شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"من حقي أقرأ"... مكفوفو مصر يرفعون الصوت لأجل "برايل"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والفئات المهمشة

الثلاثاء 12 يوليو 202206:45 م

علت أصوات الكثير من ذوي الإعاقة البصرية في مصر خلال الساعات الأخيرة للمطالبة بـ"دمج مجتمعي حقيقي" من خلال التوسع في الكتابة بطريقة برايل مراعاةً لحقهم في المعرفة والاطّلاع دون الاضطرار للاعتماد على الآخرين.

وفق الجهاز القومي للتعبئة العامة والإحصاء، يوجد 3.5 ملايين كفيف في مصر، بحسب إحصاء عام 2017. علماً أن الإحصاء التفصيلي للسكان يُجرى كل عشر سنوات.

وتعد طريقة برايل نظام الكتابة والقراءة الوحيد المعروف للمكفوفين وضعاف البصر، وتقوم على تجسيد الحروف على ورق خاص بنقاط ناتئة أو مقعرة يُمكن تحسسها باللمس. ومخترعها هو لويس برايل (1809-1852).

وبشكل متكرر، يشكو مكفوفون مصريون من الأسعار الباهظة لتحويل المقررات الدراسية إلى الكتابة بطريقة برايل، علاوة على اضطرارهم للانتظار لفترات متفاوتة نظراً للإقبال غير المتكافئ مع مراكز الكتابة ببرايل المتاحة. وتوفر بعض الجمعيات الخيرية هذه الخدمة مجاناً، مثل دار الأورمان، لكن يبقى عنصر التأخير صعوبة تواجه المستفيدين منها.

وتدفع هذه التحديات عدداً لا بأس به من المكفوفين إلى الاعتماد على تطبيقات القراءة في المذاكرة، ومرافق مبصر في كتابة الأجوبة لاحقاً، ما يسهم في رفع نسبة الأميّة بين أفراد هذه الفئة ويعرقل الاستقلالية والاعتماد على الذات بينهم.

العملة البلاستيكية

وكان ظهور عملة بلاستيكية جديدة من فئة الـ10 جنيهات وراء انطلاق هذه الدعوات إلى عدم تجاهل المكفوفين والاهتمام بالطباعة ببرايل. 

وأطلق عدد كبير من المكفوفين دعوات إلى كتابة قيمة الفئة المالية على العملات البلاستيكية بشكل واضح وبارز، بطريقة برايل، لمساعدتهم على التمييز بينها دون حاجة لسؤال الآخرين. 

"#مساعدة_ذوي_الهمم واجب على الكل"... مطالبات من مكفوفي مصر بطباعة قيمة العملات البلاستيكية عليها بطريقة برايل ليتمكنوا من تمييزها، ووعود مصرفية بمراعاتهم في الطبعات القادمة

كانت البداية من عند المذيعة آيتن الموجي التي نقلت المناشدة التي وجهها له عدد من المكفوفين ونشرها المخرج عمرو عابدين عبر حسابه في فيسبوك حيث لاقت إعجاب نحو 8000 شخص حتى كتابة هذه السطور. 

جاء في المنشور: "جائتني رسالة هامة من عدد كبير من مكفوفي مصر، ولن أتعامل معها باستهتار… هم يطلبون كتابة قيمة العملة بطريقة برايل على العملات الجديدة خاصة وأنه يمكن تنفيذ الكتابة عليها بسهولة لأنها بلاستيكية".

وختم بالتأكيد على أنه "حتى لو الوقت فات، مؤكد لسّه في مطبوعات جديدة وممكن دراسة إمكانية تنفيذها. #مساعدة_ذوي_الهمم واجب على الكل".

على الفور، حظيت المناشدة بتأييد واسع من المكفوفين وغير المكفوفين من الحسابات العامة والشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في مصر.

لكن البعض كان أكثر انزعاجاً لعدم انتباه المسؤولين لهذا الأمر وتجاهلهم تيسير معرفة قيمة العملة على المكفوفين. من هؤلاء حسام طلعت الذي أظهر تشكيكاً في خطط الدولة لـ"استيعاب ودمج ذوي الهمم"، كما يُثار في التصريحات الرسمية. 

وقال حسام بلهجة غاضبة: "الحقيقة المرة يا أفاضل أن (كل) العملات البلاستيكية (البوليمر) فى العالم مكتوب عليها الفئة بلغة برايل لأصحاب البصيرة ما عدا عملة مصر المحروسة. العملات الورقية العادية يقرأها المكفوف باستخدام تطبيق (cash reader) على الموبايل ما عدا العملة الجديدة لم ينزل لها سوفت وير خاص".

وناشد حسام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تغيير "المسؤولين عن ملف ذوي الهمم"، قائلاً إنهم "ناس ملهاش أي أثر ولا لها أي فكر ولا حتى رؤية. ولا حتى عندهم القدرة على المتابعة".

ورداً على هذه الدعوات، نقلت صحيفة "الوطن" المحلية عن "مصادر مصرفية" لم تسمّها أن "الحكومة المصرية تدرس في الوقت الحالي إصدار عملات بلاستيكية مطبوعة بطريقة برايل عند طرح العملة البلاستيكية فئة الـ 20 جنيها خلال الفترة المقبلة" علاوة على "شراء ماكينات صرّاف آلي ATM ذات مواصفات خاصة" تناسبهم.

"برايل حياة للمكفوفين"... استغل عدد من المكفوفين الفرصة وطالب بالتوسّع في الطباعة بطريقة برايل في القصص والروايات والكتب والمقررات الدراسية، رافعاً شعار #من_حقي_أقرأ

"من حقي أقرأ"

استغل عدد من المكفوفين الفرصة لمطالبة أشمل بالتوسع في الطباعة بطريقة برايل لتيسير فرص القراءة والاطلاع عليهم، مشددين على أن "الكتب بطريقة برايل في مختلف المجالات تكاد تكون معدومة. والاهتمام بطريقة برايل في تراجع مستمر". 

من بين هذه الأصوات الصحافي الشاب مؤمن مصطفى الذي قال في منشور عبر حسابه في فيسبوك: "أطالب دكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، بإنشاء مطبعة برايل يكون هدفها طباعة الكتب والقصص والروايات بطريقة برايل، وتكون هذه المطبعة تحت إشراف وزارة الثقافة".

واقترح مؤمن أن "يتم التنسيق مع الكتاب ودور النشر الكبرى للحصول على موافقتهم لإصدار نسخ من أعمالهم بطريقة برايل، وتوفير مراكز لبيع وتوزيع الكتب في جميع محافظات مصر"، مذيّلاً منشورِهِ بوسم "من حقي أقرأ".

وتابع في منشور منفصل: "عايز أقول رسالة للناس اللي شايفة أن برايل مش مهمة. زي ما ابنك وبنتك بيتعلموا القراءة والكتابة وبتكون في قمة سعادتك لما بيبتدي يقرأ ويكتب. فمن حق الطفل الكفيف وأسرته أنهم يعيشو نفس الشعور.

من حق الكفيف أنه يعيش متعة عالم القراءة. حضرتك بتقول إن برايل مكلفة وعبء مالي على الدولة، هقولك إن دي حاجة تستحق إن الدولة تصرف عليها. حضرتك شايفة إن البرايل مش مهمة، خلي رأيك لنفسك لأن برايل مش معمولة لحضرتك. لكن معمولة لناس فعلاً محتاجاها 

تحديات الوصول إلى المطبوعات بطريقة برايل تضطر الكثير من المكفوفين في #مصر إلى الاعتماد على تطبيقات القراءة، ما يسهم في رفع نسبة الأميّة بينهم ويعرقل قدرتهم على الاستقلالية والاعتماد على الذات

حضرتك كفيف وشايف إن برايل مش مهمة وأنت مش محتاجها، ابعد عنها خالص. في غيرك محتاجها. نغمة إن برايل مش مهمة، واللي للأسف في ناس بترددها وهي مش فاهمة عواقبها. نغمة رجعتنا كتير لورا. برايل حياة للمكفوفين".

أول شاطئ للمكفوفين

وبانتظام، تُعلن الحكومة المصرية عن مبادرات لزيادة دمج المكفوفين في المجتمع. ومن أحدثها قيام وزارة الداخلية المصرية بطباعة "دليل الخدمات الشرطية للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية" بطريقة برايل.

وأيضاً تدريب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني موظفيها المتعاملين مع ذوي الإعاقة البصرية على القراءة والكتابة بطريقة برايل.

والشهر الماضي، افتتح في مصر "أول شاطئ للمكفوفين" حيث أمكن لعشرات الأطفال من ذوي الإعاقة البصرية السباحة دون حاجة لوجود ذويهم نظراً لتأمين الشاطئ وتوفير فريق رقابة للاطمئنان على سلامتهم وحرية حركتهم.

وينص القانون رقم 10 لسنة 2018 لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على حقوق أفراد هذه الفئة والتي تهدف إلى حمايتهم وضمان دمجهم فى المجتمع بصورة كاملة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard