مَن قال إن البوتوكس للتجميل فحسب؟ فالحقيقة أنه قد يعالج الصداع النصفي المزمن أيضاً.
في حال لم ينفع شرب الزنجبيل، تدليك العنق، اللجوء إلى الزيوت الطبيعية وغيرها من العلاجات للتخفيف من آلام الصداع النصفي، فقد حان الوقت لتجربة البوتوكس.
في العام 2010، تمّت الموافقة على البوتوكس أو ما يُعرف أيضاً باسم OnabotulinumtoxinA من قبل إدارة الأغذية والعقاقير FDA لإدارة الصداع النصفي المزمن.
ما هو البوتوكس؟
حتى نتمكّن من فهم العلاقة بين البوتوكس وعلاج الصداع النصفي المزمن، يجب أن نفهم أوّلاً ما هو البوتوكس.
في حديثها مع رصيف22، أوضحت الدكتورة هانية جركس، أخصائية أمراض الدماغ والأعصاب، أن "البوتوكس هو عبارة عن سمّ تفرزه بكتيريا تُسمّىClostridium Botulinums. هذا الأمر يمكن أن يسبّب تسمماً غذائياً في الجهاز الهضمي، ما يؤدّي إلى حجب الإشارات من الأعصاب وشلّ العضلات".
في حال لم ينفع شرب الزنجبيل، تدليك العنق، اللجوء إلى الزيوت الطبيعية وغيرها من العلاجات للتخفيف من آلام الصداع النصفي، فقد حان الوقت لتجربة البوتوكس
وقد تابعت جركس بالقول: "في قت لاحق، تمّ استخدام البوتوكس طبياً، ليس عبر الجهاز الهضمي، بل من خلال اللجوء إلى الحقن واستخدامها في عضلات معيّنة بهدف التخفيف من تشنّجها أو تعريضها للشلل الجزئي والمؤقت".
ما هو الصداع النصفي المزمن؟
الصداع النصفي المزمن يتجاوز ألم الصداع المعتاد، فهو يستمرّ لأكثر من 15 يوم في الشهر ولأكثر من 4 ساعات.
وأوضحت د. هانية جركس أن "هذا النوع من الصداع النصفي يأتي على شكل نبض مستمرّ في جهة واحدة من الرأس، يرافقه غثيان، قيء وانزعاج من الأصوات والضوء".
وشرحت جركس أن البوتوكس يعمل على علاج الصداع النصفي المزمن، لأنّه يقف كحاجز أمام المواد الكيميائية التي تسمّى الناقلات العصبية Neurotransmitter والتي تحمل إشارات الألم من الدماغ.
وعليه، عند استخدام البوتوكس للوقاية من الصداع فهو يعمل على حجب الإشارات العصبية التي تسبّب الألم.
أظهرت دراسة أجريت في العام 2018 على موقع National Library of Medicine، أن مادة البوتوكس المستخدمة لعلاج الصداع النصفي المزمن كانت فعّالة وآمنة على مدى 3 سنوات، كما أظهرت الدراسة انخفاضاً كبيراً في متوسط أيّام الصداع الشهرية.
كمية البوتوكس الموصى بها لعلاج الصداع النصفي المزمن
أوضحت د. هانية جركس، أنّه "يجب الذهاب إلى طبيب/ة أخصائي/ة في أمراض الدماغ والأعصاب وليس إلى طبيب/ة تجميلي/ة من أجل تلقّي حقن البوتوكس لعلاج الصداع النصفي المزمن".
يتمّ استخدام إبر صغيرة جداً من البوتوكس، وعادةً ما تكون مجموعها 31 حقنة، يتمّ حقنها في 7 مناطق عضلية: الجبهة، جسر الأنف، الصدغين (المنطقة الواقعة خلف العين وأمام الأذن)، الرقبة، مؤخرة الرأس، وفوق الكتفين في أعلى الظهر.
وبحسب جركس فإنه "وبعد أخذ البوتوكس للمرّة الأولى، يتمّ اللجوء إليه لاحقاً مرّة بعد كلّ 12 أسبوع، وذلك طبعاً بحسب وضع المريض/ة وتجاوبه/ا مع العلاج، وعلى الطبيب/ة أن يحدّد ذلك".
كذلك، أوضحت أنّ هناك أشخاصاً عدّة قد يتحسّنون بشكل ملحوظ ويمكنهم التوقّف عن العلاج، والبعض الآخر لا.
لذلك، واعتماداً على استجابة كلّ شخص للبوتوكس، يوصي الطبيب بالمدة الزمنية التي يحتاجها لعلاج الصداع النصفي.
يبدأ مفعول البوتوكس في علاج الصداع النصفي المزمن بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، بحسب ما أكّدته د. هانية، وتابعت بالقول: "تعمل حقن البوتوكس على التخفيف من عدد وقوّة النوبات من 50% إلى 70% كحدّ أقصى، ويجب التنويه إلى أن الصداع النصفي المزمن هو دائم ولا يمكن علاجه بشكل نهائي، بل المساعدة في التخفيف من عدد أيّام الوجع وحدّة الألم".
في أيّة حالات لا يساعد البوتوكس في علاج الصداع النصفي المزمن؟
بالنسبة للدراسات العالمية وبحسب ما أشارت إليه د. هانية، فإن البوتوكس لا يعتبر علاجاً معتمداً في حال كان الشخص يعاني من الصداع النصفي لمدّة يومين في الشهر مثلاً أو حتى أقلّ من 15 يوم في الشهر، لذلك يجب أن يكون الألم مستمرّاً لأكثر من أيّام وساعات ولأشهر عدّة.
"يجب الذهاب إلى طبيب/ة أخصائي/ة في أمراض الدماغ والأعصاب وليس إلى طبيب/ة تجميلي/ة من أجل تلقّي حقن البوتوكس لعلاج الصداع النصفي المزمن"
ومن المحتمل أن يؤدّي البوتوكس لعلاج الصداع النصفي المزمن إلى بعض المضاعفات والعوارض الجانبية قد تكون كالتالي:
• آلام الرقبة والرأس
• ألم أو كدمات أو تورّم في مكان الحقن
• ارتخاء الجفن أو الحاجب أو جانب الفم
• ردّ فعل تحسّسي تجاه مادة البوتوكس، قد يسبّب ضيق التنفس أو تورم أسفل الساقين
• حساسية
• انتفاخ
• حكة
خلاصة القول، ليس كلّ مَن يعاني من الصداع النصفي باستطاعته اللجوء إلى البوتوكس؛ أي إن كان الشخص يشعر بالألم أقلّ من 15 يوم في الشهر. كذلك، يجب استشارة طبيب/ة مختّص/ة بأمراض القلب والدماغ، لأنّه مؤهّل لحالات الـصداع النصفي وهناك طريقة معيّنة عند حقن البوتوكس. أمّا طبيب/ة التجميل، فلا علاقة له بهذه العملية أبداً، إذ أن أي خطأ قد يؤدّي إلى مشاكل عدة.
أخيراً، يجب التذكير، أن البوتوكس لا يعالج نهائياً ألم الصداع النصفي المزمن، بل يخفّف من وتيرة الوجع والنوبات فحسب، وكلّ شخص يتفاعل مع هذه العملية بطريقة تختلف عن الآخر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...