تسارعت الأحداث في العلاقة الجزائرية المغربية خلال الساعات الأخيرة، اذ أعلنت الجزائر أمس الأربعاء، 22 سبتمبر/ أيلول 2021، رسمياً عن غلق أجوائها أمام الطيران المغربي.
يحدث ذلك في وقت كان الجميع يترقب أثراً إيجابياً للوساطات العربية التي سعت لإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسار أكثر هدوءاً.
تحت التهديد
المجلس الأعلى للأمن في الجزائر، الذي اجتمع البارحة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، ناقش ما دعاه بيان الرئاسة التطورات على الحدود مع المغرب.وخلص البيان إلى أنه "بالنظر إلى استمرار الاستفزاز والسلوكات العدائية للمغرب تجاه الجزائر، فقد تقرر رسمياً غلق الأجواء الجزائرية أمام الطيران المغربي بداية من 22 سبتمبر/ أيلول 2021".
قرار غلق الأجواء يقتضي منع تحليق الطائرات التي تحمل رقماً تعريفياً مغربياً، مدنية كانت أو عسكرية.
كل هذه الطائرات بحسب الخبير الأمني والعقيد الجزائري المتقاعد رمضان حملات، أصبحت منذ ليلة البارحة "هدفاً مستباحاً في الأجواء الجزائرية"، وبإمكان الجزائر إنذار أي طائرة مغربية تعبر الأجواء وإرغامها على الهبوط والتفتيش، مهما كان نوع هذه الطائرة. كما يحق للجزائر استهدافها عسكرياً.
وفي تصريح لرصيف22 قال حملات: "القانون الدولي في الملاحة واضح في هذا الشأن، والجزائر تحدثت وفق سيادتها الترابية والجوية، وأي تحليق للطائرات المغربية قد يستدعي استخدام القوة من الجزائر، خاصة أن القرار جاء فورياً ومن أعلى هيئة أمنية في البلاد ألا وهو المجلس الأعلى للأمن".
الرد المغربي جاء سريعاً ببيان رسمي صادر عن الخطوط الملكية المغربية من دون أن يصدر أي بيان من الدولة نفسها على مستوى البيان الرئاسي الذي أصدرته الجزائر.
واعتبرت الخطوط الجوية الرسمية في المغرب القرار الجزائري "بلا تأثير"، مبينة أن الطائرات المغربية ستعبر من فوق مياه المتوسط بعيداً عن الأجواء الجزائرية.
البيان المغربي أوضح أن جملة الطائرات التي تمر فوق أجواء الجزائر 15 رحلة فقط أسبوعياً، وأن تحويل مسارها لتعبر فوق المياه الدولية للمتوسط لن يكلف الطائرات سوى بضع دقائق إضافية.
خبير أمني جزائري: "المعلومات الاستخباراتية تشير الى أن اسرائيل أصبحت تحلق فوق الأجواء الجزائرية تحت لواء الخطوط الجوية المغربية، أو عبر الطائرات التي تحمل رقماً تعريفياً مغربياً"
"حزب الله" عجّل القرار
يرى متابعون أن ما قررته الجزائر مهدت له أسباب وتوترات تصاعدت بين البلدين على مدار الأسابيع الماضية، وعجّل بالقرار حديث المغرب عن العلاقة الجزائرية الإيرانية، والتصريحات الرسمية لأحد ممثلي الدبلوماسية المغربية الذي قال إن الجزائر "تحتضن عناصر من حزب الله بمنطقة تندوف الحدودية مع الصحراء الغربية والمغرب".في تصريح لرصيف22، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باتنة صحراوي نور الدين أن خطوة الجزائر لتصعيد قطع علاقاتها مع المغرب "كانت متوقعة، لكن لم تكن منتظرة بهذه السرعة".
فالجزائر كما قال "تحركت بالسرعة القصوى بعد ادعاءات المغرب الأخيرة بوجود عناصر من حزب الله بمنطقة تندوف الحدودية، وقولها إن تلك العناصر تعمل على دعم جبهة البوليساريو بالصحراء الغربية، لذلك فالجزائر ردت عاجلاً بغلق الأجواء أمام الطيران المغربي".
وردت الجزائر على لسان مبعوثها الخاص المكلف بمسألة الصحراء الغربية والمغرب العربي، عمار بلاني، على تصريحات السفير المغربي في جنيف، الذي تحدث عن وجود مدربين من حزب الله اللبناني في مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، خلال كلمته أمام الدورة 48 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وفي تصريح سابق لوكالة الأنباء الجزائرية قال عمار بلاني إن ما قاله بعض الدبلوماسيين المغاربة هو "مجرد أكاذيب يقومون بنسجها، بلا كلل، خاصة عندما تحاصرهم النداءات العاجلة من المجموعات التي تدعم القضية العادلة لشعب الصحراء الغربية".
إذا ما حضرت إسرائيل
"المعلومات الاستخباراتية التي توصلت إليها الجزائر تشير الى أن اسرائيل أصبحت تحلق فوق الأجواء الجزائرية تحت لواء الخطوط الجوية المغربية، أو عبر الطائرات التي تحمل رقماً تعريفياً مغربياً. لذلك قررت الجزائر اتخاذ قرار الغلق الفوري للأجواء أمام الطيران المغربي". هذا ما قاله العقيد المتقاعد حملات لرصيف22، مؤكداً أن "المملكة المغربية استغلت علاقتها مع اسرائيل لنقل المادة الأولية والمعدات اللازمة لإنجاح مشروع شراكتها الأخيرة مع اسرائيل بخصوص انشاء مصنع الطائرات المسيرة".هذه المعلومات حسب رأيه "كانت كافية لتتخذ الجزائر قرارها بغلق الأجواء بشكل مفاجئ وعاجل، يضاف إليها الاستفزاز المستمر من قبل المغرب للجزائر واتهامها بدعم جبهة البوليساريو بفتح أراضيها لتدريبات يشرف عليها مقاتلون من حزب الله".
ويتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر بشير بودلال مع هذا الطرح. يقول: "الدولة الجزائرية فقدت الثقة تماماً في الأسرة الحاكمة في المغرب، خاصة بعد ارتمائها في أحضان إسرائيل التي تريد خلط الأمور وبث الفوضى في المنطقة".
والجزائر في رأيه "تملك خبرة سياسية عالية ومخابرات محترفة توصلت إلى معلومات حتمت تعجيل قرار غلق الأجواء اليوم قبل الغد".
الخطوط الملكية المغربية: "القرار الجزائري بلا تأثير"، والطائرات المغربية ستعبر من فوق مياه المتوسط بعيداً عن الأجواء الجزائرية
التصعيد سيتواصل
المتابع للمسار الزمني للأحداث الأخيرة بين الجزائر والمغرب، برأي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باتنة صحراوي نور الدين، "يتأكد أن أي تصعيد في التصريحات المغربية يقابله تصعيد في الميدان من الطرف الجزائري".ويرى نور الدين أن "غلق الأجواء أمام الطيران المغربي المدني والعسكري، هو الحلقة الثانية من حلقات التصعيد الجزائري، بعد الذي حدث في 24 أغسطس/آب 2021 لما أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية".
الحدث الأول، يضيف نور الدين، "كان بسبب حديث السفير المغربي لدى الأمم المتحدة أمام دول عدم الانحياز، وتوزيع وثيقة للتوقيع تطالب باستقلال منطقة القبائل في الجزائر، فكان الرد بقطع العلاقات الدبلوماسية واستدعاء السفير الجزائري بالرباط. أما الحدث الثاني فكان بعد تصريحات السفير المغربي بجنيف، فكان الرد بغلق الأجواء أمام الطيران المغربي".
ولا يستبعد محدثنا أن تلجأ الجزائر إلى المزيد من التصعيد "لو تمادت المملكة في مواصلة الاستفزاز، وقد يصل الأمر إلى فرض التأشيرات على المغاربة لدخول الجزائر، وإعادة آلاف العمال في الجزائر بطرق غير شرعية، أو الحديث عن قطع الغاز عن المغرب".
"الأزمة ستطول"
أمام الحديث الصريح للمسؤولين الجزائريين بعدم قبولهم أي وساطة لإنهاء الخلاف بين الجزائر والمغرب، يرى متابعون أن غلق الحدود البرية والأجواء الجزائرية أمام الطيران المغربي إجراء سيطول مدى تطبيقه.
وبهذا الخصوص يرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر بشير بودلال أن هناك "تحولات جسيمة ومتسارعة في منطقة شمال أفريقيا. والتفاهمات التي أدت لقيام اتحاد المغرب العربي سنة 1989 انتهت عملياً، والمنطقة تشهد دخول فواعل إقليمية ودولية تستفيد من هذه التحولات".
ويعتقد ابودلال أن "تدخل الكيان الإسرائيلي في خط العلاقات بين البلدين، وحربه المعلنة على الجزائر من على الأراضي المغربية" سيظلان عاملين محفزين على استمرار التوتر بين البلدين، مضيفاً: "الكل يعلم بالعداء الواضح بين الجزائر وإسرائيل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع