شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"طفح الكيل... لم أعد أتحمّل زميلتي في العمل"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 20 يونيو 202203:00 م

نصادف الكثير من الشخصيات المختلفة في أماكن العمل؛ بعض الأفراد نتكيّف معهم بسرعة والبعض الآخر لا نستلطفه لسبب ما ويصبح كل ما يتعلق به/ا يثير غضبنا.

أشار روبرت ساتون، أستاذ في علوم الإدارة والهندسة في جامعة ستانفورد ومؤلّف كتاب Good Boss Bad Boss، إلى أن"عدم استلطاف شخص معيّن هو جزء من حالة الإنسان"، موضحاً "انّ عملية التجنّب قد يكون أسلوباً ناجحاً بشكل عام، لكنّه ليس ممكناً دائماً في العمل".

أمّا دانيال جولمان، المدير المشارك لاتحاد أبحاث الذكاء العاطفي في المنظمات في جامعة روتجرز ومؤلف كتاب The Brain and Emotional Intelligence: New Insights، قال: "شئت أم أبيت ستتعامل مع أشخاص عدّة سواء أحبّبتهم أم لا، وعليك أن تتحكّم بغضبك قدر المستطاع".

لماذا لا "نستلطف" زميلنا/تنا في العمل؟

أشارت الأخصائية النفسية وردة بو ضاهر، في حديثها مع رصيف22، إلى أنّ الأسباب التي قد تجعل الشخص لا يستلطف زميله/ته في العمل، تختلف وتتعدّد، أهمّها:

• اختلاف الرأي

• المنافسة بين الموظفين/ات

• استفزاز الشخص للطرف الآخر أو العكس صحيح

تدفعنا هذه الأمور إلى عدم تحمّل زميلنا/تنا في العمل، ممّا يجعلنا نغضب منه/ا على أبسط الأسباب، وبعض ردات فعلنا قد لا تكون مبرّرة.

"شئت أم أبيت ستتعامل مع أشخاص عدّة سواء أحبّبتهم أم لا، وعليك أن تتحكّم بغضبك قدر المستطاع"

بالنسبة إلى جومانة ( 27 عاماً) التي تعمل في مجال الإعلام، فإنها لا تستطيع تحمّل زميلتها في العمل وتشعر بطاقة سلبية كلّما تواجدت معها، وفق ما أكدت لرصيف22: "لا تجيد التحدّث معي أو مع الآخرين بطريقة هادئة، فهي غالباً ما تلجأ إلى النبرة الآمرة. كما أنّها (مصدقة حالها) وكأنّها الأذكى في العالم".

وتابعت بالقول: "أكثر ما يغضبني ويشعرني بالإستفزاز، هو عندما لا تعترف بخطأ ارتكبته بل تلقي لومها عليّ وعلى الآخرين".

محاولة "استلطاف" زميلنا/زميلتنا في العمل... ما صعوبة الأمر؟

"من أجل التعامل مع هذا الموضوع بشكل سليم، يجب أوّلاً معرفة السبب الرئيسي الذي يدفعنا إلى عدم التواصل مع الطرف الآخر بطريقة صحيحة وعدم استلطافه"، بحسب ما أوضحت الأخصائية النفسية وردة بو ضاهر.

تابعت بالقول: "قد يكون حلّ المشكلة سهل للغاية بعد تحديد السبب، لكن من جهة أخرى قد يكون أصعب ممّا نتوقّعه"، موضحة أن هناك أشخاص يميلون إلى حلّ هذه المشكلة من خلال تمرين العقل على "التطنيش" وعدم التأثر بما يقوله الطرف الآخر، لكن من جهة أخرى، قد يختار البعض الآخر الطريق الأجرأ وهو: تقديم الإستقالة، وهي خطوة تتطلّب بالفعل بعض الجرأة لئلا يشعر الشخص بأي ندم في وقت لاحق.

بالنسبة إلى راشيل، البالغة من العمر 28 عاماً، فإن الإستقالة كانت بمثابة القرار الصائب بعدما طفح كيلها من زميلتها في العمل، وفق ما أكدت لرصيف22: "حاولت ألا أتأثر بما تفعله أو تقوله زميلتي في عملي السابق، وكنت غالباً ما أقنع نفسي بأن الأمور ستتحسّن وأنّها ستتغيّر، لكنّ المشكلة ازدادت سوءً يوماً بعد يوم، وسنة بعد سنة". وتابعت بالقول: "بصراحة، تقديم استقالتي، كان أفضل قرار اتّخذته منذ سنتين".

أمّا ريتا (30 عاماً)، فقرّرت أن تصارح زميلتها بكلّ ما تشعر به تجاهها.

وتعليقاً على هذه النقطة، قالت لرصيف22: "قد يبدو الأمر جنونياً بعض الشيء، لكن بالنسبة لي، هذا هو التصرّف الصحيح. اخترت أن أكون واضحة مع زميلتي، بدلاً من أن أكبت غضبي أو أن أفرغه على الآخرين. طبعاً لم يعجبها ما قلته، وأنكرت كلّ شيء وجعلتني أشعر وكأنّني مخطئة في حقّها".

وتابعت ريتا بالقول: "على الرغم من أن الأمور لم تتحسّن بيننا كثيراً، بخاصة وأن طبعها حادّ، إلّا أنّني لم أندم على صراحتي معها، بل على العكس. أنا الآن مرتاحة مع نفسي، لأنّني تأكّدت أنّني لستُ المشكلة".

التأثير على الأداء العملي والصحة النفسية

من الطبيعي أن يتأثّر الأداء العملي بسبب سوء التواصل مع الطرف الآخر وعدم الشعور بالراحة معه، وهو ما أكدته وردة بو ضاهر، مشيرة إلى أنه "من الممكن أيضاً أن يؤثّر هذا الأمر على راحة الشخص ونفسيّته، خصوصاً إن كان محاطاً بأشخاص يبعثون طاقة سلبية طوال الوقت".

بعدما باحت ريتا لزميلتها في العمل عمّا يزعجها من تصرفات تقوم بها هذه الأخيرة، لم تجد أيّ تحسّن، وعندها قررت أن تخبر مدير العلاقات العامة: "قد يراها البعض نميمة، لكن بالنسبة لي كانت طريقة ذكية للتقرّب من زميلتي وحلّ أي سوء تفاهم بيننا... علماً أنّني كنت على يقين أنّها لن تتغيّر لكنّني على الأقلّ حاولت"، على حدّ قولها.

في هذا الصدد، كشفت وردة بو ضاهر، أنّه من الضروري في بعض الأحيان اللجوء إلى قسم الموارد البشرية، لحلّ المشكلة بين الطرفين، خصوصاً أن "التشنج" بين الزملاء يؤثّر سلباً على الأداء الوظيفي.

تقبّل الطرف الآخر

في بعض الأحيان يضطر الشخص إلى تقبّل الطرف الآخر وخصوصاً إن كان "متعجرّفاً"، على حدّ قول وردة بو ضاهر، التي أشارت إلى أنّه من المهمّ أن يكون المرء على يقين بأنّه لا يمكن تغيير شخصيّات الآخرين أو تغيير طريقة تصرّفاتهم أو تفكيرهم، واستدركت بالقول: "لكن باستطاعتنا التحكّم بردّات فعلنا".

"لا تجيد التحدّث معي أو مع الآخرين بطريقة هادئة، فهي غالباً ما تلجأ إلى النبرة الآمرة. كما أنّها (مصدقة حالها) وكأنّها الأذكى في العالم"

في هذا الإطار، قالت آيا (29 عاماً) لرصيف22: "كنت أغضب كثيراً من إحدى زميلاتي، سواء ألقت التحيّة عليّ أو طلبت مني شيء بسيط"، وأضافت: "تعابير وجهي كانت تفضحني. طريقة تحدّثها معي أو مع الآخرين، رأيها الذي لا يتغيّر وانفعالاتها غير المبرّرة... كلّها أسباب جعلتني أمرّ بنوبة هلع وتوتر كلما تحدثنا".

غير أن آيا قررت أن تركز على نفسها وعلى صحتها النفسية والا تسمح للتوتر بأن يسيطر عليها، وفق ما أكدت: "قرّرت أن أهتمّ بنفسي وتحديداً بصحتي النفسية، فلا أحد يستحقّ كلّ هذا التوتر. بدأت بممارسة الرياضة للتخفيف من القلق، وقرأت كتاب Think Like an Entrepreneur, Act Like a CEO، للكاتبة Beverly E. Jones الذي ساعدني كثيراً في التحكّم بردّات فعلي تجاه زميلتي التي لا أستلطفها، وجعلني أدرك أن فهم شخصية الطرف الآخر وتقبّله قد يكون أفضل حلّ".

هذا وختمت بالقول: I am calm and have compassion in my heart (أنا هادئة ولديّ تعاطف في قلبي)... هذه الجملة وردت في الكتاب وأردّدها كلّما شعرت بالغضب من زميلتي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard