شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"أنا قد أي تحدي"... سميرة أحمد أول مطربة شعبية على كرسي متحرك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 13 ديسمبر 202104:52 م

كأي فتاة عادية عاشت سميرة أحمد أيامها وسنواتها الأولى بين عائلتها، ربما لم يلحظ أحد موهبتها، وربما لم يدرك أي من المحيطين بها أن هناك، خلف باب غرفتها الصغيرة، أحلاماً تكبر بأكثر مما تكبر صاحبتها، التي رسمت لنفسها الطريق ومضت عليه تثبت للكثيرين أن الإعاقة التي لحقت بها لن تحول دون الوصول إلى الغاية التي نشدتها، حتى صنعت مجدها بنفسها وخطفت لقبها المفضل "النجمة الشعبية الأولى في مصر".

تروي لنا سميرة أحمد محطات البداية والظروف التي صادفتها وتقول: "بدأت رحلتي مع الغناء في الصغر، حيث كنت أستمع إلى أغاني كبار النجمات في مصر والوطن العربي، مثل أم كلثوم ووردة وميادة الحناوي وغيرهن، وأرددها بيني وبين نفسي، لأنني كنت خجولة جداً من أن أغني أمام أي شخص".

"ذات مرة سمعني بعض المقربين، ومنهم خالي عازف الكمان، وأكدوا أن صوتي جميل، فبدأت أتشجع على أن أغني أمامهم، وكان أول من أغني أمامه أخي، الذي كان آنذاك مطرباً شعبياً معروفاً، وتأثرت به وبدأت من خلاله أرسم أول الخيط في مسيرتي بأن أكون مطربة شعبية".


عادة ما يرفض البعض فكرة غناء المرأة، فيما ترفض أغلبية هؤلاء الرافضين بالأساس احتراف المرأة الغناء الشعبي ووقوفها على مسارح وقاعات الأفراح الشعبية، باعتبارها حكراً على الرجال فقط، ولكن سميرة لم تلتف إلى هؤلاء الرافضين واختارت "الشعبيين" لتكون واحدة منهم.

وتكمل: "كان عمري 12 عاماً عندما بدأت أغني لأول مرة أمام جمهور كبير، حيث أقيم حفل زفاف لأحد الأقارب، وطلبوا مني أن أشارك بالغناء، وقتها كنت متخوفة جداً، لكن شجعت نفسي بنفسي واخترت أن أغني شعبي، على عكس مطربات الأفراح وقتها، حيث تكون أغانيهم رومانسية بامتياز، يومها غنيت لعبد الباسط حمودة وطارق الشيخ وغيرهما من نجوم الغناء الشعبي في مصر، وأبهرت الجميع والكل شجعني وحمسني على استكمال المشوار، والحمد لله أن عائلتي كانت متفهمة لطموحي ولم تقف في طريقي كما تفعل بعض العائلات".


"بعد هذا الحفل بدأت أدرب نفسي بنفسي وكأني افتتحت معهداً للموسيقى وبقيت فيه الأستاذة والتلميذة في نفس الوقت، واستمررت أسمع كل المطربين الشعبيين، رجالاً ونساءً، حتى هضمت أغانيهم وصنعت من هذا المزيج الساحر خلطة خاصة بي وبدأت تجربة الاحتراف، وكان أجرى وقتها 70 جنيهاً، لأني كنت صغيرة".

حققت سميرة أغلب الأمنيات التي رسمتها في مخيلتها منذ الصغر، وتؤكد أن أحلامها لن تتوقف عند حد، فهي تحلم بأن تحقق شهرة أكبر، ويلمع اسمها في الوطن العربي والعالم كله

حين يسمع المصريون اسم سميرة أحمد تطل في أذهانهم فوراً صور النجمة الكبيرة التي عرفها الجمهور بأفلامها ومسلسلاتها، التي تركت أثراً مدهشاً في قلوب المصريين وعقولهم، ولكن حين تنطقون بالاسم في أوساط الشعبيين والعاملين بمجال الطرب والغناء الشعبي ستجدونهم يعرفونها عن ظهر قلب، بل ويلحقون باسمها لقب "نجمة مصر الأولى"، ذلك اللقب الذي التصق أيضاً بالفنانة الكبيرة نبيلة عبيد، قبل أن يختص به الشعبيون سميرة أحمد.

تضيف سميرة: "في حفل من الحفلات فى إحدى محافظات الدلتا، وجدتهم يطلقون عليّ هذا اللقب، من كثرة حبهم في، وبعدها بدأ يتنشر حتى صار يلاحقني في كل الأفراح التي أشارك في إحيائها في محافظات مصر المختلفة، فأنا كل أسبوع في محافظة سواء بالدلتا أو في الصعيد، والحمد لله على حالة الحب التي ألمسها في كل محافظة أزورها، فهذا هو النجاح الحقيقي الذي أعمل من أجله. صحيح أن المال مهم، لكن حب الجمهور أهم وأنا أحب الأفراح الشعبية وأشعر فيها أنني في مملكتي".


لم تُولد سميرة بتلك الإعاقة التي أجبرتها على أن تبقى على كرسي متحرك حتى وهي تمارس الغناء، حيث تعرضت في صغرها لحادث سقوط تسبب في إصابتها بكسر كبير للغاية، ترك آثاره على قدميها، ما جعلها تلجأ لهذا الكرسي، ليكون تحدياً جديداً يضاف إلى قائمة التحديات التي واجهتها، فكيف لها وهي امرأة أن تغني في أوساط الشعبيين، وكيف لها أن تغني "شعبي" أساساً وهي نوعية تبقى حكراً على الرجال، وأخيراً كيف ستكون نظرة الجمهور وحضور الحفل لها وهي تغني على كرسي متحرك؟

تجيب سميرة: "أحب أن أواجه الصعوبات في حياتي، وأنا بطبيعتي أحب التحديات (وقد كل تحدي مريت بيه وبكون سعيدة وأنا بتحدى نفسي وكل اللي حواليا وأنجح)، ولذلك أصررت علي أن أغني في الأفراح بالكرسي المتحرك، ولم ألمس يوماً نظرة تضايقني من أحد من حضور الأفراح التي أحييها، وإنما لمست كل الدعم والمحبة، حتى أن كثيرين منهم يشيدون بي".


ربما لا يعرف الكثيرون من جمهور ومحبي سميرة أحمد أنها أصدرت ألبومين وبعض الأغانى السينجل، وكان أول ألبوم باسم "ماليش غيرربنا" وحقق نجاحاً غير متوقع، ولذا طرحت من بعده الألبوم الثاني "مبعرفش أنام"، فيما طرحت 3 أغاني سينغل، "يعمل اللي يعجبه، "قوة الشخصية"، و"قلت عليه حبيبي"، وهي من أكثر الأغاني التي تُطلب منها باستمرار في الأفراح، إلى جانب أغاني كبار نجوم الطرب الشعبي.

"أحب أن أواجه الصعوبات في حياتي، وأنا بطبيعتي أحب التحديات (وقد كل تحدي مريت بيه وبكون سعيدة وأنا بتحدى نفسي وكل اللي حواليا وأنجح)"

تحدثنا سميرة عن حياتها بعيداً عن الفن، وتؤكد أنها تعيش كأي ربة منزل مصرية، تهتم بتفاصيل بيتها وزوجها إذا لم يكن لديها عقود جديدة على أفراح، أما إذا كان هناك فرح جديد فالوضع يختلف.


تفسر: "لو في فرح ببدأ مع جوزي اللي بعتبره أهم حاجة في حياتي، في تحضير الملابس التي سأظهر بها، ونختار معاً الأغاني، وأنا أثق جداً في اختياراته، وبعد ذلك أبدأ مع الفرقة في إجراء البروفات، حتى يخرج الفرح في أفضل صورة ممكنة".

وماذا لو صادف وطلب أي من حضور الفرح أو أهل العريس والعروس أغاني غير التي أعددتها؟ تجيب: "هقدمها طبعاً، الحمد لله أنا حافظة تقريباً كل الأغاني الشعبية القديمة والحديثة".

ماذا لو طلبوا منك أن تغني مهرجانات وهو اللون الذي يحظى بإقبال كاسح خلال الفترة الماضية على أغلب المستويات؟ ترد: "الناس الشعبية حساباتها مختلفة وأنا لا أمانع في تقديم أغاني المهرجانات بشرط يكون كلامها بعيداً عن الإسفاف والابتذال".

لم تعان سميرة من إعاقتها، تماماً مثلما لم تعرف المعاناة، بسبب عدم الإنجاب، غير أنها أكدت أنها لو رزقت بأولاد فلن تقبل أن يمهتنوا نفس المهنة كونها صعبة للغاية.

تكمل: "أنا حياتي كلها على سكة سفر، لأني دايماً مسافرة من فرح لفرح ومن حفلة لحفلة، ورغم أنه أمر مرهق للغاية، إلا إني سعيدة بأمر كهذا، ولم أشعر يوماً بالتعب، حتى في عز تعبي بجي على نفسي عشان الجمهور".

حققت سميرة أغلب الأمنيات التي رسمتها في مخيلتها منذ الصغر، وتؤكد أن أحلامها لن تتوقف عند حد، فهي تحلم بأن تحقق شهرة أكبر، ويلمع اسمها في الوطن العربي والعالم كله، وهي واثقة أنها بإرادتها الصلبة ستصل يوماً إلى كل ما تحلم به، غير أن هناك أمنية وحيدة لم تتحقق حتى اليوم، وهي أن تقف من جديد على قدميها.

تختتم سميرة: "كان نفسي أعمل عملية عشان أمشي على رجلي، لكن الظروف لم تسمح ومش بحب أتكلم في الموضوع ده كتير عشان بتكسف، وعشان الناس بتفهم الكلام ده غلط خصوصاً وإني مشهورة، لكني واثقة من إن ربنا شايللي حاجة أحسن".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard