أسقطت محكمة إسرائيلية ملف "الإرهاب" عن الأسير الفلسطيني أحمد مناصرة، في خطوة من شأنها التمهيد لنظر طلب فريق دفاعه الإفراج المبكر عنه بعدما قضى أكثر من ثلثي مدة محكوميته، وفق ما صرّح به محاميه خالد زبارقة.
وعقدت محكمة بئر السبع المركزية، الواحدة ظهر الأربعاء 13 نيسان/ أبريل، جلسة استئناف خاصة، طلب الإفراج الفوري عن مناصرة (20 عاماً) بعدما قضى سبع سنوات من أصل تسع ونصف حُكم عليه بها في العام 2017.
وبدأت الشهر الماضي حملة تضامن واسعة، عبر الإنترنت، للمطالبة بالإفراج الفوري عن مناصرة أطلقتها "الشبكة الفلسطينية العالمية للصحة النفسية" إثر تقارير حول تدهور حالته النفسية والعقلية. وشهدت الحملة تفاعلاً مكثّفاً خلال الساعات الماضية، مع قرب انعقاد جلسة الاستئناف. كما وقّع نحو 200 ألف شخص على عريضة تطالب السلطات الإسرائيلية بإطلاق سراحه.
بعدما أصبح "إنساناً بلا روح" ويسأل محاميه "متأكد أن الانتحار حكمه حرام؟"... محكمة إسرائيلية تُسقط ملف الإرهاب عن الأسير المقدسي #أحمد_مناصرة، وهو ما يسمح بالتقدم بطلب للإفراج المبكر عنه عقب قضائه ثلثي محكوميته
"الطفل الأسير"
تعود قصة مناصرة إلى العام 2015، حين اعتقل وهو لا يزال ابن الـ13 ربيعاً. كان مناصرة آنذاك طالباً بالصف الثامن في مدرسة الجيل الجديد في القدس. علماً أن مناصرة، المولود بالقدس في كانون الثاني/ يناير 2002، هو بكر شقيقيه وشقيقاته الخمس.
كان مناصرة واحداً من مئات الأطفال بالقدس الذين اعتقلوا مع بداية "هبة القدس الشعبية" التي خلّفت 347 شهيداً و15 ألف معتقل وهدم 1572 منزلاً ومنشأة.
في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 تحديداً، شاهد مناصرة ابن عمه حسن وهو يقتل على مرأى منه برصاص الجنود الإسرائيليين، بينما تعرض هو إلى تنكيل وحشي من قبل المستوطنين.
وانتشرت آنذاك مقاطع فيديو توثق مشهد مناصرة وهو ملقى على الأرض يتألم جراء إصابته، فيما الجنود الإسرائيليون يحاولون تثبيته على الأرض والتنكيل به.
التعاطف العالمي مع الطفل الفلسطيني لم يشفع له إذ اعتُقل ذاك اليوم وخضع لتحقيق تعرض خلاله لتعذيب جسديّ ونفسيّ حتّى أثناء تلقّيه العلاج في المستشفى. سُرّب مقطع مصور لعملية التحقيق الترهيبية للطفل آنذاك، واشتهرت عبارته وهو يرد على المحقق: "مش متذكر".
جراء التعذيب أُصيب الطفل الأسير بكسر في الجمجمة، وأعراض صحية أخرى خطيرة. برغم ذلك، أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً ضده بالسجن 12 عاماً وتعويض بقيمة 180 ألف شيكل (نحو 56 ألف دولار أمريكي) لإدانته بـ"محاولة قتل اثنين من المستوطنين وحيازة سكين"، وهو الحكم الذي خُفف لاحقاً إلى تسع سنوات ونصف.
في حين لا يُعد قرار المحكمة الإسرائيلية، إسقاط ملف "الإرهاب" عن مناصرة، قراراً جوهرياً، إلا أنه يمهد إلى تقديم طلب بالإفراج المبكر عنه أمام لجنة مختصة بنظر مثل هذه الطلبات
وكانت السلطات الإسرائيلية قد احتجزته عامين في مؤسسة للأحداث في ظروف صعبة وقاسية، وذلك قبل نقله إلى سجن "مجدو"، وهو لم يبلغ الـ18 عاماً، ثم إلى سجن "ايشل بئر السبع"، حيث يقبع الآن في عزل انفرادي أثّر بشدة على حالته الصحية والنفسية، وفق أسرته.
"ابني بدو علاج"
من أمام المحكمة، قالت والدته إنها في زيارتها الأخيرة لنجلها في 16 آذار/ مارس الماضي "كان وضعه حرج جداً. أحمد كتير البكاء في الفترة الأخيرة. ابني بدو علاج. ابني لازم يتحرر بأسرع وقت… ابني بيفقد في الحياة شوي شوي".
في غضون ذلك، صرّح والد الأسير: "ابني فقد الأمل بالإفراج عنه وهو في حالة صعبة في العزل الانفرادي ونحن نحاول إخراجه من هذه الحالة".
أما محامي الأسير المقدسي، زبارقة، فصرّح قبل المحاكمة بأن "الأسير أحمد مناصرة يخضع للعزل الانفرادي منذ خمسة أشهر وهو في حالة نفسية مركبة تحتاج لعلاج مكثف. سنطلب اليوم رفع قضية أحمد للجنة أخرى متخصصة للإفراج المبكر عنه".
والدة #أحمد_مناصرة: ابني وضعه حرج جداً. أحمد كتير البكاء في الفترة الأخيرة. ابني بدو علاج. ابني لازم يتحرر بأسرع وقت… ابني بيفقد في الحياة شوي شوي
وكان زبارقة قد أثار القلق الشديد على مناصرة إذ قال في تصريحات صحافية إنه رآه في آخر زيارة "إنساناً بلا روح"، وزاد أن مناصرة قال له إنه "لا ينتظر سوى الموت" وسأله قبل انتهاء الزيارة: "هل أنت متأكد أن الانتحار حكمه حرام؟".
وخلال ظهوره في المحكمة، بدا مناصرة في حالة من الإنهاك التام وعدم التركيز، بينما علت كلمات الدعم من أهله الذين أملوا أن يعود معهم إلى منزله.
وفي حين لا يُعد قرار المحكمة الإسرائيلية إسقاط ملف "الإرهاب" عن مناصرة، قراراً جوهرياً، إلا أنه يمهد لتقديم طلب بالإفراج المبكر عنه أمام "لجنة الثلث" المختصة في نظر مثل هذه الطلبات لمن قضوا ثلث محكوميتهم فأكثر، بحسب محاميه الذي أعرب عن تفائله بهذه الخطوة لأن جميع شروط الإفراج المبكر تنطبق على مناصرة.
يُشار إلى أن مناصرة لم يكن الطفل الوحيد في السجون الإسرائيلية حيث يوجد راهناً 160 طفلاً، من مجموع نحو 4600 أسير وأسيرة، وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...