هذه المادة افتتاحية لمجاز الخطّ الثالث محرّرته مريم حيدري
العلاقات عُلَبُ "ياغورت" بِتاريخٍ لانتهاءِ الصّلاحيّة. يداعِب "كيوبيد" باب الثّلاجة مُجدّداً (وحمةُ قلبِ الخروف تحت قلبي مباشرَةً)، يَستعجلني بِلهفة"؛ ها... ماذا لدينا بعد...؟ أووه مجموعة متنوّعة بِمختلف النّكهات ولا زال هناك القليلُ من "الياغورت" في أكثر مِن علبة.
علبةٌ بِـنكهة الفانيليا
"البراندي" مع قليلٍ من "البايليس"، عصيرُ عاطفةٍ يُهدِّد كآبتي. واعدتُ شابّاً جذّاباً، نحيفاً وطويلاً، لديه وحمةٌ مَشغولةٌ بِـجَمال. دمعةٌ بيضاءُ حقيقيّةٌ أسفلَ عينه اليسرى. واعدتُه بسببها. كنتُ أَبذُل كلَّ جهدي لأمسحها، غير أنّ أُخرى كانت تتشكّل توّاً أسفل عينه اليمنى. فارقتُه دون أن أكتب عنه نصّاً على مناديل ورقيّة سرقتُها منه.
علبةٌ بِـنكهة الفراولة
هل هو نادمٌ ذاك الذي سبقني، وضَرَب السّماءَ بِـأمنيةٍ لِـتنتهيَ كَدَمَةً زرقاءَ َإلى الأبد.
واعدتُ شابّاً قصيراً كتفاه عريضتان. ظَهَر على حِين غِرَّة،عندما كنت أفكّر بتاتوهاتِ قُبلٍ على رقبةِ رَجل. واعدتُه لأغيّرَ لونَ "الرّوج"، لم يكن يعجبُني. عضضتُ على الشّفاه والقبلِ جميعِها، ثمّ سَعيتُ إلى إقناعه بِـوَشمِ لساني بين كلّ تلك الشّفاه. قال سيفكّر في الأمر عندما ينتهي أَلَمُ عضّاتي. هَجرْتُهُ وفي نيّتي العودة لتفقّد... عضّاتي.
علبةٌ بِـنكهة الخوخ
عندما أحبّ، تتّسع حدقتا عينيّْ، يستحيلان كبيرتين وبرّاقتيْن، عينا بومة. كأنّهما امتَصّتا الكونَ دونما حاجةٍ إلى "الإكستازي"، فأتجنّبُ المرايا. طيّبْ؛ ماذا أفعل كيلا تخيفَني عيناي؟ كي لا تفضحانِني؟
واعدتُ مسحوراً من الـ"RedHeads" وأنا أخمّنُ في كونها الطّريقةَ الأنسبَ التي أتحسّس بها نمش "فان غوغ"، وألتهم وجهَهُ "الدونتس".
آلتْ عيناي إلى نشّالَيْنِ لِما هو لامع، مِن مفاتيحِ السيّارات وأغطية العُلب، وخصوصاً خصوصاً الحشرات الموجودة على النّباتات. في تلك الأثناء، اختفى بريقُ عينيَّ بغتةً دون أن أعرف إن كان باروكةً أم شَعراً تساقط بِوتيرةٍ عالية.
علبةٌ بِـنكهة الكراميل
أُواسي نفسي على الوقوع في الحبّ بالفراق. واعدتُ شابّاً مدلّلاً كان أقصر منّي بسنتيميتر واحد. كنتُ أزغزغه من تحت إبطه أو تحت سرّته وهو يقود السيّارة لِنَصيرَ في لحظةٍ أقصى جهة اليسار. كنتُ في الواقع أدغدغ الأرضَ من أماكن حسّاسة ليضحكَ لنا البحرُ ويغمرنا. لكنّ البحرَ كان مثله ومثل الأرض، يضحك في مكانِه فقط.
الصَّدَفَةُ فَتْقٌ صريحٌ في جسدِ البحر. كم واحدةً سمعَتْ صوتي وهي تضع أذنها فوق قلبه؟ لن أسأم مِن خُمولي في تبيّن الأمر.
يؤلمني أن يحبَّني أحد. لستُ الموضوع الأنسب للحبّ. الدّهشة داخلي دائرةٌ يُصوِّب الآخرون أنفسهم نحوها كما لو كانوا سهاماً، لا أحد أصابَ النّقطة المَركز
علبةٌ بِـنكهة الموز
الرّجل المتوسّطيُّ الأحمق، كأنّه دائماً على حرب. واعدتُ لصّاً من لصوص الحياة، كان دوماً يشعر أنْ لا شيءَ من حقِّه. البطاقة التي تَركَ لي على الباب "بيتُ العابرين والعابرات" حوّلَتْني مِن عاشقةٍ تستحقّ إلى عاشقةٍ تَعرف فَتُؤذي. لَعَنَهُ عشّاقي كلُّهم، كانوا قبل أن أُرحّلهم من قلبي، يرسمون "إيموجي" غاضبة تحت كلماتِه.
علبةٌ بِـنكهة جوز الهند
أتندّرُ على حياتي كاملة من الكلمات. تقشيرٌ و طِلاء. الألم الذي أَصنعه رائعٌ على أيّة حال.
واعدتُ سمكة مغرورة. راهنتُها، أَدخلْنا رأسينا مُطوّلاً تحت الماء في نصّ قديم، لِنرى مَن نَفَسُها أطْول، فَلم نعدْ نميّزُ مَن مِنّا بحرٌ ومَن مِنّا سمكة.
علبة سادة
أُنصِتُ إلى عظامي المطحونة وأنا أضع سدّدات الأذن. واعدتُ حسناءَ مِن أهل الجبل. لم تكن بيننا سوى أحضانٍ مرتابة لا نقول فيها شيئاً.
لستُ محتالة، أرى من يستحقّون و حسب. كنتُ أغلق عيني نصف إغلاقة لِيتبدّى رمشها الكحيل الطّويل كحبلِ غسيلٍ أمامي؛ حبلُ غسيلٍ فارغٌ يدعوني لأن أعلّق نفسي عليه حتّى لو لم أكن مُبْتَلَّة.
أعتقد أنّنا كنّا وشمين مختلفين على نفس الذّراع في حياة سابقة.
قَبيلتنا كانت تَكبر لِفترة ثمّ تَصغر بعدها، لكنّنا واحدان أمام الرّقم اثنان. كنت أشمّ رائحتها في الهاتف عندما تتّصل. أحياناً كنت أرفع الحظر عن رقمها لأستعيد نفس رائحة الشّامبو تحت لساني.
"لن أسامحكِ أبداً"
أضُمّ جملتها الأخيرة بين كفوفي لأشربها، فتتسرّبُ مِن بين أصابعي. وللمرّة الثّانية في حياتي، يحلّ طعمُ معجون أسنانٍ رخيص في فمي بَدَلَ طعمِ الشّامبو.
علبةٌ بِـنكهة الشّكولاتة
يأتي ويرحل الآخرون كالوصلات الإشهاريّة العاجلة في زمنٍ استهلاكيٍّ بَحت. لكن بِنَفْس الجناحين والقلب وتحت سماء البُعد الأوّل، الفانيليا السّمراء لا تحترق. واعدتُ سميناً وسيماً تلمعُ صلعتُه في عيون الفاتنات. لِحسن الحظّ لم يكن قطّاً ذليلاً ونحيفاً. كم كنتُ مأخوذةً بـحضورِه عندما يتمدّد تحت أشعّة الشّمس!
لَم أشعر يوماً بالغيرة من العملة التي كان يعلّقها حول عنقه ولم تكن تفارقه. كان عليها رأس "أليكساندر المكدوني" وعمرها 2300 عاماً. "أنا جديدة. لا داعي لأن تبحث في رأسك. أنا خارج الرّؤوس. لطالما أشْغَلْتُه كيْ أفتح جروحه وألعقها.
أُشغِّلُ رادار الخوف مِن فرْط ما أشتاق إلى سماع عواء الكلب في روحي... منى وفيق في مجاز الخط الثالث
متمرّدةٌ وجامح. أجل. كان تكويناً مستفحل الخطورة. تركتُه تحت أشعّة الشّمس وانطلقتُ أَرسم شوقي وحاجتي الشّرّيرة إليه بأمواج "الباسيفيك" و"الخالابينيو" وموسيقى "سانتانا"، بينما لم يعد يعرف عنّي أكثر ممّا يقول الفيس بوك:
"واحدة من الـTop Fans لـ(كريستيانو رونالدو) لهذا الأسبوع".
علبةٌ بِـالحبوب ودقيق الشوفان والعسل
نَهرب أساساً لأنّنا نُدرِك أنّ اللّقاءات الهاربة هي التي تلتصق بالذّاكرة. خلال يومٍ واحدٍ وفي خمس لقاءات عجولة متتالية، واعدتُ هنديّاً خَرج إليّ من غابة مجاورة. كان يدعو القنادس وثعالبِ الماء والظِّباء والجَواميس والبِيسون والدّببة البيض للتّشاور. سَرقوا خِيم الصيّادين الأشرار، نخروا أرضيّة قواربهم، ثمّ استقرّوا على صناعة مراوحَ لإشعال النّار مِن ريشي الذي كنتُ أنفشه. خدعني بالزّعتر البرّيّ وحشيشة القنطريون وأوراق الفراولة وجذور السَّرَخس الشّافية وبقلبٍ "لا حيلةَ لِلدَّلّالينَ معه".
كانت لديه النّار التي تحرقني وكنت سأستجيب، أرتدُّ حالاً إلى رماد، إلّا أنّه آثَرَ صناعةَ مراوحَ لإشعال النّار مِن ريشي الذي كنت أنفُشه.
علبةٌ بِــنكهةِ اللّيمون
أُشغِّلُ رادار الخوف مِن فرْط ما أشتاق إلى سماع عواء الكلب في روحي. ونفسُهما جناحا الفراشة، مخالب. تَعرف الرّئتان وهما تستقبلان الهواء.
من أحببتُهم، كانوا يأتون مَحفوظينَ بالأكياس الظّريفة ذات الفقاعات، لهذا ما أزالُ أتصبّر بِفرقعتِها بعد رحيلهم.
الحبّ يشبه ألم الأسنان، وهي كانت موسيقى بالقشطة.
واعدتُ عبر الميسنجر، المرأةَ الجائحة مِن أقلّيّات الفيس بوك. مضيتُ إلى البحر وأنا أُدرك مسبقاً بأنّني سأخسر اليابسةَ.
تقاطَعَت معي في الأبعاد السُّباعيّة، لو شئتُ القول أو التخيّل، تَقدر على أن تراني ولو على بعد سنوات أو جداراتٍ أو أشخاص، وعندما أغيب تَحزر أين أنا وماذا أفعل. مَغْنَطَتْني وسَرقت بطّاريّاتِ مقاومتي ولم تكن في حاجة إليها.
كنت أترصّد مكالماتها وقد امتلأَتْ حفّاظاتُ قلبي بالبول وأنتظر فقط متى تُغيّرها لي. ما إن تتّصل حتّى تَضغط على الزّناد فتنبعثُ كلماتٌ قاتلة أسمعها في دعة ورقّة مُجازِفةً بِما تبقّى مِن فُرصٍ لإنقاذي. تَأخذ منّي ما وَجَدَتْني مُحَمّلةً به وتحتفظ به في "الفريزر"، وحينما ترحل، تُرجِعهُ إليّ تماماً مثلما حازَتْه.
سمكٌ مُدجّن في"أكواريوم"، يَمكث مدهوشاً قُبالة قرشٍ في المحيط. هذا يعني أنّ مكالمتنا انتهت.
باستمرارٍ يَنفخ، يَبصق على جلدي، يُــــلمِّـــعُهُ. يَقترح عليّ الزّمن:
"تَدرّجُكِ في اللّون، فاصلةٌ منقوطة"، فمالذي رَغَّبَ النّهمةَ للشّقراوات في بؤبؤٍ أسمر.
ظللتُ أحوم لِشهورٍ حول صناديقِ مفاجآتها، مُتحيّنةً مشهداً مرعباً يخطفني. لمّا فتحتُها أخيراً، طالعتْني ورقةٌ صغيرة مكتوب فيها "هل بِوُسعي أن أخيفك في المرّة القادمة؟".
علاقةُ ترامواي بترامواي آخر، تُحذّرني مِن القادم، ولكنّ القادمَ هو ما كان.
دائمةُ البحث عمّن يجرحني أَجمل مِمّن سبقوه، أَخرج من باب المُلوك، في حين أضعُ كلمة "أفتقدكِ" بين شفتيّ كعود عرقسوس.
علبةٌ بِــنكهةِ المانجو
يؤلمني أن يحبّني أحد. لستُ الموضوع الأنسب للحبّ. الدّهشة داخلي دائرةٌ يُصوِّب الآخرون أنفسهم نحوها كما لو كانوا سهاماً، لا أحد أصابَ النّقطة المَركز.
مِن أكثرِ من حفلِ شواءٍ لحميٍّ، غادرتُ برائحةِ الشّواء في ثيابي لا غير.
واعدتُ صديقي الأقرب. هو والفقد حليفاي المخلصان. شاعرٌ طاويٌّ اسمه الحركيّ "نقّار الخشب". كان يخبّئ كُسُوري العاطفيّة في ثقوبِ جذوعِ الشّجرة السحريّة القاصية. يتركُ الحرب في بلاده ليعتني بالحربِ داخل رأسي، لم يكن يضيره شأن الذّاهبين والقادمين ألّا أتفاءل كرصيفٍ بين شارعين، ولا ألّا أكون الرّاعي أو الذّئب أو الكلب أو القطيع بين جمهور الشّعر وجمهور الحبّ، بل أنامُ كبراغيثَ خاملة فوق فروة هؤلاء.
في مقهى شعبيٍّ بالسّوق الداخليّ في طنجة، كان الألم يَتحرّش بي تحت الطّاولة، يَتحسّسُ بيديه فخذي الأيمن بشغفٍ كما لو أنّها معركته الأولى معي
كان يَكتب إليَّ يوميّا مُتَرجّياً: "اعتمديني موديلاً شعريّاً... المانيكانَ الشّعريّ الذي تشتهين. وَ مَن هذا الذي يقاسمك الصّورة فَيؤلمني. غَزَلٌ غير عفيف.".
كان معي عندما عوض أنْ أخزّن "القات" ابتلعتُه، فلَم أجِدْ غيرَ ابتلاع ِحبّه.
يا إلهي! كم مرّةً تَشَوّقتُ إلى أن أرمي بنفسي تحت عجلةِ القطارِ اللّعبة. النّصّ جاهز والمخرج جاهز، وأنا، تدهسني الدّغدغة. وَدّعْتُه إلى حين أراه بعد التّصوير الجديد؛ إلى حين أشتاق إلى 50 ملم من "الإسبريسو" مع صديقٍ مِن غبار ودخان، يُسقط عن كتفيّ عشراتِ الحكايا الثّقيلة غيرِ القابلة للزّحزحة.
علبةٌ بِــنكهةِ الآيس كريم بالقهوة
لا أَضرب العصفورين بِحجرٍ واحد.لا تغريني العشرة على الشّجرة ولا الواحد في اليد. كسولة كسولة، أفتح القفص وأتركه مفتوحاً لِتدخل وتخرج العصافير كما تشاء.
أُبَرّد جوفي الحارّ حال استيقاظي بالعصائر بالبادرة و"الكولد سناكس". مُتعتي أن أصبّ الماء البارد على رأسي مِن مرّتين لِثلاث يوميّاً، وفي شاشة الكمبيوتر أضع صورةَ صقيعٍ ومكعبّاتٍ كبيرة من الثّلج أُطلّ عليها كلّ حين. ربّما السّبب انجذابي المستجدّ مِن حوالى سنتين للأشخاص الباردين.
كلّما لاقيتُ رجلاً لا تُحتَمَل وسامته، أَوقعتْني رِجلي اليسرى، ووجدتُني أتغزّل به بيني وبين نفسي بكلمةٍ واحدة وأنا أعضّ على شفاهي: "الحقـــــــير!".
واعدتُ رجلاً ضخماً يَمتلك درّاجةَ "هارلي ديفيدسون". تَحَفَّزْتُ بِجنون: "إلى الطّريق السّريع حيث يُطْلقون الرّصاص الحيّ خُذني، لأشمَّ ظهرك العاري أيّها الحبّ.."
كنتُ أوقعه في غرامي، بينما أخرج منه خروجاً هادئاً، وربّماكنتُ أدفع نفسي لأحبَّه. لطالما شَددْتُ شَعره الأشقر "الكيرلي": "مِن غير المسموح لك أن تُغازِل أو أن تُعجَب بأيِّ امرأةٍ كانت، في حين أنّه من المسموح لي أن أتغزّل بأيِّ رجلٍ يعجبني". أضع أذني فوق كِرشه الذي يحاكي ظَهرَ تلفزيونٍ قديم، لأسمعَ ردّاً مُغايراً، فَيُخيّبني:"هذه أوّل مّرة تقول لي امرأةٌ هذا".
أقربُ طريقٍ إلى قلبِ الرّجل خصيتاه. كم ضحكْتُ عليه فَرِحاً وهو يسمع رنينَ جرسِ درّاجتهِ الثّانية الهوائيّة التي كانت تنتظر مثلي عاريةً في بهو البيت. لمّا حَرّكتُ الجرس بِلا توقّف، خَرجَ عَجولاً مُتَحَمّساً من الدّوش حتّى أنّني كنتُ آمنتُ أن السّيل سيغرقني. بَيْدَ أنّني للأسف تَشَرَّبتُه بِسرعةٍ كإسفنجةٍ لا تَرُدّ ما امتصّتْ ولا تُفرّق بين ماءٍ نقيٍّ أو كدر.
مِن الرّجل البارد الذي كان ينام عند قدميّ، بمَ احتفظت؟
سخّانٌ كهربائيٌّ صدأَ بسرعةٍ أمام صباحاتي الدّاعرة.
علبةٌ بِنكهةِ اليانسون
قلبي ما فتئ يَدقّ بِشدّةٍ بسبب المضادّت الحيويّة الموصوفة للزّكام وليس بسبب العشق. أبوابٌ خفيفةٌ تستطيع دَفْعها ومِن ثمّة الدّخول. هم كذلك. في النّهاية لا أحد يغريني. معجبةٌ بنفسي لدرجةٍ مربكةٍ لجميع الآلهة الذين لم يُثبتوا أنفسهم إلّا في الأساطير القديمة وتركوا آخرين يؤمنون بهم فيحرقونهم. أَحرقتُ نفسي بنفسي وإذّاك فقط اشتهيتُ أن أنطفئ و أُنسَى كفكرةٍ حقيرةٍ لَم تَخطر برأسٍ لعينٍ يوماً.
في مقهىً شعبيٍّ بالسّوق الداخليّ في طنجة، كان الألم يَتحرّش بي تحت الطّاولة، يَتحسّسُ بيديه فخذي الأيمن بشغفٍ كما لو أنّها معركته الأولى معي.
جائعان كنّا أنا و المتألّمَ القديم. الجوع يَقبل بخداع المظاهر. والوصول إلى تسويةٍ مع الأذى، لعبة ماردةٌ لا تنتهي.
واعدتُ نُدوباً ضامرةً في وجهه الذي كان عالقاً في فمي كبندورةٍ عنقوديّة، واعدتُ أصابعه المتورّمة التي نادراً ما كانت تصغي إلى لاصقاتي الطبّية. واعدتُ جبينه المُقَوّس حيث وُشِمَتْ الـ"Exit".
علاقةُ ترامواي بترامواي آخر، تُحذّرني مِن القادم، ولكنّ القادمَ هو ما كان... منى وفيق في مجاز الخط الثالث
كان بِشراهةٍ يُدخّن السّجائر الملفوفة ويبتلع حبوب السّعادة ويشرب "الباستيس" غير عابئٍ بِتوسّلاتي: "أرجوكَ لا تَسكرْ، لن أستطيع الذّهاب مع قنّينةِ الباستيس إليك."
متهوّراً كان في رَفضه لحناني، في تفاديه لرصاصي المطّاطيّ. حَطّم لي لُعبي عندما لم تُذهلْني لُعبه. عنيفٌ وبالرغم من هذا خجولٌ للغاية، فَتح شهيّتي لترويضه. عنفه وخجله،"فياغرا " غريبة جَعَلَتْهُ مثيراً، وحَرّضَتْ اندفاعَ وثّابةٍ شبقةٍ مثلي.
شربتُ دَمَه دون شفّاط، ابتلعتُ لعابه، سَمّمتُ شفاهه بقُبلاتي، وقلبَه بحبّي، ألصقتُ عينيه بعينيّ، وأنفه بأنفي، وشَعره بشَعري، وجبهته بجبهتي؛ كلّه بكلّي. وتَركت آذاننا طليقةً تَستمتع بتناغمنا، تُنصت لِتنقّل روحينا بين جسدينا وجسدينا بين روحينا في أبديّةٍ عابرة. حاولتُ إعادةَ تصنيعِ قدَره في حين تعطّل المصعد قبل الوصول إلى الغلاف المائع مِن طبقاته الروحيّة.
أحياناً يحدث أن أهبّ بمزاجية متعالية. أَعتمد الهواءَ السّاخن. لستُ ناجحةً في الابتعاد عن المقليّات، وهو سيتناول حياتَه مسلوقةً إلى أن يموت. أَطْلبُ القصّةَ الإبرة. انصرفتُ عنه في منتصف الممرّ اللّانهائيّ المزدحم برؤوسهِ المنفوخة بمئات القصص المألوفة.
علبةٌ بِنكهةِ قصب السّكّر
النّقطة الحديديّة وسط الجليد تتبدّل فُجاءةً إلى نُقطٍ حمراء و برتقاليّة في آن، ثمّ إلى نُقطٍ تركوازيّة فَخضراءَ تتراقص كلّما أَغمضْتُ أعيني.كانت هذه إحدى تجلّياتِ أحوالٍ عاطفيّة مع فنّانة تشكيليّة شغوفة.
واعدتُ رسّامةً إيطاليّة نابضةً بالغازات والدّهون والكحول والأحبّة. "أووه يا حبيبتي لا أستطيع لا أستطيع؛ أنا لا أستطيع أن أُغرَم به. إنّني ممزّقة بينكِ وبين زوجي وخطيبي وعشيقي!". كان انبهارها الحثيث أمام الأفكار العشقيّة الطّارئة يَسحقُ الورودَ تحت التّراب في وجداني، فأودّعها وأمضي إلى ممارسة العادة السرّيّة في تواليت نفس المكان حيث افتُتِنَتْ بأحد مّا. أَركُن إلى استيهامها جنسيّاً و أنا أسبّها.
تقرّحت أعضائي التّناسليّة بفعلِ تَكرُّرِ الإستمناءات الغاضبة. وما دام اللّون الأساسيّ يمنح اللّوحة ازدواجيّة القراءة، قَرّرتُ في إحدى المرّات مساعدتها. نَقلتُ إلى مُستَلِبها الجديد إعجابها الشّديد به. ولم يَطل الوقت حتّى التقيتُهما يتسكّعان متعانقين. هاهاها... اللّعنة! إنّها "لا تستطيع... لا تستطيع...!".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.