غداة وفاة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد، في 13 أيار/ مايو، انتخب مجلس الاتحاد الأعلى محمد بن زايد، أخا الرئيس المتوفى، رئيساً. ورئِس جلسة المجلس الأعلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات (وهو رئيس مجلس الوزراء الاتحادي وحاكم دبي). وفي ختام المجلس الانتخابي أصدرت وزارة شؤون الرئاسة (الاتحادية) بياناً أعلنت فيه خبر الانتخاب بالإجماع. وثنّى نائب الرئيس، حاكم دبي، على الخبر.
وفي رسالة نشرها على تويتر، عرَّف شيخ دبي، باسمه منفرداً، بالرئيس الجديد. والجدّة لا تصف إلا اللقب، ولا تصف الوظيفة أو العمل والولاية. فالرجل يتولّاهما منذ أكثر من عقد، نيابةً عن أخيه المريض. وعلى هذا، يسع نائب الرئيس تناول زميله السابق و"شيخه" اليوم تناول الخبير به.
ورسالة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في رئيس دولة الإمارات المتحدة الثالث (بعد والده وأخيه البكر)، وفي مديحه، تتناول وصف مثال الحاكم، أو ولي الأمر، على قول عربي خليجي أو جزيري، على النحو الذي يراه أهل الصنعة، إذا جازت العبارة، في أوائل العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين.
فالرئيس الخالف لا تغمط الخلافة أو الوراثة حقه في الجدّة أو الابتداء. وفي استهلال عهده "تبدأ" الإمارات، على قول نائبه اليوم بعد أن كان نائب أخيه بالأمس، "مرحلة جديدة في تاريخها". فتجمع الدولة الاتحادية الدوام والاستمرار، أو الإقامة على حال وهوية، إلى التجدُّد واستقبال الزمن ودوراته، وتحاكي الحياة نفسها، و"قِدَمها وعنادها"، على قول الكاتب الفرنسي أندريه مالرو (1902-1974).
وهذا، أي الجمع بين الدوام وبين التجدّد والاستئناف، أي "الولادة الجديدة"، هو جوهر المُلك حين يعلن قداسته، على ما يصنع شعار "مات الملك، عاش الملك". وينسب الشعار إلى الملك جسدين، الأول زائل ويطويه الموت، شأن المخلوقات الحيّة والحادثة، والآخر روحاني أو صوفي يصدر- على زعم عقيدة راجت في بعض البلدان الأوروبية مثل إنكلترا وفرنسا وإسبانيا، في خريف العصر الوسيط وأوائل العصر الكلاسيكي- عن المسح الإلهي بالزيت المقدّس.
وملكية أو حاكمية أو ولاية الحق الإلهي ركنها هذا الاعتقاد. وشعيرتها تنصيب الملك الجديد على سرير المُلك، بعد مسحه في الكاتدرائية "العظمى" (على مثال "الجامع الأعظم" في الخلافة العباسية)، بينما يطاف بـ"خيال" الملك الميت أو شبهه وصنمه المصنوع من الشمع أو الخشب، في سرير نعشه. والدفن الثاني قرينة على أن موت الملك لا يطاول إلا شبهه، أما جوهره أو روحه، وهو المُلك أو الولاية، فلا يموت، وهو لم يمت، بل انتقل إلى الوارث الخالف، والحاكم سعيداً وحيّاً.
المشيخة والرئاسة
وخطبة أو رسالة محمد بن راشد آل مكتوم توحد أو تدمج الرئيس الجديد، والمستأنف الرئاسة، في الدولة. وتلقيب محمد بن زايد بالرئاسة وليس بالمشيخة، وتمييزه بها من سائر المشايخ: الشيخ (الدكتور) سلطان القاسمي، شيخ أو حاكم الشارقة، الشيخ حميد النعيمي حاكم عجمان...، يسترجع السيرورة الانتخابية والاتحادية (الفيدرالية) الحديثة التي رفعت بن زايد إلى ما كان ينبغي أن يكون "مشيخة المشايخ"، على مثال قبلي سائر ومعروف، لولا صيغة الانتخاب، فِعليّة كانت هذه (وهذا بعيد، فالانتخاب يفترض مرشحَيْن ولا يفترض سبق معرفة المنتخَب) أم شكلية ورمزية.
والانتخاب، والاتحاد، والرئاسة، جميعها دلالات على طلب الحداثة، والإقرار بمكانتها وصدارتها، شكلاً إنْ لم يكن معنىً ومضموناً. ولا تخالف الحداثة، الانتخابية والاتحادية والرئاسية، في مقالة الشيخ نائب الرئيس، القداسة المضمرة في حلول الدولة في الرئيس، وحلول الرئيس في الدولة، والمفترضة في جمع الدوام إلى الابتداء، وعود الابتداء والانقطاع على الدوام والاستئناف.
وتجمع الرسالة المشيخة الثابتة والرئاسة المحدثة في "القيادة": "... هذا القائد الذي عرفه شعبه...". والقيادة ثمرة اختبار. فلا تُشتق من المشيخة الآيلة إلى صاحب لقبها من آله، آل نهيان في هذه الحال. ولا يحصل عليها، وعلى اسمها، وينصّب "قائداً"، مَن اختاره أقرانه مقدَّماً على أسوة "كأسنان المشط"، على وصفِ أثرٍ عُمَريّ. فيعود الإقرار بالقيادة إلى "الشعب"، وإلى معرفته بمَن ساس أموره في مواقف مأثورة خلّفت في الرعية ذكرى عميقة.
"لا تخالف الحداثة، الانتخابية والاتحادية والرئاسية، في مقالة الشيخ نائب الرئيس (محمد بن راشد)، القداسة المضمرة في حلول الدولة في الرئيس، وحلول الرئيس في الدولة، والمفترضة في جمع الدوام إلى الابتداء، وعود الابتداء والانقطاع على الدوام والاستئناف"
ومن المواقف هذه قول الرئيس الجديد، إبان تفشّي كوفيد-19 وانتشار الذعر والخشية من انقطاع واردات الغذاء والدواء في صفوف الجمهور "الإماراتي": "لا تشيلون همّ". فنزل القول، على ما يذكر أخباري آخر غير شيخ دبي وحاكمها، على الرعية الإماراتية، أو الشعب الإماراتي (في لغة محدثة و"ديمقراطية")، طمأنينةً وأماناً. وحقت القيادة لمَن تصدّى لغائلتي المجاعة والوباء، وأمّن رعيّته من خوف ومن موت.
العريق والمحدث
ومكانة الشيخ والرئيس والقائد، وهو وجوه متفرّقة لأمرٍ (أو جوهر) واحد، لا تقتصر، ولا ينبغي لها أن تقتصر على تصريف حال يدين تصريفها، من غير شك، لحكمة وليّ الأمر وتدبيره، ولكن على قدر دين التصريف والحل، إلى الموارد المتاحة. وهذه خليط من عطاء قائم ومن سعي وطلب. فيجب أن تُحمل المكانة الفريدة على فضائل في طبع الرجل، ولا يدين هذا بها إلا إلى خالقه الذي اصطفاه على سائر الناس وفضّله.
فمحمد بن زايد آل نهيان، على تخصيص محمد بن راشد آل مكتوم، "(قائد) في ميادين البطولة والرجولة". وهاتان الفضيلتان من الفضائل الذاتية التي تدل على تخصيص مَن يوصف عن جدارة وحق بها، فـ"كأنـ(ـه) قد خلق (...) كما (يـ)شاء"، على قول الشاعر الأنصاري في ممدوحه ومعاصره.
وعلى صورة أو رسم ينتهجه صاحب التغريدة الطويلة، ينتقل من مديح أو تقرير ما لا يد لصاحبه ورئيسه الجديد (والقديم) فيه، وهو الوجه الموروث والتقليدي و"الطبيعي" منه، إلى استحقاق محمد بن زايد له، وتوظيفه في مجالات أو مرافق يجدد ما ورثه الخلف من السلف. ويُعمِل إعمالاً مثمراً، ويقوم دليلاً على "إبداع" الخلف من غير خروجه عن السنن والطبائع.
فـ"ميادين البطولة والرجولة" لم تعد أو تبقَ- في المصطلح والعبارة، وعلى خلاف لغة صدام حسين وصورها المشبعة بالأصداء الآبدة- مسارح "المنازلات"، والمعارك المتناسلة من "أم" ولود وملحمية، والنساء "الماجدات"، والرجال "الأشاوس"، والقائد "المهيب"، والفتوح التاريخية، إلخ. فأمست، في الخطبة المكتومية "(بناء) حصن (الاتحاد) الحصين، قواتـ(ـه) المسلّحة". والرئيس الخالف وزير دفاع الدولة، وهذا دوره البارز والراجح.
وهذا، أي بناء القوات المسلحة، هو ما صنعه صدام حسين قبل أن يلقي بما بناه، مختاراً مستدرجاً معاً، في دوّامة حروبه المدمّرة. إلا أن لغة شيخ دبي، والأرجح أنها لغة محيطه الضيّق، تبتعد من لغة الرئيس العراقي حين تستأنف الاستعارات الفروسية وتهويمها، وينسخها سريعاً تمجيد الجيش الإماراتي واضطلاعه بـ"الحماية" و"الحصانة"، دون الفتوح والمغازي (رغم أن القوات المسلحة الإماراتية خاضت وتخوض معارك في اليمن وإثيوبيا وليبيا... وتراقب استخباراتها الوضع في السودان وأفغانستان والعراق وسوريا عن كثب).
الدولة العالمية
ويتلازم مديح القوة العسكرية الوطنية، والاقتصار على وجهها الدفاعي، مع الإشادة بوجهين آخرين هما "(تأسيس) مئوية تنموية"، ينسب إليها حاكم دبي ترسيخها "مكانة دولة (الإمارات) بين الأمم والشعوب"، وقيادة "علاقات استراتيجية راسخة وقوية (...) مع شرق العالم وغربه".
وتملأ قسمات أو سمات المقاتل المدافع، والديبلوماسي العالمي الجامع، والاقتصادي التنموي المخطط والبعيد النظر (إلى "مئة عام")، صورة الشيخ والرئيس والقائد العامة بمضامين عينية وتجريبية تُرى بالعين المجرّدة. وتحتفل الإمارات، وأبوظبي في المقدمة، بشركات الطيران والنقل البحري وصناعة الموانئ، وبمختبرات الفضاء والصيدلة وتحلية المياه، وبالوكالات التجارية وأعمال الري ومرافق الترفيه والسياحة والأبراج.
"يتلازم مديح القوة العسكرية الوطنية الإماراتية، والاقتصار على وجهها الدفاعي، مع الإشادة بوجهين آخرين هما تأسيس ‘مئوية تنموية’ ينسب إليها حاكم دبي ترسيخها ‘مكانة الدولة بين الأمم والشعوب’، وقيادة ‘علاقات استراتيجية راسخة وقوية مع شرق العالم وغربه’"
وتكرّم الإمارات، من وجه آخر، قتلاها الطيارين في السماوات التي تمخرها، وتتصدّى فيها لسياسات مناوئة اجتمعت، إلى وقت قريب، في باب إسلامٍ إخواني حاد، ولابس هذا، في بعض المسارح الشرق أوسطية، إسلاماً "جهادياً" على تخومه، واطأه حيناً، واستعمله حيناً آخر، وهادنه حيناً ثالثاً.
ومنذ سنة وبعض السنة، منذ "مؤتمر" العلا السعودية، طرقت الديبلوماسية الإماراتية أبواب الشرق والغرب، على قول صاحب الرسالة المكتومية في السياسة الزايدية. فإلى المحجّات المعهودة، واشنطن ولندن وباريس وبكين وموسكو، قصدت الزيارات أنقرة ودمشق وطهران وبغداد. ومتّنت العلاقة بتل أبيب وهي تستقبل طريد المجتمع الدولي، ما خلا إيران وروسيا، وبطل الممانعة، بشار الأسد. فهي تستحق تسميتها، على ما يصنع حاكم دبي من غير إحساس بالتكلُّف أو المبالغة، بـ"دولة الإمارات العالمية".
"الوحش" و"الراعي"
وتفترض "عالمية" الدولة التحلّي بعوامل تشترك فيها القوى أو الكيانات التي تسهم، وإنْ على مقادير متفاوتة، في صنع "المجتمع العالمي"، أي التأثير فيه، وفي شبكاته الواسعة والأخطبوطية، الإنتاجية والتجارية والمعلوماتية والمالية والتعليمية والإعلامية والاستخبارية، والتأثر به.
ويصح أن تجمع هذه العوامل في باب عريض هو السيادة. ويستعرض محمد بن راشد آل مكتوم، حين يرسي الأمر (أو سياسة الملك) وطبائعه على المشروعية التاريخية، وترجمتها في ميادين الحرب والديبلوماسية والاقتصاد، معالم السيادة أو الولاية، وأماراتها الناطقة والبارزة. وينهض عنواناً للسيادة هذه الوحش الأسطوري الذي سمته التوراة اللوياثان (أو "الليفياتان" الذي يتصدّر كتاب توماس هوبس، 1588- 1679، الإنكليزي في السياسيات، الطبعة الإنكليزية في 1651، واللاتينية في 1668).
والحيوان الأسطوري كناية عن قطب الولاية القاهر والطبيعي، أو الإلهي والمهيمن على الطبيعة التي سوّاها الخالق وأجراها على قوانينه، على ما يكتب هوبس في مستهل "جامعه". والعلاقة الأمرية عمودية، من آمر بمأمور طائع. والقطب الآخر الذي يقوم به المُلك، العادل، هو قطب الرعاية، على معناها الدقيق والمشتق من الرعي والراعي. فالحاكم، أي مثاله، هو مَن يرعى رعاياه واحداً واحداً، ويسهر على معاشهم وكفايتهم منه، ويحول دون ظلم واحدهم غيره، ويحميهم من العدوان... ويتقدم هذه الوظائف أو الفضائل "السياسية" فضيلة أمّ تقضي بتخصيص واحد الرعية بالرعاية، وقصد هذا الواحد وإفراده بها دون غيره. وهذا قطب الراعي الأبوي والمحب، في مقابلة قطب اللوياثان القاهر والمطاع.
وينطلق قلم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في صفة محمد بن زايد آل نهيان الرعائية والأبوية من غير تردد: "لقد أحب شعب الإمارات منذ سنوات طويلة الشيخ محمد بن زايد". وهم أحبوه بسبب خصائل لا تدخل في عداد مقوّمات الحاكم، بأمره أو بأمر غيره.
"أحبّوه لكرمه وأحبّوه لطيب نفسه وحنوّه على شعبه. لقد رأوه يداوي مريضهم ويغيث ملهوفهم ويدعم أبناءهم، يواسي شهداءهم... لقد رأوه يزورهم في بيوتهم وشاهدوه يحفّزهم في ميادين عملهم ورأوه يستقبلهم في مجلسه العامر...".
فتنهض السياسة، عملاً ونظراً، على قائمتين: 1) تكنوقراطية تسندها مشروعية تمزج العراقة بالقداسة، وتتولى تصريف كتل السلطة الضخمة، من موارد واستثمار وتوزيع وتسليح وإدارة، ومن مصالح عامة؛ و2) رعوية تقوم من الأهل، نفساً نفساً، مقام الوالد العطوف، والأخ المغيث، والجار المحامي والمتضامن...
وهذه السياسة تغلق الباب في وجه الخلاف والفرق والمراقبة والمراجعة. فهي، على وجهيها تستقوي بإجماعٍ مفترضٍ يتعالى على المنازعة، وعلى التحكيم، وتسبقهما. ويؤول هذا إلى "حبس" السياسة، و"وقفها"، على معنى الوقف (الشرعيّ) في الفقه، أو العزل من التداول. ومن أصنافه الوقف الذُّرّي، على الذُّرية. وهو وقفٌ مطلق، على قول محمد بن سلمان في حديثه المشهور.
حاشية
وتدخل خطبة أو رسالة الشيخ الإماراتي، وهو الركن الثاني من أركان أولي الأمر وولاته في الاتحاد، في باب فن أدبي قديم هو مرايا الأمراء. ويتناول الفن هذا الصفات المثالية التي يُفترض أن يتحلى بها "الأمير"، صاحب الأمر ومُشترط الطاعة والسمع. وتنقي "المرآة" من السياسة الفعلية نقائضها ومنازعاتها، وتسكت عن اعتراضات العامة ورغبتها "في ألا تُقهر"، على قول مكيافيلي في "أميره".
وكان مكيافيلي خص بقطب العامة كتاباً يخالف قطب الأمير، هو "مقالات في عشرية طيطوس ليفيوس الأولى" (أو "المطارحات" في ترجمة خيري حماد). وكتب تأريخاً لفلورنسا يروي فيه وقائع الخلافات والمنازعات التي مزّقت شطراً من إيطاليا في القرون الأخيرة.
ويتناول الفيلسوف الإيراني-الفرنسي آنوش غانجي بور ما يسمّيه "التباس الإسلام السياسي"، أو ترجّح السياسيات الإسلامية بين قطبي اللوياثان والراعي، في كتاب وسمه بهذا العنوان، وعسر استقرارها على قطب غالب. وهو موضوع عجالة لاحقة قدم لها استعراض رسالة محمد بن راشد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...