مجاز الحواس: للكتّاب حاسة إضافية هي فتنة أن اليوم يأتي كل يوم
"لأمِّ البنين كسٌّ ثمينٌ، كان كسّاً من ذهبْ
ذَهَبَ الرسلُ بالآياتِ والكسُّ ما ذَهَبْ
يا كسّاً ذَهَبْ، يُوردُ الجِنّّةَ ويُشفي العَطَبْ
ظَمِئ الدهرُ من حديث الفقه فَلِمَ العَجَبْ
دمتَ شَهيّاً، طريّاً، كأندلس طيباً وحَلَب
لا أعلم لمن هذه الأهزوجة، أبو النواس أو غيره من الشعراء الزناديق "المماحين"، لكن عبدالله، زوجي، كان يرددها باستمرار عندما يكون مشغولاً، أو شارد الذهن، بتلحين ونمط مختلف كل مرة، وكان يختصره عند مضاجعتي بـ "كسّك دهب، دهب أحمر"، وكنت أضحك في سرّي، إذ كيف لكسٍّ مصنوع من المعدن أن يُمتع ويكون قابلاً للاختراق وينزّ كل هذا السائل الذي يترك بقعاً على غطاء السرير؟
مرّة أولى لكل شيء
قبل بضعة أشهر من زواجي لم أكن أظنّ أنني سأقبل سماع هذه المفردات "بدي نيكك، كس، أير"، كنت أظنها كلمات يستخدمها الأجانب فقط في أفلام الكبار، أو أولاد الشارع حين يتشاجرون ويهددون بفعل كذا وكذا بأم وأخت ومؤخرة الآخر.
ولم أكن بريئة تماماً أيضاً، فأمي أعطتني كتاب نوال السعداوي "المرأة والجنس" ولكني كنت بالكاد أستطيع إكمال صفحة واحدة منه، تمنيت لو كان كتابها مرفقاً برسوم توضيحية. ثم شرحت لي باقتضاب ما يتوجب عليّ فعله، وأين يجب أن أتمنع أو أستسلم، أضغط أو أبسط عضلات مهبلي، لكنها لم تخبرني شيئاً عن مصّ العضو أو لحسه، عن غرز أظافري في مؤخرة عبدالله المشدودة... مسكينة أمي، يبدو أنه قد فاتها الكثير.
لم أكن بريئة تماماً أيضاً، فأمي أعطتني كتاب نوال السعداوي "المرأة والجنس" ولكني كنت بالكاد أستطيع إكمال صفحة واحدة منه، تمنيت لو كان كتابها مرفقاً برسوم توضيحية
كنت أتناوله بفمي قبل أن يبدأ بالانتصاب، وأشعر به ينبض كعصفور حي، مرتعش وخائف في البداية بل وبارد بعض الشيء، ثم يقسو ويمتلك صلابة مرنة. كان يبدو في نومه ليس أكثر من لقمة واحدة، قطعة لحم أرغب لو أمضغها وأبتلعها مع أو بدون خبز.
كانت له طعمة الباذنجان النيء أحياناً، وأحياناً أخرى طعمة مزة تزيد رغبتي به، بالتهامه، بالاحتفاظ به في فمي، مغطى بلساني ولعابي يسيل عليه كشوكولا ذائبة. كنت في البداية أضع بعض الكريمة، أو جيلو المشمش عليه، لكنها كانت تفقدني طعم الذكورة في رجلي، طعم الجنس الحيواني الذي كنت أبحث عنه، الذي ذقته مرة ومستعدة أن أفعل أي شيء للاحتفاظ به تحت أضراسي.
"في ليلة عرسي، ثقبوا بالأير كسّي"
مضت الليلة الأولى على خير. لم أشعر باستمتاع من أي نوع، لكن ببعض الخوف والألم البسيط، لكن زوجي أخذ يبربر بكلمات تعني فيما تعنيه أن المرة الأولى تكون هكذا وأن الجنس في المرات الأولى يكون صعباً ثم تعتاده المرأة بعد أن "تنفتح". استغربت الكلمة، أأنا "زجاجة كازوز" لأنفتح؟ لكني وافقت عليها لاحقاً، إذ فتحت لي باباً آمل ألا يسدّ إلا بالموت، وتذكرت حين قرأت مرة، أن جارية كتبت على فصّ خاتمها: "في ليلة عرسي، ثقبوا بالأير كسّي"، نعم لقد ثقبوه، ويا لحسن ما فعلوا.
كان زوجي شديد الشهوة في الأشهر الأولى، ثم لاحظت أن نمطه قد بدأ بالتراجع، فبدل مرتين كل يوم، تراجع إلى مرة واحدة، ثم مرة واحدة كل يومين، ثم كل أسبوع، شكوت الأمر لأمي، فأخبرتني أن هذا أمراً طبيعياً يجب أن أعتاده، وأن أسلّي نفسي بطفل، لكني كنت قد اكتشفت مغارة من الأطايب لم أعهدها من قبل، ولم أرغب بتفويت الفرصة، فبالنهاية أنا عمري 15 عاماً فحسب، وزوجي يبلغ من العمر خمسين عاماً، ولم يتبق له الكثير من الوقت ليخرج من "الخدمة".
لم يكن ما يجمعنا حب، فأي حب هذا، إنما منحني أبي له لأنه كان صديق عمره، ولم يرغب بأن يقضي الحزن على صديقه بعد وفاة زوجته الأولى، كما حكى لي زوجي فيما بعد أنه رآني في حلمه ورأى ساقي البيضاوين وشعري الأحمر، صدقته وأحببت كذبه، أو ادعيت ذلك، إذ كان لطيفاً للغاية معي، يقوم بكل ما أطلب منه، بدون تذمّر أو تأفف، وفي غرفة النوم كان يتحوّل إلى شخص آخر، نمر، قط، يستخدم لسانه أكثر ما يستخدم يديه، يضعه في أماكن كنت أخشى أن أضع إصبعي فيها، كان يردد: "دهب، والله دهب".
وكنت مسحورة باللسان الذي يجري على الذهب، كنت أنسلّ تحته كحيّة مرقطة، حين يولج بي أنسى وجهه واسمه، يصبح ذكراً فحسب، ومرات كنت أناديه بأسماء آخرين حفظتها من الأفلام والمسلسلات، لم يخطر لي أن أناديه باسمه، كان يغيب عني ويصبح رمزاً لكل من أشتهيهم في نهاري.
بحثت في الإنترنت عن سبل إنعاش الحياة الجنسية، وجدت موقعاً يتحدث عن الخيالات والتمثيل داخل غرف النوم، فاقترحت عليه تلك الألعاب ووافق، وكنت أبدّل ثيابي لأمتعه فيُمتعني، مرة أكون راقصة استربتيز أميركية، ومرة أكون عاهرة هاربة من قوّادها العنيف، ومرة ممرّضة في جبال تورا بورا مع مجموعة من السلفيين، وكان يندمج في القصة لدرجة مخيفة أحياناً، فيقوم بضربي على مؤخرتي، أو بعضّي، ولم أكن أدرك ألمي إلا في اليوم الثاني، إذ غالباً ما أكون مخمورة بالنشوة.
كنت أرتدي غلالة الصلاة الشفافة البيضاء، وثيابي الداخلية السوداء تشعّ على جلدي، وأركع على السجادة الصغيرة، وأخاطبه...
أنا الكارهة لكل أنواع القراءة أصبحت مدمنة على قراءة القصص الجنسية والمقالات التي تتحدث عن الفانتزمات الجنسية.
فانتازم "شهر النيك"
لم يكن زوجي شديد التدين، لكنه كان يصلي أحياناً يوم الجمعة مع أصدقائه في جامع الحارة القريب، ويصوم رمضان، ولكن كنت أظنّ أنه يفعل هذا فقط ليتسنّى له التوقف عن مضاجعتي لفترة، ثم يعود هائجاً كثور، كان رمضان بالنسبة لي "شهر النيك". لا أعلم ما الذي يصيبه في هذا الشهر، أهو امتناعي عنه مجبراً كل النهار؟ لكنه لم يعد هذا العاشق المصاب بالغلمة، ربما تثيره فكرة الممنوعات والمحرّمات أكثر ما أثيره أنا شخصياً، يبدو أيضاً أني تحولت إلى "كل النساء" عنده.
مرة خطر لي أن أمزج خيالي وخياله، تديّنه البسيط وغلمتي المتوهجة، فانتازم جنسي أسميته "نيك الكافرة"، أخبرته فاستغفر الله، وقال لي لا يجوز، فامتنعت عنه ليلتين متتاليتين حتى أتاني موافقاً، وبدأنا اللعبة.
كنت أرتدي غلالة الصلاة الشفافة البيضاء، وثيابي الداخلية السوداء تشعّ على جلدي، وأركع على السجادة الصغيرة، وأخاطبه: يا أرحم الراحمين، يا إلهاً يلهو بخصى الدهر، أرسل لي من ينيكني فأؤمن، أمتعني فأسلم.
فكان ينخر ويثور هائجاً، ويقول: "أرسلني ربي لأنيكك أيتها الكافرة، سلّمي بعظمته فيرحمك"، ثم يقبل ما ظهر من مؤخرتي وأنا راكعة كمن تصلي، وتبدأ الرغبة تفور بداخله وبداخلي، ويخترقني كسهم من نار، كنت أشعر أنه ينيكني هو وربّه وملائكته جميعاً، وكأنه أعطي عشرة أيور إضافية، وقوة أربعين رجلاً، كان يغوص عميقاً فيّ، كأنه يحفر في منجم، كنت أشعر بسائله الدافئ، ذي الطعم المحايد يطفح من فمي وعيني وأذني، ويردّد عبارته الأثيرة: دهب، كسّ دهب.
إتمام الرسالة
عندما توفي، عن عمر ثلاث وستين سنة، وبعد أن أتمّ "رسالته" في إمتاعي، كنت كالمصابة بضربة شمس، أو في هذه الحال، كالمصابة بـ "ضربة قضيب". مذهولة أتلقى التعازي والكلمات المشجّعة، وأنا أفكّر فقط كيف سأمضي ليالي الباردة، وحيدة، بدون رائحته على مفاصلي، بدون هذا الاختراق المفضي إلى الجنّة، بدون لسانه في فمي وعلى صدري وعانتي.
لم أحزن كما يجدر بأرملة ولم أمزّق ثيابي. كنت في حالة شديدة من الوعي بالفقدان والخسارة، وكنت أفكّر بأيامي القادمة، وأعزّي فرجي. كانت وحدته أشدّ من وحدتي وحزنه أمضى من حزني، كان قد انفصل عني منذ زمن وأصبح يفكّر باستقلالية، كان يتصرّف وينزّ وينوح أحياناً ويزفر. كان قد تحوّل إلى فرج بذاكرة فردية وتاريخ شخصي مختلفين عن ذاكرتي وتاريخي.
يا لوحدته ووحدتي، يا لحزنه وحزني، يا لمرارة ساعاته ومرارة أيامي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...