسبهم على ما لم يكتبوه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...