"عليّ نظم القوافي من مقاطعها/ وما عليّ إن لم تفهم البقر". يبدو أن هذا البيت للبحتري، يتحوّل مع كل موسم لإعلان الجوائز الأدبية في نوفمبر وديسمبر ويناير، إلى لسان حال الكثير من الكُتّاب، لا بقصد التفاخر بالفصاحة والبلاغة كما فعل البحتري، وإنما كردّة فعل على عدم فوز هؤلاء الكتّاب بتلك الجوائز، أو على الأقل الالتحاق بقوائمها الطويلة.
فمؤخراً، وبعد إعلان القوائم الطويلة في فئة الرواية لكبار الكتّاب، للدورة الثامنة عشر من جائزة "ساويرس" التي يقتصر التقديم فيها على المصريين، خرجت أصوات تحتج على الإقصاء من تلك القائمة، فكتب الروائي المصري حمدي أبو جليّل (1967): "كده كتير والله، أنا هعتبرها معجزة: دي يا أستاذ لم تصل حتى لقائمة جائزة ساويرس".
وأرفق صورة لغلاف روايته "قيام وانهيار الصاد شين" في أكثر من طبعة مع أكثر من دار نشر، وكذلك أرفق صورة لغلاف الترجمة الإنجليزية للرواية التي حملت توقيع المترجم الراحل همفري ديفيز (1947 – 2021).
وفي منشور آخر، أبو جليّل، الفائز بجائزة نجيب محفوظ العريقة الممنوحة من الجامعة الأمريكية في القاهرة عن روايته "الفاعل"، فسّر من وجهة نظره سبب عدم وصول الرواية لقوائم الجائزة، حيث قال: "وأنا صغير خدت أكبر جوائز القصة في مصر والعالم العربي، ولما كبرت واتضح أن ليا آراء جارحة أحياناً، مخدتش أي جائزة مصرية".
أبو جليّل لم يكن الصوت الوحيد المعترض على الإقصاء وعدم الوصول للقوائم، فالروائي والشاعر صبحي موسى (1972) أبدى هو الآخر انزعاجه من عدم وصول روايته "صلاة خاصة" إلى القائمة الطويلة لجائزة ساويرس، وذلك من خلال منشور له على موقع فيسبوك، كتب فيه:
بعد إعلان القوائم الطويلة في فئة الرواية لكبار الكتّاب، للدورة الثامنة عشر من جائزة "ساويرس" التي يقتصر التقديم فيها على المصريين، خرجت أصوات تحتج على الإقصاء من تلك القائمة
"من يوم ما أعلنوا القايمة الطويلة لجايزة ساويرس ولم أجد فيها (صلاة خاصة) وأنا أشعر بقدر من الإهانة لا يمكن وصفه، ومش عارف أعبر إزاي عنه، لأن الرواية دي أستحق التكريم عليها لعشر سنين جايين على الأقل، فكم الجهد والخيال والمعرفة والدهشة اللي فيها يحطوها في مصاف الأعمال الكبرى، لكننا في بلد لا تقرأ ولا تكتب ولا تحترم كتابها".
وأرفق الروائي الفائز بجائزة نجيب محفوظ الممنوحة من المجلس الأعلى للثقافة عن روايته "نقطة نظام"، بمنشوره مقالاً للكاتب شريف العصفوري عن رواية "صلاة خاصة".
تواصل رصيف22 مع الكاتبين للحديث حول أوجه اعتراضهما على استبعاد روايتيهما من القائمة الطويلة لجائزة ساويرس.
أبو جليّل: إنها مزحة ثقيلة
يقول حمدي أبو جليل: "أنا أحترم كل زملائي الكتّاب، لكن عندما لا أجد رواية مثل (قيام وانهيار الصاد شين) في قائمة جائزة ساويرس، فإنني أعتبر ذلك مزحة ثقيلة، وترجع مباشرة إلى أفكاري التي يعتبرها البعض مدمرة للدين والمجتمع.
لقد خطط المترجم الراحل همفري ديفز لترشيح ترجمة الرواية لجائزة (إنترناشونال مان بوكر) – تمت ترجمة الرواية تحت عنوان (رجال ابتلعوا الشمس) -. وأنا لم أطالب بفوز الرواية بجائزة ساويرس، لكن عدم وجودها في القائمة يجعلني أشك أن الإسلاميين يتحكمون في الكثير من الأشياء".
موسى: لا نرى القذى الذي في عيوننا
أما الروائي صبحي موسى، فقد صرح بدوره لرصيف22 قائلاً: "الكلام في هذا الموضوع عادة يكون سخيفاً، فهو يصطدم بأطراف كثيرة مثل الواصلين للقوائم أو حتى لجان التحكيم في الجائزة. أريد أن أقول إن الوضع الثقافي في مجمله سيئ، أو كما يقول المثل المصري: دود المش منه فيه، فنحن أنفسنا كمثقفين وفنانين نعترض على حمّو بيكا رغم أننا أنفسنا نصنع حمّو بيكا في الجانب الثقافي، ونحن نرى القذى في عين الآخر ولا نرى القذى في أعيننا".
ويواصل صاحب رواية "أساطير رجل الثلاثاء": "لا أعرف من هم أعضاء لجنة التحكيم، وبالتالي لا أستطيع القول إنه تم إقصاء روايتي لأسباب شخصية، لكني أتصور أن روايتي (صلاة خاصة) رواية كبيرة وثقيلة عليهم، والمسؤولون عن الجائزة في عجلة من أمرهم، لأن لديهم قرابة 200 عمل في فئة الرواية، وعليهم أن يحكّموا فيهم في فترة شهر أو 45 يوم، وبالتالي لن يجدوا وقتاً ليقرؤوا، ومن ثم فإنهم يعتمدون على معايير أخرى لتفويز الروايات أو توصيلها للقوائم، مثل: اسم الكاتب، أو الاستماع لبعض الآراء حول الروايات المقدمة للجائزة، وربما قد ينظر المحكم (على السريع) في رواية خفيفة وصغيرة، وربما تكون هناك مجاملة هنا أو مصلحة هناك، أو ربما قد تتدخل الصداقة في الأمر، ولذلك فهناك عشرات الأعمال المهمة التي لم يُنظر إليها".
حمدي أبو جليّل لم يكن الصوت الوحيد المعترض على الإقصاء وعدم الوصول لقوائم فئة الرواية لكبار الكتّاب من جائزة "ساويرس"، فالروائي والشاعر صبحي موسى أبدى هو الآخر انزعاجه من عدم وصول روايته "صلاة خاصة" إلى القائمة الطويلة للجائزة
ويضيف موسى: " إنهم يصنّعون مشهداً سيئاً، ويصدّرون للقارئ فكرة أن الأعمال الموجودة في تلك القائمة هي الكتابة الأفضل. لأنك إذا تأملت القائمة ستجد أن ثلاثة أرباعها من كتّاب (البست سيلر)، فليدشنوا جائزة لكتاب البست سيلر فهذا أفضل مما يحدث. إن مثل تلك القوائم قادرة على تضليل (القارئ العام)، الذي سينظر للأدب الجاد باستخفاف مقابل نظرة تبجيل لأعمال البست سيلر، وهذه عملية إفساد".
ويواصل: "لقد قرأت أعمالاً كثيرة للأدباء الواصلين للقائمة، ولن أتحدث عنهم، فهم أصدقاء وزملاء، وهذا الذي يحدث ليس ذنبهم، فقد تقدموا للجائزة بشكل طبيعي، وإنما تقع مسؤولية ذلك على لجان التحكيم وتركيبتها والوقت الضيق المتاح أمام المحكمين".
وفي ختام حديثه لرصيف22، قدم صبحي موسى مجموعة من المقترحات التي يرى أن من شأنها تحسين أداء الجائزة:
"أقدم هذه النصائح لأنني أحب جائزة ساويرس وأحترمها، وهذا الغضب الذي تراه ليس من الجائزة وإنما حرصاً عليها، لذلك أقترح: أولاً مجلس الأمناء أخذ أكثر من وقته، لقد بات مثل الدول المصابة بالشيخوخة، ويجب عليهم إعمالاً بالشفافية وبمبادئ الديمقراطية والليبرالية والتعددية والتغيير، أن يقوم المجلس بحل نفسه بنفسه، وأن يفسحوا المجال لمجلس أمناء آخر بأفكار جديدة ودماء جديدة وطرح جديد.
وثانياً: يجب أن يجري فتح مجال التقديم للجائزة في يناير وفبراير من كل عام (حاليا التقديم يتم في شهر أغسطس)، ليتسع الوقت أمام المحكمين إلى 7 أو 8 شهور. لقد سبق لي التحكيم في هذه الجائزة من قبل، فكيف يمكن لمحكّم قراءة هذا العدد الكبير من الأعمال في فترة قصيرة، شهر أو شهرين مثلاً؟ هذا بخلاف تركيبة لجان التحكيم التي تضم عادة صحفياً أو اثنين وكاتباً وناقداً، وهي تركيبة تُعنى بالمقروئية في المقام الأول وتناسب جائزة تتبع لاتحاد الناشرين مثلاً، وعادة تتكرر أسماء المحكمين كل عدة دورات، وهذا ينعكس على تكرار أسماء الفائزين أيضاً، فهناك من يفوز بجائزة ساويرس حين يكون شاباً ويفوز بها بعد أن يدخل فئة كبار الأدباء (فوق 40 سنة)، وهناك من فائز بتلك الجائزة 3 مرات! وهذه أيضاً علامة استفهام".
يسري أبو القاسم: هل قرأ المعترضون رواياتنا؟
يرى الروائي يسري أبو القاسم، والذي وصلت روايته "مولانا الشيخ جواب" إلى القائمة الطويلة لجائزة ساويرس، أنه ليس من حق الأديب أن يعترض على عدم وصول روايته لقوائم جائزة ما قد تقدّم للمشاركة فيها، وإلا فإنه من حق كل من لم يصلوا للقائمة الطويلة أن يعترضوا، وسيصبح من حق من كانوا في القائمة الطويلة ولم يصلوا للقائمة القصيرة أن يعترضوا، ثم سيعترض من كان في القائمة القصيرة ولم يفز بالجائزة، على عدم الفوز.
يرى الروائي يسري أبو القاسم، والذي وصلت روايته "مولانا الشيخ جواب" إلى القائمة الطويلة لجائزة ساويرس، أنه ليس من حق الأديب أن يعترض على عدم وصول روايته لقوائم جائزة ما قد تقدّم للمشاركة فيها
يقول أبو القاسم: "يجب عليهم هنا أن يدركوا أن سن الأديب وأقدميته ليسا شرطاً للفوز بالجائزة. وسيكون الأمر غير منطقي، حتى لو كانت رواية ذلك الأديب المعترض جيدة بالفعل، فلربما تكون اللجنة قد اختارت الأعمال وفقاً لمعيار (التنوع)، كأن يتم الاختيار بين روايتين تدوران في نفس الفلك أو الروح أو الموضوع".
ويضيف صاحب رواية "شحاتة ورنيش": "هذه الاعتراضات تمثل انتقاصاً في حق الواصلين للقوائم، وكأن ذلك المعترض يسأل من وصلوا للقائمة الطويلة: من أنتم لتصلوا للقائمة ولا أصل أنا؟، وهذا في الحقيقة لا يتسق مع أن يكون المرء أديباً، وأنا أثق أن المعترضين دون أن أقصد شخصاً بعينه، لم يقرؤوا كتابات من اعترضوا على وجودهم في قوائم الجائزة".
واختتم يسري أبو القاسم حديثه بالتأكيد بأنه لن يتضايق أبداً في حالة عدم فوز روايته بالجائزة مؤكداً: "إحنا مش كاتبين قرآن".
المسؤول الفني عن جائزة ساويرس: لا نتدخل في قرارات المحكّمين
من جهتها، أكدت وسام رجب، مديرة العلاقات العامة بمؤسسة ساويرس للتنمية والمسؤول الفني عن الجائزة، أن إدارة الجائزة لا تتدخل في قرارات المحكّمين: "لجان التحكيم مسؤولة عن وضع معايير التحكيم في كل دورة من دورات جوائز ساويرس الثقافية، وذلك بالتنسيق بينهم، حيث تتم قراءة الأعمال من كل الأعضاء، ويتم عمل تصفية أولى ثم تصفية ثانية، ثم نصدر القوائم القصيرة ثم النتائج، وأثناء كل تلك العمليات فإن المؤسسة دورها تنظيمي، فنحن نعمل كـ "مُيسّر" للقرارات لجان التحكيم، دون أن نتدخل إطلاقاً في تلك القرارات".
وأضافت وسام رجب: "كل سنة تكون هناك أصوات معترضة، لكن لك أن تتخيل أننا نتسلم قرابة 200 رواية لكتّاب مهمين مثل حمدي أبو جليّل وصبحي موسى، لكننا لا نستطيع أن نمنح الجائزة إلا لفائز واحد في منافسات كبار الكتّاب أو فائزين اثنين في منافسات شباب الأدباء، وأحياناً عندما تتعقد الأمور نقسم الجائزة الواحدة على كاتبين، في حال استحقا ذلك وفقاً لآراء لجان التحكيم، وفي النهاية، وعلى مدار السنوات الماضية، فإن العمل الفائز عادةً ما يكون عملاً يستحق الفوز بالجائزة ولا مجال للخلاف عليه".
وواصلت وسام: "الكاتب صبحي موسى نفسه كان عضواً في لجان تحكيم الجائزة في إحدى دوراتها، ومر بهذه التجربة، ويعرف جيداً ما هو نظامنا، وعاين بنفسه كيف تسير الأمور بمنتهى الحيادية والنزاهة، فكل لجنة تحكيم تتكون من 5 أعضاء، ولا واحد منهم يكون صاحب القرار النهائي، بمن في ذلك (مقرر اللجنة)، فالأمر يمضي بنظام الدرجات أو التصويت، يعني لو أن هناك عمل ما محل خلاف، وصوّت لصالحه 3 أعضاء مقابل اعتراض عضوين، فإن هذا العمل يفوز بالأغلبية".
وحول المدة الزمنية الممنوحة للجان التحكيم لتقييم الأعمال المتقدمة للمشاركة في الجائزة تقول:
"لا ننكر أننا تفاجأنا بتضاعف عدد الأعمال المقدمة للجائزة بعدما فتحنا باب التقديم الإلكتروني، مثلاً كان عدد الأعمال التي تصل لنا قبل فتح باب التقديم الإلكتروني تتراوح ما بين 600 إلى 650 عملاً في كافة حقول الجائزة من رواية وقصة ومسرح وسيناريو نقد، لكن بعد فتح مجال التقديم الإلكتروني وصلنا 1304 أعمال، وأكثر دورة تلقينا فيها مثلاً نصوصاً مسرحية وصلنا 120 نصاً، أما في الدورة الحالية وبعد فتح باب التقديم الإلكتروني فقد وصلنا تقريباً 300 نص مسرحي.
وكما ترى، للتقديم الإلكتروني الكثير من المميزات، غير أن له عيوبه أيضاً، ونحن بصراحة لم نتوقع أن يصلنا هذا الكم من الأعمال. وكنا نمضي بجدولنا الطبيعي الذي نطبقه من الدورة الأولى للجائزة، لكن في ظل الوضع الراهن، فإن فريق عمل الجائزة تقدم باقتراح لتبكير موعد تلقي الأعمال المتقدمة للجائزة، ليتم ذلك في آخر شهر مايو، بدلاً من شهر أغسطس الذي اعتدنا على فتح باب التقدم للجائزة فيه، بحيث تتاح مدة أكبر للجان التحكيم لمطالعة كل الأعمال المقدمة للجائزة، وذلك تفادياً لوضع لجان التحكيم تحت الضغط".
القائمة الطويلة
تجدر الإشارة إلى أن القائمة الطويلة في فئة الرواية، فرع كبار الأدباء، ضمت 12 رواية، جاءت كالتالي: "سيقان تعرف وحدها مواعيد الخروج" لأحمد عبد اللطيف، "بيت القبطية" لأشرف العشماوي، "أصابع حبيبتي" لأشرف عبد الشافي، "سبيل الغارق: الطريق والبحر" لريم بسيوني، "خيوط أقمشة الذات" لعادل أسعد الميري، "قبل المساء" لعمرو العادلي، "عنكبوت في القلب" لمحمد أبو زيد،"بساتين البصرة" لمنصورة عز الدين، "عصفور الفولاذ" لنادر حلاوة، "البطء" لهشام عيد، "حكايات الخانكة" لياسر علام، "مولانا الشيخ جواب" ليسري أبو القاسم.
وفي حديثها لرصيف22، أكدت وسام رجب، المسؤول الفني عن الجائزة، أنه لن تكون هناك قوائم قصيرة في فئة كبار الأدباء في الرواية والقصة والسيناريو، على عكس فئة شباب الأدباء التي ستتضمن قوائم قصيرة في حقول الرواية والقصة القصيرة والسيناريو (القوائم القصيرة تتضمن مكافآت مالية). وأن النتيجة النهائية في فئة كبار الأدباء، في حقل الرواية وغيرها، سيتم الإعلان عنها بتاريخ 8 يناير المقبل في حفل ستقيمه المؤسسة في المتحف القومي للحضارة، في القاهرة.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ أسبوعSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.