شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الحرَف والفنون التراثية... جراحات عميقة في قلب مصر

الحرَف والفنون التراثية... جراحات عميقة في قلب مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 26 نوفمبر 202105:16 م

تزامناً مع اختتام "مهرجان الحرف التقليدية والتراثية" بالقاهرة منذ أيام (تشرين الثاني/نوفمبر 2021)، الذي ينظمه قطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع مجموعة من الهيئات ومؤسسات المجتمع المدني، بهدف صون الهوية وتعزيز الانتماء وتنمية المجتمع والارتقاء بالفنانين والصنّاع المهرة، وتطوير منتجاتهم وأشغالهم اليدوية، تثار الكثير من الأسئلة والقضايا الشائكة حول أوضاع هؤلاء الفنانين والحرفيين المحليين، وطبيعة المشكلات والأزمات التي يعانونها في سبيل حفاظهم على موارد رزقهم، وحماية فنونهم النادرة من الاندثار.

ويبدو أن الجهود التي تقوم بها المؤسسة الرسمية المصرية هي ذات أثر محدود للغاية في تحفيز هؤلاء "الصنايعية" المتخصصين على مواصلة الإنتاج والعطاء بما يتلاءم ومتطلبات العصر، فالأمور تستلزم المزيد من التخطيط والدعاية والتسويق الجيد، للارتقاء بالمبدعين الموهوبين وتطوير منتجاتهم وربطها بحركة الحياة واحتياجات البشر وترويجها في الأسواق المحلية والعربية والعالمية.

وهذا يتطلب كذلك دراسة جادة للعقبات الحقيقية التي تواجه هؤلاء الفنانين الحرفيين، والعمل على دعمهم بسياسات وإجراءات عملية وفتح منافذ جديدة لهم، لتبقى الحرف التراثية من قبيل أشغال الصدف والنحاس والجلود والفضة والحليّ والخشب والأواني الزجاجية والسيرما والملابس الشعبية والكليم والتطريز والسجّاد، والرسم على أوراق البردي، وغيرها، من الفنون التي تعكس وجه مصر الإسلامية والقبطية والفرعونية على قيد الحياة.

وتنفرد القاهرة بكونها ملتقى للحضارات المتعاقبة، منذ العهد الفرعوني فالقبطي فالإسلامي حتى يومنا الراهن، ما جعلها واحدة من أخصب المدن التراثية التي انصهرت فيها الحضارات، ولا تزال خرائطتها المعمارية والتشكيلية والبصرية، والفنية والإبداعية على وجه العموم، مزيجاً من الروافد المتنوعة، ذات النهكات المتباينة المرنة، القابلة للتفاعل مع الآخر، محتفظة بجذورها وأصالتها.

وقد بلغ الاهتمام بالأشغال والصناعات اليدوية مداه في القاهرة الإسلامية، ليس فقط باعتبارها فنوناً مبهرة ذات جماليات تعبيرية خاصة، وإنما لتلبية الاحتياجات البشرية في المقام الأول، في داخل مصر وخارجها، واندرج الفنانون المدرّبون والشعبيون تحت مظلة نظام الطوائف الحرفية، حيث راحت كل فئة تتبع قواعد محددة، وكان يرأس كل جماعة شيوخ المهنة وأساطينها.

تعريف الأجيال الجديدة بإرث الأجداد الحِرَفي والفني والجمالي من شأنه الإسهام في مواجهة الأفكار الهدّامة 

وعُرفت في القاهرة الإسلامية، الفاطمية والمملوكية والعثمانية، شوارع ومناطق وأحياء كثيرة بأسماء الصناعات والفنون المنتشرة بها، ما بين الزجاج المعشّق والخيامية والملابس والنحاس والفضة والذهب والصدف والعاج والأقمشة المطرزة والأواني المزخرفة والحليّ والمنسوجات القطنية والحريرية وغيرها، واقتربت بعض الشوارع، مثل شارع المعزّ، من أن تتحول إلى متاحف مفتوحة تضج بالحركة والجمال، بالإضافة إلى قدراتها التسويقية الفائقة.

النوايا الطيبة لا تكفي

تشكّل هذه الصناعات والفنون الموروثة عبر الأجيال، وغيرها، إلى جانب الابتكارات المعمارية، ملامح مصر الإسلامية، مثلما كانت فنون وحرف تقليدية أخرى معبرة عن العصور والحضارات السابقة، الأمر الذي يُكسب مهرجان الحرف التقليدية بالقاهرة أهمية حقيقية؛ ففي توثيق هذا التراث وتأصيله مُضيّ نحو تعميق الوعي وتعزيز الانتماء وبناء الشخصية المستقلة، كما أن تعريف الأجيال الجديدة بإرث الأجداد الحِرَفي والفني والجمالي من شأنه الإسهام في مواجهة الأفكار الهدّامة والتيارات المتطرفة ومحاربتها بسلاح القوة الثقافية الناعمة.

لكن هذه الشعارات النبيلة والنوايا الطيبة ليست كافية ليحقق المهرجان القاهري أهدافه المرجوّة ويترجم أحلامه إلى حقائق تمشي على أرض الواقع، فما تتطلبه الحرف التراثية والفنون التقليدية هو الاهتمام الفعلي بالقائمين على هذه المجالات من الفنانين المهرة والجهات والكيانات التي ترعاهم، ليتمكن هؤلاء المقاتلون المنسيوّن من مواصلة عطائهم، والاشتباك من جديد مع حركة الحياة كفاعلين ومؤثرين، لا كرموز محنّطة وكليشيات فلكلورية مستدعاة من الماضي، فأية حرفة أو صناعة أو مهارة فنية لا تتواءم بقدر مقبول مع مقتضيات المعاصرة ومتطلبات الواقع، فإن مصيرها إلى الذبول والاندثار.

إن النجاح المؤسسي في تفعيل هذه الأنشطة الفنية المهمة يجب أن ينبني على تجاوز ما هو تاريخي لصالح ما هو عملي، والاهتمام بكيفية توجيه الدعم المادي والمعنوي للمشاركين في هذه الصناعات القيّمة من أجل تطويرها وتوصيلها بسلاسة إلى ذائقة الناس وأيديهم واستخداماتهم، وتغليب التدقيق النوعي على التعداد الكمي. وتفتقد المؤسسة المصرية الرسمية الشق الأهمّ الذي يتوجّب على قطاعاتها إعطاؤه الأولوية، وهو الترويج للمهرجان والجهات المشاركة فيه، ولمنتجات الورش المتخصصة، وتوفير الدعاية الإعلامية والإلكترونية اللائقة، وعبر وسائل السوشيال ميديا وغيرها، لمخاطبة الشباب على وجه الخصوص، والتعريف بالمعروضات والمنتجات وعناصرها وخاماتها بوسائل عصرية جذابة، والعمل على تسويقها بآليات عصرية (عروض أونلاين، متاجر إلكترونية، منافذ للبيع الخارجي، إلخ).

ويبقى من الضروري كذلك احتضان الفنانين والصانعين المهرة من الأفراد، الذين يشتغلون في هذه الفنون التقليدية منزليّاً، وإعطاؤهم الأمان من حيث التكييف القانوني والمساءلة الضريبية وما إلى ذلك، وتكوين شبكة تربطهم بالجهات والهيئات المختصة بمثل هذه النشاطات، الأمر الذي يوسّع دائرة إقامة المعارض الجماعية، الفعلية والافتراضية، ويزيد فرصة التفاعل مع الجمهور، ويضاعف التأثير الجمالي، وينعش القدرة التسويقية.

سيطرة الأطر البيروقراطية

وفي حديثه لنا، يقول الفنان والناقد التشكيلي الدكتور عز الدين نجيب، مؤسس جمعية "أصالة" لرعاية الفنون التراثية المعاصرة، إن الحرف التقليدية هي الوعاء الحافظ لقيم التراث والأصالة، والغذاء الجمالي لكافة فئات الشعب بلا تمييز بين غني وفقير، وفوق هذا فهي مصدر بالغ الثراء والتدفق للموارد الاقتصادية، ومساحة هائلة لاحتواء الأيدي العاملة من كافة الأعمار والمستويات الاجتماعية والتعليمية، قادرة على أن تضخ تمويلاً هائلاً لميزانية الدولة وللنهوض بأوضاع الأسر المنتجة لهذة الحرف فى كل أنحاء الوطن.

ويرى الدكتور نجيب أن الاهتمام الطارئ مؤخراً بهذه الحرف لا يقيم نهضتها المرجوة، فليست المعارض السنوية والمراكز الصغيرة المتفرقة إلا مظاهر جزئية مؤقتة لا تحدث تراكماً كيفيّاً لحل القضية، ولا تصل نتائجها إلا إلى شريحة سطحية من الطبقات والشرائح العليا بالمجتمع، تستكمل بما تقتنيه منها وجاهة تدعي بها التميز بأشياء طريفة بلا فهم لأبعادها الثقافية والحضارية والجمالية. ويوضح أنه أفنى شخصيّاً عشرات السنين من عمره للكشف عن هذه الأبعاد وتقديم التجارب العملية لنشر الاهتمام بها عبر مراكز حكومية بوزارة الثقافة أو من خلال جمعيات أهلية، بخاصة جمعية أصالة، لكنها ظلت جهوداً فردية لا ترقى إلى المستوى القومي المؤسسي على نطاق الوطن.

الاهتمام الطارئ مؤخراً بهذه الحرف لا يقيم نهضتها المرجوة

لهذا، فقد توصل نجيب من خلال جمعية "أصالة" إلى طرح مشروع قومي للنهوض بهذا المجال، وتقدم به إلى اثنين من رؤساء الوزارة والعديد من الجهات الرسمية والأهلية، يتمثل فى إنشاء "المجلس الأعلى للحرف التقليدية"، ويتكون من رعاة بقطاعات عدة وزارات، إلى جانب خبراء في شتى المجالات الحرفية والتشكيلية والاقتصادية والتسويقية بمصر وخارجها، يشكلون مجلس الأمناء الذي يتمتع بصلاحيات واسعة بعيداً عن سيطرة الأطر البيروقراطية، وتسوده مرونة إدارية ومالية وحركية داخل البلاد وخارجها.

كما تنشأ عدة مراكز بالمشروع للتدريب والتثقيف والتوثيق والتصميم المستوحى من التراث بهدف التطور والتعايش بين التراث وأذواق ومتطلبات الحياة العصرية، ويستكمل المشروع بإيجاد مظلة للتأمين الصحي والاجتماعي للحرفيين، وتوفير الخامات وأدوات العمل التي تقتضيها بعض الحرف، والسعي إلى إحياء مشروع مدينة الحرف التقليدية الذي تراجعت عنه الدولة لأسباب غير معروفة، فهل نجد اليد التي تحتضنه من جديد؟!

برنامج لاستثمار الحرف اليدوية

من جهته، يوضح الباحث والناقد الدكتور مصطفى الضبع لنا أنه في ظل متغيرات عصرية أصبح كل ما هو نشاط إنساني (الثقافة) يمكن استثماره لخدمة الاقتصاد، والتراث بوصفه مساحة من الثقافة شريك أساسي لخدمة الاقتصاد، وهو ما يستلزم وعياً يتجه في محورين متتاليين يؤسس أولهما لثانيهما: الوعي بالتراث الإنساني بكل أشكاله، والتخطيط لاستثماره بما يحفظه أولاً ويجعله مصدراً اقتصاديّاً ثانياً.

ولأن مصر بلد يتميز بمكتنزاته التراثية ومن بينها مهارة أيدي أبنائه المتمثلة في فنون يدوية مهددة بالانقراض، فإن الحفاظ عليها ليس نوعاً من الترف بقدر ما هو مسؤولية الجميع، وهي مسؤولية تتطلب برنامجاً واعياً يراه الضبع يتمثل في عشر خطوات:

1- إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية لكل ممارسي الحرف اليدوية في مصر.

2- استقطاب كل المحترفين (والهواة) من ممارسي الحرف اليدوية وتسويق منتجاتهم.

3- إنشاء معارض دائمة لعرض المنتجات (في المطارات والمولات والأسواق الدائمة والمكتبات التابعة لوزارة الثقافة ووزارتي التعليم والتعليم العالي).

4- تخصيص أماكن في الجامعات من شأنها التعريف بالحرف واستقطاب الموهوبين من الطلاب إنتاجاً وتسويقاً.

5- إقامة معارض خاصة بالمنتجات مصاحبة للمؤتمرات المختلفة ومعارض الكتاب وكل الأنشطة الثقافية المختلفة.

6- تقديم برامج تليفزيونية تعمل على التوعية بالحرف والدعاية لها وتسويقها محليّاً ودولياًّ.

7- تسجيل الأنشطة وتسويقها إلكترونيّاً بلغات مختلفة حفاظاً عليها أولاً ودعاية لها ثانياً.

8- إقامة مدن حرفية - أو على أضعف الإيمان- أحياء حرفية تضم الحرفيين تنظيماً وتسويقاً ورعاية.

9- تشجيع الشباب على تعلم الحرف وتسويق منتجاتهم وإقامة المسابقات السنوية بينهم تخريجاً لأجيال تحفظ التراث الحرفي وتعمل على تطويره.

10- تكليف الملحقيات الثقافية المصرية في مختلف عواصم العالم لتقديم معارض فنية تنشيطاً وتسويقاً لتراث مصري متميز ومتفرد.

أزمات ومشكلات معقّدة

وتشير التشكيلية الدكتورة سماء يحيى، المهتمة بالأعمال البصرية التراثية واستعادة الحرف التقليدية في أعمالها المركّبة، في حديثها لنا إلى أن المشغولات اليدوية في عالمنا الحديث تحظى بأفضلية تجعل لها سعراً خاصّاً، وتميزت بين قطاع كبير من المستهلكين الذين يقدرون جمالية العمل اليدوي والمجهود المبذول فيه، وتفرده أمام النموذج السلعي الواحد الذي تنتجه الآلة بالملايين، ولا يعطي لمالكه القدر نفسه من الخصوصية.

فالمشغولات اليدوية قطع فنية، والذين يقتنون لوحة أو تمثالاً بالعقد أو الخاتم أو قطعة الأثاث أو السجادة أو معلقة الخيامية أو المشغول الجلدي أو الإناء الخزفي، فإن هذه المقتنيات تصبح بمثابة التعبير العملي عن شخصية صاحبها وثقافته وهويته.

وترى الدكتورة سماء أنه من الضروري وجود آلية لتعليم الحرفيين كيف يواكبون الذوق والموضة مع الحفاظ على طبيعة المنتج وأصالته، وأن هذه الصناعات قد بدأت تنقرض بسبب عدم وجود عمال مهرة وانصرافهم إلى أعمال أخرى أسهل وأسرع وأرخص وتدر مالاً، لذلك لابد من التطوير في أساليب الإنتاج وتوفير الدعم الحكومي والمادة للصناع لتوفير أجواء أكثر صحية وأقل جهداً للعاملين، وخلق مردود مالي يساوي الجهد المبذول، فالمردود الضعيف والجهد البدني الشاق أهم ما يهدد الحرف التقليدية.

عُرفت في القاهرة الإسلامية، الفاطمية والمملوكية والعثمانية، شوارع ومناطق وأحياء كثيرة بأسماء الصناعات والفنون المنتشرة بها، ما بين الزجاج المعشّق والخيامية والملابس والنحاس والفضة والذهب 

وهناك أيضاً مشكلة غزو المنتجات الأجنبية المقلدة، التي وإن كانت رديئة الصنع ومصنوعة من خامات كالبلاستيك والجبس فإنها توفر بديلاً أرخص للمشترين وهامشاً أكثر ربحية للصناع. وعلى سبيل المثال فإن منطقة خان الخليلي تمتلئ بمنتجات مقلدة رخيصة ورديئة للصناعات التقليدية من الصدف والألباستر والنحاس مصنوعة من البوليستر والجبس والبلاستيك والمعدن المطلي.

وهنا تأتي مشكلة أخرى هي التسويق، فأغلب العاملين في المجال أصحاب مبادرات فردية، ويبقى دور وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية مقصوراً على المعارض الفردية والمتنقلة مثل تراثنا وغيرها، والمبادرات التي لا توفر سوقاً أو دخلاً ثابتاً للصناع. وهنا يأتي السؤال: لماذا لا يتم إنشاء سوق ومركز ثقافي للصناعات التقليدية مثل سوق إسماعيلوف في موسكو، حيث يستطيع المستهلك زيارة متحف للحرف ومركز لرؤية كيفية التصنيع والشراء من الصانع مباشرة أو من تجار من كل المناطق لكل الحرف في مكان واحد؟

أفكار عصرية

وللتغلب على هذه العوائق، يجب اللجوء إلى التفكير خارج الصندوق، وإيجاد أفكار عصرية. وفي حديثه إلينا، يوضح المصوّر الفوتوغرافي وصانع الأفلام الوثائقية أحمد حامد (الذي أعد أفلاماً حول الحرف التراثية والتقليدية بمصر) أن انحدار الفنون التقليدية والصناعات التراثية بمختلف ثيماتها بمصر يعود بشكل كبير إلى ضعف النشاط السياحي في السنوات الأخيرة، حيث كانت هذه الأشغال تباع في المقام الأول لزوار مصر من الجاليات الأجنبية، وتظل المبادرات الحكومية والمهرجانات ومعارض الأسر المنتجة ومشاركات مصر في الكرنفالات الدولية جهوداً ضئيلة لا تكفي للحفاظ على هذه الحرف، وإنقاذ الورش من الإغلاق.

ويدعو أحمد حامد إلى بذل جهد أكبر في توثيق هذه الحرف والفنون التراثية والتقليدية، ليس فقط بالتصوير، وإنما بشكل مؤسسي ومدروس، وبالتعاون مع اليونسكو، مع ضرورة إيجاد آليات حديثة ومبتكرة لتسويق المنتجات، خصوصاً عبر الإنترنت، بإنشات بوابات ومنصّات متعددة اللغات لتسويق الأشغال المصرية عبر الحدود، وذلك للتغلب على ما انتاب السياحة من تراجع، وكذلك ضرورة توعية المصريين بأهمية أن يشتروا منتجات بلادهم من الصناعات اليدوية التي يبذل مبدعوها جهوداً كبيرة في إنتاجها، لتحمل روح الوطن وهويته وتاريخه، فهي كنز فني لا يقدّر بمال.

أما الباحثة شذى يحيى، المهتمة بالفنون التراثية والفلكلور، فتقول لنا إن الحرف والصناعات التقليدية جزء أصيل لا ينفصل عن ثقافة الشعب، وتعبير فني عن هويته. وهي في الوقت نفسه منتجات سلعية تخضع لتطورات العرض والطلب، ما يجعل من الضروري على الصانع أن يفهم كيف يجذب المشتري مع الحفاظ على تميز سلعته وهويتها، أي أن يلم بتطورات الموضة وتغيرات الذوق المحلي والعالمي، وأيضاً تفضيلات القطاع الأعرض من الزبائن، وهذا أهم سبب لمشكلة الصناعات والحرف التقليدية في مصر.

وترى شذى يحيى أنه لابد أن تتبنى الدولة والجهات الراعية دورات تثقيفية وتعليمية لتطوير مهارات الصانع وإكسابه الثراء البصري والخبرة والطرق الصحيحة والعلمية لتطوير شكل منتجه ومواصفاته لتتماشى مع العصر والذوق ومتطلبات السوق، مع الحفاظ على الطابع المميز للمنتج والهوية. كما يجب دعم المواد الخام وتوفيرها للصانع، فأغلب من يعملون في الصناعات التراثية يرجعون سبب ارتفاع أسعار منتجاتهم إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، وأن أغلبها مستوردة، وكذلك توفير نظام التأمينات والرعاية الاجتماعية للصانعين، وضمان سبل مناسبة ودعاية جيدة لتسويق المنتج محليّاً وعالميّاً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image