"لقد حضرت مؤخراً حفل زفاف نجل صديقي السعودي القديم ولاحظت أن اسم العروس غير مذكور في الدعوة. أهذه عادة؟ وهل تختلف من أسرة إلى أخرى؟". هذا السؤال طرحه السفير الياباني في السعودية، فوميو إيواي، عبر حسابه في تويتر صباح الخميس 3 شباط/ فبراير.
التغريدة التي نشرها السفير لغرض الوصول إلى "فهم أعمق" للمجتمع السعودي، حققت تفاعلاً واسعاً في دقائق معدودة، وسلطت الضوء على استمرار "عُرف" عدم ذكر أسماء النساء علانيةً، حتى في دعوات الزفاف، في المملكة، برغم جميع "الإصلاحات" التي استحدثها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، في نمط الحياة والممارسات الاجتماعية.
وفي الردود عليه، أوضح معلقون أنه يُكتفى بذكر اسم الأب ولقب العائلة (كريمة فلان من آل فلان) من باب "الاحترام والتقدير للمرأة". وقال آخرون إنه يتم تجاهل ذكر أسماء النساء تماماً "لصونهن وحمايتهن". ورأى فريق ثالث أن اسم المرأة لم يكن يُذكر "خجلاً". وبيّن بعض المتابعين أن هناك أسراً تخصص دعوات للرجال لا يُذكر فيها اسم العروس، بينما يُذكر في الدعوات المخصصة للنساء.
وشرح الناقد الفني والكاتب السعودي فهد الاسطاء: "نعم سعادة السفير هي عادة عامة جداً في كل الأسر تقريباً تكونت لظرف اجتماعي مبني على طريقة تفكير قديمة تجاوزناها ولله الحمد. لكن بقيت العادة بلا معنى الآن، ويحدث أحياناً أن تكسر هذه العادة بعض الأسر بكتابة اسم الزوجة في كرت الدعوة بدلاً من ‘كريمة‘ وهو بالمناسبة وصف جميل ولطيف".
يتباهى ملوك وأمراء آل سعود منذ الملك المؤسس بأنهم "إخوان نورة" و"تستحي" عائلات سعودية عديدة حتى الآن من كتابة أسماء بناتها في دعوات زفافهن!
"أخو نورة" كمصدر فخر
كان لافتاً اتفاق كثيرين على أن "فكر الصحوة" هو الذي فرض مثل هذه العادة في المجتمع السعودي، مع استشهاد بأن العرب دأبوا على "التغني" بأسماء حبيباتهن في الشعر منذ أيام الجاهلية. وهو ما استمر في عهد الرسول الذي لم يُخف أسماء زوجاته أو بناته.
ويعدّ مؤسس الدولة السعودية الحديثة وموحدها الملك عبد العزيز آل سعود نموذجاً رائداً في هذا الصدد إذ طالما تفاخر بأنه "أخو نورة" حين كانت "تلمّ به الملمات"، حتى فطن الكثيرون إلى أنه كان يستمد قدراً لا بأس به من قوته وعزمه من شقيقته. واتُصِف الملك بـ"النخوة والشهامة" لاعترافه بدور شقيقته.
وتشير مصادر سعودية عديدة إلى الدور المؤثر للأميرة نورة في حياة شقيقها الملك المؤسس على الصعيدين الاجتماعي والسياسي على السواء إذ كانت تشجعه بالقول: "لا تندب حظك، إن خابت الأولى والثانية فسوف تظفر في الثالثة، الرجال ما خلقوا للراحة" بعد فشل محاولته الأولى لاستعادة الرياض.
توارث السعوديون قصة "الزعيم العظيم أخو نورة". وامتُدِح الملك الراحل وسائر ملوك وأمراء آل سعود من بعده واشتُهِروا بكونهم "إخوان نورة". كما في أغنية "سلم دار أخو نورة" التي أُطلقت لدعم المملكة في حربها ضد اليمن وقُصِد بـ"أخو نورة" فيها الملك سلمان. واستخدم شعراء سعوديون وخليجيون الوصف أيضاً في مدح الملك سلمان أو نجله الأمير محمد في مناسبات عديدة.
طالما تفاخر الملك عبد العزيز بأنه "أخو نورة" حين كانت "تلمّ به الملمات". وقد اعتُبر عرفانه بدور شقيقته "نخوةً وشهامة". متى أصبح اسم المرأة "عورة" في المملكة؟
وتأسست جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في المملكة وافتُتحت في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. وهي مخصصة للإناث.
من هي الأميرة نورة؟
والأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل بن تركي آل سعود هي كبرى شقيقات الملك عبد العزيز، وعُرفت بأنها "السيدة السعودية الأولى" و"أهم الشخصيات في الجزيرة العربية" آنذاك إذ عهد إليها شقيقها إدارة شؤون العائلة وحل مشكلاتها بل كانت شفاعتها مقبولة لديه حتى خارج نطاق العائلة.
ومن الثابت أن الأميرة نورة تعلمت القراءة والكتابة في عصر ندر فيه تعلم الفتيات. لذا، كان لها دور إيجابي في تأسيس الدولة السعودية المعاصرة، إذ كانت موضع سر شقيقها المؤسس الذي كان يستشيرها في الكثير من الأمور. وقد اتسمت بقوة الشخصية والشجاعة وبعد النظر وكثيراً ما ساندت شقيقها في الأوقات الصعبة حتى تحقق له النصر.
وورد أن الملك عبد العزيز "كان يستعين بها في معالجة بعض الأحداث السياسية من خلال النساء اللواتي تربطهن صلات قربى بشيوخ القبائل أو ذوي السلطة، كما في حادثة نساء آل رشيد اللواتي حملن إلى الرياض بعد ضم حائل، فقد كلفها، وهي في حالة النفاس، استقبالهن واستضافتهن وإكرامهن".
واعتادت الأميرة استقبال زائرات المملكة من النساء الأجنبيات ونساء الأسر الحاكمة في شبه الجزيرة العربية. وأدت جميع الأدوار الموكلة إليها بنجاح زاد ثقة أخيها بها واعتماده عليها.
دعمت الملك المؤسس نفسياً واجتماعياً واستنار برؤاها سياسياً، ووُصِفت قديماً بأنها "أهم الشخصيات في الجزيرة العربية" و"السيدة السعودية الأولى"... من هي الأميرة نورة بنت عبد الرحمن التي يتباهى آل سعود بشجاعتها؟
تزوجت الأميرة نورة من الأمير سعود بن عبد العزيز بن سعود بن فيصل بن تركي (سعود الكبير)، وأنجبت منه محمد والجوهرة وحصة، قبل أن تفارق ولها من العمر 77 عام 1950.
يُذكر أن اسم المرأة لم يُصبح "عورةً" في المملكة إلا حين راج التشدد الديني وفكر الصحوة. ومع التغييرات التي أدخلها الأمير محمد في البلاد منذ صعوده إلى الحكم، لا يمكن التنبؤ بزوال العادات والأفكار التي غرسها الفكر المتشدد لا سيّما أن هذه التغييرات هبطت على السعوديين من أعلى وليس عن اقتناع أو نتاج نقاش مجتمعي، كما أوضح الكاتب السعودي الراحل جمال خاشقجي سابقاً.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...