شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"الموت في ليبيا عادي"... أوروبا متّهمة بدعم وتمويل انتهاكات حقوق اللاجئين والمهاجرين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 15 يوليو 202102:45 م

"عانينا الأمرين في ذلك السجن ( مركز شارع الزاوية في طرابلس). عرض علي ثلاثة من أفراد الشرطة (الحراس) أن يعاشروني جنسياً ثم يطلقون سراحي. قلت لا، فاستخدم الحارس بندقية لدفعي إلى الخلف وحذاءً عسكرياً جلدياً لركلي على خاصرتي". غريس (24 عاماً).

"من أبسط حقوق الإنسان في العالم قدرتك على سماع صوت طفلك أو أمك، أليس كذلك؟ الحراس لم يسمحوا لنا حتى بالتحدث إلى أفراد  أسرنا. لم أتمكن من سماع صوت أمي إلا كل خمسة أشهر عندما يأتي ممثلو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى السجن"، رفاعي (23 عاماً).

هذه لمحة عن تجارب 53 لاجئاً ومهاجراً احتُجزوا سابقاً في مراكز تابعة اسمياً لسيطرة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة الداخلية في ليبيا مع انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك القتل غير المشروع والاغتصاب والعمالة القسرية والتعذيب والإذلال والتنمر.

أوردت منظمة العفو الدولية هذه التجارب باعتبارها "أدلة جديدة على الانتهاكات المروّعة" ضد الرجال والنساء والأطفال الذين اعتُرض سبيلهم أثناء عبور البحر الأبيض المتوسط وأعيدوا قسراً إلى مراكز الاحتجاز في ليبيا، في تقرير "يسلط الضوء على العواقب الرهيبة لتعاون أوروبا المستمر مع ليبيا بشأن مراقبة الهجرة والحدود".

ولليبيا سجل سيىء كمكان غير آمن للاجئين والمهاجرين بفعل الانتهاكات والتجاوزات التي تورطت فيها العناصر الفاعلة التابعة وغير التابعة للدولة.

لكن التقرير المعنون: "لن يبحث عنك أحد‘: المعادون قسراً من البحر إلى الاحتجاز التعسفي في ليبيا"، يوضح كيف أن الانتهاكات المرتكبة طوال عقد من الزمن بحق اللاجئين والمهاجرين تواصلت بلا انقطاع في مراكز الاحتجاز الليبية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري برغم الوعود المتكررة بمعالجتها.

أحدث الانتهاكات المرصودة

وتبين للعفو الدولية أن أكثر من 7000 شخص ممن اعتُرِض سبيلهم في عرض البحر أُعيدوا قسراً إلى مركز المباني خلال الأشهر الستة الماضية، مبلغين عن تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة، وأوضاع الاحتجاز القاسية واللا إنسانية، والابتزاز، وعمليات تفتيش تضمنت تجريدهم من ملابسهم وإذلالهم.


حصل الأمر نفسه في مركز شارع الزاوية في طرابلس الذي كانت تديره ميليشيات وتحول إلى عهدة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي. قال محتجَزون سابقون فيه إن الحراس اغتصبوا النساء، وأجبروهن على ممارسة الجنس مقابل إطلاق سراحهن أو منحهن أشياء ضرورية مثل الماء النظيف. وقد وجدت المنظمة الحقوقية أن شابتين حاولتا الانتحار نتيجة هذه الانتهاكات في المركز.

وذكرت ثلاث نساء أن طفلين محتجزين مع والدتيهما توفيا مطلع العام، بعد رفض الحراس نقلهما إلى المستشفى لتلقي علاج طبي بالغ الضرورة.

وثّق التقرير انتهاكات مماثلة، بينها الضرب المبّرح، والعنف الجنسي، والابتزاز، والعمالة القسرية، والأوضاع اللاإنسانية في سبعة مراكز تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا. في مركز أبو عيسى بمدينة الزاوية، قال محتجَزون إنهم حُرموا من الطعام حتى التجويع.

"الموت في #ليبيا عادي: لن يبحث عنك أحد ولن يعثر عليك أحد"... تقرير جديد للعفو الدولية "يسلط الضوء على العواقب الرهيبة لتعاون أوروبا المستمر مع ليبيا بشأن مراقبة الهجرة والحدود"

وفي مركز المباني ومركزين آخرين تابعين للجهاز، رصدت العفو الدولية استخداماً غير مشروع للقوة المميتة إذ أطلق الحراس النار على المحتجَزين، متسببين بوقوع قتلى وجرحى.

"كانت دماء القتلى والجرحى على الجدران والأرض. لكن الوضع كان كما لو أن شيئاً لم يحدث قط؛ فهم يضربونك ويغادرون ولا أحد يسأل. الموت في ليبيا عادي: لن يبحث عنك أحد ولن يعثر عليك أحد"، جمال (21 عاماً) عن حادث إطلاق النار المميت بمركز أبو سليم في شباط/ فبراير الماضي.

"الإنقاذ" الليبية تعرض المهاجرين للخطر

وانتقدت العفو الدولية ما يسمى بـ"مهمات الإنقاذ الليبية"، معتبرةً أنها تهدد حياة المهاجرين غير الشرعيين. وأفادت بأنه خلال النصف الأول من عام 2021 اعترض خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي سبيل نحو 15 ألف شخص وأعادهم إلى ليبيا، وهو عدد يفوق عدد الذين تم "إنقاذهم" عام 2020.

وأبرزت أن الأشخاص الذين قابلتهم وصفوا سلوك خفر السواحل الليبي بأنه مهمل ومسيء، راوين قصصاً عن ضحايا "تعمّد خفر السواحل الليبي إلحاق الضرر بزوارقهم، متسببين في بعض الحالات بانقلابها، ما أدى إلى غرق اللاجئين والمهاجرين"، وفق التقرير. وغرق أكثر من 700 لاجئ ومهاجر في وسط البحر الأبيض المتوسط في الأشهر الستة الماضية.

وتتهم العفو الدولية القوات البحرية الأوروبية بصرف النظر عن المرور في الجزء الأوسط من البحر الأبيض المتوسط لتجنب اضطرارها إلى إنقاذ زوارق المهاجرين الذين يرسلون نداءات استغاثة.

واستنكرت بشدة "التواطؤ المستمر للدول الأوروبية التي ما زالت تواصل على نحو شائن تمكين حرس السواحل الليبي ومساعدته على أسر الأشخاص في عرض البحر وإعادتهم قسراً إلى جحيم الاحتجاز في ليبيا، برغم معرفتها التامة بالأهوال التي سيتعرّضون لها".

وبينما يناقش البرلمان الإيطالي هذا الأسبوع استمرار تقديم المساندة والموارد العسكرية إلى حرس الحدود الليبي، تدعو العفو الدولية الدول الأوروبية إلى وقف تعاونها مع ليبيا بشأن مراقبة الهجرة والحدود، لافتةً إلى عدم وفاء ليبيا بتعهداتها وقف الانتهاكات المروعة ضد اللاجئين والمهاجرين، بل إضفاء الشرعية على مراكز الاحتجاز غير الشرعية التي تتفشى فيها انتهاكات إساءة معاملتهم. 

"عانينا الأمرين في ذلك السجن. عرض عليّ ثلاثة من أفراد الشرطة (الحراس الليبيون) أن يعاشروني جنسياً ثم يطلقون سراحي. قلت لا، فاستخدم الحارس بندقية لدفعي إلى الخلف وحذاءً عسكرياً جلدياً لركلي على خاصرتي"

وتقدم أوروبا المساعدة المادية والزوارق السريعة إلى خفر السواحل الليبي، كما تسعى إلى إقامة مركز تنسيق بحري في ميناء طرابلس، برغم الأنماط الموثقة جيداً للتجاوزات المرتكبة على مدار أكثر من عقد من الزمن مع إفلات الجناة من العقاب.

وتقول ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العفو الدولية، إن "الشركاء الأوروبيين يواصلون تقديم الدعم لخفر السواحل الليبي من أجل الإعادة القسرية للأشخاص إلى الانتهاكات نفسها في ليبيا التي هربوا منها، برغم الأدلة الدامغة على السلوك المتهور والمستهتر وغير القانوني لخفر السواحل الليبي في البحر، والانتهاكات الممنهجة المرتكبة في مراكز الاحتجاز عقب عملية الإنزال".

وتختم: "آن الأوان لإقرار الدول الأوروبية بالعواقب المترتبة على أفعالها والتي لا يمكن الدفاع عنها. ويتعين عليها أن تُعلّق تعاونها مع ليبيا في مجال مراقبة الهجرة والحدود، وأن تفتح بدلاً من ذلك ممرات السلامة المطلوبة بإلحاح لآلاف المحتاجين للحماية والعالقين هناك في الوقت الراهن".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard