يبدأ مطلع الأسبوع المقبل في إسرائيل عام "شميتا" أو "شاميطاه" وهي السنة التي يحظر فيها بموجب التعاليم الدينية اليهودية زراعة الأرض أو حرثها، وتتكرر كل سبعة أعوام. وتعرف أيضاً بـ"السنة السبتية" أو سنة "إراحة الأرض".
وسيكون الأحد 5 أيلول/ سبتمبر آخر يوم يمكن للمؤسسات العامة والحكومات المحلية والشركات الرسمية زراعة الأشجار والزهور فيه حيث تبدأ السنة اليهودية الجديدة الاثنين (الذي يوافق رأس السنة اليهودية أو روش هاشانا 5752).
ويتضمن طقس شميتا حظر الغرس أو الحرث في أراضي "الديار المقدسة". ورغم عدم الاتفاق على حدود هذه الديار، يُفرض الطقس على جل الأراضي الزراعية التي تسيطر عليها إسرائيل ويمتلكها اليهود. وخلال هذا العام، يلتزم اليهود المتدينون عدم بيع/ شراء المنتجات الزراعية من اليهود.
الحكمة من شميتا هو أن الأرض -كما الإنسان والحيوان- بحاجة إلى الراحة وأن الله سيعطي خيراً وفيراً في السنوات الست الأخرى إذا تم الحفاظ على قواعد شميتا.
اعتباراً من الأسبوع المقبل، تتوقف المؤسسات الإسرائيلية واليهود عن الزراعة والحرث مدة عام. كذلك يضطر اليهود المتطرفون إلى شراء المنتجات الزراعية من العرب أو الخارج. تعرفوا على طقس "شميتا" اليهودي الذي يحرّم الزراعة
طقس ديني مثير للجدل
في كل مرة، تثير شميتا جدالاً واسعاً بين فريقين، أولهما يرى في ذلك تكليفاً من الكتاب المقدس يمثل اعترافاً بالسيادة على "الديار المقدسة"، ووسيلةً لفرض العدالة الاجتماعية والاقتصادية، واختباراً مهماً للنظام الديني والأخلاقي للمجتمع اليهودي برغم الخسارة الاقتصادية للمزارع والصعوبة الاقتصادية التي يعانيها المستهلك. وثانيهما يطالب بتغليب المصلحة العامة بالحفاظ على قطاع زراعي يهودي مستدام وحماية "أرض إسرائيل" من الضم العربي.
وبين الفريقين شريحة ترى ضرورة التوفيق بين الهلاخاه (الشريعة اليهودية) وصالح المجتمع لا سيّما أن إسرائيل تواجه تحديات زراعية واقتصادية ودبلوماسية بلغت ذروتها هذا العام بسبب جائحة كورونا.
يقف اليهود الأرثوذكس حجر عثرة أمام هذا وذاك إذ يفرضون على أنفسهم معايير أكثر صرامة خلال شميتا للحفاظ على هذا الطقس الديني، حتى أنهم يقبلون على شراء المنتجات العربية التي طالما هاجموها من منطلقات دينية وصحية واقتصادية مزعومة، وكذلك على شراء المنتجات الأجنبية الباهظة الثمن.
وتوقع المؤسسات الأرثوذكسية لذلك عقود توريد مع السلطة الفلسطينية، أو مع مزارعين في غزة والأردن وتركيا قبل شميتا، بينما يحارب هؤلاء اليهود المتطرفون المنتجات الزراعية لليهود.
لعل هذا ما يدفع بعض الحاخامات المتطرفين إلى الفتوى بتحريم شراء الفواكه والخضر من العرب خلال شميتا. كانت آخر هذه الفتاوى للحاخام شموئيل إلياهو، كبير حاخامي صفد وعضو المحكمة الحاخامية العليا، قبل نحو شهرين.
طقس ديني مثير للجدل... البعض يرى شميتا تكليفاً من الكتاب المقدس يمثل اعترافاً بالسيادة على "الديار المقدسة"، واختباراً مهماً للنظام الديني والأخلاقي للمجتمع اليهودي. لكن آخرين يطالبون بتغليب المصلحة العامة بالحفاظ على قطاع زراعي يهودي مستدام
ثغرات شرعية
في ظل هذا الجدل المتكرر، ومع عدم التزام العديد من اليهود الحاليين التعاليم الدينية كما في السابق، تم استغلال عدة "ثغرات شرعية" كحلول/ حيل لتمكين المنتجات الزراعية الأساسية لليهود من الاستمرار في النمو والبيع خلال شميتا.
من هذه الحيل أن يسمح لغير اليهود بزراعة أراضيهم، بعد الاتفاق مع الحاخامات. كذلك يسمح لغير اليهود بزراعة أراضي اليهود بعد توقيع عقود بيع صورية/ مؤقتة لمدة عام فقط.
من جهته، يسمح الصندوق القومي اليهودي (JNF) ببعض عمليات الزراعة بذريعة "الضرورة" المتمثلة في منع بدو النقب الفلسطينيين من زراعة أراضي المنطقة.
بعض المزارعين اليهود الذين لا يلتزمون الحظر لجأوا في سنوات سابقة إلى التحايل بمنح منتجاتهم لأشخاص غير يهود لبيعها. وأفتى بعض الحاخامات، بمن فيهم اليعازر ميلاميد، الحاخام الصهيوني الأرثوذكسي البارز، بإمكانية السماح بالزراعة لأغراض البنية التحتية ما دام المزارعون ليسوا يهوداً.
لكن هذه الحيل جميعاً لا تنطلي على اليهود المتطرفين.
الحكمة من شميتا هو أن الأرض -كما الإنسان والحيوان- بحاجة إلى الراحة وأن الله سيعطي خيراً وفيراً في السنوات الست اللاحقة إذا تم الحفاظ على قواعد شميتا. لكن البعض يراه "جنوناً" في زمن تغير المناخ
مخاوف بيئية
هذا العام، تضاف إلى عوامل الاعتراض على طقس شميتا المخاوف البيئية الناجمة عن مشاكل تغير المناخ إذ استنكر ناشطون في إسرائيل إتباع هذا التقليد الديني الذي ينذر بتفاقم الأوضاع البيئية في عصر أزمات المناخ المتعددة.
قال شاحار زور، الذي يدرس هندسة المناظر الطبيعية بالتخنيون أو معهد إسرائيل التكنولوجي، لصحيفة "هآرتس": "في عصر تغير المناخ والاحتباس الحراري، سيكون وقف الزراعة كارثياً" و"محض جنون" لأن الأمر "مسألة حياة أو موت".
وأضاف إلى قوله مهندس آخر رفض الكشف عن هويته: "فكرة التوقف عن زراعة الأشجار في عصر تغير المناخ بسبب شيء قديم من التاريخ هي فكرة خاطئة"، مستنكراً حرص المسؤولين الحكوميين على الناخبين الأرثوذكس المتطرفين والمخاطرة أكثر من مواجهة التغير المناخي.
وبينما تستغل الثغرات الشرعية للسماح بزراعة الخضروات والفاكهة، لا توجد ثغرة لزراعة الزينة والأشجار. لكن نشطاء بيئيين آخرين يرون أن التشجير لم يعد رفاهية في ظل أزمات المناخ، ما يعني ضرورة "إعادة النظر" في حظر شميتا.
وتتزامن شميتا هذا العام مع طفرة في مشاريع البناء والبنية التحتية السكنية في إسرائيل، جميعها تنطوي على قطع آلاف الأشجار. لكن استبدالها بأخرى جديدة سيتأخر مدة عام.
وأكدت عدة بلديات إسرائيلية لصحيفة "هآرتس" أنها ستمتنع عن الزراعة وتراقب الحظر على الغرس خلال شميتا، بما في ذلك في القدس وحيفا وصفد واللد والرملة، فيما أفادت بلدية رمات هشارون بأن الزراعة ستستمر كالمعتاد. وقالت الصحيفة العبرية إن عدداً من البلديات سيسمح باستمرار الزراعة من دون إعلان ذلك لتفادي سخط المتدينين والحاخامات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين