قامت السلطات الإسرائيلية، ليل الأربعاء - الخميس 17 - 18 آب/ أغسطس الجاري، باقتحام وتحطيم واستيلاء على بعض محتويات سبع مؤسسات حقوقية وأهلية فلسطينية، في مدينتي رام الله والبيرة، ثم غلقها بلوحات حديدية مع أمر عسكري بتصنيفها منظمات غير قانونية، بعد قرار سابق بتصنيف ستة منها "منظمات إرهابية".
والمؤسسات التي تعرضت للاعتداء والغلق هي: الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، والحق، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان العمل الصحي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021، صنّفت إسرائيل ستاً من هذه المنظمات كـ"منظمات إرهابية" زاعمةً أنها واجهة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المصنفة تنظيماً إرهابياً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأثارت الخطوة آنذاك انتقادات إقليمية ودولية واسعة، واتُهمت تل أبيب بالتضييق على النشاط السلمي المدافع عن حقوق الإنسان.
وفي نيسان/ أبريل 2022، أوصى خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المجتمع الدولي بـ"اتخاذ خطوات فورية وفعالة لحماية وإدامة مجموعات المجتمع المدني الفلسطينية الست"، لافتين إلى أن تصنيفها جماعات إرهابية من قبل إسرائيل "لم يقترن بأي دليل علني ملموس وموثوق به".
"لما تقوم به من أنشطة فاعلة في فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي وملاحقة ضباطه وجنوده لمحاسبتهم على ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني"... إسرائيل تقتحم وتغلق سبع جمعيات حقوقية فلسطينية بزعم "الإرهاب"
"الاستهداف الأخطر"
وفي أول رد فعل بعد الخطوة الإسرائيلية، قالت منظمة "الضمير" في بيان إنها تنظر ببالغ الخطورة "للهمجية والغطرسة الإسرائيلية" في "استهداف يعد الأخطر من نوعه على منظومة حقوق الإنسان والعمل الأهلي" الفلسطينية.
ووصفت المؤسسة ما جرى بأنه "اعتداء واضح وصريح على المنظومة الحقوقية بأكملها، واستهداف للعمل الحقوقي والأهلي في الأراضي الفلسطينية، لما تقوم به من أنشطة فاعلة في فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي وملاحقة ضباطه وجنوده لمحاسبتهم على ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني".
وشددت على أنه "انتهاك واضح وصريح للقوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية التي كفلت الحق في تشكيل الجمعيات والهيئات والمؤسسات والانضمام إليها".
من جهته، أعرب مركز بتسيلم الإسرائيلي لحقوق الإنسان عن تضامنه مع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، لافتاً إلى أن "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى أكدت رفضها للاتهامات الكاذبة التي وجهتها إليها وزارة الأمن الإسرائيلية".
وأوضح: "سنواصل التعاون مع زملائنا في المنظمات الفلسطينية والعمل من أجل تفكيك وإنهاء نظام الأبارتهايد الذي يعتبر القمع العنيف وسيلة شرعية للسيطرة على الفلسطينيين بينما يُعرّف النشاط المدني غير العنيف بأنه إرهاب".
يندرج الإجراء الإسرائيلي في إطار "محاولات تطويع إرادة هذه المؤسسات أو ثنيها عن مواصلة التمسك بنفس القيم والأهداف التي انبثقت منها في عملها تجاه القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني" و"العدوان المفتوح على الشعب الفلسطيني"
"ثمن الدفاع عن حقوق الإنسان في ظل الاحتلال"
ودانت الرئاسة الفلسطينية القرار الإسرائيلي واعتبرته "جريمة واعتداءً سافراً على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني" و"اعتداء على المنظومة الحقوقية الدولية جمعاء وليس الفلسطينية فحسب"، معربةً عن تضامنها مع "هذه المؤسسات الوطنية التي تقوم بواجبها في فضح جرائم الاحتلال وكشفها أمام العالم".
ورأت "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية" أن الحادث يندرج في إطار "محاولات تطويع إرادتها أو ثنيها عن مواصلة التمسك بنفس القيم والأهداف التي انبثقت منها في عملها تجاه القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني" و"العدوان المفتوح على الشعب الفلسطيني، ومحاولات كسر إرادة العمل الأهلي".
ودعت إلى "أوسع حملات الضغط والمناصرة الدولية من المؤسسات الدولية والمؤسسات الصديقة ولجان التضامن مع الشعب الفلسطيني لفضح ممارسات الاحتلال" الهادفة إلى تجفيف منابع تمويل ودعم هذه المؤسسات.
بدوره، لم يستبعد أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد أن يكون الإجراء الإسرائيلي جزءاًمن السباق الانتخابي بين الأحزاب الإسرائيلية، معتبراً أن الرد عليه "يتطلب تحركاً شعبياً رادعاً وكابحاً لشهوة التجبّر والتغوّل الإسرائيلي".
أما "هيئة شؤون المنظمات الأهلية" الفلسطينية، فقالت: "هذه ليست المرة الأولى التي يقدم الاحتلال فيها على مثل هذا الاعتداء السافر لضرب قطاع العمل الأهلي في فلسطين، وعدم التحرك الدولي لإدانة مثل هذه الاعتداءات دفع قوات الاحتلال لتكرارها، معتبرة نفسها فوق القانون".
وقالت رئيسة مركز مسارات الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية هنيدة غانم عبر فيسبوك إن ما تعرضت له المنظمات الفلسطينية هو "ثمن الدفاع عن حقوق الإنسان في ظل الاحتلال". وتابعت: "هل تعلم أنك كمحتل ومعك مدفع بتقدر تعلن مين بدك إرهابي ومناهض للسامية ويمكن حتى معادي للبشرية، حتى لو كانت منظمة حقوق إنسان، ع سبيل المثال لا الحصر طبعاً".
في نيسان/ أبريل 2022، أوصى خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المجتمع الدولي بـ"اتخاذ خطوات فورية وفعالة لحماية وإدامة مجموعات المجتمع المدني الفلسطينية الست"، لافتين إلى أن تصنيفها "إرهابية" من إسرائيل "لم يقترن بأي دليل علني ملموس وموثوق به"
تحرك فلسطيني مضاد
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة السلطة الفلسطينية، رياض المالكي، عن إعداد دولة فلسطين "قائمة بأسماء منظمات إسرائيلية لوضعها على قوائم الإرهاب" والإعلان عنها "في الوقت المناسب".
قال المالكي، في مداخلة مع إذاعة "صوت فلسطين" الخميس، إن ذلك يأتي "ضمن خطوات تعمل القيادة (للسلطة الفلسطينية) على اتخاذها رداً على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق شعبنا، وتنكرها لقرارات الشرعية الدولية".
وأردف: "العمل جاري لاستكمال الإجراءات القانونية لوضع هذه المنظمات على قوائم الإرهاب، وحشد الدعم الدولي لتصنيفها منظمات إرهابية ومطالبة المجتمع الدولي بعدم التعامل معها".
من الخطوات الأخرى للرد على الإجراء الإسرائيلي، أوضح المالكي أن التقرير الشهري لدولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية سيتضمن ملف إغلاق السلطات الإسرائيلية مقارّ المؤسسات الحقوقية رغم رفض الدول الأوروبية التصنيف الإسرائيلي باعتبارها "إرهابية".
وذلك علاوة على "التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على قرار يطلب من محكمة العدل الدولية إبداء رأيها في طبيعة الوجود العسكري الإسرائيلي سواء أكان دولة فصل عنصري أم سلطة احتلال"، على حد قوله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يومينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...