تكسر الزوجة كوباً زجاجياً، وتكون حينها محاطة بزوجها، والده وابنها، ويبدو واضحاً أن يدها تنزف، لكن بدل التعبير عن القلق، يلقي زوجها نكتة: "لا تستخدمي عذر المزاج. لقد سبق أن استخدمتيه مرة هذا الشهر"، في إشارة لدورتها الشهرية واضطراب المزاج "المزعوم" الذي يرافق ذلك.
يأتي هذا المشهد في المسلسل الكوميدي الأمريكي How Kevin Can F*** Himself، الذي يعرّض بالكوميديا الكلاسيكية التي تقوم على السخرية من النساء، الإساءة إليهن والتحرّش بهن أيضاً. إذ كان من الممكن أن يمرّ هذا المشهد المهين للمرأة مرور الكرام في تسعينيات القرن الماضي، لكن ليس بعد الآن, فمن غير المقبول وضع المرأة دائماً ضمن هذا الإطار السلبي، ضمن الحياة الزوجية، العمل أو المجتمع، والسخرية من تعبها وألمها على اعتبار أنها "كوميديا"، لأن هذه الفكرة تترسّخ وتصبح حقيقة حتى بالنسبة للمرأة نفسها.
ماذا عن الدراما والسينما العربية؟ كيف يُظهر "النجوم" النساء اللواتي يقفن بجوارهم أمام الكاميرا وكيف يقدمونهن للمشاهد؟
تبرير ناقص
كثيراً ما يُشار للتحرّش بالنساء في السينما المصرية كأمر "طريف" وخفيف الدم، وعلى الجهة الأخرى من المناظرة، هناك حجّة أن الفن مرآة المجتمع والواقع، و"كما تكونون يولّى عليكم".
يحتجّ صنّاع السينما بفكرة أن أي عمل يحتوي على التحرّش بكل أشكاله وألوانه المقصود منه تسليط الضوء على ظاهرة اجتماعية منتشرة، وليس الترويج لها أو دعمها، مثلما يسلط الضوء على أي آفة مجتمعية أخرى، مثل البلطجة، الإرهاب، المخدرات، الدعارة، الظلم... إلخ، ليكون الهدف هو عكس ما يقف أمام مرآة المجتمع دون تحيّز أو تغاضٍ، والتأثر به هي مشكلة فردية وليس هدف العمل.
"هاتي بوسة يابت"، "بومبوناية ملبساية"، "سكّر محلّى محطوط على كريمة"، "عود البطل"... عبارات سرعان ما شقّت طريقها من الفنّ إلى الشارع لإهانة المرأة وتكريس العنف اللفظي
ورغم منطقية هذه الحجة إلا أن الإساءة للنساء داخل إطار كوميدي يعد الأخطر على الإطلاق من وجهة نظر بعض النقاد والمنتقدين، فدعم كوميديا الإفيه أو كوميديا الموقف لفكرة التحرّش طريق يسوقها نحو الترويج وليس العرض فقط، لأنه يرتبط بشكل وثيق بخفة الدم واللطف والتودّد، وليس بالوقاحة والاعتداء والأذى، لأن تلك العبارات سرعان ما تشق طريقها في المجتمع بين المراهقين لتتحول إلى وسائل لمعاكسة الفتيات، وأصبحت تلك الجمل و"الإفيهات" الواردة في الأعمال الفنية تكرّس لإهانة المرأة، وبات يرددها الكثيرون.
وخلال السنوات الأخيرة أصبحت أغاني المهرجانات مصدراً لتطوير لغة المعاكسات عند قطاع كبير من الشباب، فظهرت عبارات للمعاكسة مثل: "هاتي بوسة يابت"، "بومبوناية ملبساية"، "سكّر محلّى محطوط على كريمة"، و"عود البطل".
"زعيم المسيئين"
يتربّع الفنان عادل إمام، عرش "المسيئين" للنساء في مجمل أفلامه ومسرحياته. صاحب 56 عاماً من العمل في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية والإذاعة، الفنان الوحيد في مصر، بل ربما في العالم كله، الذي ما زال محتفظاً بمكانته كنجم أول تلتفّ حوله قصة العمل وفريقه، ويدور كل شيء حوله، الذكي والمغفل في نفس الوقت، صاحب الأجر الأعلى والاسم الأول على الأفيش أو التتر، الديكتاتور المتحكم بتفاصيل العمل، الضامن الأول والأخير لنجاح بيعه وجمع إيراداته.
بدأ مشواره الفني بعدما تخرج من كلية الزراعة، لتبدأ رحلته الرسمية في البطولة أو في "البوس" و"التحرّش" تحت غطاء خفّة الدم.
وكما حفظ الجمهور وأصبح يتوقع إيماءات وجه عادل إمام، ردود أفعاله، تسريحة شعره الثابتة، نبرة صوته، مشيته وألوان ثيابه بمجرد ظهور صورته على ملصق الفيلم أو شباك السينما، حفظوا أيضاً وتوقعوا مشاهد القبلات المبالغ بها والتحرّش بالبطلات، بإيحاءات معينة ونظرات مختبئة تحت عباءة الكوميديا والسخرية في أغلب أعماله، بالأخص السينمائية.
حتى عُرف عنه في فترة الثمانينيات، أنه حينما يقرر عملاً له مع فنانة ترفض القبلات أو المشاهد الحميمة، أو يكون دورها لا يسمح بوجود علاقة بينهم تمنطق حدوث القبل والأحضان، كان يُحضر معه عدداً من الكومبارسات ليقبّلهن عوض البطلة.
يقدم عادل إمام نفسه كـ"أحد الغلابة" المصريين الفهلويين، ثم لا يتورّع عن تحسس أجساد النساء وتقبيلهن، كأنه يشرّع للفقير أن يكون ذا أخلاق سيئة ومتحرّشاً أيضاً
ويعتبر فيلم "سلام يا صاحبي" وفيلم "حنفي الأبهة" أكثر الأفلام التي تم فيها تعويض عدم تقبيله لبطلة العمل بتقبيل الكومبارسات، فهل كان عادل إمام يعكس مرآة المجتمع أم مرآة عادل إمام؟ والمنهج الذي درس وخطط له طوال مسيرته الفنية منذ أن كان كومبارساً حتى أصبح النجم العجوز، أهو منهج المجتمع أم منهج المتحرّش المغفورة له خطاياه؟
رفع غطاء حلة البريستو...
أدرك عادل إمام "لعبة الشهرة" وأرضى الجميع، خلق بذكاء ومثابرة وحظ جمعه بصفوة الكتاب والمخرجين، مدرسة خاصة به، فتسلّل من خلالها بفنه إلى كل القلوب، وإن كان مثيراً للجدل في معظم الأحيان وفنه غير مناسب لكافة الأعمار والثقافات، فشكله غير وسيم وجسده عادي لا يشبه أجساد الأبطال المعتادين، ثقافته متوسطة أو أقل، وفهلوته وشخصية الشاب الفقير المعدم التي غالباً ما قدّمها، هي 90% من الشباب المصري بل والعربي.
قدّم على الشاشة تطلعات وأحلام "الغلابة" الذي يشبههم قلباً وقالباً، فينتصر على الظلم ويسترجع حقوقه بالقوة، رغم استحالة هذا في الواقع، وتعشقه جميلة الجميلات وابنة الأغنياء، المثقفة والمناضلة والحقوقية ودكتورة الجامعة، وأي امرأة تصادفه، رغم أنه مُعدم وكرشه يفسد تناسق جسده، يرتدي جاكت جينز أو جلد وكوتش من ماركة باتا، يمشط شعره على جنب، عشوائي يفتقر للذوق والرقي، ومع هذا يحقق للملايين حلم أنهم أبطال حكاياتهم والمتحكمون بمصيرهم.
مثّل عادل إمام "حلة الضغط"، بقربه من الرئيس مبارك ومن السلطة بالعموم، ليقدم لذّة الانتصار المزيّف لملايين البسطاء، الانتصار على الفقر والظروف والحكومات المستبدة، فاستغلّ نظام مبارك الذي سمح بالنقد لأجل التنفيس والراحة وليس لأجل التغيير الحقيقي، ليشكل نجاحاً آخر من خلال سيناريوهات أفلام يتصارع فيها مع الحكومات وينتقد الأنظمة الفاسدة، فيوهم الشعب بأنه يتحدث باسمه ليصمت ويهدئ، وليس ليشكل وعياً حقيقياً.
نجح طوال مسيرته في خلق مشاعر متضاربة تجعل الدماء تفور في عروق الجمهور، ثhttps://raseef22.net/admin/articles.php?action=edit&id=1083127#https://raseef22.net/admin/articles.php?action=edit&id=1083127# Publish & Stayم تبرد مع كلمة النهاية، لعب معهم ومثّل لهم وعليهم، أضحك الناس وضحك عليهم، أبكاهم وبكى عليهم، فرحهم وانتقم ولهم وخدعهم، ارتقى بهم ونزل بهم أحياناً للحضيض.
فبعد كل ما صنعه في وجدان هؤلاء، هل يهزّ شعبيته داخلهم بعدم وجود الإفيه الوقح والنظرة الجريئة؟ أو باجتياح مساحات السيدات بثقة ملتفّة بحرير خفة الدم، ليلمس أجسادهن خلسة.
قرص فخذ رجاء الجداوي في "التجربة الدنماركية"، وتحسس ساق شيرين تحت الطاولة في "بخيت وعديلة"، واستغل داليا البحيري، الناشطة سياسية، وأظهرها وعائلتها كأرجوزات لرغبته الجنسية في "السفارة في العمارة"، و"بيبي دول" هدية لامرأة لا علاقة له بها في "سلام يا صاحبي".
تحسّس يسرا في "جنازة بوبوس"، انفرد بعايدة رياض على طاولة المخابرات في "اللعب مع الكبار"، ضرب مؤخرة سيدة المطعم في "حنفي الأبهة"، وعانق أخت الضابط بعد استعطافها وهو يقصّ عليها حكاية خيالية في "حنفي الأبهة"، وسخر من الطبقة الراقية بلمس أجساد سيدات القصر الذي يعمل فيه للتقليل منهم في "الواد سيد الشغال".
اجتاح خصوصية دكتورة الجامعة التي تدرّس أولاده في "مرجان أحمد مرجان" وتحرّش بها بشكل غير مباشر من خلال دس أسئلته الوقحة عن ملابسها الداخلية بين سطور حديثه، وصفع فخذ حنان شوقي عدة مرات وراء بعض أثناء لعبهم للكوتشينة في "الإرهابي"، وقفز في حوض استحمام زوجة الوزير وهي داخله وحكّ جسده بجسدها تحت الماء، ثم أمسك بوفاء عامر التي تقوم بدور خادمة الوزير وأسقطها معهم في الحوض، وتجوّل بينهم في "الواد محروس بتاع الوزير" وإلى ما لا يحصى من المشاهد التي لا تقيم اعتباراً لاحترام الجسد الأنثوي، ولا للرسالة التي يقدمها لجمهوره المراهق من "عادية" التحرّش والاعتداء الجنسي.
فمرّت هذه المشاهد السامّة مرور الكرام، ولم تثر في دواخل المشاهدين سوى الضحك، فالظلم الطبقي والفقر والجهل وقلة الوسامة خلقت دنجواناً مقدساً منفوضاً عنه الغبار، قرر إسعاد المشاهد مهما كثرت التهم، لتكون سيكولوجية العامة وجمهور البسطاء "اللي هما مصر وكل العرب" منهج عادل إمام، الذي وضعه في هالة من التفرّد والقبول عند الملايين، مهما بلغ إسفافه ووضاعة أعماله أحياناً وجراءته ووقاحته المرفوضة من غيره تماماً.
المنهج الذي وضعه في كفة تعلو كفة نقاد السينما المثقفين، أصحاب الكلمات المقعّرة واللغة الفصيحة الذين يسخر منهم كلما عنّ على باله، أو الحقوقيات ومناصرات حرية المرأة اللواتي يقدم عنهن صورة بشعة تبخس قدرهن وتضعهن موضع الاتهام، "الزعيم" عادل إمام، الذي يشبه الرؤساء العرب، لا ينتهي حكمهم إلا بالموت.
"نجم الجيل"
يمكننا القول إن "نجم الجيل"، المطرب والممثل المصري تامر حسني، أحد أبرز الفنانين الذي قدموا مشاهد مليئة بالإهانة، لفظياً وجسدياً، للمرأة، ضمن إطار كوميدي، في عدد من أفلامه.
كانت البداية في فيلم "سيد العاطفي" عام 2005، حين غنى بطل الفيلم أغنية تحت شرفة منزل الشابة التي يحبها "زينة"، تحمل إيحاءات جنسية، قال فيها: "كل مرة بشوفك فيها ببقى نفسي آ...آ". وتعتبر الأجزاء الثلاثة لفيلم "عمر وسلمى" من الأفلام الرومانسية الكوميدية الناجحة التي حققت شعبية جماهيرية وإيرادات كبيرة، غير أنها لم تخل من الإشارات الجنسية المهينة.
في الجزء الأول الذي عرض في عام 2007، يقدم تامر شخصية الفتى الطائش، متعدد العلاقات الجنسية "عمر"، الذي "يعاكس" الفتيات في عدة مشاهد بالجامعة وبشركة والده، وكانت إحداهن سلمى (مي عزالدين) التي يغازلها في اللقاء الأول بالجامعة ويطيل الإمساك بيدها متعمداً.
كما يظهر تامر ووالده بالفيلم، أدى دوره الفنان الراحل عزت أبو عوف، وهما يطيلان النظر لمؤخرة السكرتيرة في الشركة، قائلين: "يا نهار أسود".
وفي الجزء الثاني من الفيلم، المعروض في عام 2009، يظهر البطل في أكثر من مشهد وهو يتحرّش بالجارات ويغازلهن، وسط غيرة زوجته وعصبيتها الشديدة، وتكرّرت حركة المطرب الشاب التي يحاول فيها لمس الفتيات من منطقة المؤخرة ثم يرفع يديه كشيء من الفكاهة، ضمن إطار يظهر هذا "الاعتداء" على أنه كوميدي وجذاب.
وبدا التحرش أكثر وضوحاً في فيلمه "كابتن هيما" عام 2008؛ حيث غنى للمدرّسة مريم "الفنانة زينة" أغنية "هي دي"، التي يقول فيها: "أكتر حاجة بحبها فيكي هو دا، وأكتر حاجة شدتني ليكي هي دي"، مع نظرات تخترق مؤخرتها وصدرها.
أما في فيلمه "نور عيني" عام 2010، فقد قدّم "نجم الجيل" مشهد تحرش جنسي جسدي غير مبرر بامرأة لبنانية، أثناء سفره للسياحة في لبنان مع حبيبته الكفيفة سارة (منة شلبي)؛ حيث يمسك بخصر المرأة بحركة خاطفة فتطلق شهقة صدمة، لينخرط في الضحك وهو يقول: "هو دا".
نظرات وملامسات الفنانين لمؤخرات النساء
في فيلم "نمس بوند"، يقوم هاني رمزي بلمس جزء حميمي من جسد سيدة في السوبر ماركت، فيقول ضاحكاً: "كنت فاكره جريب فروت"، وهو مشهد اعتبر خادشاً للحياء وحرصت معظم القنوات التليفزيونية على حذفه عند عرض الفيلم، ناهيك عن مغازلاته الفجّة تجاه بطلة الفيلم (دوللي شاهين)، بشكل لا يتناسب مع شخصية ضابط المباحث.
وفي فيلم "الرجل الغامض بسلامته"، يغازل السائحات وينظر إلى مؤخرات النساء، ويقوم بإمساك يد سائحة أجنبية ويقول لها بالإنكليزية إن حمالة صدرها رائعة، فترد عليه قائلة: هل أنت مجنون؟
في فيلم "نمس بوند"، يقوم هاني رمزي بلمس جزء حميمي من جسد سيدة في السوبر ماركت، فيقول ضاحكاً: "كنت فاكره جريب فروت"، وهو مشهد اعتبر خادشاً للحياء وحرصت معظم القنوات التليفزيونية على حذفه عند عرض الفيلم
وفي عدد من أفلامه، قدّم الفنان محمد رجب مشاهد مهينة ومنها دوره في فيلم "مذكرات مراهقة" وفيلم "الباشا تلميذ"، وله بعض "إفيهات المعاكسات" التي وصفت بأنها كوميدية في أفلام "محترم إلاّ ربع"، "الخلبوص" و"صابر جوجل".
وقدم فيلم "كركر" للنجم محمد سعد، مشهداً يظهر التحرش في شكل كوميدي ساخر؛ حيث قدم شخصية شاب يتنكر في صورة فتاة، لمحاولة جذب ابن خاله "المجنون" للموافقة على الزواج، ليحصل على ثروته الضخمة، وأثناء تنزّه الشاب المتنكر ومنافسته (ياسمين عبدالعزيز) للزواج من "كركر" المجنون، على الشاطئ يقوم بعض الشباب بالتحرش بهما.
أما الفنان الكوميدي بيومي فؤاد، الذي اشتهر بأدواره الكثيرة في عدد كبير من الأفلام والمسلسلات المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، فقد أدى ببعض أفلامه دور الكهل المحب للنساء الحريص على مغازلتهن والتحرّش بهن.
وفي فيلم "رغدة متوحشة" للنجم رامز جلال، يقدّم شخصية مخرج الإعلانات الذي يولع بـرغدة، التي هي في حقيقة الأمر رجل متنكر بزي ومكياج امرأة ليؤدي دوراً في إعلان، ويستمر بمغازلتها والتحرش بها، وسط إحراجها الشديد وصفعها ليده وتهديدها له إذا استمر بملامستها.
ولا ننسى الابن البكر للتحرّش، فيلم "كلمني شكراً" 2010، والذي احتوى على ثلثي إفّيه التحرّش للعام، من خلال شخصية "توشكا" الذي قام بها عمرو عبدالجليل، و"المعلم عرابي" الذي قام بها صبري فواز، فتربّع على هرم هذه المشاهد السامّة مشهد لعمرو عبد الجليل وهو يمسك بجسد داليا ابراهيم، حبيبته، دون استئذان، والتعبير عن هياجه الجنسي بجملة "ده قلبي اللي هيوقف"، إسقاطاً على عضوه.
"إفّيهات"
وللفنان عمرو عبدالجليل عدداً من "إفّيهات الإساءة"، في كثير من أفلامه مثل: "ما تبانش البضاعة غير بعد حمل ورضاعة"، في فيلم "كلمني شكراً"، "فيه حد يتف على النعمة دي حتى تزول"، في فيلم "سوق الجمعة"، وفي أحد مشاهد فيلمه "كازبلانكا" يسأل فتاة مغربية تعمل لديه، عما إذا كان ابنه قد تحرش بها، فتنفي ذلك وتشيد بأخلاقه؛ فيستاء بشدة ويقوم بصرفها من أمامه، قالباً موازين الصواب والخطأ.
في مسلسل "رمضان كريم"، يقول الفنان صبري فواز لفتاة شابة قائلاً: "جسمك حلو أوي"، لكنها تسمع ما قاله وتتشاجر معه، فيحتشد الناس من حولهم، ويقوم صبري فواز بقلب الحقائق، واتهام الفتاة بظلمه وتوجيه تهمة باطلة بسبب "فوبيا التحرش"، لاسيما أنه موظف حكومي محترم وليس مراهقاً، حتى تتعاطف معه الفتاة وتعتذر له ظناً منها بأنها أخطأت السمع؛ فيقول لها: "أنتِ بتعتذري ليه؟ أنتِ فعلاً جسمك حلو أوي".
أما الفنان محمد لطفي، فقد أدى مشهداً بمسلسل "وش تاني" تحرّش فيه هو وصديقه بامرأة، مطلقين بعض "إفيهات الإساءة"؛ حيث يغازل صديقه سيدة، ويقول لها: "صباح كيوت على أحلى رفارف وكبوت"، "أموت أنا في الحنيّن اللي مش مبيّن"، فيعاتبه محمد لطفي ويحذره من أن تعرف زوجته بأفعاله، لكن بمجرد مرور السيدة المثيرة من أمامه ينظر لطفي إلى مؤخرتها وهو يقول: "اللي لبّس بتاع ملبس واللي ربى بتاع مربى".
إن دعم كوميديا الإفيه، أو كوميديا الموقف، لفكرة التحرّش وتد صلب يسوقها نحو الترويج وليس العرض فقط، لأنه يرتبط بشكل وثيق في اللاوعي بخفة الدم واللطف والتودّد وليس بالوقاحة والاعتداء والأذى
وفي نفس المسلسل، قدّم كريم عبد العزيز مشهداً كوميدياً، كان فيه يقوم بمعاكسة سائحة روسية، ولسوء حظه تضبطه مديرته، فيشعر بالإحراج، ويزعم أنه يدلها على طريق دورة المياه.
وأدى الفنان حمدي الميرغني دور أمين شرطة بورسعيدي متحرّش في المسلسل الكوميدي "نيلي وشريهان"؛ حيث يعاكس دنيا سمير غانم، على مدار حلقتين وسط شعورها بالقرف منه، كما قدّم الفنان أحمد فتحي عدداً من "إفيهات التحرش" في مسلسل "صاحب السعادة"، حيث يقول للفتاة "بوسي": "وربنا أموت في الزغاليل... وربنا أصلي والباقي صيني".
وشهد مسلسل "في بيتنا روبوت" عدداً من المشاهد المسيئة ضمن إطار كوميدي؛ حيث تتعرض الفنانة شيماء سيف، التي تؤدي دور الروبوت "زومبا" للمعاكسات والتحرش، ومنها الفنان الكوميدي محمد عبدالرحمن، الذي يغازلها ويقول: " الجميل عامل أيه؟ مش هتحنّ يا جنّ".
يقول الدكتور ناجي عيد، مدرس في قسم علم الاجتماع، ومؤسس لفريق "نار على علم" المسرحي وناقد سينمائي، إنه لا ينتهج أبداً دسّ إفيه التحرّش في أي إطار كوميدي حين يقرر كتابة أي نص مسرحي.
فهو يجد أن دعم كوميديا الإفيه، أو كوميديا الموقف، لفكرة التحرّش وتد صلب يسوقها نحو الترويج وليس العرض فقط، لأنه يرتبط بشكل وثيق في اللاوعي بخفة الدم واللطف والتودّد وليس بالوقاحة والاعتداء والأذى، بالأخصّ حين يمر على الفتاة دون رد فعل سلبي منها، بل يمكن ملاحظة إيجابيته عندما تضحك بسببه أو تقع في غرام المتحرّش بها، في ظل غياب المفاهيم الأخلاقية لدى الشباب وضبابية الأماكن التي يستمدون منها أفكارهم وثقافتهم العامة.
ويظهر هذا الفرق بوضوح كبير لو وضعنا فيلماً يعرض التحرش في إطار درامي قاس، مثلما طرح في فيلم "678" لبشرى ونيلي كريم، حيث طُرحت من خلال الفيلم مواقف مهينة تتعرّض لها المرأة المصرية بشكل يومي، والإطار الكوميدي، مثلما عرض "فيلم السفارة في العمارة" مشهد تحرش من قبل مهندس "حورمجي أو نسونجي" بناشطة سياسية، عندما دخل المهندس شريف خيري (عادل إمام) مظاهرة أعجبته الفتاة التي تتقدمها (داليا البحيري) فحملها على كتفه وابتعد بها تماماً عن المظاهرة، وحين سألته: "انت واخدنى فين؟"، رد: "هنروح البيت بس نريح شوية وتاخدي حمام وترجعي فريش".
وغيرها من مشاهد تعتبر أيقونة في التحرش داخل إطار كوميدي، وبؤرة حقيقة لدس السم في "العسل"، وترسيخ سلوك مشين في إطار حميد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع