شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"يفرضون علي أغنيات هادئة حتى لا يتفاعل الجمهور"… مطربون وحفلات في غزة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 نوفمبر 202102:41 م

يشهد قطاع غزة نشاطاً غنائياً ملحوظاً في الكافيهات والفنادق ومناطق تجمعات أخرى منذ الصيف الماضي بعد ركود دام سنوات طويلة لأسباب عدة، منها أن المجتمع الغزي محافظ وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

مؤخراً، شهدت الأمسيات الغنائية حالة نهوض في فنادق غزة ومنتجعاتها السياحية. توجه رصيف22 لحضور أمسية طربية في فندق "الديرة"، وحفلة تخرج طلاب بجامعة فلسطين. ثمة تفاعل كبير من الجمهور مع هذه الحفلات والأمسيات، وفرحة كبيرة تعم وجوه الشبان والشابات، وكأنه شيء جديد على القطاع.

طغى هدير الطائرات والخطاب السياسي على صوت الحياة.

إيقاعات غزة المتسارعة والمتداخلة لم تثن المطرب الشاب عبد الرؤوف البلبيسي عن عبور حقول الألغام، بحثاً عن إيقاع حياته في وقت طغى هدير الطائرات والخطاب السياسي على صوت الحياة الخافت في المدينة الغائمة.

رؤوف مطرب شاب أنهى دراسة الملتميديا، لكنه اتجه إلى الغناء لأن صوته مميز ببحة لآسرة، كما أنه صقل موهبته، وبات يجيد العزف على آلات البيانو والغيتار والعود.

يقول رؤوف (26 عاماً) لرصيف22: "اكتشفت موهبتي في الغناء وأنا في العاشرة من عمري، وبدأت بصقلها من خلال الممارسة والتعلم عبر الفضاء الإلكتروني، وقراءة الكتب الموسيقية، إلى أن أصبحت مؤهلاً للمشاركة في الأمسيات الطربية العائلية والفنادق والمنتجعات السياحية. بتّ معروفاً، ولدي جمهوري الذي يشجعني ويدعمني".

معهد يتيم للموسيقى

وبين ثنايا غزة التي كانت تتمايل على إيقاع القذائف الارتجاجية، لن تعثر سوى على معهد يتيم لتعليم الموسيقى، معهد "ادوارد سعيد لتعليم الموسيقى للهواة"، وفي هذا الفراغ بدأت مرحلة البحث عن المراجع الموسيقية في المكاتب القليلة المتناثرة في شارع الجامعات أو لدى أساتذة موسيقى مغمورين لم تسنح لهم الفرصة لتقديم أنفسهم بشكل أفضلًودرس المقامات الموسيقية.

 "أشعر بأنني محاصر في غنائي... يفرضون علي خلال إقامة الحفل أن أغني أغنيات هادئة جداً، حتى لا أجعل الجمهور يتفاعل معي، وليس مسموحاً أن أمشي بين الحضور"

ويضيف رؤوف: "عندما أصبحت في الـ19 من عمري بدأت المشاركة في الحفلات والأمسيات الطربية، ولم تكن الدروب مفروشة بالزهور، واجهت العديد من الصعاب، لعل أبرزها القصور المجتمعي في النظرة إلى الفنان، ناهيك بالحصار وصعوبة الحصول على الآلات الموسيقية، مع غياب شبه تام للجهات الراعية للموهوبين، لذا اجتهدت وحاولت تطوير ذاتي، وبدأت أتلمس طريقي للنجومية".


ويتابع: "شاركت في العديد من المسابقات الغنائية العربية الشهيرة، مثل برنامج Arab Idol، وبرنامج The Voice في الأعوام 2014 و 2015 و2016 و 2019، وتم قبولي للمشاركة في تلك البرامج، بيد أن تشديد الحصار وإغلاق المعابر حالا دون سفري وتحقيق أحلامي".

وكان مقرراً أن يشارك رؤوف في مهرجان على مسرح "الحكواتي" بمدينة القدس المحتلة، بيد أن القيود الإسرائيلية على السفر أعاقته، فلم يتمكن من تجاوز المعبر، وعاد أدراجه إلى غزة.

"الكثير من العرائس يأتين قبل موعد زفافهن لتسجيل أغانٍ بأصواتهن كتذكار جميل... وبعضهن يسجلن أغانيهن دون الكشف عن أسمائهن، خوفاً من نظرة المجتمع"

لم ييأس رؤوف، واستمر في محاولاته إلى أن شارك في مهرجان مصر الدولي لموسيقى الفرانكو عام 2018، وحصل على المرتبة الثانية على مستوى العالم العربي، كما شارك في مهرجان فلسطين الدولي للغناء.

راهناً، يقدم رؤوف فقرات فنية وأمسيات طربية في فندقي الديرة والروتس، ويقوم بإحياء الأفراح وأعياد الميلاد، ويطمح إلى جولة فنية في عدد من الدول.

ويتحدث رؤوف عن المعوقات التي تواجهه في إقامة الحفلات: "يفرضون علي خلال إقامة الحفل أن أغني أغنيات هادئة جداً، حتى لا أجعل الجمهور يتفاعل معي، وأيضاً ليس مسموحاً أن أمشي بين الحضور. هذه القيود تجعلني أشعر بأنني محاصر. كيف أؤدي أغنيات لاحتفالات رأس السنة أو غيرها من المناسبات بدون تفاعل الجمهور، أو حتى تصفيقهم".

جميعهم يدعمونني

"في البداية كنت خجولاً، ولا أملك القدرة على الوقوف أمام الجمهور والغناء، ولكن بعد نيلي شهادة الثانوية العامة، بدأ الجميع بتشجيعي بسبب جمال صوتي، وعملت على المزاوجة بين دراستي الجامعية وفني حتى نلت شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وصقلت موهبتي بالغناء"، يحكي المطرب حسام الفالوجي (29 عاماً).

ويضيف: "واجهت العديد من التحديات، مثل ثقافة المجتمع، الذي كان فيه الفن ليس مرغوباً، ولكن الثقافة الآن بدأت تتغير، وصرت أوصل رسالتي من خلال صوتي وإحساسي للناس. وهذا ما جعل الآلاف من الجمهور يتابعونني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أتاح لي التعرف على الموسيقيين والمطربين والكتاب والملحنين، وجميعهم كانوا يدعموني".

ويتابع: "جميع المطربين في غزة لديهم روح جميلة، ورسالة يريدون إيصالها بالموسيقى والغناء. أعمل اليوم مع فرقتي التي أسميها "بديل"، وقمنا بالمشاركة في مهرجان فلسطين الدولي، وفي مهرجان البحر والحرية في قطاع غزة، والآن أنتجت أغنية عنوانها سهران".

مغنيات

الزوجان لينا أبو شرخ ومحمد طافش أنشآ شركة انتاج اسمها (jolia voice) للتخلص من شبح البطالة، ولتصميم الأغاني للأفراح، ونسّقا مع بعض المطربين لإنشاء أغانٍ بأصواتهم، تقول لينا لرصيف22: "واجهنا العديد من الصعوبات لإنتاج شركتنا، فهي مكلفة اقتصادياً. لدينا الآن عدد كبير من المطربين وأربع مطربات".

وتدافع لينا بشدة عن وجود العنصر النسائي في شركتها، تقول: "عادات المجتمع الغزي ترفض مثل هذا الموضوع، لذلك هن يأتين إلينا ليؤسسن أغنيات بأصواتهن، ويجدن فرصتهن، ولكن يرفضن الإفصاح عن أسمائهن لأحد، خشية من نظرة المجتمع إليهن".

وتضيف: "المطربة التي تأتي لشركتنا تكون عائلتها مهتمة بالموسيقى والطرب بالوراثة، أو تأتي بالسر دون علم عائلتها لتحقيق رغبتها في أن تغني. فالمجتمع الغزي محافظ بشكل كبير. هناك الكثير من العرائس يأتين قبل موعد زفافهن لتسجيل أغان بأصواتهن كتذكار جميل".

"أصبح مطعمنا مزدهراً"

أصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية باتوا يرون في الأمسيات الفنية منقذاً لهم في ظل الركود الاقتصادي، الذي أصاب قطاع غزة منذ نحو 15 عاماً.

علاء عبدو، صاحب مطعم وكافتيريا (heavens)، يقول لرصيف22: "أنشأت المطعم عام 2019، لكن جائحة كورونا فرضت علي إغلاقه مدة عام كامل، إضافة إلى ذلك جولة التصعيد التي شهدتها غزة قبل ثلاثة أشهر، والحصار الذي تسبب في ارتفاع أسعار كل ما يتعلق بالمطاعم".

ويضيف: "لكن في موسم الصيف الأخير، بدأت الحياة تدب مرة أخرى في القطاع، وانطلقنا في استضافة أمسيات فنية لمطربين شباب، مما ساعد في رفع معدلات الإقبال على المطعم. ونحن فرحون جداً بما نقدمه للجمهور الذي دوماً يسأل عن الأمسيات والفنانين".

ويتابع علاء: "لدينا المطربون رؤوف البلبيسي ومحمد البراوي وحسام الفالوجي وطارق البحيصي، وهم يقدمون حفلات وأمسيات طربية أسبوعياً، وكل مطرب له جمهوره الخاص".

ويتحدث صاحب فندق غراند بالاس، معتز نصار، عن علاقة مشروعه بالغناء، فقد أنشأ قبل 21 عاماً فندقاً مكوناً من قاعات أفراح، وقاعات للمؤتمرات، وورش عمل، وكوفي شوب، ومطعم. تضرر الفندق بشكل كبير بسبب الحصار، وجائحة كورونا.

أما عن علاقة أصحاب تلك المشاريع مع الجهات الرسمية، وتجاوبها مع تلك الأمسيات، فيكتفي علاء بالإشارة إلى وجود تعاون مع وزارة السياحة في هذا الخصوص، معبراً عن ارتياحه لهذا التعاون، وعن أمله بتطور الحالة الفنية في قطاع غزة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image