شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"مستعرفيم"... رعب إسرائيلي يستفحل في وجه الفلسطينيين بزيّ مدنيّ ولسان عربيّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 24 نوفمبر 202110:28 ص

أن تسير في منطقة تفترض أنها آمنة، لتفاجأ بأشخاص في ملابس مدنية يتحولون فجأة إلى وحوش تهاجمك، وتنهال عليك ضرباً ثم تعتقلك أو تطلق عليك الرصاص ببساطة، هذا هو تماماً ما تفعله وحدات "المستعربين" (مستعرفيم بالعبرية) الإسرائيليين بالمواطنين الفلسطينيين نساءً كانوا أو أطفالاً أو شيوخاً أو رجالاً.

ظهر "المستعربون" حتى قبل النكبة، يرجح في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو المصطلح الذي يشار به إلى قوات إسرائيلية خاصة قادرة على الانخراط في أوساط المواطنين الفلسطينيين بهوية فلسطينية أو عربية مزيفة. أسلحتهم في هذه المهمة هي ملامحهم الشرقية، وإجادة اللغة العربية، والقدرة على ممارسة طقوس الدين الإسلامي ببراعة، والمعرفة الواسعة بالعادات الفلسطينية.

وكثيراً ما يحمل هؤلاء المستعربون أسلحةً خفيفة يسهل إخفاؤها تحت ملابسهم.

أغراض تشكيل هذه الوحدات تعددت، أهمها الانخراط في أوساط الفلسطينيين في أماكن وجودهم بغية معرفة كيف يفكرون وما مواردهم وكيف يمكنهم مواجهة أي اعتداء على أراضيهم كما حدث إبان النكبة، بالإضافة إلى التجسس عليهم ومعرفة ما يدور في خلدهم وفي ما بينهم وتنفيذ عمليات اختطاف واغتيال. 

أحياناً، ترسل إسرائيل "مستعربين" إلى عمق الأراضي الفلسطينية لجمع معلومات أمنية أو تهيئة الطريق للقوات العسكرية الرسمية لشن حملات اعتقالات لفلسطينيين مطلوبين لديها.

أسلحتهم هي الملامح الشرقية وإجادة اللغة العربية… من هم المستعربون؟ وكيف استفحل خطرهم في الأعوام الأخيرة ضد الفلسطينيين؟

ما هي أبرز وحدات المستعربين؟

من "المستعربين" وحدات سرية تماماً ووحدات معروفة، ومنها ما هو حديث وما يعمل منذ عقود طويلة، وبعضها اختفت تماماً مثل وحدة "شمشون" التي كانت تعمل في قطاع غزة حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي.

وكانت أحدث وحدات المستعربين المعلن عنها قد أسستها السلطات الإسرائيلية في وقت سابق من هذا العام بذريعة مكافحة الجريمة في المدن والقرى العربية بالداخل المحتل.

أما أشهر وحدات المستعربين فهي وحدة "دوفدوفان"، أو "الكرز" بالعربية، التي أسسها رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك عام 1986.

وحدة "ياماس" هي ثانية وحدات المستعربين من حيث الأهمية، تتبع قوات حرس الحدود الإسرائيلية ويشرف على عملها الجيش الإسرائيلي والشاباك. ومهمتها الرئيسية التعامل مع الاضطرابات والاحتجاجات الفلسطينية، وتنفيذ الاعتقالات الخطرة والصعبة.

 ويمكن القول إنها تنقسم إلى ثلاث وحدات فرعية تعمل أولاها في الضفة الغربية وثانيتها في الجنوب وثالثتها في القدس المحتلة. 

بعدما اندسّوا وسط الفلسطينيين طوال سنوات وساهموا في قيام إسرائيل، أصبحت وحدات المستعربين محددة بمهمات قصيرة الأجل لكنها خطرة، بينها الاعتقالات والاغتيالات وجمع المعلومات

هناك أيضاً وحدة "جدعون" التي تتبع الشرطة الإسرائيلية، وتتعامل مع أي هجمات ضد أهداف إسرائيلية وأعمال العنف المتعلقة بالقومية، وتخضع لإشراف وحدة التحقيقات "لاهف 433" - وهي وحدة مكافحة الجريمة في الشرطة الإسرائيلية وتعرف أيضاً بـ"شعبة مكافحة الغش والخداع".

خطورتهم تتفاقم

خلال المدة الأخيرة، باتت وحدات "المستعربين" أو القوات الخاصة الإسرائيلية، التي انتشرت في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) والمخابرات وغيرها من أجهزة الأمن، مصدر رعب في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تهاجم دون إنذار وفي أي وقت بكل وحشية وعنف. 

وبينما لا تستنكف إسرائيل عن انتهاك حقوق الفلسطينيين علناً والاستخفاف بالقوانين ومواثيق حقوق الإنسان، توفر لها قوات المستعربين في زيها المدني المشابه للملابس الفلسطينية مع الوجوه الملثمة، مجالاً أوسع لارتكاب مزيد من الفظائع بحق هؤلاء المواطنين الذين تحتل أراضيهم. كما يسهّل عنصر المفاجأة المرتبط بالتنكر عمليات هذه الوحدات.

وبتنا نقرأ ونشاهد بانتظام حوادث اعتقال عنيف أو اعتداء "القوات الإسرائيلية الخاصة"، بالضرب المبرح على فلسطينيين، وفيهم أطفال قد لا يتجاوزون الـ13 ربيعاً.

وتيرة المداهمات والاعتقالات التي يقوم بها "مستعربون" أو يشاركون جنود الجيش الإسرائيلي فيها ازدادت أيضاً في الأشهر الأخيرة. علماً أن عمليات "المستعربين" تتم عادةً بغطاء من الجيش الإسرائيلي براً أو جواً وإن لم يظهر الجنود بوضوح في المشهد.

بينما لا تستنكف إسرائيل عن انتهاك حقوق الفلسطينيين علناً  والاستخفاف بالقوانين الإنسانية ومواثيق حقوق الإنسان، يوفر لها المستعربون بزيهم الفلسطيني ووجوههم الملثمة مجالاً أوسع لارتكاب المزيد من الفظائع بحق المدنيين

مساء الاثنين 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، أفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن وحدة من "المستعربين" اعتقلت شاباً من مدينة قلقيلية في مكان عمله.

وقبيل ساعات، أبلغت وسائل إعلام فلسطينية عن حملة اعتقالات مستمرة، ليلة الاثنين وصباح الثلاثاء، في الضفة الغربية والقدس المحتلتين تقودها وحدة "دوفدوفان"، بمساندة جنود من الجيش الإسرائيلي.

وقبل ثلاثة أيام، اعتقلت مجموعة من "المستعربين" ثلاثة شبان فلسطينيين قرب مفرق بيتا في بلدة حوارة (جنوب نابلس). وأظهرت لقطات مصورة الوحشية التي تمت بها العملية.

والشهر الماضي، نشر الناشط الفلسطيني محمد الكرد مقطعاً مصوراً لمجموعة من أفراد "المستعربين" وهم يستهدفون شباباً مقدسيين بالذخيرة الحية. وأوضح الكرد أن الحادثة جاءت خلال محاولة اعتقال "المستعربين" شاباً فلسطينياً.

يشار إلى أن دراسة فلسطينية سابقة وثّقت تنفيذ وحدات المستعربين 54 عملية اغتيال في غضون أربع سنوات، بين الانتفاضة الأولى (بين عامي 1987 و1993)، و74 عملية اغتيال أخرى إبان الانتفاضة الثانية (بين عامي 2000 و2005).


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image