شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"إذا وصل اليمين المتطرف إلى السلطة، سأهاجر"… ناخبون عرب والانتخابات البرلمانية الألمانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 20 سبتمبر 202109:11 ص
Read in English:

“If the Far Right Is Voted In, I’ll Leave!”… Arab Voters and German Parliamentary Elections

يواجه العرب في جمهورية ألمانيا الاتحادية، العديد من التحديات، على رأسها العنصرية، وقوانين الهجرة، بالإضافة إلى معاملات الاندماج في المجتمع الألماني، إذ يشعر البعض بعدم التقبل من المجتمع، لأسباب اجتماعية، ودينية، أو عقائدية عنصرية، فيما يتنوع السياسيون بين من يرى العرب، أو الأجانب، خطراً على المجتمع الألماني، ويجب الحد من وجودهم، ويرى آخرون أنهم إضافة نوعية إلى المجتمع، والمبدأ الإنساني يدعو إلى استيعابهم، وتوفير الفرص لهم، للاندماج، وخدمة المجتمع.

يتمتع في ألمانيا بحقّ الانتخاب، أكثر من 60 مليون إنسان، وأكثر من 12% من هؤلاء الناخبين/ ات، هم من أصول مهاجرة، نصفهم من العرب، ومن جهة أخرى، هناك أيضاً مرشحون عرب للانتخابات. فما الذي يهم الناخبين/ ات العرب من الانتخاب الألمانية البرلمانية القادمة (البوندستاغ)، والذي ستقام في السادس والعشرين من أيلول/ سبتمبر الجاري، وما الذي يطالب به بعض المرشحون منهم؟

"لا نتفق معها في سياساتها الخارجية"

تتنوّع آراء أصحاب حقّ الاقتراح، من الأصول العربية، في ما يتعلّق بالانتخابات الألمانية. الدكتورة نجاة عبد الحقّ من برلين، وهي أكاديمية فلسطينية ألمانية، ترى أن ما يهمها في الانتخابات الألمانية، ثلاثة أبعاد: "البعد الأول هو المدينة التي نعيش فيها، والتي تواجه تحديات كبيرة لم نكن نعرفها سابقاً، كتوفر السكن، ولها علاقة بالحيز العام، كشخص فلسطيني، لذلك التصويت الانتخابي يعتمد على ما الذي نريد تغييره، فالانتخابات هي طريقة للتعبير عن الاستياء، والمطالبة بالتغيير، أو العمل على التغيير. أما البعد الثاني، فهو على مستوى الدولة، وهنا التوقعات صعبة جداً، لأن القيادات السياسية القادمة بعد أنجيلا ميركل، بغض النظر عن أي الأحزاب سيفوز، كلها قيادات ضعيفة، بسبب قوة المستشارة الألمانية التي سيطرت لمدة 16 عاماً على المشهد السياسي الألماني. البعد الثالث له علاقة بالسياسات الخارجية للدولة، مثل تحركات ألمانيا تجاه أفغانستان التي كانت سلبية جداً، وسياسة ألمانيا تجاه المهاجرين التي تتغير، بطريقة قاسية وغير مباشرة، وهذا كله يؤثر على اختياراتنا في التصويت، وتوقعاتنا، وكيفية الموازنة بين هذه الأبعاد الثلاثة".

ما الذي يهم الناخبين/ ات العرب من الانتخاب الألمانية البرلمانية القادمة (البوندستاغ)، وما الذي يطالب به بعض المرشحون منهم؟

وتضيف: "هناك تخوف من هذه الانتخابات، فنحن مقبلون على مرحلة سياسية ليست سهلة، وفراغ سياسي سيكون له تأثيره على السياسات الألمانية، وبالنسبة إلى السياسات الخارجية الألمانية التي يتضمن جزء منها علاقة ألمانيا مع إسرائيل التي لن تتغير، والتي تُعد من الثوابت الأبدية، وهو تحدٍ بالنسبة إلينا كعرب ألمان، وكيفية التعامل مع هذا الأمر. ألمانيا دولة ديمقراطية، وتوفر لنا الكثير من الفرص، ولنا حقوق، ولكننا لا نتفق معها في سياساتها الخارجية".

"وعود فارغة للمسلمين ولأصحاب البشرة السمراء"

لا يتوقع الناشط السياسي محمد شحرور، الذي ينشط على مستوى محاربة التنميط العنصري، والتحيز، والتمييز ضد مجتمعات المهاجرين، في برلين وبالتحديد في منطقة حيّ نويكولن البرليني، لا سيما في سياق ما يُسمى بـ"إجرام العائلات"، الكثير من هذه الانتخابات. وفي حديث لرصيف22، قال: "لأكون صادقاً، لا أتوقع الكثير. لن يكون للانتخابات أي اختلاف حقيقي في حياة الأشخاص ذوي البشرة السمراء، أو المجتمعات المسلمة. نرى الكثير من الوعود والنقاشات، وتعتقد بعض الأحزاب أنه يكفي تعيين مرشح هنا، وآخر هناك، من أصول مهاجرة، إلا أن البرنامج السياسي لا يقدّم أي تغييرات، أو مزايا، لأصحاب البشرة السمراء، أو المسلمين. أعرف مرشحين من أصول إسلامية يزورون تقريباً كل متجر، أو مخبز، أو دكان، في دائرتهم الانتخابية، إلا أنهم يستبعدون المساجد، أو المجتمعات المسلمة، لأنهم يخشون هجوم الصحافة الألمانية عليهم".

ويطالب شحرور السياسيين الألمانيين، بتبادل شخصي بين المرشحين والناخبين، وألا يقتصر ذلك على الأسابيع الستة التي تسبق الانتخابات، مصحوبة بكلمات لطيفة، ووعود فارغة، ويضيف: "أطالب بأن تتمكن النساء المحجبات من التدريس في المدارس الألمانية، والحصول على وظيفة، فنحن نساند الأمريكان لتحرير النساء الأفغانيات، لكننا نحرم المسلمات الألمانيات من تحقيق أحلامهن، وذواتهن. يا له من نفاق، علينا إنهاء ما يُسمّى بقانون الحياد، إنه قانون مناهض للمرأة المسلمة، فهو كل شيء ما عدا الحياد، إنه تمييز ضد الأقليات الدينية والعرقية".

ويقلق شحرور من تحوّل أحزاب الوسط واليسار، إلى تشريعات أكثر يمينية، بسبب ضغوط أحزاب اليمين المتطرف التي لا يعتقد أنها ستصل إلى السلطة بشكل مباشر.

يواجه العرب في ألمانيا، العديد من التحديات، على رأسها العنصرية، وقوانين الهجرة، بالإضافة إلى معاملات الاندماج في المجتمع الألماني،  فيما يتنوع السياسيون الألمان بين من يرى العرب، أو الأجانب، خطراً على المجتمع الألماني

"حق إظهار الهوية الجنسية من دون خوف"

نجيب أبو شقرة، ألماني من أصول عربية، ويعمل في القطاع الصحي، يصوّت للمرة الأولى بصفته مواطناً ألمانياً جديداً، لذلك هو حالياً يحاول التعرف عن قرب إلى الأحزاب المرشحة المختلفة؛ برنامجها، وأيديولوجيتها، وخططها المستقبلية.

في حديث لرصيف22، قال: "‎كوني عربياً، ومواطناً إسرائيلياً، أي أنتمي إلى الأقلية العربية التي تعاني من القرارات السياسية الهادفة لكبت الحريات، والتقدم، والتطور، داخل إسرائيل، أنتظر من الانتخابات الألمانية عكس من ذلك، فمطالبي هي مطالب كل إنسان يود أن يعمل، ويعيش بشكل متساوٍ مع الآخرين، وبحرية، وله الحق في حرية التعبير عن الرأي، واختيار العمل، والمكان الملائم لي، وبالأخص حق إظهار الهوية الجنسية من دون خوف".

ويأمل أبو شقرة في أن يكون هناك برنامج خاص بدمج المجتمع العربي في المجتمع الألماني، والتشديد على الحرية، وتقبل الآخر من الطرفين، كما يهمه موضوع الضريبة الخاصة بالتقاعد، والتي يرى أنه من الضروري رفع الحد الأدنى من مرتبات التقاعد، وتخفيض إيجارات السكن، بالإضافة إلى قضية المحافظة على البيئة، والمناخ، إذ يجب أن تُفرض عقوبات صارمة في هذا المجال".

تخوّف من اليمين المتطرف

في حديث لرصيف22، قال المهندس محمد النجدي الألماني من أصول مصرية: "أنتظر من الانتخابات، زيادة المشاركة في التصويت، من المجتمع، وخروج حزب "البديل لألمانيا" من البرلمان، كما أتمنى على المستوى الاجتماعي احترام حرية الدين، وإصدار قوانين لتفعيل ذلك، والاعتراف بالدين الإسلامي، وإصدار قوانين لحماية المرأة المحجبة من منع حصولها على وظائف في القطاع العام، أو الخاص، أو الوظائف في الدولة، ودعم الأسر التقليدية (رجل/ امرأة/ طفل)، وسرعة عملية الاعتراف باللاجئين، وطرد من يرتكب جريمة، من دون استثناء".

وأضاف: "وبالنسبة إلى السياسة الخارجية، أتمنى تحسين خدمات سفارات ألمانيا، في الدول العربية، وتسهيل إصدار تأشيرات لأقارب المواطن الألماني من الدرجتين الأولى والثانية، وتسريعها، واحترام مبادئ الديمقراطية، وعدم الاعتراف بشرعية الحكومات الانقلابية في الوطن العربي، أو عدم التعاون معها على الأقل، بالإضافة إلى الاستقلال عن السياسة الخارجية الأمريكية، وتقوية الاتحاد الأوروبي، والجيش الألماني".

وأبدى النجدي تخوفاً من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة، وقال: "إذا حدث ذلك، فسأهاجر".

"التعامل مع القضية الفلسطينية بموضوعية"

وينتظر المهندس الألماني-المصري، يوسف الصديق، من الانتخابات المقبلة، حكومة يسارية تقوم بمنع التفرقة بسبب اللباس الديني، بالإضافة إلى الاهتمام بالتحول الرقمي، وتقوية شبكة المواصلات العامة، وتخفيض ثمنها، وتقليل أسعار الإيجارات، وتوفير فرص بناء البيوت، والسماح بتعدد الجنسيات، كما أخبرنا في حديث لرصيف22.

ويرى المهندس أن أهم ملف بالنسبة إلى السياسية الخارجية، هو ملف القضية الفلسطينية: "أتمنى أن تتخلص ألمانيا من العيش في ظلال ماضيها السيئ، وتتعامل مع القضية بطريقة موضوعية منصفة، وعدم الكيل بمكيالين، وأن تكثّف من مجهوداتها في دعم الأقليات في العالم. أتمنى أن تستمر ألمانيا في الانفتاح على الغير، وتقبّل فكرة أنها بلد متعدد الأجناس".

"يجب على أي حكومة ألمانية جديدة، أن تتغلب على الوهم الطويل الأمد للحكومات الألمانية السابقة، بأن الأنظمة القمعية، يمكن أن تكون ركائز استقرار، أو حتى شركاء إستراتيجيين لألمانيا في المنطقة"

دعم الاستبداد

وتدعم ألمانيا في سياساتها الخارجية، العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رغم إنها تختلف معهم في ملفات حقوق الإنسان، والحريات، والأقليات، وغيرها. عن ذلك، تحدث المدير التنفيذي لمكتب "مراسلون بلا حدود-ألمانيا"، كرستيان ميهر، لرصيف22، وقال: "تتضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، العديد من البلدان ذات السجل السيئ في حرية الصحافة، منذ فترات طويلة، أذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر، مصر، والبحرين، وليبيا، والسعودية، من دون أن ننسى سوريا. ويجب على أي حكومة ألمانية جديدة، أن تتغلب على الوهم الطويل الأمد للحكومات الألمانية السابقة، بأن الأنظمة القمعية، مثل المملكة العربية السعودية، أو مصر، يمكن أن تكون ركائز استقرار، أو حتى شركاء إستراتيجيين لألمانيا في المنطقة، إذ أدّت هذه السياسة إلى استقرار الأعداء الاستبداديين لحرية الصحافة، وتقويتهم، ليس إلا".

بماذا يطالب مرشحون عرب؟

"المطالبة بالحقوق المتساوية بين المهاجرين والمواطنين الألمان"؛ هذا شعار المرشح في الانتخابات الألمانية المقبلة لعضوية البرلمان، محمد طويل مالك، رئيس تحرير مجلة المدينة في ألمانيا، وهو ألماني من أصول لبنانية، تربطه، حسب ما أخبر رصيف22، علاقات واسعة بكل ما يخص الجاليات والجمعيات العربية والتركية من ناحية الحياة، والظروف المعيشية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.

وقال طويل مالك، المرشح عن الحزب الماركسي اللينيني الألماني: "يعمل المهاجرون، ويدفعون الضرائب، ويلتزمون بواجباتهم، لكن لا يحق لهم التصويت، واختيار من يمثلهم، أو مرشحهم، إلا إذا كانوا يحملون الجنسية الألمانية، فيما يحق للمواطنين الأوروبيين الذين يعيشون في ألمانيا، المشاركة في الانتخابات، مثل المواطن الألماني تماماً، لذلك أنا أركّز في برنامجي الانتخابي، على الاندماج والتنوّع، كما أرى نفسي جسراً بين الثقافات، ولذلك أدعو إلى الوحدة والتلاحم كمجتمع ألماني على اختلاف خلفياته".

وذكر طويل مالك أن هناك أكثر من سبعة ملايين ألماني من أصول مهاجرة، لهم حق التصويت في الانتخابات البرلمانية لعام 2021، وتمثل هذه الفئة ما يقارب 10% من مجموع الناخبين/ ات، في ألمانيا، الذين دعاهم للمشاركة الفعالة في الحياة السياسية، بشكل كبير، وفعلي، وجاد.

ويترشح الألماني، من أصول لبنانية أيضاً، أيمن ذبيان، مستقلاً للبرلمان، ويركّز في برنامجه الانتخابي أيضاً، على الجالية العربية. وفي حديث لرصيف22، قال:" بالإمكان العمل على تطوير بعض إجراءات قوانين الهجرة وتطويرها وتحسينها، لصالح المهاجرين ذوي المستوى التعليمي العالي، وذوي الصناعات اليدوية، مثل عمال المصانع، وعمال البناء، كما يجب العمل على محاربة العنصرية ضد العرب الموجودين في المجتمع الألماني، كي نصل إلى حلول مشتركة لمكونات المجتمع جميعها".

ويرى ذبيان أن الإعلام الألماني يمارس التمييز الديني ضد فئات معينة، مضيفاً: "للأسف، الإضاءة على أشياء معينة في الدين، والتدين، في الجاليات فحسب، بشكل سخي، يجب أن يتغير، ويجب أن نتحدث معهم، ونخفف وطأة التطرف الديني، والتمييز الديني، وأن نعقد حلقات نقاشية، وإعلامية، لتوضيح تأثير ذلك على المجتمع عموماً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image