هذه الصورة الشهيرة هي لأسرة المسلسل الكوميدي الشهير "صح النوم"، وتعود إلى سنة 1972. وقد عادت إلى التداول مؤخراً بعد وفاة الفنان محمد الشمّاط (الثالث من اليمين) في 28 كانون الأول الماضي، في الولايات المتحدة الأمريكية. يظهر فيها الشمّاط بشخصية "أبو رياح اللحّام"، صاحب ملحمة الأمان وأحد وجهاء حارة "كل مين أيدو ألو"، التي رسم خيوطها الدرامية بدقة، النجم الراحل نهاد قلعي.
غياب أم تغييب
كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أعادوا نشرها وهم يطرحون سؤال: "وينو حسني (أي نهاد قلعي)"، في إشارة إلى كاتب العمل وأحد نجومه الرئيسيين، الغائب عن المجموعة.
والكثير منهم اعتبر أن نهاد قلعي غُيّب عن هذه الصورة بشكل قسري، دون معرفة خلفيتها. ولو عدنا إلى الأرشيف، نجد أن هذه الصورة أخذت كمادة ترويجية، وطبعت على غلاف أسطوانة أغنية "فطومة"، التي قدمها الفنان دريد لحام في الحلقة الأخيرة من المسلسل، ولاقت نجاحاً منقطع النظير في سورية والوطن العربي، ما أدى إلى إصدارها عبر أسطوانة مخصصة لها، ظهرت فيها صورة أسرة المسلسل بهذا الشكل الفكاهي، وفوقها صورة منفردة لنهاد قلعي (والصورة الكاملة تنشر للمرة الأولى على موقع رصيف 22). إضافة لأسطوانات "فطومة" و"يامو" الشهيرتين، فقد ظهرت بالأسواق السورية يومها أقنعة ورقية للأطفال، يضعونها في الحفلات وأعياد الميلاد، لغوار الطوشة وأبو عنتر وياسينو وأبي رياح.
كان مسلسل "صح النوم" نقطة تحول لجميع هؤلاء النجوم، وقال النقاد عند عرضه للمرة الأولى إنه "خلّد كل من شارك فيه من فنانين"، والدليل على ذلك جاء في نعوة محمد الشمّاط التي ظهرت في شوارع دمشق مؤخراً، حيث كتب تحت اسمه لقب "الخال أبو رياح"، علماً أن الجيل الجديد من السوريين يعرفه أيضاً بشخصية "أبو مرزوق"، من مسلسل باب الحارة الشهير.
كان "حمام الهنا" قد لقى رواجاً لدرجة أن رئيس الحكومة السورية في حينها، الدكتور يوسف زعيّن، اضطر لتأجيل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء نظراً لكثرة غياب الوزراء. وعندما سألهم عن السبب كان جوابهم أن الاجتماع يتعارض مع أوقات عرض "حمام الهنا"
ولكن ظلّ "الخال أبو رياح" هو الأشهر بين الشخصيات الكوميدية التي قدمها محمد الشمّاط خلال مسيرته الفنية، التي بدأت في خمسينيات القرن الماضي. ولم يكن دور الشماط في مسلسل "صح النوم" هو أول مشاركة له مع الثنائي الشهير "دريد ونهاد"، فقد عمل معهم مسبقاً في المسلسل الكوميدي "حمام الهنا" سنة 1968، وفي فيلم "امرأة تسكن وحدها" عام 1971.
وكان "حمام الهنا" قد لقى رواجاً لدرجة أن رئيس الحكومة السورية في حينها، الدكتور يوسف زعيّن، اضطر لتأجيل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء نظراً لكثرة غياب الوزراء. وعندما سألهم عن السبب كان جوابهم أن الاجتماع يتعارض مع أوقات عرض "حمام الهنا".
لكن، ونظراً لنجاح شخصية "أبو رياح" في "صح النوم" فقد تم استحضارها في عدد كبير من الأعمال اللاحقة، ومنها الجزء الثاني من المسلسل، وفي تمثيلية "ملح وسكر" الفاصلة بينهما والمتممة، إضافة لفيلم "صح النوم" سنة 1976. في كل هذه الأعمال ظهر الشمّاط بشخصية "أبو رياح" التي بات اسمها معروفاً أكثر من اسمه الحقيقي، وبعدها ظهر في فيلم "غوار جيمس بوند" الذي ظهرت فيه معظم شخصيات "صح النوم"، وكان من إخراج المخرج الراحل نبيل المالح.
في الثمانينيات، غاب محمد الشمّاط عن شاشة التلفزيون، ولكنه بقى حاضراً على خشبة المسرح الشعبي بدمشق، يقدم أعمالاً كوميدية من بطولته، دوماً بشخصية "أبو رياح"
أبو رياح الثمانينيات
وكانت آخر مشاركاته مع دريد لحام، بعد غياب نهاد قلعي بسبب المرض، في مسلسل "وادي المسك" الذي عُرض سنة 1981، وكان من إخراج خلدون المالح ومن تأليف الشاعر الكبير محمد الماغوط. في "وادي المسك" طرأ تغيّر ملحوظ على شخصية أبو رياح، الذي حافظ على طربوشه الأحمر ولكنه استبدل اللباس الشعبي (القمباز) ببدلة أجنبية. كان "أبو رياح" السبعينيات لحّاماً بسيطاً، عرف بقلة أمانته في بيع اللحومات، وضعفه الشديد أمام فتوة قبضاي الحارة أبو عنتر (الراحل ناجي جبر). وقد تجاذبه كل الأطراف في حينها، إمّا بالمسايرة أو بالعنف والإرهاب، في صراعهم للزواج من ابنه أخته "فطوم حيص بيص" (الراحلة نجاح حفيظ). أمّا في "وادي المسك" فقد ظهر أبو رياح بحلّة رجل الأعمال الفاسد والمُفسد، صاحب الصفقات المشبوهة، ومنها صفقة لحوم مثلجة منتهية الصلاحية، تؤدي إلى تسمم جميع سكّان وادي المسك.
في هذا العمل، يكون أبو رياح أحد عناصر الفساد في الوادي: مزوراً للتواقيع الرسمية، راشياً للمسؤولين الكبار وشريكاً للمحتال الدولي المعروف بلقب "التكميل"، والذي لعب دوره دريد لحام ببراعة. ولكن هذا العمل لم يلق ذات النجاح الذي لاقاه "صح النوم" قبل تسع سنوات، لأن الجمهور السوري والعربي لم يتقبل دريد لحام بشخصيته الجديدة، البعيدة عن غوار الطوشة، وتم منعه رقابياً في الكثير من الدول العربية، نظراً لما فيه من "لطشات" سياسية لاذعة، طالت الحكام والفاسدين والمفسدين من حولهم.
في الثمانينيات، غاب محمد الشمّاط عن شاشة التلفزيون، ولكنه بقى حاضراً على خشبة المسرح الشعبي بدمشق، يقدم أعمالاً كوميدية من بطولته، دوماً بشخصية "أبو رياح". وكانت عودته إلى النجومية سنة 2000 في المسلسل الشامي الشهير "الخوالي"، حيث ظهر بشخصية الفرّان "أبو جمعة"، شريك اليوزباشي رئيس المخفر (علي كريّم). كان هذا العمل من بطولة النجم بسام كوسا، ومن إخراج بسام الملّا، الذي جدد التعاون مع الشمّاط سنة 2006 في الجزء الأول من مسلسل باب الحارة، والذي لاقى نجاحاً منقطع النظير في الوطن العربي، وكما كان "صح النوم" من قبله، مخلداً لكل أبطاله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 19 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين