مجاز الأبدية، طريق طويل إلى إيثاكا
اشتباه
لا نعرف أحداً بهذا الاسم
اسمنا،
ولا سبق أن رأيناه في هذا
المدّ الأغبر.
نفكّر ببروميثيوس وبغيره صباحاً
ونهمله مساء
نتذكّر لنبتعد
نتذكّر ونغمض عيوننا لنطفو
برؤوسنا لئلا تبتلعنا الزاوية.
لا نعرف أحداً
باسمنا صار قطرة
خليّة تامّة بلا أيادٍ ولا
عيون،
رغوة يوم على تلّة
عواءً لطيفاً لكائن
ناجٍ إلى حين،
رفيفاً متواصلاً لحلُم بلا قدمين أو
فرصة.
لا نعرف أحداً بهذا الاسم، اسمنا، ولا سبق أن رأيناه في هذا المدّ الأغبر... الشاعر أنطوان أبو زيد في مجاز الأبدية، رصيف22
لا نعرف أحداً بهذا الاسم
يطهّر نفسه كلّ ساعة
يرشّ البلاط بقوة لعلّ تحته
الجراثيم الأكولة،
يطهّر علبَ الكرتون
الأقمشة، المناشف، الصوَر المرمية على
المائدة
الهواء أمامه، حول يديه، رأسه الصغير،
الحذاء، العتبة
العين التي ننظر بها إلى
الخارج، وسط الباب،
الشعر، المخيّلة
الحبيسة في نوطة عليا
يضع كمّامة وقفازين شديدين ويأخذ نفساً عميقاً ليسبح في
الامتلاء حتى قدميه.
لا نعرف أحداً بهذا الاسم،
منهزماً مثل أخطبوط عجوز،
صارماً مع عامل الدليفري
متشدداً مع التائهين على الانترفون،
غافيا في العتمة، ممتلئاً من البروبغندا حتى
الروح،
رجلا لا يُرى ولا يُلمس ولا تُسمع طقطقات عظامه من الشارع،
ولا يطفو جثمانه على برّ
الشرفة.
لا أعرف أحداً بهذا الاسم،
اسمي.
إسبرانسا
غنّ معي وعدْ إلى
الوراء، وليعدّ معي كلّ من كانوا برملهم
وأظافرهم الملطخة بالتراب الأحمر
وخدودهم الضامرة والتجاعيد التي نبت عليها
علّيق وزهر وأكاسيا مرّة.
إسبرانسا
وإلى الوراء خطوتان.
لا شيء هنا، وراء الشاشة رئتان سليمتان
بفضل السروة تمدّ أصابعها الطويلة ذات الوبر المبارك
تهبني وامرأتي هواء آخر
غير هواء بلادي... بلادي.
إسبرانسا
والى الوراء عشر خطوات مثل رقصة
السامبا تعرفها بالنظر مثلما تعرف
الموت، بل لمست جداره وعدت
خفيفاً كحجر طائش
كجرثومة عطر لا قفل لها.
إسبرانسا، ثلاثون خطوة ولن ترى شيئاً، لا حجارة ولا منزلاً ولا حاجب نافذة، جمّدتك فيه رياح أيلول وغصونه اليابسة، في مكان كان يدعى هنا...الشاعر أنطوان أبو زيد في مجاز الأبدية، رصيف22
إسبرانسا
ثلاثون خطوة ولن ترى شيئاً
لا حجارة ولا منزلاً ولا حاجب نافذة
جمدتك فيه رياح أيلول وغصونه اليابسة، في مكان كان يدعى هنا.
إسبرانسا
غنّ معي، لا تخف
سوف نذهب بعد الغناء إلى واد قريب
وننتظر هناك أن يجرفنا السيل
مع نفايات المدينة، لحومها الميتة والحية
ونسبح الى أن نختفي تحت سورها
الفينيقي العظيم
ونحن نبقبق لحن البلاد التي لم تلد
شفقاً ولا أرجواناً ولا بلوطاً
مصفى.
إسبرنسا
غنّ معي لأعرف صوتي
لأعزف بعظامي
لحن هواءٍ مسلولٍ
ولتحملني على الطريق الى بلاد الرقصة الأخيرة
بلا مطر ولا طبول
أيلول ههنا في مدينة الفراغ
العظمى، إسبرنسا.
(من مجموعة شعرية قيد النشر " إسبرنسا")
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...