شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
على مشارف الانتخابات النيابية... ما هي أسباب انضمام شباب لبنان وشاباته إلى الأحزاب السياسية؟

على مشارف الانتخابات النيابية... ما هي أسباب انضمام شباب لبنان وشاباته إلى الأحزاب السياسية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 18 نوفمبر 202105:41 م

تردّدت فيرا معوّض (26 عاماً) قبل الانخراط في العمل السياسي الحزبي في لبنان. إلى أن وصلت لنتيجة مفادها أنه في حال أرادت أن تغيّر الواقع اللبناني المعيوش ولو جزئياً، ينبغي لها ضم أفكارها إلى حزب يشبه تطلعاتها. تقول: "اعترفت لنفسي أنه يجب عليّ ترسيخ طموحاتي السياسية داخل حزب محدّد من دون أن أكون متعصّبة وراديكالية وغير نقدية. بل بالعكس يجب أن أحافظ على حقّي بالاعتراض أيضاً".

يضم النظام السياسي اللبناني عدّة أحزاب، منها الأحزاب التقليدية وهي أحزاب قوى السلطة والأحزاب المعارضة، والأحزاب المتجدّدة. في العام 2019، بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين/أكتوبر، شهدت الشوارع والجامعات ومواقع التواصل الاجتماعي نشاطاً سياسياً شبابياً وطلابياً لافتاً، كان قد خفت في السنوات السابقة، لكنّه عاد وسيطر ومدّ الساحة السياسة بنفس جديد.

تحت وطأة الانهيار الاقتصادي المرفق بمرحلة التحضير للانتخابات النيابية المقبلة، سألنا كوكبة من الشباب والشابات عن أسباب انضمامهم/ن للأحزاب السياسية في لبنان. تنوّعت الأجوبة بحسب كل فرد، وخلفياته،و رؤيته المستقبلية، والحزب الذي انتسب إليه أو بات داعماً له.

"حزب لا يحمل أوجاع الحرب الأهلية"

بعد أشهر من مشاركتها في تظاهرات 17 تشرين/أكتوبر قررت فيرا، وهي مسؤولة عن فريق في قسم حماية الأطفال في جمعية "كفى"، أن تنقل هذا الانخراط السياسي إلى حزب الكتلة الوطنية بعد أن وجدته حزباً وسطياً متجدّداً يحمل خطاباً يشبه تطلعاتها. فراحت تحضر الاجتماعات وتسهم في تقديم الأفكار إلى أن صارت عضوة في قطاع الشباب والطلاب. وهي ترى أن فعل الانضمام إلى حزب سياسي في لبنان ليس سهلاً للشباب والشابات. وذلك، لأنهم لم يتعلّموا أصول العمل السياسي ويحملوا نظرة سلبية تجاهه بسبب ممارسات الأحزاب التقليدية "التي دمّرت البلد بالمحاصصة والطائفية". وتؤكّد أن انضمامها للكتلة الوطنية جاء بعد بحث طويل إذ نبعت خطوتها هذه من إيمانها بوجود قوى شبابية قادرة على التغيير إذا ما تم استثمارها في حزب ناضج. تقول: "هذه ليست المرة الأولى التي أنخرط فيها بنشاط سياسي. كنت قد بدأت بحضور اجتماعات حركة الاستقلال في زغرتا حين كنت أبلغ من العمر 18 عاماً. اليوم، بعد كل هذه السنوات، تطوّرت نظرتي لعدّة مفاهيم وصرت أجد أن النشاط السياسي هو أن أكون قادرة على إحداث تغيير فعلي عبر تحويل المعتقدات التي أملكها تجاه لبنان إلى واقع سياسي معيوش. وتكمل: "لا يكفي أن نجلس وننتقد الأحزاب التقليدية بل يجب أن نواجهها بعدالة تمثيلية غير إلغائية كي تصبح وجهات النظر المختلفة متساوية".

تعبّر فيرا عن الراحة بوجودها داخل حزب سياسي في هذه الفترة الصعبة إذ بإمكانها أن "تضع خارطة طريق واضحة تسير فيها بعيداً عن حالة اليأس المعيوشة". تشرح: "أحارب الواقع من خلال نشاطي السياسي. هذه الأداة متوفّرة أمامي لأنّي أملك هامشاً واسعاً من الحرية داخل حزب الكتلة الوطنية، خصوصاً أن النشاط السياسي الذي نخلقه غير مرتبط بماض جماعي أليم. بل يقدّم لنا نحن الجيل الجديد الذي لا يملك ذاكرة سياسية مرتبطة بالحرب الأهلية، نوعاً من الشفاء السياسي".

"أهلي لا يؤيّدون حزباً سياسياً محدّداً، وخلال نشأتي طلبوا مني أن أختار من يمثلني بالمواقف، بناءً على قراراتي الشخصية. حين بدأت بقراءة تاريخ أحزاب لبنان السياسية، وجدت أن حزب القوات اللبنانية يمثّلني"

في الإطار عينه، يصرّح محمد سرحان، وهو منسّق ميداني في حزب الكتلة الوطني، أن الشباب والشابات يجدون صعوبة بالانضمام للأحزاب التي تتبنى أسلوب التلقين. ويفسّر: "الأحزاب التقليدية جرّدت العمل السياسي من مفهومه الحقيقي، إذ لا يوجد إشراك تفاعلي مع كافّة الأفراد أو تنوّع. فالزعيم الذي يملك السلطات التنفيذية والتشريعية يقرّر، وكل من يتبعه ينّفّذ. هذا الأسلوب لا يتم اعتماده في حزب الكتلة الوطنية. فمنذ أن برز خطابنا لدى فئة الشباب في العام 2019، ولاحقاً حين تم إنشاء قطاع الشباب والطلاب وارتفعت نسبة الانتساب، نعتمد على الأفكار التي تصلنا من الجيل الجديد، وعلى معاركه المتنوّعة وعلى أساسها نضع الخطط السياسية والعناوين العريضة، ومنها نعود وننطلق إلى صنع القرارات. وهكذا، نخلق كوادر شبابية واعية وفاعلة تضع هي الخطّة وتنفّذها، وتتحضّر لتكون مؤهّلة في مرحلة لاحقة لاستلام الملفات الأساسية، وتطوير مبادىء الحزب في المستقبل".

"تحوّل الفرد إلى قوة ضاغطة"

يعتبر أحمد كايلو (23 عاماً)، وهو ابن مدينة صيدا، أنه في ظل الوضع القائم، لن يتمكّن وحده من الضغط على الأشخاص أو المصادر التي تؤمن احتياجات المواطنين في ظل غياب مؤسسات الدولة. يشرح: "في مدينة صيدا، وفي فترات انقطاع المياه لن أتمكّن من الوقوف في وجه أصحاب الساتيرنات (خزانات المياه المتنقلة) والاعتراض على الأسعار المرتفعة، لكننا كلجان شعبية يمكننا مواجهتهم وحتى مقاطعتهم. وهكذا أتحوّل من كوني مجرّد فرد إلى قوّة ضاغطة قادرة على إحداث تغيير، بسبب انضمامي إلى مجموعة منظّمة".

قبل العام 2019، لبّى أحمد دعوات التنظيم الشعبي الناصري في مدينة صيدا وشارك في التظاهرات الاحتجاجية. بعد العام 2019، وتحديداً بعد انتفاضة 17 تشرين/أكتوبر، قرّر أن ينتسب إلى التنظيم، والسبب بحسب قوله، هو أن خطاب النائب أسامة سعد لم يتبدّل. يقول: " التنظيم الشعبي الناصري حزب سياسي معارض لأساليب السلطة الحاكمة، قولاً وفعلاً". ويصرّح أن هذه المرة الأولى التي ينخرط فيها بتنظيم سياسي. وما الأسباب التي دفعته نحو هذه الخطوة؟ يجيب: "أردت أن أحوّل رأيي من كونه مجرّد رأي فردي إلى رأي سياسي فعّال في المجتمع يتم تمثيله من خلال حزب سياسي يملك مساراً واضحاً، ولديه قدرة على ضم صوتي إلى الحكم والعمل على تحسين الواقع".

 "أتحوّل من كوني مجرّد فرد إلى قوّة ضاغطة قادرة على إحداث تغيير، بسبب انضمامي إلى مجموعة منظّمة"

ويرى أحمد الأشقر، وهو أمين سر المكتب الطلاّبي في التنظيم الشعبي الناصري، أن الشباب، هم الفئة الأكثر تهميشاً على الصعيد السياسي في لبنان. يشرح: "كلما ازدادت سطوة السلطة تراجعت فرص الشباب والشابات الذين صار همّهم الوحيد الرحيل عن البلد للحصول على فرص عادلة بالحياة من خلال الهجرة الشرعية أو غير الشرعية".

ويؤكد الأشقر أنه على الرغم من الصعوبات التي واجهوها مع فئة الشباب، ارتفعت نسبة انتسابهم منذ العام 2019. يقول: "تطّلّب منّا الأمر الكثير من الجدال والجلسات لإقناع الشباب بأن الهجرة ليست الخلاص بل الحل يكمن ببناء دولة مدنية تراعي ظروف الوطن، وأن هذه الدولة لا تُبنى إلا من خلالهم عبر خلق وجهات سياسية مطلبية بامتياز بعيداً عن دولة المحسوبيات".

ويلفت إلى أن الشباب، مع الوقت، اقتنعوا بدورهم الذي بإمكانهم ممارسته، ومنهم من وجد بالتنظيم الشعبي الناصري حزباً يمثّلهم، لأنه حافظ عبر السنوات على ثوابته ومنهجه. ويختم: "هدفنا يكمن في تحويل الطاقات الشبابية الأساسية داخل كل حزب ينوي الاستمرار، إلى مواجهة سياسية فعلية. كذلك نعمل على أن تتوسّع الكتلة الشبابية كي تصبح قوّة وازنة قادرة على تشكيل ضغط على الفساد القائم. ابتداءً من المنزل والعائلة وصولاً إلى الانتخابات. وهذا ما نشهده حالياً".

"نهج حركة أمل ما تغيّر"

"الواقع يقول لنا إننا في حال لم نتكاتف ونلتزم بخطّنا السياسي وبمبادئنا، سنموت ببطء شديد في البلد الذي ينهار لعدة أسباب".

هكذا تصف مريم ي. (22 عاماً)، وهي طالبة حقوق الوضع العام في لبنان، وهكذا تفسّر أسباب انضمامها إلى حركة أمل. تكمل: "أغلب أفراد عائلتي ينتمون إلى الحركة من خلال التأييد أو من خلال الانتساب. ولطالما حملت وراثياً نهج الحركة في داخلي، لكنّي حين كبرت اتّخذت قرار الانتماء للحركة بقرار صادر عن قناعاتي فقط".

كانت تصنّف مريم نفسها على أساس أنها ليست متحزّبة، بل داعمة لخطّ الحركة والمقاومة. لكن في العام 2020 مع بداية الانهيار الاقتصادي قرّرت أن لا تقف على الحياد. تشرح: "أفراد عائلتي استطاعوا أن ينتجوا وأن يكونوا حاضرين في حياتنا الخاصة والاجتماعية لأن انتماءهم الحزبي الذي سلكوه أمّن لهم حقوقهم. ونحن تلقائياً، الجيل الجديد، حصلنا على حياة أفضل من تلك التي عاشوها هم. لذلك، حين بدأت الانتفاضة وبدأ الخطاب التعميمي الشمولي يتناول كل الأحزاب القديمة وكل الأفراد الداعمين لها، قرّرت أن أنشط سياسياً ضمن محيطي، ابتداءً من الجامعة. والهدف الأساسي كان أنه لا يمكن لأي طرف أن يلغي الآخر، ولي الحق برفع صوتي والمطالبة بالحقوق نفسها لكن بالأسلوب الذي يناسبني".

تؤكّد مريم أنها مثلها مثل الجميع تعاني من ذيول الانهيار الاقتصادي، وأن لديها مطالب معيشية محقّة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال العمل السياسي المنظّم. وتعتبر أن كل من لا يشارك في ظل الأزمة الحالية بالعمل السياسي أو بالانتخابات القادمة، هو مسؤول ولو جزئياً عما سيأتي لاحقاً. تشرح: "يمكنني أن أنادي من اليوم حتى نهاية العمر بمطالبي وأن أكتبها وأرفعها في التظاهرات وعبر مواقع التواصل، وكل هذا لن يؤدي إلى ذرّة تغيير واحدة. الحل الوحيد هو عبر نقل هذه المطالب إلى مكان أكبر قادر على جعلها حقيقة، وتوحيدها مع جميع الفئات الاجتماعية، وهذا ما نفعله نحن كشباب وشابات داخل حركة أمل".

"حين بدأت الانتفاضة وبدأ الخطاب التعميمي الشمولي يتناول كل الأحزاب القديمة وكل الأفراد الداعمين لها، قرّرت أن أنشط سياسياً. والهدف الأساسي كان أنه لا يمكن لأي طرف أن يلغي الآخر"

ويفيد الدكتور علي ياسين، وهو مسؤول مكتب الشباب والرياضة المركزي في حركة أمل، أنه في السنوات الأخيرة شهدت الحركة ارتفاعاً في معدّل انتساب الشباب والشابات إلى صفوفها، وتحديداً في الجامعات. لافتاً إلى أن "الطلاب ينتسبون إلى الحركة دون أن يكونوا قد نشأوا في منازل حركية". وذلك، لأنهم بحسب تعبيره يشعرون أن باستطاعتهم تحقيق ذاتهم وتطلعاتهم المستقبلية من خلال وجودهم في الحركة الساعية لتأمين طموحاتهم .

ويشير ياسين إلى أنه على صعيد مكتب الشباب والرياضة، جرت منذ بداية الأزمة حوارات مع الجيل الجديد مبنية على الوقائع. يقول: "على الرغم من أن حركة أمل موجودة على الساحة السياسية منذ أكثر من أربعة عقود، لكنّنا في خطابنا مع الجيل الجديد الذي نعتمد عليه وعلى نبضه، ننطلق من تاريخنا ونسعى إلى أن تصب النتيجة في صلب القضايا التي يُعنى بها. إضافة إلى سعينا لتحويل التحديات الراهنة إلى فرص جديدة نسلكها بهدف تحسين الوضع عبر اعتماد حوار جريء مع الشباب والشابات يتم من خلاله تشكيل وعي جديد وقدرة على التطوّر، ضمن تمسّكنا بمبادئنا".

"حزبي ما بدّل قضيته"

تحكي نيكول ق. (21 عاماً)، وهي طالبة صحافة، أنها تعيش ضمن عائلة تتمتّع بحس نقدي، وترفض أن يتبع أبناؤها الأحزاب السياسية على أسس طائفية أو تأثّراً بالبيئة العامّة. وتقول: "أهلي لا يؤيّدون حزباً سياسياً محدّداً، وخلال نشأتي طلبوا مني أن أختار من يمثلني بالمواقف، بناءً على قراراتي الشخصية. حين بدأت بقراءة تاريخ أحزاب لبنان السياسية، وجدت أن حزب القوات اللبنانية يمثّلني. وعلى الرغم من عدم انتسابي إليه أؤيّد مواقفه ورئيسه وقضيته التي لم تتغيّر مع مرور الزمن، وبالتالي، أؤيّد مشاريعه والخطط التي تصدر عنه".

تضيف نيكول أن سمير جعجع هو السياسي الوحيد في لبنان الذي يفكّر بمصلحة الوطن على الصعد المحلية الاقليمية والدولية. تشرح: "لست تابعة، بل مؤيّدة. وبالتالي أؤيد ما أراه من مصلحة الوطن وأنتقد كل عائق يقف في وجه هذه المصلحة. حتى اللحظة، أرى أن جعجع هو السياسي الوحيد الذي يتمرّد على الوضع القائم. ومن خلال تأييدي له، أكون قد أدّيت واجبي تجاه وطني".

وتتابع: "في ظل الانهيار الحالي، زمن الاحتلال السوري – الايراني، أنا داعمة للحزب الوحيد الحر من خلال نشاطي السياسي، وساعية إلى التغيير والاصلاح، وإلى بناء وطن يناسب كل الشباب اللبناني من مختلف الخلفيات، بعيداً عن السلاح المتفلّت والسيطرة الخارجية.

"حزب الله برهن خلال الأزمة الاقتصادية الحادّة أنه الوحيد القادر على انتشال الناس من مصائبها، "كل الناس وليس فقط الشيعة" 

ويشرح مسؤول مصلحة الطلاب في حزب القوات اللبنانية، طوني بدر، أسباب انضمام الشباب إلى الحزب: "يرى الشباب اللبناني بحزب القوات اللبنانية الثورة الدائمة. فأداء القوات خلال فترة الحرب، ومن ثمّ لدى مواجهة الاحتلال السوري ولاحقاً في 14 آذار وصولاً إلى الساحات، هو أداء غير تقليدي وثائر، يعكس صورة مقاومة لا تساوم أبداً، وبعيدة عن أحزاب الزبائنية والمحاصصة. بالإضافة إلى أن رئيسه سمير جعجع لم يأت من عائلة إقطاعية أو ثرية ولم يرث لقبه السياسي، عدا أن "القواتيين" يشعرون أن الوصول إلى المراكز داخل الحزب يتحقّق من خلال التزامهم العمل وبناءً على جدارتهم.

ويلفت طوني إلى أن ما يبهر الشباب، ويجعلهم يؤمنون بوطن أفضل من خلال حزب القوات، هو أن الحزب أتبع خلال العقد المنصرم آداءً غير تقليدي في الحكم ولم يتورّط في ملفات الفساد، وهذا الأداء يمثّل أحلامهم التي يودّون تحقيقها. ويشير إلى أن كل طالب في بداية عمله السياسي يطمح إلى تغيير الوضع القائم. ضمن القوات اللبناية يشعر الطلاب أنهم في جسم صلب ومتماسك يسمح بتحقيق هذا التغيير على الرغم من الاختلافات التي قد تحصل.

وعن الدور الأساسي الذي يلعبه الجيل الجديد داخل حزب القوات، يقول: "قوّة القوات هي الدمج بين حماس الشباب وثورتهم وطموحاتهم وخبرة الجيل الأكبر الواعي المدرك خياراته، وهذا ما ستتم ترجمته في الانتخابات، فالشباب بخطابهم السياسي الحديث سيطالون شريحةً اكبر من الناس، إضافة إلى عملهم على الأرض وعلى مستوى الماكينة الاعلامية. والتكامل بين الأجيال في حزب القوات هو ما يؤدّي إلى نجاحه على جميع الصعد".

"دعم تام لحزب الله"

"بيئتي هي المقاومة، وما بيوم غيرتها. انتقدتها وبعّدت عنها؟ نعم، بس ما غيرتها". هكذا يبدأ حسام (24 عاماً – اسم مستعار) حديثة عن انتمائه الحزبي.

يحكي حسام الذي ولد في منطقة البقاع الغربي في لبنان أنه كبر وهو ينظر إلى صور الشهداء الذين ماتوا للدفاع عن أرضهم، أي أرضه هو أيضاً. ولاحقاً، انضمّ إلى نهجهم من خلال انخراطه في العمل السياسي المنظّم. يقول: "لا أعرف ولا أريد أن أعرف حزباً غير حزب الله، لأنه الحزب الوحيد الذي يمثّل كل ما هو حقيقي في لبنان والمنطقة. وكل ما أقوله الآن نابع عن تجربة. فأنا سمعت الخطب، وقرأت الخطط السياسية ووجدت كيف أنّها تتطابق مع الواقع وتخلو من الوعود الكاذبة".

في العام 2019، شارك حسام في انتفاضة 17 تشرين/أكتوبر لأن "الوضع ما كان بيحمل وبعده ما بيحمل". وقتذاك، كان لدى حسام انتقادات كثيرة بشأن العمل السياسي داخل الحزب. يضيف: "الفساد كما في كل الأحزاب، دخل إلى خط المقاومة، وهذه الحقيقة يجب أن تُحكى. وأعتقد أن القيادات سعت إلى التغيير بعد مشاهدتها ردود فعل الموالين".

يعتبر حسام أن الأخطاء التي ارتكبها بعض الأفراد أو الجهات السياسية، لا تمثّل حزب الله، وأن الحزب برهن خلال الأزمة الاقتصادية الحادّة أنه الوحيد القادر على انتشال الناس من مصائبها، "كل الناس وليس فقط الشيعة" بحسب قوله. ويتابع: "اكتشفت مع الوقت أن كل الشكوك التي راودتني لم تكن واقعية، وأن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله حين يتوجّه لنا بخطبه مدرك لكل ما يحدث في الكواليس، ودائماً يتبيّن أنه على حق".

ويختم: "رأيت الحزب يُنشىء بطاقات لإطعام الناس، ويكسر الحصار عبر استقدام باخرة المازوت من إيران، ويؤمّن الطبابة والإعاشات والتعليم والمال لكل محتاج. ولا يسمح لشعبه بأن يجوع. منذ سنوات يقوم حزب الله بالعمل الذي من المفترض أن تقوم به مؤسسات الدولة. لماذا؟ لأنه فعلاً يكترث للنّاس، وهذا السبب أكثر من كاف لكي اتبعه في المنزل والشارع والجامعة وفي الانتخابات المقبلة".

"لا يكفي أن نجلس وننتقد الأحزاب التقليدية بل يجب أن نواجهها بعدالة تمثيلية غير إلغائية كي تصبح وجهات النظر المختلفة متساوية"

ويكشف مصدر مقرّب من الحزب أن الأخير لا يسعى إلى استقدام الشباب والشابات، بل هم وحدهم يأتون إليه في ظل الوضع القائم إذ اكتشفوا أنّه الحزب الوحيد القادر على حمايتهم في الواقع وليس بالشعارات، من النواحي المعيشية والمادية والأمنية. ويشرح: "كما كل الأحزاب الموجودة في لبنان، حين يقرّر الشباب الانتساب إلى حزب الله يبدأون بحضور الندوات الثقافية والالتزام بمبادئ الحزب، ويشاركون بالنقاشات. وغالباً ما يكونون قد نشأوا في بيئة المقاومة، وقرّروا إكمال مسيرتهم معها وتطويرها".

ويضيف المصدر: "لطالما كان الحضور الشبابي بارزاً وأساسياً داخل الحزب، وخلال السنوات الأخيرة ازداد قوّة وحضوراً. طبعاً، أثّر الانهيار الاقتصادي ودفع بالبعض إلى البحث عن خطّ سياسي يحميهم ويمثّلهم، لكن غالبية الشباب الذين يعلنون تأييدهم للحزب يحملون عقيدته بداخلهم، ومن خلال العمل السياسي المشترك والفعّال معهم نعمل على إبرازها وتطويرها ما داموا يرغبون في ذلك".

اختلفت وجهات النظر والأساليب المتّبعة، لكن النتيجة توحّدت. غالبية الشباب اللبنانيين يطالبون بحقوقهم المعيشية وبمستقبل أفضل في بلدهم. ويجدون في الأحزاب السياسية التي انتموا إليها فطرياّ أو بقرار شخصي وسيلة أساسية للتعبير عن أنفسهم. ويعتبر بعضهم أنه من خلال الأحزاب فحسب، يمكن إحداث تغيير وعمليات خرق.

هذا الموضوع تم إنتاجه بدعم من برنامج النساء في الأخبار التابع للمنظمة العالمية للصحف وناشري الأنباء "وان-ايفرا


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image