شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
وداعاً ريان... جنازة مهيبة رافقت الطفل إلى مثواه الأخير

وداعاً ريان... جنازة مهيبة رافقت الطفل إلى مثواه الأخير

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 7 فبراير 202206:39 م

في جو جنائزي مهيب، وفي ظلّ تدابير أمنية صارمة، ودّع الآلاف لمرة أخيرة الطفل المغربي ريان الذي أثارت قضية سقوطه في بئرٍ ظل عالقاً فيها لخمسة أيام قبل إعلان وفاته، تضامناً دولياً، اليوم الإثنين 7 شباط/ فبراير.

وقبل أن يُشيّع الطفل إلى مثواه الأخير، أقيمت صلاة الجنازة، بعد أن نقلته طائرة تابعة للدرك الملكي من المستشفى العسكري في العاصمة الرباط إلى مسقط رأسه، في قرية إغران الجبلية التابعة ترابياً لجماعة تمروت، قرب مدينة شفشاون (شمال المملكة المغربية)، حيث توافد الآلاف من الناس من مُختلف ربوع المغرب إلى مُصلّى القرية، الذي انطلقت أشغال تجهيزه منذ يوم أمس، من أجل توسيع المقبرة، وتنظيف محيطها.


وستُقام مراسم العزاء في بيت جد الطفل ريان، نظراً للتطويق الأمني لمنزل الطفل الراحل، جراء إغلاق المجال المحيط به، حيث لا تزال أشغال ردم الممر الذي شقته فرق الإنقاذ ساريةً.

وانتقل المئات إلى بيت الجد، لتقديم واجب العزاء، قبل أن يتجهوا في المسالك الضيقة مشياً، نحو الأرض التي خُصصت لأداء صلاة الجنازة.

ونقلت وسائل الإعلام المغربية صور والدي الطفل، وهما ينزلان من سيارة الإسعاف التي نقلته إلى مثواه، محاطَين برجال الأمن، حرصاً على سلامتهما، وحمايةً لهما.

الطفل الذي أبكى العالم

"أبكى ريان القلوب قبل أن يُبكي العيون. كنا نتمنى خروجه حياً، بعد صموده لخمسة أيام بلياليها، لنصدح بزغاريد الفرح، لكنه القدر، رحل الطفل الصغير تاركاً فينا الكثير. سيظل في القلوب"؛ بمثل هذه الجُملة ودّع الكثيرون من مختلف ربوع العالم، ذا الخمسة أعوام، الذي خرج بعد الكثير من الحفر والتنقيب والصبر والألم؛ كما أن والديه حرصا بشكل مقتضب على شكر جميع من ساندهما في هذه المحنة القاسية، معزّيين نفسيهما بالقول: "الحمد لله، هذا قدرنا".

آلاف المشيعين حضروا جنازة الطفل ريان لوادعه لمرة أخيرة... جنازة الطفل "الذي أبكى العالم"

وتفاعل العالم مع قضية الطفل ريان (خمس سنوات)، إذ عاش الناس معه ليالي المأساة القاسية، متابعين البث المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام الوطني والدولي، لعمليات إنقاذه من قلب حفرة بئر عُمقها 32 متراً، ولا يتجاوز قطرها 30 سم، قضى فيها نحو مئة ساعة (خمسة أيام)، في عملية إنقاذ مُعقدة ودقيقة، جعلت الجميع في حالة ترقب قصوى متشبثين بالأمل الكبير بأن يخرج على قيد الحياة، ومتداولين كلمات الرجاء والأمل على وسم "أنقذوا ريان" الذي تصدّر التراند العالمي خلال ساعات قليلة من إطلاقه.

وتحوّل الطفل الصغير ريان، أو "سِّي ريان"، كما كان يُحب مناداته، حسب تصريحٍ لجده، إلى أيقونة راسخة لمشاعر الألم والوحدة، بعد أن شد أنفاس العالم بكامل أطيافه الاجتماعية، ووحّد مشاعر تراوحت بين الخوف والأمل والألم، حاصداً تفاعلاً هزّ العالم، وصل إلى رؤساء حكومات الدول، وشخصيات فنية ورياضية وسياسية من خلال التعاطف الواسع، خاصةً على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.

استمرار موجة المساندة

واندفع آلاف المتعاطفين للتعبير عن تضامنهم مع عائلة الطفل ريان، من قبيل إعلان اللاعب الدولي المغربي السابق، عبد الرزاق حمد الله، عن تبرعه ببناء منزل مجهز بالكامل للعائلة، وإعلان الفنانة دنيا باطما، عن تخصيصها مبلغاً مالياً مهماً لوالديه، وأعلنت جريدة "هبة بريس" الإلكترونية المغربية عن تقديم المبلغ المحصَّل من قناتها على اليوتيوب في الأيام التي رافقت عملية إنقاذ الطفل ريان، إلى سائقي آلات الحفر التي ساهمت في العملية، وللمنقّب علي الصحراوي ورفيقيه الذين غامروا بحياتهم من أجل حفر نفق أفقي، بسبب عجز الآليات الثقيلة عن حفره دون التسبب في انهيار للتربة.

ووري الطفل المغربي ريان الثرى الاثنين 7 شباط/فبراير  وحضر جنازته الآلاف من المعزين. فيما تستمر موجة التضامن الدولي مع عائلته

"واجب العزاء" هذا كان دولياً، إذ أضاءت العاصمة القطرية (الدوحة) بعض الأبراج ليلاً بصورة الطفل الراحل، كما خصص أحد المطاعم القطرية أرباحه خلال يومي الأحد والإثنين، كصدقة جارية عليه، وحمل صاحب المطعم لوحةً تعاطفاً مع الطفل كُتب فيها: "رحمك الله ريان".

وفي هذا السياق، كتبت الصحافية المغربية أمل الهواري، على فيسبوك: "يقشعر البدن عند تتبعنا أطوار جنازة ريان، الآن على المباشر، جنازة مهيبة لطفل، تماماً بالأثر نفسه الذي خلّفه خبر موته على قلوبنا، وأدهشنا صموده وإصراره، وكيف تعاطف معه ملايين الناس من أقطار العالم، باختلاف جنسياتهم ودياناتهم، هذا الطفل الذي تجاوز التعاطف معه الحدود الجغرافية والعقدية، وتغلبت الإنسانية على أي اعتبار آخر، بل أُلغيت الاعتبارات وأخذت الإنسانية كلمتها، كما لم تأخذها من قبل".

وكان العديد من قادة الدول والسفارات الأجنبية قد أعلنوا عن مواساتهم للمغرب في الحداد الذي عاشه، كما ترحّمت على الطفل شخصيات دينية بارزة من ضمنها شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية المصرية والبابا فرنسيس، الذي شكر المغاربة على حسّهم التضامني الكبير ومحاولاتهم لإخراج الطفل من البئر، خاصةً أن فرق الإنقاذ خاطرت بحياتها في عملية معقدة بسبب خطر انجراف التربة في المنطقة الجبلية.

وخلّف رحيل الطفل ريان، موجة وعي كبيرةً بالمخاطر التي تتهدد الأطفال الذي يعيشون في العالم القروي بشكل خاص، وإمكانية تعرضهم لحوادث مأساوية بسبب إهمال البالغين لما يتعلق بسلامة الآبار، ودعا الآلاف على شبكات التواصل الاجتماعية إلى الاتّعاظ من مأساة ريان، وإحداث مبادرات مُكثفة لرصد الآبار المكشوفة وتغطيتها، للحد من خطورتها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image