شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تفاصيل مرعبة عن حركة

تفاصيل مرعبة عن حركة "أنصار الهوية" والخطة "الجهنمية" لإغراق المهاجرين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 11 يونيو 201710:53 ص
الصيف، الذي ينتظره من يسلّمون أنفسهم للمجهول والقوارب المطاطية وعنف المهربين وجشعهم على اعتبار أن البحر في هذا الفصل يكون أرحم عليهم منه في الشتاء، يبدو أن ثمة مجموعة من الناشطين المتطرفين تستكثر حتى "هدوءه" النسبي عليهم. هذا الصيف تخطط مجموعة من الناشطين المتطرفين لتنظيم حملات بحرية هدفها تعطيل قوارب الإنقاذ التي تتدخل لمساعدة اللاجئين، حتى قوارب البحث عنهم لن يوفروها، علماً أنهم اعترضوا "بنجاح" إحدى بعثات الإنقاذ خلال مغادرتها ميناء كاتانيا في صقلية.

من هم هؤلاء الناشطين؟ كيف يتحركون؟ ومن يقف وراءهم؟

سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على كل تلك التفاصيل، في تقرير أعده مارك تاونسيند كشف فيه عن حملة تمويل جماعية جمع فيها هؤلاء تبرعات وصلت إلى أكثر من 72 ألف دولار أمريكي في أقل من ثلاث أسابيع لإتمام مهمتهم. وقد أبقوا على باب التبرع مفتوحاً "حتى ولو وصلوا إلى المبلغ الذي كانوا يطمحون إليه" كما قالوا. بحسب الصحيفة، هؤلاء الناشطين ينتمون لحركة يمينية جديدة تُعرف بـ"Identitarian movement"، وهي حركة أوروبية تناهض الإسلام والهجرة. انطلقت هذه الحركة في العام 2002 في فرنسا، وظهرت لاحقاً في العام 2012 في النمسا، وهي حركة تعرّف عن نفسها بأنها مناصرة للهوية الأوروبية في وجه "الليبرالية الهادمة للإرث الثقافي والتاريخي للشعب الأوروبي". وتدعو الحركة إلى "الوحدة الأوروبية" في وجه موجات الهجرة التي "ستؤدي إلى تلاشي أوروبا" واستبدال "سكانها الأصليين" بالمهاجرين. ترى أن المشكلة تكمن في غسل الدماغ الذي تمارسه الحكومات ووسائل الإعلام، وتؤكد تنظيم تحركات "تعالج مشاكل الليبرالية وتبث الوعي بين الأوروبيين". تقول الحركة إنها قوية اليوم في فرنسا والنمسا، وبدأت تثبت فعاليتها أكثر فأكثر في ألمانيا، في وقت تتباهى بخلق وعي يميني جديد يحافظ على التقاليد. ويهدف مناصرو الهوية "Identitarians" إلى جعل العنصرية "عصرية وعلى الموضة" ولديهم روابط جيدة مع النازيين الجدد في هنغاريا وبولندا. ويشكلون كذلك جزءاً من "حركة مكافحة الجهاد" المتطرفة، والمكونة من شبكة فضفاضة من أشخاص من دول ومنظمات مختلفة، وتوحدها الفكرة القائلة إن المسلمين يحاولون السيطرة على الغرب. يبدو أن التعريف بالخلفية التي يأتي منها هؤلاء الناشطين ضرورية لفهم تحركهم المعادي للمهاجرين، والذي وصفه كثر بـ"المقيت" و"الوحشي".

إن رحمهم البحر... نتخلص نحن منهم

نعود إلى تقرير "الغارديان" حيث أطلقت جماعة "Génération Identitaire" الفرنسية حملة تمويل جماعي عبر موقع إلكتروني حمل عنوان "الدفاع عن أوروبا"، وأوضح الموقع أن الدفاع يتم من خلال استهداف قوارب اللاجئين، في ما يشبه الأسلوب الذي تنتهجه جماعات أخرى كمنظمة السلام الأخضر. تشكو الحملة في بيانها من "القوارب المحملة بالمهاجرين غير الشرعيين التي تغمر الحدود الأوروبية"، تحذر من "تعرض البلاد للغزو" ومن "تغير ملامح القارة" من "فقدان السلامة وأسلوب المعيشة"، وصولاً إلى أن "يصبح الأوروبيون أقلية في أوطانهم". أمام كل هذه "المخاطر والأهوال" يشدّ المدافعون عن أوروبا الرحال، فنرى أحدهم على ساحل جزيرة صقلية في فيديو مصور يقول "نريد تشكيل طاقم وتجهيز قارب والإبحار إلى المتوسط لمطاردة أعداء أوروبا". ليست القوارب وحدها ما تدفع الناشطين لجمع التبرعات، بل يطلبون التمويل كذلك للقيام بأبحاث لنشر رسائل اليمين البديل على منصة 4chan الإلكترونية. في إحدى الرسائل التي نشرت، يدعو الناشطون إلى تعقب قوارب المنظمات غير الحكومية في البحر المتوسط وإبلاغ القوات البحرية عنهم، فضلاً عن تعقب "القوارب المتحركة بالقرب من سواحل شمال أفريقيا". وترجح الصحيفة أن يكون موقع تحرك العمليات في جزيرة صقلية وتحديداً من مينائي بوتسالو وكاتانيا.

خطة مروّعة لكن متوقعة

هكذا أصبحت المنظمات غير الحكومية التي تعمل على مساعدة اللاجئين هدفاً لهؤلاء كذلك، بينما لفتت "الغارديان" إلى أن التهديد يستفز تلك الجمعيات. وحمّل مسؤول رفيع المستوى، رفض الكشف عن هويته، المسؤولية لبعض السياسيين الذين ساهموا في خلق مناخ مؤات لأنصار اليمين المُتطرف شجعهم على التصرف بهذه الطريقة. يشرح المسؤول قائلاً إن تحذير الحكومة البريطانية كما نظيراتها الأوروبية من أعداد المهاجرين الكبيرة، أو تكرار نظريتهم التي تفيد أن عمليات الإنقاذ تشكل عامل جذب للمهاجرين وتشبيهها بـ"خدمة سيارات الأجرة" يُعزز عمل الجماعات المتطرفة وتوجهاتها. وهنا يوضح المسؤول "الحقيقة البسيطة التي ينبغي إدراكها" هي أن منع عمليات الإنقاذ لن يؤدي سوى إلى غرق الكثيرين لكنه لن يمنع المهاجرين من محاولة عبور البحر.

الأرقام المخيفة

مخيفة تلك الأرقام التي لا تنفك تتضاعف حول ما يتعرض له من يركبون البحر بحثاً عن ملجأ آمن. بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، التي صدرت نهاية الشهر الماضي، فإن عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم في البحر المتوسط وصل إلى 1700 شخص، وذلك نقلاً عن وكالة "رويترز". علماً أن تلك الأرقام قد لا تعبر عن حجم الوفيات بدقة، لصعوبة حصر عدد الأشخاص الذين كانوا على المركب الذي غرق ومقارنته بعدد من تم انتشال جثته ومن ابتلعه البحر دون أثر. وكشفت وكالة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة أن العام 2017 شهد إنقاذ أكثر من 6453 مهاجراً قبالة السواحل الليبية وانتشال 228 جثة من البحر. وتذكر صحيفة "الغارديان" أن النساء والأطفال يشكلون حوالي نصف المهاجرين عبر البحر. shutterstock_581225491shutterstock_581225491 هذه الأرقام التي تخيف العاملين في المؤسسات الإنسانية وتدفعهم إلى تعزيز جهودهم، تخيف كذلك ناشطي اليمين وجماعة أنصار الهوية ولكن للسبب المعاكس تماماً.

قوارب غبّ الطلب

خلال الشهر الماضي، حسب "الغارديان"، استأجرت جماعات اليمين المُتطرف الفرنسية قارباً لإجراء عملية تجريبية هدفها تعطيل قارب بحث وإنقاذ أثناء مغادرته ميناء كاتانيا الصقلي. بحسب منفذي العملية، تمكنت المجموعة من إبطاء القارب التابع لمنظمة غير حكومية حتى تدخل خفر السواحل الإيطالية. يُذكر هنا أن مركز تنسيق الإنقاذ البحري الرسمي في روما يشرف على تنسيق كافة عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، وفقاً للقانون البحري الدولي. وذكرت الصحيفة أن هناك قوارب متينة قادرة على الإبحار بسرعة تتخطى الـ 20 عقدة، وهي متوفرة للبيع بأقل من 12 ألف دولار، ويمكنها أن تفي بغرض إبطاء القوارب التي تغادر الميناء وتقوم بإعاقتها. بدورها، ادعت إحدى جماعات اليمين المُتطرف الإيطالية أنها تلقَّت عروضاً للحصول على قوارب ودعم من أشخاص يحملون تراخيص لقيادة القوارب.

الإعجاب العابر للأطلسي

خلال الشهر الماضي، استهدف ثلاثة من أعضاء إحدى الجماعات الفرنسية المناصرة للهوية أحد قوارب البحث والإنقاذ التابعة لمنظمة "أس أو أس" (SOS Méditerranée) الخيرية عند مغادرته ميناء كاتانيا الإيطالي. واعترض خفر السواحل الإيطالي أنصار المجموعة الفرنسية واحتجزوهم لبعض الوقت. وكان على متن القارب كذلك لورين ساوثرن وهي صحفية كندية معروفة بانتمائها لليمين البديل (Alt right)، والتي يحظى حسابها على موقع تويتر بـ278 ألف متابع، ويؤكد وجودها على متن القارب تقارب العلاقات بين طرفي هذا اليمين، الأوروبي والأمريكي. وبحسب الصحيفة، يُشيد موقع "بريتبارت" Breitbart الإلكتروني، وهو الموقع المُفضل لليمين البديل في أمريكا، في كثير من الأحيان بالحركات المناصرة للهوية والمؤيدة لترامب في أوروبا. وتلفت الصحيفة إلى ما يقوله بعض النقاد من تعزيز علاقات هذه الجماعات مع اليمين البديل الأمريكي، الذي ساعد في وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة. وسط ذلك، يصعب تحديد عدد جماعات هذا اليمين، إلا أن "الغارديان" تشير إلى أن جماعة                   "Génération Identitaire" الفرنسية، على سبيل المثال، قد استقطبت حوالي 500 شخص في تظاهرة نظمتها في فرنسا بينما تحظى صفحتها على فيسبوك بإعجاب 122 ألف مشترك. في المقابل، تحظى نظيرتها النمساوية المسماة "Identitäre Bewegung Österreich" بـ37 ألف إعجاب على فيسبوك. وتتهم هذه الجماعات بعض المنظمات غير الحكومية أنها تتعاون مع مافيات الاتجار بالبشر لضمان وصول المهاجرين إلى أوروبا وبالتالي ضمان عملها، متهمة قوارب البحث والإنقاذ أنها لا تؤدي الدور الإنساني الذي تتدعيه.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image