ممثلون إيرانيون من أمريكا وألمانيا وبريطانيا والهند واليونان تجمعهم إسرائيل إلى جانب ممثلين من هاليود وتل أبيب في مسلسل "طهران"، ليمثلوا حبكة درامية سينمائية على طريقة الأفلام الغربية، تروي فيها إسرائيل حربها السيبرانية على عدوها اللدود، إيران.
منذ 6 أيار/مايو من العام الحالي بدءت منصة Apple TV+ الرقمية بثَّ الموسم الثاني لمسلسل طهران، القائم على الإثارة والتشويق، والذي يروي تتمة أحداث الموسم الأول الذي تحدث عن جاسوسة للموساد تعمل على تعطيل الدفاع الجوي الإيراني، لتسمح للجيش الإسرائيلي بقصف المفاعل النووية الإيرانية، ما يمنع حصولها على القنبلة النووية.
دراما إسرائيلية وشهرة عالمية عبر "Apple TV"
حصل "طهران" في موسمه الأول الذي عرض منذ 22 حزيران/ يونيو 2020 في ثماني حلقات على قناة كان 11، على نجاح مدوي في إسرائيل، بعد موجة ضخمة من الإعلانات الترويجية، التي رُوّج له خلالها بأنه من أشهر أعمال الدراما التي أنتجته هيئة البث الإسرائيلية بعد مسلسل "فوضى"، الذي تناول الحرب الإسرائيلية الفلسطينية.
وبعد هذا النجاح ابتاعت "Apple TV" المسلسل، وبثته عالمياً، فذاع صيته أكثر. كما تقبلت تكاليف إعداد الموسم الثاني الذي يعرض على منصتها الرقمية حالياً، وهو المؤلف من 8 حلقات أيضاً، كما يُعتبر هذا الفيم أول فيلم غير ناطق بالإنكليزية تتقبل أبل تي في بلاس إنتاجه.
يسلط المسلسلُ الضوء على الفصل بين النظام الإيراني والشعب ليقدم شكلين منفصلين عن بعضهما عبر المشاهد التي تصوّر الدولة الدكتاتورية المعادية لشعبها، وعداءها المتصاعد لإسرائيل، وعن المجتمع الإيراني الشاب المسالم والمحب للحياة والرافض للحجاب
صُور المسلسل في العاصمة اليونانية أثينا، التي تحاكي طبيعتها العاصمة الإيرانية طهران، كي يرسم طاقم المسلسل صورةً أكثر دقة عن إيران، ولكنه لم ينجح بهذا التخطيط، ولم يقدم صورة لشوارع طهران كما هي.
حبكة إسرائيلية بتمثيل إيراني
ألف المسلسلَ السيناريست الإسرائيلي الشهير موشيه زوندر، وأخرجه الإسرائيلي دانيل سيركين. ويروي المسلسل قصة إرسال الموساد العميلةَ تامار رابینان إلى طهران، وهي إسرائيلية من أصول إيرانية، مستهدفة اختراق الرادارات وتعطيل الدفاعات الجوية لتشن طائرات إسرائيل هجوماً على المنشآت النووية. وتصل العميلة عبر الخطوط الجوية الأردنية في رحلة تقلع من عمان إلى الهند، ولكن بسبب عطل في الطائرة مدبر مسبقاً تهبط اضطرارياً في مطار الإمام الخميني الدولي في طهران، لتنجح بدخول الأراضي الإيرانية لتنفذ مهمتها خلال 24 ساعة فقط.
أتت تفاصيل الدراما الإسرئيلية في موسمها الأول بدخول الجاسوسة شركةَ الكهرباء الوطنية الإيرانية من خلال انتحال شخصية موظفة تعمل في الشركة، وأثناء قيامها بالمهمة تتعرض لمحاولة اغتصاب من مدير الشركة، فتقوم تامار بقتله، وهكذا تفشل في إنجاز مهمتها، ثم تواجه تطورات وأحداثاً أخرى منها التعرف إلى شاب إيراني.
إيران الدولة وإيران الشعب
العمل الذي أنتج باللغة الفارسية والعبرية، وترجم للعربية والإنكليزية أيضاً، يستكمل حبكته في الموسم الأول عبر الشكوك التي يثيرها الضابط الأمني في الحرس الثوري، فَراز كمالي، لتتعرض الجاسوسة للملاحقة على أرض عدوها، فتلجأ إلى خالتها التي اعتنقت الإسلام، وبقيت في إيران، وهنا تبدأ تامار بكشف جذورها الإيرانية.
تتعرف تامار في هذه الأثناء إلى ميلاد، وهو شاب إيراني معارض للنظام، ليتطور تواصلهما إلى علاقة عاطفية، وقد ينتهي المسلسل بموسمه الأول بإسقاط الدفاع الجوي الإيراني، وطائرة إسرائيلية تحاول الهجوم على المفاعل النووي ولكنها لم تنجح، ما يعني عدم نجاح الموساد في مهمته.
يسلط المسلسل الضوء على الفصل بين النظام الإيراني والشعب، ليقدم شكلين منفصلين عن بعضهما عبر المشاهد التي تصوّر الدولة الدكتاتورية المعادية لشعبها، وعداءها المتصاعد لإسرائيل، وعن المجتمع الإيراني الشاب المسالم والمحب للحياة والرافض للحجاب وللقاعدة الدينية، والذي يقيم الحفلات ويحب الرقص والكحول، بالإضافة إلى مشاهد مثيرة أخرى.
تفاصيل الجزء الثاني
إضافة إلى الممثلة الإسرائيلية من أصول مغربية نيف سلطان، والممثلة الإسرائيلية من أصول إيرانية لیراز جرخي ، والممثل الأمريكي من أصول إيرانية شان توب، وكذلك الإيراني الأمريكي نَفيد نِگَهبان الذين مثلوا في الموسم الأول للمسلسل، في الموسم الجديد أضاف المخرج الإسرائيلي ممثلين آخرين من أصول إيرانية أهمهم: إلناز نوروزي من السينما الهندية باليوود، إلى جانب ممثلة هاليود الشهيرة غلين كلوز.
وبعد نجاح الموسم الأول الذي نال جائزة إيمي في فئة أفضل مسلسل درامي، يتمحور الموسم الثاني في حلقاته الثماني حول مهمة بطلة الموسم الأول، والتي أصبحت مهمتها في الموسم الثاني نجاة الطيار الإسرائيلي الذي ألقي القبض عليه عند إسقاط الطائرة، إضافة إلى دخول بطلة الموسم الثاني غلين كلوز، التي تمثل دور مَرجان مُنتظمي وهي جاسوسة الموساد في المسلسل، هدفها اغتيال قائد الحرس الثوري.
وأثناء الجزء الثاني منه، يعكس المسلسل نمط حياة حديثة للإيرانيين، حيث الموضة والرفاهية والتنزه والمطاعم الفاخرة والنوادي الرياضية، وهو أسلوب حياة لم يشهده الغربيون من قبل عن المجتمع الإيراني عبر السينما والمسلسلات.
طهران في شوارع اليونان وسخرية الروّاد
انتهى الموسم الثاني الذي لم يحظ بمشاهدات كبيرة من قبل المواطنين الإيرانيين حاله حال الموسم الأول، كما لم يسلم المسلسل من النقد السياسي والسينمائي، خاصة في ما يتعلق بتجسيد العاصمة طهران في شوارع أثينا الذي لم يكن مقبولاً بالنسبة للإيرانيين الذين يعشيون داخل البلاد، ويرون المفارقات بين الواقع وبين الدراما الإسرائيلية، حسبما تناقله الإعلام المحلي ورواد منصات التواصل الذين تفاعلوا بسخرية مع الحدث.
تزامناً مع نهاية الجزء الثاني من المسلسل، أعلنت السلطات الإيرانية عن اعتقال 3 عناصر من جواسيس الموساد الإسرائيلي في مدينة زاهدان شرقي البلاد، كانوا يخططون لاغتيال علماء البرنامج النووي
وقال المخرج السينمائي الإيراني بِهروز أفخَمي إن المسلسل مملّ، ويفترض المشاهدين "أغبياء"، وقد أوعز الهدف من إنتاج هذا المسلسل إلى عجز إسرائيل أمام الجمهورية الإسلامية، ووقوع تل أبيب بدوامة التكرار في خطابها المعتاد ضد النظام الإيراني الذي يحظى بشعبية واسعة.
وصحيفة كيهان المحافظة أيضاً اعتبرت نيل الموسم الأول من المسلسل جائزة إيمي ناتجاً عن سيطرة التيار الصهيوني على أكاديمية العلوم والفنون التلفزيونية، في حين أن المسلسل الإسرائيلي هو أضعف المسلسلات لعام 2021، حسب قولها.
حرب العقول والهجوم السيبراني
صحيفة الأخبار التابعة لحزب الله اللبناني، نشرت مقالها المفصل عن الموسم الثاني من المسلسل، تحت عنوان "طهران: مسلسل يسوّق الرؤية الصهيونيّة"، إذ كتب عبدالرحمن جاسم أن المسلسل بروباغندي وذو رسالة موجّهة، يقدم العكس ويكذب الكذبة ويصدقها.
وجاء المسلسل ضمن حرب المعلومات القائم بين طهران وتل أبيب، وفي ظل تشديد الحرب السيبراني على كلا الطرفين، حيث شهدت المؤسسات الإيرانية والإسرائيلية مئات الهجمات السيبرانية والقرصنة الشديدة خلال السنوات الأخيرة وهي مستمرة حتى اليوم، وقد تسببت في كل مرة بتعطيل خدمات البلدين لمواطنيها، وأشهر هذه الحملات التي أدت إلى فوضى الهجوم على شبكة توزيع الوقود في إيران حدثت عام 2021.
وتزامناً مع نهاية الجزء الثاني من المسلسل، أعلنت السلطات الإيرانية 21 حزيران/يونيو الحالي عن اعتقال 3 عناصر من جواسيس الموساد الإسرائيلي في مدينة زاهدان شرقي البلاد، حيث كانوا يخططون لاغتيال علماء البرنامج النووي. كما تم إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب، دبّت الهلع والرعب في نفوس السكان، من خلال هجوم سيبراني إيراني على نظام تشغيل صفارات الإنذار. وأعلنت اسرائيل عن نية إيران استهداف مواطنيها في إسطنبول انتقاماً لاغتيال عناصر في الحرس الثوري الإيراني في الفترة الأخيرة.
وعندما تزامن الهجوم السيبراني على عدة مؤسسات نووية إيرانية أثناء بث الجزء الأول من المسلسل عام 2020 تفاعل بعض رواد منصات التواصل مع الأحداث بسخرية قائلين: "إنها فعلة تامار".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...