شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"سقف التوقعات قد يقلّ"... عن ضرورة عدم اعتبار الحقوق "امتيازات" بين الشريكين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الجمعة 22 أبريل 202211:06 ص

أول قصة: هو فعلياً حبيبي بس الطريقة اللي سندني فيها وقت ما كان عندي تكيّس في المبايض والطمأنينة اللي وضعها في قلبي لا توصف.

ثاني قصة: أكبر دعم كان من جوزي بعد الولادة والاكتئاب. كان جنبي وشال معايا كتير واستحملني وساعدني مع البيبي فوق ما كنت أتوقع. كمان دخوله معايا الولادة القيصرية بالرغم من خوفه من العمليات. صحيح داخ في النص وطلع بس يكفي المحاولة.

ثالث قصة: وقت اختيار وسيلة منع الحمل، كان حريص جداً يتطمن من أنه مش هيكون ليها أي آثار جانبية على صحتي النفسية والجسدية.

رابع قصة: زوجي شجعني في قرار الرضاعة الطبيعية وساندني في إني أستخدم cover الرضاعة وأرضع في الأماكن العامة.

خامس قصة: هو اللي ساعدني أتعافى نفسياً بعد تجربتين إجهاض.

سادس قصة: كان يجيني الجامعة مع طفلتنا لإرضاعها في السيارة ويرجعها المنزل وأكمل يومي الجامعي.

سابع قصة: عندي التهابات وبعالجها ولما قلت لخطيبي ممكن تطول للفرح قالي متفكريش في حاجة ودي حاجة ما بيننا. لما كنا بنختار وسيلة منع الحمل قلتله إن الحبوب ممكن تتسبب في الاكتئاب وتزوّد الوزن قالي متشيليش هم وإننا ممكن نستخدم الواقي الذكري.

ثامن قصة: كنت في فترة اكتئاب بسبب أنه وزني زايد جداً وحكيتله، قالي جميلة طول الوقت ومش محتاجة حاجة معينة علشان أكون حلوة.

تاسع قصة: وافق أننا نستخدم الواقي الذكري من أول يوم جواز وسايبني على راحتي لما أحس إني قادرة أجيب أطفال ونتحمل مسؤوليتهم سوا.

وُردت هذه القصص في إطار مبادرة "احنا الاتنين" التي حملت شعار "أنا في ضهرك" والتي أطلقتها في 18 نيسان/ أبريل منصة "This is mother being" المعنية بتوعية النساء في ما يتعلق بأجسادهنّ.

عن أسباب إطلاق مثل هذه المبادرة، ذكرت المنصة أن "الهدف من أي علاقة إنسانية مبنية على الاختيار هو أن يضيف كل طرف جانباً مشرقاً لحياة الآخر، ولكن هذا لا يعني أن دور شريك الحياة مقتصر على اللحظات الجميلة فقط، وإنما العكس، الدعم والمساندة خلال الأوقات الصعبة هما الأساس الذي نبني عليه علاقة تستمر سنوات طويلة. وفي غياب هذين العنصرين، تكون العلاقة حملاً على أحد الطرفين ونوعاً من الاستغلال من الطرف الآخر".

ولفتت المنصة إلى الأفكار التي وصفتها بـ"المدمرة"، والتي تروّج لها بعض المجتمعات العربية، كـ"المثل الذي يقول 'ضل راجل ولا ضل حيطة'، الذي يُضلل النساء ويوهمهن بأن مهما ساءت علاقتهن بأزواجهن، عليهن التحمل، لأن هذا أفضل من 'العنوسة'، وأيضاً فكرة 'ضرب الحبيب زى أكل الزبيب' التي تصوّر أن 'الحب' مبرر 'للعنف'"، بحسب ما ورد على حسابات المنصة بمواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت أن الهدف من نشر القصص أعلاه هو إبراز الأمثال الإيجابية للعلاقات الصحية القائمة على الدعم والمساندة، وسعي المبادرة إلى نشر الثقافة والوعي لحماية المرأة وتعريفها بحقوقها. وذكّرت المنصة النساء والفتيات بأن كلاً منهنّ تستحق "شريكاً داعماً يحترم الأفكار والمشاعر والقرارات".

لاقت المبادرة تفاعلاً واسعاً عبر المنشور على انستغرام، كما تفاوتت الآراء ما بين إعجاب كلّي وطرح تساؤلات مثل: لماذا تُقدم الأفعال البديهية على أنها إنجازات؟ ولماذا تستخدم نساء هذه اللغة التي تتضمن شعوراً بعدم الاستحقاق؟

حاول رصيف22 التواصل مع المنصة ولكنه لم يتلقَ رداً. في هذا التقرير نحاول مناقشة المبادرة من زوايا عدّة تتضمن ما أهمية إطلاق مثل هذه المبادرات إلى جانب الحديث عن أخطاء ربما وقعت فيها المنصة بغير قصد.

"خوف من الزواج"

من المعلقين على المبادرة الشابّة السورية روزا علوش التي قالت إن مثل هذه المنشورات يشعرها بـ"أمان أكثر وخوف أقل" تجاه الزواج.

وفي حديثٍ معها، قالت إن الأخبار المتداولة بشكل شبه يومي عن زوج يقتل زوجته أو زوجة تقتل زوجها أو عن خيانة البعض أو بخله سواء كان مادياً أو عاطفياً، كل هذه الأمثلة وغيرها ساهمت في خلق مخاوف لدى النساء.

تضيف أن هناك من تعتقد أن "الزواج هو ما تراه ما بين والديها حصراً أو ما بين شقيقها وزوجته على سبيل المثال"، مشيرةً إلى أن البيت بلا شكّ يؤثر على المرء.

"قلّة ثقة وعدم استحقاق"

ومن المعلقين على المبادرة أيضاً ليان، وهي طبيبة ليبية. كتبت أن بعض الأمثلة الواردة ضمن المبادرة هي بديهية: "فكرة الاتفاق على وسيلة منع الحمل ما فيها أي تنازل من طرف الرجل!".

تشرح: "لا توجد بطولة في بعض ما ذُكر، وعدم وعي المرأة بأبسط الحقوق سيجعلها الطرف المستنزف في العلاقة لأنها ستحمل كل شيء وحدها، وسيكون منتظراً منها التصفيق لشريكها عند المساعدة"، على حد قولها.

وتقول: "أزعجني عدم وعي بعض البنات في القصص، أو بالأحرى عدم وعيهن بأخذ حقوقهن بثقة وشعور بالاستحقاق". من جانب آخر، أحبّت ليان فكرة طرح القصص من وجهة نظر إيجابية، لافتةً إلى أنه إلى جانب أنها تزيد من وعي الناس، قد تدفعهم إلى خلق حلول وكذلك إلى الإيمان بإمكانية التغيير.

"لا توجد بطولة في بعض القصص المذكورة، وعدم وعي المرأة بأبسط الحقوق سيجعلها الطرف المستنزف في العلاقة. أزعجني عدم وعي بعض البنات في القصص، أو بالأحرى عدم وعيهن بأخذ حقوقهن بثقة وشعور بالاستحقاق"

"لا يمكننا اعتبار أن الشيء البديهي هو بديهي لكل الناس"

على عكس روزا، تقول السيدة اللبنانية أمل المشرفية، المتابعة للمبادرات الحقوقية وما يتعلق بحب الذات، إن المبادرة ملفتة، "أحببت فيها كيف تُظهر علاقة الشخصين المتزوجين على أنها شراكة وليست تقسيم مسؤوليات حصرية يتحملها كل طرف وحده"، معتبرةً أنه حينما يقرر شخصان الزواج عن وعي ويختاران عيش حياة مشتركة، فنجاح هذه الحياة تكون أساسه المشاركة الفعلية والمساواة.

تعليقاً على من اعتبر الأفعال الواردة في القصص "أفعال بديهية"، تقول: "لا يمكننا اعتبار أن الشيء 'البديهي' هو 'بديهي' لكل الناس"، مشيرة إلى أن التوعية وتبادل الأفكار مطلوبان دائماً وعلينا نشرهما على أوسع نطاق. وتحدثت عن نقطة لافتة متعلقة بالتنافس عند الرجال: "الرجال بطبعهم تنافسيين وممكن بس يسمعوا ويقرأوا هيك شغلات يحبوا إنّو يعملوا متلها ويشوفوا إنّو ما فيها انتقاص من 'الرجولة'، بل بالعكس".

وفي حديثنا عن اللغة المستخدمة في بعض القصص، "شال معايا كتير واستحملني" على سبيل المثال، وعن كيف يمكننا تربية أجيال لا تشعر بأن ما يُقدم من قبل الشريك هو "امتياز"، قالت: "التربية يجب أن تكون على مبدأ إنك تُربي إنسان يعرف حقوقه وقيمة نفسه، بغضّ النظر إذا كان أنثى أو ذكر، والخروج عن النمطية السائدة بأن المرأة هي الزوجة والأم والأب هو المعيل، وأنه إذا شارك زوجته في حمل المسؤوليات المتعلقة بالأولاد فهذا يُعتبر إنجازاً. مع العلم أنه من المألوف جداً بالنسبة للمرأة العاملة أن تتحمل مسؤوليات وظيفتها وبيتها وأولادها".

وتابعت أن هذا النوع من التعليم يجب أن لا يقتصر على التربية البيتية فقط، وإنما تكون أيضاً جزءاً من المواد التعليمية والنماذج الموجودة بالكتب والقصص حتى تخلق عند البنات والأولاد صورة عن طبيعة العلاقة الصحية والسليمة والمعنى الحقيقي لمفهوم "شريك الحياة".

اعتبرت أمل أنه من اللافت "استحمال" الزوج لزوجته التي حملت طفلهما تسعة أشهر وتحمّلت آلام الولادة مع كل التغيُّرات والصعوبات التي تمر بها لتحقيق ما يُعتبر "الجزء الأهم بالزواج"، وهو تكوين عائلة، متسائلةً: "يعني هو كزوج كيف بيلعب دوره كأب؟ بس بتأمين المال؟".

وقالت إن مثل هذه المشاعر المتعلقة بعدم الاستحقاق لدى بعض النساء، قد يعود إلى النمطية التي تربت عليها كثيرات، ونظرة المجتمع لدور المرأة/الرجل، التي تدفع المرأة لاعتقاد أن أي جهد إضافي إيجابي يقوم به الرجل خارج نطاق المعروف والمألوف يجب أن يُشكر عليه، رغم أن ما يقوم به هو فعلياً في إطار دوره كأب وزوج.

"أعتقد أننا كبرنا بشكل عام والعلاقات في نظرنا مشوهة. نادراً ما تكون لدينا أمثلة لعلاقات صحية في دوائرنا. وحينما نراها يتم توجيه الاتهامات للزوجين من قبيل 'زوجها مدلعها' و'مراته مسيطرة عليه'، وربما لهذا يشعر البعض بالتفضّل رغم أن مثل هذه التصرفات عاديّة، وغيابها يشير إلى خلل في العلاقة أساساً"

"لم يشر لنا أحد على مثل هذه التصرفات"

في السياق ذاته، يرى أحمد جمال وهو شاب مصري متابع للقضايا الحقوقية، أنه من المهم نشر مثل هذه الأمثلة لأنها تُشعر القارئ بأنها فعلاً "عادية وموجودة" وهي بمثابة مؤشر إلى أن هذا ما يحدث ضمن العلاقات الصحية، مضيفاً أنه لا بد من وجود أمثلة يقتدي بها البعض، وخاصةً هؤلاء الذين لم يسبق لهم رؤية مثل هذا في محيطهم. فمثل هذه القصص ربما تكون مرجعاً للبعض.

ووصف القصص باللطيفة رغم أنها بديهية "بس مش متوقعة في مكان زي اللي عايشين فيه للأسف". يشرح: "بعضنا لا يتربّى على مثل هذه الأفعال منذ الصغر، ولم يشر لنا أحد عليها في البيت أو في الشارع أو الأفلام والمسلسلات. أعتقد أننا كبرنا بشكل عام والعلاقات في نظرنا مشوهة. نادراً ما تكون لدينا أمثلة لعلاقات صحية في دوائرنا. وحينما نراها يتم توجيه الاتهامات للزوجين من قبيل 'زوجها مدلعها' و'مراته مسيطرة عليه'، وربما لهذا يشعر البعض بالتفضّل رغم أن مثل هذه التصرفات عاديّة، وغيابها يشير إلى خلل في العلاقة أساساً".

ويؤمن أحمد بـ"المشاركة في الشراكة"، قال إن ما يقوم به تجاه شريكته هو "بدافع الحب والشراكة"، وأنه تعلم مع الوقت أن المشاركة بالشراكة أهم شيء لأنها تقوّي العلاقة وتبني جسر تشارك واهتمام بالآخر، وهو ما يُردّ عليه إيجابياً، فيصبح الموضوع نمطاً من الأخذ والعطاء.

ورأى أن "الحرمان" هو ما يدفع البعض لاستخدام كلمات مثل "استحملني" أو "وافق على كذا وكذا" وبغياب مثل هذه التصرفات، يُصبح من يفعلها وكأنه يقدم امتيازاً رهيباً.

"لا يوجد كتالوغ للدعم، ولا مسطرة تمشي عليها الناس. قد يختلف من شخص إلى آخر. ولكن أهم شيء ألا نرى البديهيات كنوع من أنواع الدعم لأن هذا يُقلل من سقف طموحات البنات والسيدات في العلاقات بشكل عام"

"سقف التوقعات قد يقل"

أما الناشطة الحقوقية المصرية سالي يسري عزيز، فترى أن "التوعية هي أهم سلاح ضد جهل الستات/البنات بحقوقهن في العلاقات. ولكن بعض الاقتباسات كانت تحتوي على بديهيات لا تنطلق بكونها إنجازات للرجل في أي علاقة كاستخدام الواقي الذكري مثلاً!". وهذا ما جعلها تستهجن "بروزة" بعض القصص البديهية من قبل المنصة التي أطلقت المبادرة.

ومن القصص الملهمة لسالي كانت القصة الخامسة والدعم النفسي الذي تلقته الزوجة من زوجها عقب تجربتين إجهاض. تشير إلى أن هذا هو دور "الشريك"، وأنه بإمكاننا الحديث عن الأدوار التي قد يقوم بها الشريك بدلاً من بروزتها كإنجازات، لأن "سقف التوقعات قد يقل حينما نرى مثل هذه الأفعال على أنها إنجازات".

أشارت إلى أنها لا تمانع من تذكير البنات والنساء دوماً على مختلف المنصات بأن كلاً منهن تستحق وجود شريك داعم، ولكن لديها مشكلة في استخدام عبارة "أنا في ضهرك". تشرح: "يراها البعض كنوع من أنواع الدعم، بينما الدعم بالنسبة لي هو 'أنا معاكي' وليس أنا في ضهرك'. ولكن هذه النقطة ليست محورية…".

وأضافت: "لا يوجد كتالوغ للدعم، ولا مسطرة تمشي عليها الناس. قد يختلف من شخص إلى آخر. ولكن أهم شيء ألا نرى البديهيات كنوع من أنواع الدعم لأن هذا يُقلل من سقف طموحات البنات والسيدات في العلاقات بشكل عام، خاصةً حينما نشارك مثل هذه القصص على مثل هذه المنصات".

وختمت: "المشكلة أن التوقعات/ المعايير منخفضة جداً، ولهذا، حينما يقوم الرجل بما هو 'طبيعي'، يقال له 'برافو!' بينما لا يُقال 'برافو' للمرأة التي تفعل الشيء ذاته. لماذا نقول برافو؟ لأن التوقعات منخفضة جداً".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image