-بتحبي القطط؟
-أيوه، كان عندي قطة رومي، بس جدتي ماكانش بتحبها. سمتها وماتت... أهي ماتت هي كمان.
تخبرني الطفلة بمنتهى التلقائية تلك الإجابة بعد أن رأيتها تحاول أن تتواصل مع قطة تركض بجانبها بمحبة ظاهرة. متى أصبحت القطط عدوتنا؟
في بعض المجتمعات السكنية الحديثة، غالباً ما نجد على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات أو طلبات من البعض للتخلص من القطط الضالة، وفي بعض المجتمعات الأكثر تهميشاً تصبح الأفعال العدائية عادية تجاه الحيوانات.
الحيوانات البرية، أو الضالة في المدن والمجتمعات، غالباً ما تتشبه بروح قاطنيها، ففي المدن المزدحمة كالقاهرة، تجد القطط الضالة تهرع كحال البشر في المدينة، تتلفت حولها خائفة من الأصوات عالية ولا أحد يرحب بها في معظم الأحيان وغالباً ما تتلقى رفسة
قطط المعادي من صفحة Cats of Egypt
في بعض المناطق الهادئة نجد القطط تتعامل كأنها "صاحبة مكان"، تنفرد وتطوف حول البشر، غالباً ما يطعمها أحد الأشخاص الساكنين في الحي. كثيراً ما لفت نظري اختلاف تعامل القطط مع البشر في دور العبادة، كالمساجد والشوارع المحيطة بها، وحالها في شوارع مزدحمة، كالمنيل مثلاً. ففي المساجد الأثرية على سبيل المثال، غالباً مع تشعر القطط بالاستئناس، تطوف حول المصلين أو الزائرين مطمئنة أن حرمة المكان تحميها من كل سوء.
كثيراً ما لفت نظري اختلاف تعامل القطط مع البشر في دور العبادة، كالمساجد والشوارع المحيطة بها، وحالها في شوارع مزدحمة. ففي المساجد الأثرية على سبيل المثال، غالباً مع تشعر القطط بالاستئناس، تطوف حول المصلين أو الزائرين مطمئنة أن حرمة المكان تحميها من كل سوء
دراسة التاريخ تخبرنا بأن للقطط وجودها المؤثر في مصر فمنذ الإلهة باستيت والقطة كان لها حق كبيرة في القدسية لخدماتها التي تقدمها للمجتمع بدءاً من حماية المحصول من القوارض إلى حماية أطفال البشر
قطط مصر
القطط وذاكرة المكان
كثيراً ما انتابني فضول حول ارتباط القطط بالمكان، فالمعروف أن القطط غالباً ما ترتبط بالأماكن أكثر من الأشخاص، فما مجال ارتباطها بالأمكان العامة؟ نجد هالة قوية حول القطط في الأماكن الأثرية، كأنها جزء لايتجزأ من المكان. وفي الأماكن الأقل أهمية لا يقل تعلق قططها أو كلابها بها، فالبيوت المهجورة غالباً ما تسكنها الحيوانات لتكون بعيدة عن البشر قدر الإمكان. وقت أحداث الشيخ جراح، كان لدي اهتمام شخصي أن أروي الأحداث على لسان القطط في كل ربوع فلسطين، من القدس لغزة للضفة. كان أصحاب القطط يحكون عن قططهم التي تبدلت أحوالها تحت صوت القصف... القطط أيضاً والحيوانات تمر بكل ما نمر به نحن، فهم امتداد للبشر.
قطط الاسكندرية من صفحة Cats of Egypt
القطط غالباً ما ترتبط بالأماكن أكثر من الأشخاص
بطبيعتي لا أميل محاولات الإنسان المستميتة إلى أنسنة كل شيء. كأن الإنسان لا يستطيع الشعور بالتعاطف ولا المواجدة إلا أن تشارك معه الكائن الحي في كل صفاته. لكن أمام موجات الكراهية الشديدة للحيونات الضالة كالقطط والكلاب، نجد أنفسنا مجبرين على أنسنة شركائنا في المجتمع لتقليص الفجوة بينهم وبين البشر. منذ أن بدأنا وإلى الآن، انهالت علينا الرسائل والتعليقات التي تخبرنا أنهم أصبحوا يتخيلون حوارات دائمة بينهم وبين القطط في الشارع. هنك الآن من يكفر في قصة القطة التي تهرول لعبور الطريق. كما وصلتنا الكثير من الرسائل من أناس اعتادوا الخوف من القطط، أصبحوا الآن على درجة ألفة كبيرة منها وبعضهم تبنى قططاً.
فنون المواساة
منذ الوهلة الأولى، اختلف متابعونا عن أي متابعين آخرين. فكان من العادي أن تجد تعليقات ترسل تحياتها للقطة، أو تكتب لها جمل تشجيعية أو تنبيهية. وكان من العادي أن نجد مالك القطة يخبرنا أنه سيحرص على قراءة التعليقات لقطه أو قطته.
واتفق مع هذا التعليق تعليقات أخرى كثيرة تؤكد على حضور القطط لصلاة الجنازة وعزاء صاحبها ثم اختفائها من المنزل بعدها. هناك من روى أن القط وقت وفاة صاحبه أصبح يموء بشدة في المنزل وأصر على حضور الغسل، قبل أن يختفي بعدها.
القطط والكلاب ستظل جزءاً لا يتجزأ من مجتمعاتنا من حيواتنا سعيد الحظ من يستطيع أن يصادق قط أو قطة. لين القلب... هذا كل ما يلزم
في مرة من المرات، وعبر رسائل الصفحة التي نتأخر كثيراً في الرد عليها، أرسلت لنا فتاة سورية قصة قطتها، وأخبرتنا أنها اكتشفت إصابتها نفسها بمرض خطير، وأنها على مشارف إجراء عملية جراحية، طلبت منا نشر القصة والدعاء لها، وأغلقت حساب الفيسبوك الخاص بها بعد أن أرسلت الرسالة، نشرنا القصة بعد فترة من إرسال الرسالة نظراً لأننا لا نتابع الرسائل بشكل جيد، ولكن الفتاة اختفت إلى الأبد، ظللنا نبحث عنها، وأعدنا نشر القصة بعد مرور سنة عليها، لكن لا أثر لها، واكتفينا بأن نتمنى لها الراحة والسلام في أي مكان هي فيه الآن.
متى نفقد لين القلب؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...