صدرت في الفترة القاجارية (1779-1925)، بعض المطبوعات الفارسية خارج إيران والتي تعتبر صحفاً ومجلات بارزة في تاريخ هذا البلد في تلك الفترة. كان سبب هذا الحدث هو استبدادية الحكام الإيرانيين، لا سيما ناصر الدين شاه القاجاري (1848- 1896) وانعدام حرية الصحافة في إيران وإقصاء وترحيل الكثير من المثقفين والمطالبين بالحريات إلى خارج البلاد.
في تلك الفترة كانت العاصمة المصرية القاهرة أحد مراكز طباعة العديد من الصحف والمجلات الفارسية وهي: "حكمت" و"ثريا" و"برورش" و"جهره نما" و"كمال و"رستاخيز" وسودمند"، لأنه من الناحية الفنية والاحترافية، وأيضاً من الناحية الفكرية والاجتماعية كانت لديها أرضية لإصدار مختلف الصحف والمجلات وكانت هذه الفرصة متاحة بصورة كبيرة للصحفيين والمثقفين والسياسيين.
وساهمت هذه الصحف والمطبوعات إلى جانب صحف أخرى مثل "قانون" الصادرة من لندن، و"أختر" الصادرة من إسطنبول، و"حبل المتين" الصادرة من كالكوتا، و"العروة الوثقى" الصادرة من باريس، في تعريف الشعب بحقوقهم، وفي تغيير القوى ووقوع الثورة الدستورية داخل إيران.
حكمت
صدرت الصحيفة في 19 أيلول/سبتمبر 1892 كأول صحيفة فارسية تصدر في العالم العربي وفي القاهرة تحديداً، واستمر نشاطها 19 عاماً.
صدرت في الفترة القاجارية (1779-1925)، بعض المطبوعات الفارسية خارج إيران والتي تعتبر صحفاً ومجلات بارزة في تاريخ هذا البلد في تلك الفترة. كان سبب هذا الحدث هو استبدادية الحكام الإيرانيين لا سيما ناصر الدين شاه القاجاري
أصدر الصحيفة ميرزا محمد مهدي بك التبريزي، الملقب بزعيم الدولة. وبينما كان يدرس التبريزي الطب في إسطنبول، تعاون مع صحيفة أختر، وبعد الهجرة إلى القاهرة عام 1891، أصدر حكمت بجهوده الفردية. كان يحاول جاهداً أن يصيغ الصحيفة باللغة الفارسية مبتعداً عن التركيبات والصياغات العربية، ما أدى إلى كتابته مقالات بليغة، وفي نفس الوقت واضحة وتحذيرية، وقد لفتت هذه المقالات انتباه الإيرانيين ولاقت ترحيباً كبيراً منهم.
بدأت صحيفة حكمت عملها كصحيفة خبرية. ولكن مع مرور الوقت أُضيف خطاب مديرها الفكري ومعتقداته في إطار مقالاته، ودعمت حكمت خلال فترة عملها الإسلام والتشيع، وتجادل المبشرين المسيحيين. ولم يكن يتقبل زعيم الدولة وجود الأجانب في إيران وكان يحارب السياسة الاستعمارية الروسية والبريطانية.
صدرت بعض أعداد حكمت الأولى متضمنة نصاً عربياً قصيراً أو شعراً عربياً. وجد زعيم الدولة احتراماً من العلماء العرب وكتب مقالات حول إيران في مجلات عربية، منها مجلة "الهلال" القاهرية. وافاه الأجل في عام 1914 في القاهرة.
ثريا
بعد أربع سنوات من صدور حكمت، ظهرت صحيفة فارسية أخرى في القاهرة: ثريا. أسس الصحيفة كل من ميرزا علي خان كاشاني والسيد فرج الله حسيني، التاجر الكاشاني المقيم في مصر. ذكر كاشاني في العدد الأول الصادر في بداية عام 1898، أن الهدف من تأسيس الصحيفة هو خدمة الوطن، وقال إن معيار المدنية والرقي لكل بلد، حسب الرؤية الغربية، هو إصدار صحيفة، وعلى هذا، قد تكون قوة القلم مفدية لأبناء الوطن.
وكذلك أشار إلى أن أسباب إصدار الصحيفة في مصر هو حرية الصحافة، ونشر الأخبار الصحيحة، وقرب هذا البلد من إيران. وصل صدى نصوص كاشاني الحادة إلى كل مكان. أشار في سلسلة مقالاته تحت عنوان "حوار" إلى الجهل وعدم الاطلاع على الأخبار والأمية واستغلال الطبقة الحاكمة على إيران للأوضاع، وتحدث عن سحق حقوق المرأة، خاصة في مجال التعليم.
بعد العدد الـ27 في 19 أيار/مايو 1900، وبعد خلاف بين المؤسسين، سلم الكاشاني جميع حقوق الصحيفة إلى حسيني. استمر حسيني في إصدار صحيفة ثريا حتى عام 1901، بيد أن الصحيفة لم تعد مثلما كانت سابقاً. حسب الكثير من الباحثين الإيرانيين، لم تكن أي مطبوعة فارسية في فترة الاستبداد بمستوى ثريا في فترة كاشاني.
بعد عودة حسيني إلى إيران، خلال فترة 1903 إلى 1906، أعاد إصدار ثريا مجدداً في طهران، ومن ثم في مسقط رأسه كاشان. وإن كانت هذه السنوات الثلاث مقدمات لحركة الثورة الدستورية وتوسع رقعتها، إلا أن الصحيفة ليس فقط قد اتخذت دوراً محافظاً، بل كانت تكتب مهاجمةً الصحف الثورية والداعمة للثورة الدستورية.
برورش
أصدر ميرزا علي محمد خان كاشاني بعد عشرين يوماً من خروجه من صحيفة ثريا، صحيفة بروَرش في أيار/مايو 1900، بدعم مالي من الشاعر والكاتب يحيى دولت آبادي، وبشرط أن يكون العمل على نفس أسلوب وسياق عمل القاهرة. وأحدث صدور برورش بين الطلاب والوطنيين الإيرانيين فرحة كبيرة قد غطت عى صحيفة ثريا.
كانت مواد برورش عبارة عن الافتتاحية والأخبار الخارجية ومقالات متنوعة سياسية واجتماعية عن إيران مؤكدة على قضايا التجديد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الداخل الإيراني. ومع كل عدد جديد كان يصدر تذكر وتأكد على "حرية" الصحيفة.
يرى المستشرق إدوارد بروان، أن تأثير برورش بمثابة تأثير صحيفة قانون التي نشرت باللغة الفارسية في لندن خلال فترة 1890 إلى 1898، إذ أدت إلى ثورة فكرية عظيمة بين فئة الشباب الإيراني، وهي ثورة فاجأت الحكام الإيرانيين.
دخلت صحيفة برورش منذ عددها الـ 23 إلى إيران، وقد مُنعت بعد طباعة مقالة انتقد فيها ميرزا علي خان سياسة الصدر الأعظم مظفر الدين شاه. أعلن أمين السطنة في آذار/مارس 1901 في صحيفة "إيران"، عن أسباب منع دخول المطبوعات الصادرة خارج إيران قائلاً: "ليست شبهة حين توصف الصحيفة الصادرة خارج البلاد وبعيداً عن المركز الحكومي أنها ليست صحيفة تلك البلاد لأنها لا تذكر حقائق أحوال وأعمال تلك الدولة ولمرات عديدة تلفق الشوائب والأكاذيب والخلافات... لهذا وبأمر من الدولة تمنع كل الجرائد من دخول إيران... ومنذ هذه اللحظة لا يسمح بتاتاً بدخولها إلى إيران".
أصدرت برورش عشرة أعداد بعد هذا الحدث ثم أغلقت. وبعد عامين، توفي كاشاني إثر مرض أصابه ودُفن في "حلوان" في القاهرة.
چِهره نَما
صدرت هذه الصحيفة منذ 15 نيسان/إبريل 1904 في الإسكندرية، ومن شباط/فبراير 1906، وبسبب حريق في مطبعتها، انتقلت إلى القاهرة. كان مؤسس چهره نما ومديرها ميرزا عبد المحمد إيراني، الملقب بمؤدب السلطان. استمرت چهره نما في عملها طوال اثنين وثلاثين عاماً وبعد وفاة مؤسسها، أكمل ابنه "السيد مؤدب زادة إيراني" إصدارها. تُعتبر چهره نما من الجرائد المؤثرة في الأوضاع السياسية والفكرية والثقافية في إيران.
كمال
أصدر الأعداد الـ29 الأولى من صحيفة كمال في إيران، ميرزا حسين طبيب زاده، وتم إصدار العدد الـ29 شباط/فبراير عام 1906 في مدينة تبريز.
يرى المستشرق إدوارد بروان، أن تأثير برورش بمثابة تأثير صحيفة قانون التي نشرت باللغة الفارسية في لندن خلال فترة 1890 إلى 1898، إذ أدت إلى ثورة فكرية عظيمة بين فئة الشباب الإيراني، وهي ثورة فاجأت الحكام الإيرانيين
كان طبيب زاده مدير مدرسة "كمال" في مدينة تبريز، ولذلك قام بتسمية الصحيفة بنفس الاسم. وبعد إيقاف الصحيفه ومصادرة الجيش المدرسة لأسباب سياسية، اضطر ميرزا حسين إلى الهجرة واختار مصر. في نهاية عام 1906 استمرت صحيفة كمال عملها في القاهرة، ولكن يبدو أن ميرزا حسين لم يكن مستقراً في مصر لأسباب غير واضحة، حيث قبل أن يمضي عاماً على نشاطه الصحفي في القاهرة، اضطر إلى ترك مصر وإيقاف عمل صحيفة كمال.
رستاخيز
أسس الکاتب والشاعر الإيراني عبدالله رازي مجلة رستاخيز في القاهرة عام 1924، في نهاية الفترة القاجارية، وأصدر طوال ثلاثة أعوام 18 عدداً منها بصورة غير منتظمة. قُدمت هذه المجلة على أنها مجلة علمية وأدبية واقتصادية وفلسفية وكان اتجاهها حاداً ومقصوداً في إحياء المفاهيم والقيم الزرادشتية. أدت مواقف رستاخيز الشديدة ضد الإسلام إلى ردود فعل واسعة من قبل العلماء مما أوصلها إلى الإغلاق.
سودمند
بعد إغلاق رستاخيز، أصدر عبدالله رازي مجلة سودمند باعتبارها مجلة غير سياسية وغير دينية، عام 1926 في القاهرة، مع بداية الحكم البهلوي. تم نشر 24 عدداً من هذه المجلة ، 18 منها في القاهرة و 6 منها في طهران حيث انتقل مكتب المجلة من القاهرة إلى طهران في نهاية عام 1930.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...