شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
جامعة سودانية تستعيد ذاكرة شرطة الأزياء في السودان

جامعة سودانية تستعيد ذاكرة شرطة الأزياء في السودان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 2 يونيو 202212:54 م

فرضت جامعة كسلا، شرق السودان، قائمة ضوابط تتصل بالأزياء لطلابها وطالباتها، في استعادة لأيام الرئيس المخلوع عمر البشير الذي حاول "أسلمة" الحياة في البلاد باستخدام القوة والقوانين على السواء.

وألزمت اللائحة الجديدة طالبات الجامعة بارتداء لبس واسع وفضفاض، يغطي الشعر وجميع الجسد، وغير شفاف. وامتدت الضوابط إلى الطلاب، فحُرِموا من ارتداء التيشرت والبنطال الضيق ولبس الأساور وحتى المسابح، فضلاً عن تجريم حلاقة وتصفيف الشعر بطريقة "غير لائقة".


وألغت الحكومة الانتقالية المنقلب عليها بواسطة العسكر في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قانون النظام العام، السيئ الصيت، بعد سنوات من ملاحقة وابتزاز السودانيين (النساء على نحو خاص) باتهامات تقوم على مخالفة السلوك القويم.

ألزمت اللائحة الجديدة طالبات الجامعة بارتداء لبس واسع وفضفاض، يغطي الشعر وجميع الجسد، وغير شفاف. وامتدت الضوابط إلى الطلاب، فحُرِموا من ارتداء التيشرت والبنطال الضيق ولبس الأساور وحتى المسابح

لماذا اللائحة؟

بررت إدارة جامعة كسلا، بحسب طلاب هاتفهم رصيف22، قراراتها بمحاولة السيطرة على ما يسمونه "التفسخ الأخلاقي" داخل المجتمع السوداني، بـ"دعاوى الحريات العامة والشخصية" بعد الإطاحة بالبشير. ونقلوا عن مسؤولين في الجامعة نفيهم أن يكون القرار جديداً بل هو تفعيل لقوانين قديمة كان معمولاً بها منذ نشأة الجامعة، لمراعاة الدين وأخلاق مجتمع المدينة المحافظ.

ولم تصدر عن سلطات وزارة التعليم العالي، أو الجهات الحكومية في ولاية كسلا، أي ردة فعل رافضة لما ذهبت إليه إدارة الجامعة، وهذا ما يعني الموافقة الضمنية على قرارات الإدارة.

قرار سياسي

تباينت ردات فعل طلاب وطالبات جامعة كسلا بشأن قرارات الإدارة التي تجيء عقب فترة توقف استمرت عامين، وشملت الجامعات الحكومية.

وأدت جائحة كورونا والاضطرابات السياسية المتكررة لإغلاق الجامعات طوال تلك الفترة قبل صدور القرار القاضي بمعاودة النشاط الجامعي بدءاً من منتصف الشهر الجاري. يقول لرصيف22 حسن أحمد المنتمي لأحد التنظيمات السياسية المعارضة لانقلاب الجيش إن قرار لائحة الأزياء الصادر عن إدارة الجامعة لا يمكن قراءته بمعزل عن الوضع السياسي العام في البلاد.

ويرى أنَّ القرار ذو صلة بمحاولات قائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، خلق حاضنة سياسية للنظام الانقلابي المعزول، ممثلةً في عناصر النظام المخلوع وبقية التنظيمات الإسلامية المتشددة.


ويعتقد أحمد أنَّ أولى علامات هذا التقارب بين العسكر والإسلاميين تجميد أعمال لجنة إزالة تمكين نظام البشير، وإعادة العناصر الموالية لهم في الخدمة المدنية، بما في ذلك أساتذة في إدارات جامعات كسلا.

وعليه، يفسر أحمد قرار لائحة الزي بأنه اعتيادي، ويشبه سلوك الإسلاميين العائدين لكابينة الإدارة في الجامعة، ويخدم العسكر عبر كسر إرادة الطلاب المنخرطين في الحراك الاحتجاجي، بقرارات تهدف إلى إذلالهم.

عضوة في "أنصار السنة": "لائحة الزي الصادرة عن الجامعة مُوفَّقة، "لمجابهة المد العلماني الذي يعمل على غرس مفاهيم معادية للدين، من خلال فرض الانحلال بإدعاءات كذوبة لتحرير المرأة"

ويشدد على شروعهم في خلق جبهة طلابية عريضة لمناهضة القرار، عبر إقامة سلسلة من المخاطبات، يلي ذلك إلغاء قرارات الإدارة عملياً بارتداء أكبر عدد من الطلاب والطالبات أزياء تخالف اللائحة المذكورة آنفاً، لضمان عدم إيقاع عقوبات بهم/ن.

قرار مُوفَّق

تعتقد الطالبة المنتمية لجماعة أنصار السنة، ريم عبد الحميد، أن من حق وليّ الأمر وضع ضوابط للحفاظ على المظهر العام، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وقالت لرصيف22: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

وترى أن لائحة الزي الصادرة عن الجامعة "مُوفَّقة"، "لمجابهة ما تسميه بالمد العلماني الذي يعمل على غرس مفاهيم معادية للدين، من خلال فرض الانحلال بإدعاءات كذوبة لتحرير المرأة".


رأي مجتمعي

بعيداً عن فلك الدين، يعتقد أستاذ علم النفس، ميسرة خالد، أنَّ قرار الزي هو قرار شخصي يعكس الحالة النفسية والاجتماعية وطريقة التفكير لدى أفراد المجتمع.

وقال لرصيف22 إن أية محاولة لفرض زي معين على طلاب الجامعات الذين تعدوا مرحلة البلوغ، يفتح المجال لتفريخ أفراد بعقليات وصائية لا تحترم الآخر المختلف، و"يسهم في زعزعة بناء شخصياتهم في إحدى أهم مراحلهم العمرية - مرحلة الجامعة، من خلال اتخاذ القرارات إنابة عنهم، ما يهدد برفد المجتمع طلاباً بشخصيات ضعيفة، إن لم يكونوا مسلوبي الإرادة". مشيراً إلى ضرورة العمل على مجابهة القرار بخطاب مجتمعي يتخطى دائرة ولاية كسلا، بدلاً من استخدام الخطاب السياسي في مجتمع متشرذم في الأصل.

في السياق ذاته، تلفت الباحثة الاجتماعية ستنا سليم إلى فشل تجارب سابقة لنظام المخلوع البشير لأجل فرض زي موحد على طلاب الجامعات، بدعوى الالتزام بالضوابط الشرعية أو إزالة الفوارق الطبقية.

وقالت لرصيف22 إن الخطورة تكمن في تطبيق قرارات كهذه، لكونها تقديرية وفضفاضة تخضع لمزاج مطبق القانون، وتعطيه صلاحيات واسعة، خاصة في ما يتصل بملاحقة النساء بدعوى مخالفتهن السائد، ما يجعلهن عرضة للابتزاز من قبل أفراد الحرس الجامعي ورجال الشرطة.

مخاوف

الخشية من نجاح نموذج لائحة الزي في جامعة كسلا نابع من إمكان تكرار هذا النموذج في بقية الجامعات السودانية، وتسوية الطريق لعودة شرطة النظام العام التي تحاسب النسوة في الشارع بتهم عديدة، منها المشي الفاضح في الطريق العام.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image