تسارعت الأحداث في تونس خلال الأيام الأولى من إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد جملة من القرارات التي أنهى بموجبها عمل رئيس وزرائه هشام المشيشي وعلق عمل البرلمان ثم فرض حالة الطوارئ المشددة في البلاد، تحت لافتة الوضع الوبائي في تونس التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات النشطة بفيروس كورونا المستجد.
وهدأت الأحداث بعد أيام لتستمر التصريحات الرسمية من سعيد رداً على القلق الدولي من انهيار مسار الديمقراطية في تونس، بعدما كانت تعد - دولياً- التجربة العربية الوحيدة الناجحة في التحول الديمقراطي.
وبعد جولة التقى فيها مؤيديه المحتشدين في شارع الحبيب بورقيبة، حذر الرئيس الجزائري من التظاهر ضد قراراته، واتهم جهات لم يسمها، بضخ الأموال لزعزعة الاستقرار في تونس. ثم أعلن إيكال ملف مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد إلى الجيش التونسي.
وبينما جرى نقل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إلى مستشفى عسكري، ألمح مستشاران مقربان منه إلى أن حالته الصحية لم تكن تستدعى الاحتجاز في المستشفى. وبالتزامن؛ تلقي الرئيس سعيد اتصالاً من جاك سوليفان مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة، كرر خلاله سوليفان مطالبة بلاده بالإسراع في الإعلان عن خارطة طريق واضحة للعودة إلى المسار الديمقراطي وحكم المؤسسات.
وشدد سوليفان خلال الاتصال على أن هذه العودة ستتطلب تشكيل حكومة جديدة بسرعة بقيادة رئيس وزراء قادر على تحقيق استقرار الاقتصاد ومواجهة جائحة كورونا، فضلاً عن ضمان عودة البرلمان المنتخب في الوقت المناسب.
المطالبة عينها كررتها فرنسا الداعمة للرئيس التونسي في وقت سابق. وتعهد سعيد الأسبوع الماضي بتسمية رئيس وزراء جديد خلفاً للمُقال هشام المشيشي. إلا أن شغور منصب رئيس الوزراء لا يزال حتى اللحظة قيد التكهنات.
هدأت الأحداث، واستمرت التصريحات الرسمية للرئيس قيس سعيد، لتهدئة القلق الدولي من انهيار مسار الديمقراطية في تونس، بعدما كانت تعد - دولياً- التجربة العربية الوحيدة الناجحة في التحول الديمقراطي.
ولاء وإخلاص
في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الذي تمر به تونس، يتطلع التونسيون إلى رئيس وزراء قادر على إنقاذ البلاد اقتصادياً. وتتجه الأنظار نحو أربع شخصيات عرفت بقربها من محيط الرئيس التونسي، يتصدرها وزير الداخلية السابق توفيق شرف الدين.
ويمثل العامل المشترك بين أغلب الأسماء المتداولة، إلى جانب ولائها للرئيس، عدم انتمائها لأي حزب، وأنه لا يعرف لمعظم أصحابها أي نشاط سياسي، لا قبل الثورة، ولا في المرحلة التي تلتها.
توفيق شرف الدين
بدأ الحديث في الكواليس عن إمكان تسمية توفيق شرف الدين على رأس الحكومة المزمع تشكيلها. وهو محام أشرف على إدارة حملة قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية سنة 2019، كما تقلد منصب وزير داخلية في حكومة هشام المشيشي بتزكية من سعيد، وأُعفي من منصبه في 5 يناير/ كانون الثانى الماضي، على خلفية قيامه بتحويرات أمنية رفضها المشيشي. وتعتبر إقالته من أبرز أسباب توتر العلاقة بين رئيس الحكومة المُقال ورئيس الجمهورية.
وبعد قرار إقالته، عيَّن رئيس الجمهورية شرف الدين على رأس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولم يعرف لشرف الدين أي انتماءات حزبية، عدا قربه من قيس سعيد خلال فترة الانتخابات الرئاسية.
يمثل العامل المشترك بين أغلب الأسماء المتداولة، إلى جانب ولائها للرئيس، عدم انتمائها لأي حزب، وأنه لا يعرف لمعظم أصحابها أي نشاط سياسي، لا قبل الثورة، ولا في المرحلة التي تلتها
نزار يعيش
أما الاسم الثاني المتداول فهو نزار يعيش وهو شخصية اقتصادية يتميز عن غيره بكونه يتمتع بعلاقات جيدة في دوائر الحكم والمال الإمارتية بحكم عمله مستشاراً لعدد من مراكز الاستشارات الاقتصادية والمالية في دبي.
تقلد يعيش منصب وزير المال في حكومة الياس الفخفاخ، ويحظى بثقة كبيرة لدى رئيس الجمهورية حسب المقربين له. ويحسب له التونسيون أنه قد تبرع براتبه طوال ترؤسه وزارة المال لخزينة الدولة.
وفي مارس/ أذار الماضي، جمع لقاء بين رئيس الجمهورية ونزار يعيش الذي قدم له عرضاً مفصلاً عن وضع الاقتصاد التونسي ومناطق ضعفه وقوته، بالإضافة إلى مشروع "الميثاق الوطني" لإنقاذ الاقتصاد. وقد دعا "السياسيين" في أكثر من تصريح إلى "تهدئة الأجواء المشحونة والتركيز على ايجاد حلول للخروج من الأزمة الخانقة" التي تمر بها البلاد.
عماد الحزقي
ومن الأسماء الأخرى المحتمل تنصيبها هو عماد الحزقي الذي شغل منصب وزير دفاع في حكومة إلياس الفخفاخ، وشغل كذلك منصب رئيس هيئة النفاذ للمعلومات. ولا يعرف للرجل أي انتماء سياسي.
محمد عبو
ويرجح سياسيون إمكان تسمية الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو، الذي شغل منصب وزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاح الإداري في حكومة حمادي الجبالي إبان الثورة التونسية. كما شغل منصب وزير دولة مكلف بالوظيفة العمومية والإصلاح الإداري ومكافحة الفساد في حكومة الفخفاخ.
محمد عبو هو محام وناشط سياسي ضد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وقد دعا رئيس الجمهورية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أثناء تظاهرات عمت تونس ضد الغلاء والحظر المشدد، إلى نشر الجيش في المدن والقرى، "ووضع السياسيين الفاسدين قيد الإقامة الجبرية بالقوة".
ويعتبر محمد عبو أن الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها قيس سعيد ليست انقلاباً، وأن تطبيق الفصل 80 بالطريقة التي طبقه بها الرئيس "ليس خروجاً عن الدستور". وفي المقابل يؤكد عبو أنّ أي تمديد في تطبيق هذا الفصل يعد خطراً على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وتعتبر مهمة اختيار الشخص المناسب من دون مساندة أطراف سياسية أو منظمات اجتماعية، أبرز تحد أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد في المرحلة المقبلة خاصة أن الشخصية المرتقبة محط أنظار المتابعين من الداخل والخارج، ومنوط بها تثبيت دولة المؤسسات وضمان سيادة الدستور.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...