شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"لا صلاح قوي بدون محرز، ولا محرز قوي بدون صلاح"... من هو "فخر العرب"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 5 أكتوبر 202112:21 م

مراراً وتكراراً، يتشاجر جمهور كرة القدم في مصر والجزائر على من هو الأجدر بلقب "فخر العرب". المصريون يعتبرون أن نجمهم الألمع في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، هو الأحق به، بينما يتمسك الجزائريون بأن رياض محرز، المحترف في نادي مانشستر سيتي الإنكليزي، هو الأولى به.

جددت المباراة المثيرة بين الفريقين الإنجليزيين، مساء الأحد 3 تشرين الأول/ أكتوبر، "الخناقة الكروية الإلكترونية" بين جمهور البلدين أو قل جمهور اللاعبين. المباراة التي انتهت بتعادل إيجابي، بهدفين لكل فريق، على ملعب "آنفيلد"، تألق خلالها "الملك المصري" وأحرز هدفاً ساحراً وصف بأنه "مارادونياً"، بينما جلس محرز على مقاعد البدلاء.

كفّة صلاح أثقل؟

منذ انتهاء المباراة، لم يتوقف التراشق بين الجمهورين -الجزائري الذي يعتبر محرز أفضل وأكثر مهارة لكن غير محظوظ، ملقياً اللوم على المدرب بيب جوارديولا لعدم بداية المباراة به، والجمهور المصري الذي جادل، كما فعل المحلل الرياضي خالد بيومي، بأن صلاح "هو الأفضل في العالم حالياً" ولا تستقيم مقارنته بمحرز أو غيره.

الجمهور الجزائري يتمسك بأن #رياض_محرز هو "فخر العرب" الحقيقي وليس #محمد_صلاح أول من أُطلق عليه اللقب. وصحافي جزائري يقول إن هذا أمر "جائز وصحي"، كيف؟

وجّه مقدم البرامج في قناة النادي الأهلي المصري، محمد فارس، رسالة إلى الجمهور الجزائري قال فيها: "إلى الأشقاء في الجزائر: رياض محرز لاعب كبير أي محب لكرة القدم يقدر موهبته. ولكن التفوق على صلاح لا يحدث بالكلمات أو التغريدات ولكن بالأرقام وإذا تحدثت الأرقام تفوّق صلاح بفارق كبير للغاية عن محرز".

في محاولة لدعم حظوظ صلاح في المقارنة على ما يبدو، صمم موقع اليوم السابع المصري إنفوغراف للمواجهات التي شارك فيها اللاعبان العربيان أحدهما ضد الآخر. خلال خمس مواجهات، بين صلاح بقميص ليفربول ومحرز بقميص ليستر سيتي ثم مانشستر سيتي، منذ عام 2017، فاز كل لاعب في مواجهتين وتعادل في واحدة وخسر مواجهتين. لكن صلاح سجل أربعة أهداف مقابل صفر لمحرز.

أما موقع "يلا كورة" المصري الرياضي، فأجرى مقارنة بين اللاعبين على صعيد مشاركاتهما في الدوري الإنجليزي قبل مواجهة السيتي وليفربول الأخيرة. ووجد أن صلاح لعب 164 مباراة سجّل خلالها مئة وهدفين وصنع 36 أخرى، مقابل 231 مباراة شارك فيها محرز وسجل خلالها 67 هدفاً وساهم في 47 أخرى.

يبدو أن المعلق الرياضي التونسي رؤوف خليف قرر ألا يقف محايداً في "الخناقة" هذه المرة، فغرّد الاثنين 4 تشرين الأول/ أكتوبر: "محمد صلاح الخرافي والمذهل. الحقيقة الناصعة غصباً عن الكل في العالم وأن صلاح حالياً هو الأسرع والأخطر والأروع بعيداً عن شماعة الانتماء لأن أقدام صلاح تغرد لوحدها خارج السرب وأرقامه تتكلم قبل أقدامه".

وذكّر خليف بأن محمد "فخر العرب كما سميته أنا أولاً والباقي تقليد"، واصفاً إياه بـ"الجوهرة المصرية". وتعرض خليف بالطبع لتعليقات حادة من جمهور محرز.

وقال نظيره المعلق الرياضي عصام الشوالي إنه يأمل أن يفوز صلاح بالكرة الذهبية لأنه "يستحق كلاعب وإنسان ورمز ومثال للشباب العرب".

"الجزائريون يرون في محرز أفضل طريقة للتعبير عن جزائريتهم…"

"مقارنة صحية"

الصحافي الرياضي المصري أحمد شاكر قال لرصيف22 إن لغة الأرقام تدعم حظوظ صلاح في المقارنة مع محرز، معتبراً أن الاشتباك الإلكتروني بين جمهوري البلدين واللاعبين "أمر طبيعي جداً" لأن اللقب "ارتجالي وليس مبنياً على استفتاء أو معايير محددة".

وأضاف أن مثل هذا الخلاف قد يتكرر بين أي لاعبين عربيين آخرين إذا أظهرا نفس التفوق في إحدى الدوريات العالمية، مقترحاً إجراء استفتاء يختار فيه العرب من هو "فخرهم الحقيقي" بين رياض وصلاح مع استثناء الشعبين المصري والجزائري.

وتابع شاكر: "بدون أي تحيز وطني، صلاح الأحق باللقب. هذا ما تقوله أرقامه الشخصية وعلى صعيد ما حققه من بطولات. ولا أُنكر أن ما حققه محرز مع منتخب بلاده أفضل من صلاح وحقق بطولة الدوري الإنجليزي. لكن ماذا أيضاً؟ صلاح حقق دوري الأبطال الأوروبي وكأس العالم للأندية والدوري الإنجليزي ومرات عديدة حصد لقب أفضل لاعب هناك".

ورأى الصحافي والكاتب الجزائري نجم الدين سيدي عثمان: "الخلاف على من هو فخر العرب هو مجرد اختلاف في وجهات النظر. وهو يعكس بدرجة أكبر تميز اللاعبين وشعبيتهما الواسعة. انحياز كل شعب لابن بلده أمر طبيعي أيضاً بل أراه تعبيراً عن الهوية. الجزائريون يرون في محرز أفضل طريقة للتعبير عن جزائريتهم والمصريون كذلك".

ولفت عثمان إلى أن الصراع على اللقب بدأه الإعلام الرياضي وتخطى المشجعين العرب إلى الجمهور الأوروبي. قال: "في البداية أُطلق اللقب على صلاح. ثم تساءل صحافيون عمن أحق باللقب بعدما حقق محرز بطولة أفريقيا عام 2019 مع الجزائر بجانب نجاحاته في أوروبا. وفي تموز/ يوليو من العام الماضي، دخل نادي مانشستر سيتي على خط الجدل حين نشر صورة لمحرز معلقاً عليها ‘فخر العرب الحقيقي‘. هذا يعني أن الخلاف تجاوز التناطح بين المشجعين العرب إلى تنافس بين الأندية الأوروبية ومشجعيها".

لا يرى عثمان مشكلة في اعتبار كل من صلاح ومحرز فخر العرب لأن ما حققاه يمنحهما الاستحقاق الكامل للقب، وإنما يقول إن تنافسهما يشرّف الرياضة العربية في المحافل العالمية ويشجع اللاعبين الصاعدين على الاقتداء بهما، معرباً عن اعتقاده بأن علاقة اللاعبين، أحدهما بالآخر، جيدة وبعيدة تماماً عمّا يحدث من مشاحنات على السوشال ميديا.

"المقارنة بينهما جائزة بل صحية. لا صلاح قوي بدون محرز، ولا محرز قوي بدون صلاح. والرياضة صعود وهبوط. في وقت كان محرز أفضل من صلاح وفي مرحلة لاحقة صلاح أصبح أفضل، لا مشكلة في ذلك"، أضاف.

تراكمات...

في غضون ذلك، أوضح الناقد الرياضي المصري أحمد درويش لرصيف22: "أولاً، بالأرقام سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الفرق مو أظهر تفوقاً لافتاً على محرز في كل الجوانب. أرقام مو مرعبة وخرافية".

واستفاض: "للموسم الخامس ينافس صلاح على لقب هداف الدوري الإنجليزي. وقد حقق دوري أبطال أوروبا. كما حصد لقب أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي عام 2017"، متابعاً بأنه "كقيمة تسويقية أيضاً صلاح أعلى. ومو أكثر نفعاً لبلده في الجانب الإنساني وتبرعاته وخدماته لا تخفى على أحد".

رؤوف خليف يدعم #محمد_صلاح: "فخر العرب كما سميته أنا أولاً والباقي تقليد"، وصحافي مصري يقول إن "الخناقة" على لقب "فخر العرب" سببها "تراكمات" في تاريخ منافسات مصر والجزائر الكروية

أما على صعيد المهارة، فقال درويش إن صلاح "اللاعب العربي الوحيد الذي نافس ضمن أفضل ثلاثة لاعبين في العالم خلال العشرين عاماً الأخيرة".

من وجهة نظره، الخلاف بين الجمهورين أبعد من اقتناع بمهارة محرز أو صلاح، بل تمتد إلى "تراكمات قديمة بين جمهوري البلدين تغذيّها التعليقات على السوشال ميديا". 

لا يتفق شاكر أو عثمان مع هذا الرأي. قال عثمان: "صفحة المشاحنات القديمة بين مصر والجزائر طويت. لو كان هناك لاعب آخر في إمكانات صلاح وإنجازاته من تونس الأقرب للجزائر ويتنافس مع محرز لحدث نفس التناطح". قال شاكر نفس الرأي تقريباً.

تاريخ من المواجهات العنيفة

كان درويش يقصد من كلامه التاريخ الطويل من المواجهات العنيفة بين البلدين في المنافسات الرياضية. إحدى أكثر مواجهات المنتخبين شراسةً كانت عام 1989، وقد أُطلق عليها "معركة القاهرة"، ووصلت بعدها مصر إلى كأس العالم عام 1990 على حساب الجزائر.

أوردت تقارير صحافية آنذاك أن مشاجرة جماعية بين الجانبين وقعت بعد المباراة أفقدت أحد أفراد الجهاز الفني المصري البصر في إحدى عينيه. واتهمت السلطات المصرية اللاعب الجزائري الأخضر بلومي بالمسؤولية عن الحادث رسمياً، وصدرت في حقه مذكرة توقيف، وظل مطلوباً في مصر لـ20 عاماً. علماً أن الجمهور المصري ألقى بزجاجات على اللاعبين الجزائريين أثناء خروجهم من الملعب تحت حراسة الأمن.

مباراة أخرى استضافها استاد عنابة الجزائري عام 2001 ضمن تصفيات مونديال كأس العالم لعام 2002 كانت شاهدةً على عنف جماهيري إذ ألقت الجماهير الجزائرية الزجاجات الفارغة في أرض الملعب. لاحقت بعض الجماهير حافلة الفريق المصري وكسرت نوافذها وأحدثت إصابات لبعض أفرادها.

مجدداً تكررت أعمال الشغب بين الجانبين في عام 2009، هذه المرة بين الجمهورين حين لعبت مصر والجزائر مباراة فاصلة لحسم المنتخب المتأهل إلى كأس العالم 2010.

فازت الجزائر بهدف دون رد في المواجهة التي احتضنتها العاصمة السودانية الخرطوم. بعد المباراة، وقعت أعمال شغب وعنف في البلدين غذّتها وسائل الإعلام، وخُرّبت شركات مملوكة لمصريين في الجزائر.

وفي عام 2011، عقب فوز المنتخب الجزائري على نظيره المصري في نهائي بطولة كأس العالم العسكرية لكرة القدم التي أقيمت في البرازيل، وقعت مشادات ومعركة بالأيدي والأرجل بين لاعبي الفريقين بدأها اللاعب المصري أحمد عيد عبد الملك.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard