"تعرضت للضرب والتعذيب من قبل زوجي وإخوته وأخذت والدتهم اثنين من أطفالي. استضعفوني لأني ‘خادمة‘ (عاملة منزلية). حتّى أن أخا زوجي تحرش بي وأراد إقامة علاقة جنسية معي. لذا، هربت إلى السودان. كنت حاملاً ووضعت طفلي في معسكر كسلا للاجئين هناك. وفقدت وليدي سريعاً بعدما أصيب بالكوليرا.
لم يبق معي غير ابنتي (15 عاماً) فاصطحبتها إلى مصر أملاً في حياة هادئة بعيداً عن أي شخص قد يتعرف علينا ويدل أهل زوجي على مكاننا. وصلنا إلى أسوان (في صعيد مصر) حيث قابلنا أشخاصاً قدموا لنا المساعدة. ولأننا لم نكن نمتلك أي أموال للعيش، عرض أحدهم عليّ: ‘هتجوز بنتك وهصرف عليكم‘. كان قاسياً. بعد زواجه منها تمادى في ضربها وخنقها بالوسادة. كانت ابنتي تخبرني أن ‘المعاشرة معاه اغتصاب‘ وهي تبكي بحرقة. في نهاية الأمر أخذت ابنتي ورحلنا من منزله.
لم تتحسن الحياة إذ لم تكن لدينا فرصة للحصول على عمل كريم لأننا لا نمتلك وثائق لجوء نظامية. حتى الإساءات، لم نملك القدرة على الرد عليها أو اتخاذ موقف إزاء مرتكبيها. ذات يوم، تحرش شاب بابنتي، فنهرته فتشاجر معها وعادت إلى المنزل بجرح كبير في قدمها. لم نستطع التقدم بأي شكوى ضد المتحرش.
هربنا من الضرب والتحرش والاغتصاب -وفقدت ابني في رحلة لجوئي- وجينا لاقينا كل دا هنا… يا ريتنا ما نعيش".
"العنف الجنسي في حالات اللجوء"
ما سبق هو شهادة لاجئة إريترية وأم لأربع أطفال عرضتها مبادرة "برّه السور" النسويّة الكويرية في مصر، الخميس 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، في إطار حملتها بعنوان "العنف الجنسي في حالات اللجوء".
"هربنا من الضرب والتحرش والاغتصاب -وفقدت ابني في رحلة لجوئي- وجينا لاقينا كل دا هنا… يا ريتنا ما نعيش"... شهادة لاجئة إريترية عن تجربة العيش في #مصر
تسلط الحملة، التي تتزامن مع حملة الـ16 يوماً العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، الضوء على حوادث اغتصاب جماعية وفردية تعرضت لها لاجئات، منهن كويريات، خلال إقامتهن في البلاد، وهذا ما يفضح "عنف المجتمع البديل". وهي تأتي انطلاقاً من مشروع "برّه السور" النسوي وجهودها في ملف حقوق الأقليات الجنسية والدينية والعرقية.
أوضحت المبادرة أن لاجئات عديدات فررن من خطر الفقر والعنف الأسري وما شابه في مناطق النزاعات المسلحة أملاً في التمتع بـ"الأمان والمعاملة الإنسانية" في مصر، واجهن مصاعب تلاشت معها آمالهن وأحياناً رغبتهن في الحياة.
تسترشد الحملة بأرقام مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لعام 2019، والتي تشير إلى أن مصر تستضيف نحو 254 ألفاً من طالبي اللجوء واللاجئين من 56 دولة، بينهم 129 ألف لاجئ سوري و 47 ألف لاجئ سوداني، و19 ألفاً آخرين من جنوب السودان، و18 ألفاً من إريتريا و16 ألفاً من إثيوبيا وتسعة آلاف من اليمن وستة آلاف من العراق ومثلهم من الصومال.
وتعتبر "برّه السور" أن "الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر جعلت العديد من اللاجئات أكثر افتقاراً إلى مصدر دخل ثابت" والاعتماد عوضاً عن ذلك على المساعدات الإنسانية لتلبية حاجاتهن الأساسية، مشيرةً إلى تحديات أخرى تتعلق بفرص المعيشة المحدودة وحاجز اللغة.
ويقول القائمون على الحملة إنهم رصدوا انتهاكات جنسية للاجئات روين قصصهن مع عدم تقبل المجتمع لهن ومنحهن الفرصة للعيش بكرامة، أو فرص عمل سوى في مجال "الخدمة بالمنازل" الذي عرضهن وأطفالهن لاعتداءات جنسية وتحرشات داخل أماكن العمل، علاوة على "المعاملة المهينة".
لاجئات عديدات فررن من خطر الفقر والعنف الأسري وما شابه في مناطق النزاعات المسلحة أملاً في التمتع بـ"الأمان والمعاملة الإنسانية" في مصر، واجهن مصاعب تلاشت معها آمالهن وأحياناً رغبتهن في الحياة
إلى مَ تهدف الحملة؟
تظهر الشهادات تفاقم معاناة اللاجئات من التحرش والتنمر والخطف من الشوارع أحياناً لغرض الاغتصاب الجماعي، وفق القائمين على الحملة. ولا تتوفر إحصاءات رسمية عن حجم الاعتداءات الجنسية بحق اللاجئين وطالبي اللجوء، جزئياً، بسبب إحجام الضحايا عن الإبلاغ خوفاً من التعرض للترحيل من قبل الجهات الرسمية، أو الانتقام من الجاني المحتمي بمجتمع منطقته أو عائلته، أو بسبب عدم ثقة الضحايا في جدوى التبليغ.
وفقاً لمجموعة من الوثائق التي تثبت تعرض عدد من اللاجئات للاعتداءات الجنسية، ومقاطع فيديو لشهادات البعض منهن، تأمل الحملة في الضغط لأجل "خلق آليات حماية نفسية واجتماعية للاجئات" و"تسليط الضوء على حوادث الاغتصاب الجماعي والفردي للاجئات داخل مجتمعهن المستضيف" و"مساعدة اللاجئات على القضاء على مخاوفهن بتوعيتهن بضرورة الإبلاغ عن الاعتداءات".
تعرض الحملة فيلمين تسجيلين قصيرين عن شهادتين عن اغتصاب جماعي للاجئتين وأطفالهما، وتقدم ورشاً توعوية في عدة مناطق تضم لاجئات. وسيعرض في نهاية الحملة تقرير حول الآثار النفسية الناتجة عن حوادث الاغتصاب والتحرش باللاجئات، علاوة على برنامج للدعم القانوني للاجئات من مختلف الهويات والميول الجنسية.
وتناشد السلطات المحلية والدولية المعنية بملف اللاجئين "التدخل العاجل لإنقاذ اللاجئات" ودعم منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا الملف للقيام بدور أكبر في حماية هؤلاء النساء المهمّشات، وتوعية المجتمع بضرورة احترام اللاجئات وخاصةً ذوات البشرة السمراء وعدم التنمر على أي شخص على أساس اللون و/ أو العرق.
علماً أن القائمين على الحملة سيرسلون في نهايتها تقريراً شاملاً عن أوضاع اللاجئات اللواتي تواصلوا معهن إلى مكتب مفوضية اللاجئين الأممية في مصر لتوضيح واقع العنف الجنسي الذي تتعرض له اللاجئات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...