أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته بمناسبة العاشر من محرّم، اليوم الخميس، 19 أغسطس/ آب، أن السفينة الأولى المحملة بمادّة المازوت ضمن قافلة من السفن المتوقعة، ستبحر من إيران خلال ساعات. وأكّد أن "المسألة ليست مسألة سفينة واحدة فقط".
اعتبر نصرالله أن هذه الخطوة فُرضت على حزب الله، "كما فُرضت الحرب الاقتصادية على لبنان". ووجّه رسالة إلى الأميركيين والإسرائيليين، قال فيها: “منذ اللحظة التي ستبحر فيها السفينة بعد ساعات ستصبح أرضاً لبنانية. متهماً السفارة الأميركية في عوكر بأنها "الوكر المباشر الذي يدير الحرب الاقتصادية والإعلامية".
منذ اللحظة التي ستبحر فيها السفينة بعد ساعات ستصبح أرضاً لبنانية
وتوجّه إلى الشعب اللّبناني، بالقول: “إيران على مدى 40 عاماً لم تتدخّل في الشؤون اللبنانية، وقرارنا بأيدينا". أما للمجتمع المدني، فقال: “للأثرياء الجدد المساكين الذين ينتمون الى بعض جمعيات المجتمع الأهلي المدني، خذوا العبرة من أفغانستان ولا تسندوا ظهوركم إلى هذه السفارة، فكلابهم البوليسية أنفع لهم وأقرب إليهم منكم ومِن مَن هو على شاكلتكم”.
“هيهات منّا الذلّة”
في اليوم العاشر من شهر محرّم، وبكل ما يحمله هذا اليوم من معانٍ لدى أبناء الطائفة الشيعية، يحتفل المؤيدون منهم لحزب الله بما اعتبروه انتصارهم القادم على الانهيار الاقتصادي في لبنان. هذا ما يشرحه بلال ح. لرصيف22: “اليوم، بعد كل هذه السنوات من الذل المفروض علينا من قبل المنظومة المعارضة للحزب الحريص على كرامتنا، نقول كما قال جدّنا الإمام الحسين عليه السلام “هيهات منّا الذلّة” ونردّدها في وجه كل من سرقنا وسخر منّا ولم يؤمن بأن حزبنا قادر على فك الحصار المفروض علينا وعلى مواجهة دول العالم”.
وعن حياته في لبنان وفقدانه لأدنى مقومات الحياة في الأشهر الأخيرة، يقول بلال: “السيّد نصرالله منذ بدء الأزمة، أخبرنا أن المرحلة القادمة ستكون صعبة، لكنّه وعدنا أيضًا بالحلول. وهو اليوم ينفّذ وعده على الرغم من كل المخاطر والتهديدات المحيطة به. كما نفّذه في بداية الانهيار حين أمّن لنا المأكل والمشرب”.
“أين الدولة؟ لو كانت موجودة لما اضطرّ حزب الله إلى طلب المساعدة من إيران فقط كي يحمينا من المجاعة ومن الموت”
أما عن المحروقات التي وجدت مخبّأة لدى أطراف تابعة لحزب الله بهدف احتكارها وتهريبها لتحقيق الأرباح، قال بلال وهو مواطن يعيش في جنوب لبنان: “في خطابه ما قبل الأخير، أكّد السيد حسن أن كل عمليات التهريب التي تحصل هي أعمال محرّمة، وحتى لو كانت موجّهة إلى حليفتنا سوريا، وقال بالحرف الواحد 'نحن مع كل الإجراءات التي تمنع التهريب، فلتتحمل الدولة مسؤوليتها وتمنع التهريب'. وأنا موافق على هذه الفكرة، لكن أين الدولة؟ لو كانت موجودة لما اضطرّ حزب الله إلى طلب المساعدة من إيران فقط كي يحمينا من المجاعة ومن الموت. أما المسؤولون أو بالأحرى الأتباع الذين يستغلون اسم الحزب بهدف إنجاز أعمالهم الخاصّة عبر حرمان الشعب اللبناني من حقوقه، فهؤلاء لا يمثّلوننا، ويجب طردهم ومحاسبتهم".
الحزب هو الدولة
من منزله في بلدة الصرفند يضحك المواطن جلال ن. عند سؤاله عن رأيه بقدوم الباخرة الإيرانية إلى لبنان، ويقول لرصيف22: “قريت اليوم الصبح إنو في 2,2 مليون ليتر من المازوت صادرهم الجيش اللبناني. لو المازوت المحتكر والمحمي من قبل الأحزاب أنفسهم اللي عم يمثلوا أنهم عم ينقذونا اليوم، توزّع على اللبنانيين، ما كان في ضرورة للعبة الانتصار الي عم نشهدها”.
“لو المازوت المحتكر توزّع على اللبنانيين، ما كان في ضرورة اليوم للعبة الانتصار اللي عم نشهدها”.
ويضيف: “هذه الدولة هي دولة حزب الله، حتى لو أن الأخير غير متورّط مباشرة ببعض الملفات، إلا أنه بهدف حماية وجوده بالطريقة الحالية، حمى المتورّطين" ويرى جلال أن حزب الله وحده هو الملوم على الحال الذي وصل إليه اللبنانيون، "وعلى استغلاله كل أزمة وكل تحالف سياسي بهدف فرض سيطرته على البلد".
ويواصل جلال غاضباً: "نحن نموت يوميًا على محطّات الوقود. يتم إذلالنا بلقمة عيشنا وننحرم من أدنى مقومات الحياة. الموت قادم وسيطالنا جميعًا في بطوننا وفي صحّتنا. لا مستقبل لهذه البقعة الجغرافية. ونحن الذين لا نريد انتصارات دولية بل محاسبات محليّة نصنع من بعدها بلدًا يشبهنا. سندفع الثمن”.
ويختم: “في حال وصلت سفينة المازوت بسلام، سيتم تذكيرنا خلال العقود القادمة بأن حزب الله أنقذنا. لكن أحدًا لن يذكر كيف أن الأخير هو من شارك بصنع الأزمة. على كل حال، هذا كل ما يمكنني قوله لأن الكهرباء انقطعت وبطارية هاتفي ستنفذ”.
تراشق سياسي
ما إن أعلن الأمين العام لحزب الله عن قدوم الباخرة حتّى توالت التصريحات السياسية من جهات مختلفة.
رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل قال: “نصرالله لم يتحدث باسم كل لبنان والمغالطة الأساسية التي يوحي بها بأن هناك حصارًا على لبنان هي مغالطة. إذ لا شيء يمنعنا من استيراد الفيول إنما ما يمنعنا هو عدم قدرة مصرف لبنان على الدعم".
وأضاف: "الحصار يأتي بسبب نصرالله وخرق العقوبات سوف يتسبب بالحصار على لبنان”.
“يعلم حزب الله أن أساس أزمة المحروقات في لبنان تنشأ عن التهريب المتعمّد لخدمة النظام السوري”
ووجّه رئيس حزب القوّات اللبنانية، سمير جعجع، رسالة إلى رئيس الجمهورية، جاء فيها: “لأسابيع خلت والشركات الخاصة وبعض القطاع الخاص يحاول أن يحصل من وزير الطاقة، الذي هو وزيركم، على أذونات استيراد البنزين والمازوت بأسعاره الحقيقية وطرحه في السوق بأسعاره الحقيقية، بعدما عجزت الدولة عن تأمينه مدعومًا. ولكن لم يستجب وزير الطاقة، مما أدى إلى المأساة التي نعيشها يوميًا في الأشهر الأخيرة".
إنكم تتحملّون يا فخامة الرئيس المسؤولية الكاملة عما يمكن ان يلحق بالبلد من جراء عدم تحرير استيراد النفط والأدوية وغيرها في الوقت الذي تتركون فيه "حزب الله" يقوم بالأمر بوسائل ملتوية وغير قانونية دوليا ستعرِّض لبنان لكارثة حقيقية.
— SAMIR GEAGEA (@DRSAMIRGEAGEA) August 19, 2021
أمّا سعد الحريري فقال: “يعلم حزب الله أن أساس أزمة المحروقات في لبنان تنشأ عن التهريب المتعمّد لخدمة النظام السوري، والأجدى في هذه الحالة وقف التهريب بدل تمنين اللبنانيين بالحصول على المازوت الإيراني”.
وأضاف: “اعتبار السفن الإيرانية أراضي لبنانية يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية. يستطيع حزب الله أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد، وأن يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية. هذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع الى جهنم”.
يستطيع حزب الله ان يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد. وان يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، لكنه لن يحصل من اكثرية اللبنانيين على اجازة مرور لتسليم #لبنان للسطوة الايرانية.
— Saad Hariri (@saadhariri) August 19, 2021
هذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع الى جهنم.
٩/٩
وأعلن الحساب الرسمي لرئاسة الجمهورية عبر تويتر أن الولايات المتحدة الأميركية ستساعد لبنان، وجاء في التغريدة : “الرئيس عون تلقى اتصالاً هاتفياً من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أبلغته قرار الإدارة الأميركية بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا عن طريق الغاز المصري”.
الرئيس عون تلقى اتصالاً هاتفياً من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أبلغته قرار الإدارة الأميركية بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا عن طريق الغاز المصري
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) August 19, 2021
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...