شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"العقل السلطوي" اللبناني يحاول منع "مهارات" من مراقبة الانتخابات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 29 أبريل 202206:20 م

 على بعد قرابة أسبوعين من اليوم الانتخابي المنتظر في لبنان، أي 15 أيار/مايو 2022، التاريخ المزمع لإجراء الانتخابات النيابية فيه، بدأت تحركات هيئة الإشراف على الانتخابات المعتمدة من قبل وزارة الداخلية اللبنانية، لكن ليس برصد المخالفات، إنما من خلال إصدار قرار بحق واحدة من جمعيات المجتمع المدني في لبنان، مؤسسة مهارات، باعتبار عملها بأنه غير قانوني.

قانون الانتخاب اللبناني الساري حالياً منذ العام 2017 هو القانون 44 ويتضمن 126 مادة، تعد المادة 20 منه تحديداً الباب المختص بالجمعيات الأهلية والمدنية وعملها ربطا بيوم الاقتراع، ما يسبقه وما يليه. وتنصّ هذه المادة على أنه" يحق لهيئات المجتمع المدني ذات الاختصاص، تحت إشراف الهيئة، مواكبة الانتخابات ومراقبة مجرياتها وفق شروط محددة"، مؤكدة على أحقيتها في قبول أو رفض طلب أي جهة.

قانون الانتخاب اللبناني الساري حالياً هو القانون 44 ويتضمن 126 مادة، تعد المادة 20 منه تحديداً الباب المختص بالجمعيات الأهلية والمدنية وعملها

"الصدمة" التي تلقتها مهارات وفق تصريح مديرتها التنفيذية رلى مخايل لرصيف22، كانت 28 من نيسان/أبريل 2022، عندما قامت هيئة الإشراف على الانتخابات بنشر واحدة من سلسلة مراسلات بينها وبين مؤسسة مهارات تعتبر فيها عمل الأخيرة "غير قانوني" لأنها لم تتقدم بطلب لديها، متذرعةً بالمادة 20 من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب 44/2017، علماً أن الهيئة سبق وأرسلت الكتاب الثاني للمؤسسة قبل يومين من نشره على موقعها، ومن دون نشر بقية المراسلات بين الطرفين، وفق مخايل.

عقل سلطوي

ومهارات هي مؤسسة غير حكومية تعنى بقضايا الإعلام وحرية الرأي والتعبير، واكبت على مرّ السنوات سير العمليات الانتخابية المختلفة في لبنان إلا أن عملها مكتبي حصراً وليس لديها مراقبين متجوّلين في يوم الاقتراع أو مندوبين يدخلون المراكز المعتمدة رسمياً، لذلك وبحسب مخايل فإن "موقف الهيئة منها كان مفاجئاً جداً، إذ ليست بحاجة إلى طلب كغيرها من الجمعيات التي تنتدب مراقبين في مراكز الانتخاب مثل الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات LADE وغيرها".

تضيف مخايل: "شعرنا أن هناك نيّة مبيتة ضدنا، لماذا الانتقاء بنشر أجزاء فقط من التواصل بيننا وبين الهيئة، ولماذا لم تنشر الهيئة عبر موقعها التحذيرات السابقة لمهارات أو لأي جمعية أخرى ونشرت فقط ما يوحي بأن عمل مهارات غير قانوني، هناك عقل سلطوي بالتعامل".

وبعد أن كان لبنان يعتبر بلداً شبه ديمقراطي او نصف ديمقراطي Hybrid، حوّل مؤشر الديمقراطية للعام 2021 الصادر عن مركز Economist intelligence unit التابع لمجـلة The Economist تصنيف النظام في لبنان إلى نظام "سلطوي" Authoritarian، وبذلك حلّ لبنان في المرتبة 111 حول العالم.

شعرنا أن هناك نيّة مبيتة ضدنا، لماذا الانتقاء بنشر أجزاء فقط من التواصل بيننا وبين الهيئة، ولماذا لم تنشر الهيئة عبر موقعها التحذيرات السابقة لمهارات أو لأي جمعية أخرى ونشرت فقط ما يوحي بأن عمل مهارات غير قانوني، هناك عقل سلطوي بالتعامل

"الصدمة" من تصرف هيئة الإشراف على الانتخابات خرجت من جدران مهارات ووصلت إلى لادي أيضاً، حيث عبّر عضو الهئية الإدارية في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات أيمن دندش عن مفاجأته من الأمر خاصة أن الهيئة عمدت إلى نشر كتاب واحد من المراسلات مع مهارات، ويقول: "لادي كانت تراقب العمل الانتخابي منذ عام 1996 دون أي إذن ولاحقاً في عام 2009 صار على الجمعيات التي لديها مراقبين على الأرض الحصول على أذون رسمية لكن هذه النقطة لا تشمل مهارات كون عملها ينحصر داخل مكاتبها".

ويرى دندش أن "مهارات كانت تؤدي دوراً فعالاً جداً في مواكبة انتخابات 2022 خاصة في ظل الظروف التي يعيشها البلد وسط انتشار المال الانتخابي واللاعدالة في المنافسة بين المرشحين والمرشحات، وكتاب الهيئة أضاء على الكثير من علامات الاستفهام"، مؤكدًا رفض الجمعية المطلق له ولقمع حريات الأفراد والمؤسسات.

تساؤلات مشروعة

ومن التساؤلات المشروعة أيضاً في هذه القضية، أن رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات لهذا العام هو القاضي نديم عبد الملك، وقد كان يشغل منصبه هذا في انتخابات 2018، يومها لم يصدر أي كتاب من هذا النوع أو تحذير لجمعية أهلية-مدنية معنية بالانتخابات، كما  أن الهيئة عام 2018 استعانت بمهارات لتدريب بعض الراصدين وتجهيز نظام الرصد لديها.

رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك، كان يشغل منصبه هذا في انتخابات 2018، يومها لم يصدر أي كتاب من هذا النوع

تحالف الاصلاح الانتخابي الذي يضم كل من الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية-لا فساد، الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيّاً، ومؤسسة مهارات، سارع إلى عقد اجتماع واصدار بيان عبر في خلاله عن "قلقه من جو التضييق المتزايد على المساحات العامة في لبنان وعلى حرية إبداء الرأي والتعبير بشكل عام، وآخرها التضييق الذي تمارسه هيئة الإشراف على الانتخابات في إطار تفسيرها الضيق لقانون الانتخابات لاسيما المادة 20 منه المتعلقة بمواكبة ومراقبة مجريات العملية الانتخابية من قبل المجتمع المدني"، كما دعا التحالف الهيئة إلى الشفافية في نشر كافة المراسلات والتنبيهات والمخالفات والقرارات والتعاميم المتعلقة بالعملية الانتخابية عملاً بقانون الحق في الوصول إلى المعلومات.

وبينما يعيش لبنان حالة من الترقب قبيل الانتخابات وما يترافق مع ذلك من نشر أخبار وشائعات عن أحداث أمنية قد تعطّل حدوثها، وفي وقت تشحن فيه أحزاب السلطة كل أدواتها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين بالوسائل الممكنة وغير الممكنة وعلى رأسها المال الانتخابي وسط تدهور حال اللبنانيين الاقتصادية أو الضغط عليهم بالطائفة والوظيفة كالمعتاد، تحاول جمعيات متخصصة تبيان هذه الأمور للرأي العام ومواكبة الحراك الانتخابي على امتداد لبنان.

الهيئة في إجازة

وحاول رصيف22 التواصل مع هيئة الإشراف على الانتخابات لتبيان موقفها ولماذا أقدمت على هذا الأمر، إلا أن الجواب كان أن "أعضاء الهيئة بدأت عطلتهم الخاصة بعيد الفطر وقبل ذلك لن يتمكنوا من التصريح".

في هذا السياق، يعتبر علي مراد المرشح إلى الانتخابات النيابية عن دائرة الجنوب الثالثة ضمن لائحة "معاً نحو التغيير"، قرار الهيئة "ضرب لجوهر فكرة مراقبة الجمعيات المدينة للانتخابات، إذ لا تستطيع الهيئة أن تأخذ القرارات وتحاول أن تطبق القانون في قراءة ضيقة له بوجه الجمعيات، دون أن تأخذ بعين الاعتبار روحية النص التي تهدف إلى توسيع المشاركة والرقابة المجتمعية على الانتخابات"، متمنياً عليها إعادة النظر في كتابها وموقفها من مهارات.

الانتخابات النيابية اللبنانية إن حصلت، ستكون أول انتخابات بعد انتفاضة 17 تشرين 2019، لكن يبدو أن السلطات اللبنانية لم تسمع مطالب الشعب يومها ونداءات الحرية التي أطلقها اللبنانيون، أو سمعت وأرادت قمع هذه الحريات بشتى الطرق، فمنذ 17 تشرين وحتى اليوم ارتفعت نسبة الاعتقالات الأمنية لناشطين مدنيين وصحافيات وصحفيين بتهم مختلفة، ما قد ينذر بأن خنق الحريات لا سيما لدى الأشخاص المستقلين أو المؤسسات المدنية ربما يكون مشابهاً في المشهد الانتخابي الذي يُعرض قريباً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard