شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
اتهم الأكراد بالمشاركة… تحقيق يكشف تفاصيل الخطة السرية لاغتيال قاسم سليماني

اتهم الأكراد بالمشاركة… تحقيق يكشف تفاصيل الخطة السرية لاغتيال قاسم سليماني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 9 مايو 202106:41 م

 

في خطوة يحتمل أن تلقي بظلالها على المفاوضات التي تجريها إيران والولايات المتحدة في فيينا -عبر وسطاء- للعودة إلى الاتفاق النووي، نشر موقع "ياهو نيوز" تحقيقاً يكشف عن تفاصيل المخطط الذي انتهى إلى اغتيال قاسم سليماني، أرفع القادة العسكريين في إيران وقائد فيلق القدس في بداية عام 2020.

 عمل الصحافيان الاستقصائيان جاك ميرفي وزاك دورفمان على التحقيق الذي يكشف لأول مرة عن مشاركة قوات مكافحة الإرهاب الكردية في مقتل سليماني. ويأتي نشر التحقيق في وقت حرج، إذ يتوقع أن تتخذ الولايات المتحدة وإيران خطوة مهمة في سبيل إحياء الاتفاق في 21 مياو/ آيار الجاري.

التحقيق يكشف لأول مرة عن مشاركة قوات مكافحة الإرهاب الكردية في مقتل سليماني. ويأتي نشر التحقيق في وقت حرج، إذ يتوقع أن تتخذ الولايات المتحدة وإيران خطوة مهمة في سبيل إحياء الاتفاق في 21 مياو/ آيار الجاري.

ويرفع التحقيق - الذي يستند إلى مقابلات مع 15 من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين- الستار عن تفاصيل جديدة لمقتل سليماني ومداولات إدارة ترامب طويلة الأمد حول اغتيال الجنرال الإيراني وغيره من كبار المسؤولين والوكلاء الإيرانيين.

تفاصيل العملية

في ليلة 3 كانون الثاني/يناير 2020، كانت ثلاثة فرق من  قوة دلتا الأمريكية الخاصة، تختبئ في مواقع سرية في مطار بغداد الدولي في انتظار هدفهم: قاسم سليماني، أقوى قائد عسكري في إيران، متنكرين في زي عمال الصيانة. واختبأوا في مواقع بين جدران المباني القديمة أو في المركبات على جانب الطريق.

يصف التحقيق: "كانت ليلة باردة ملبدة بالغيوم وتم إغلاق الجانب الجنوبي الشرقي من المطار لمهلة قصيرة لإجراء تدريبات عسكرية - أو هذا ما أُبلغت به الحكومة العراقية-. وتمركزت فرق القناصة من الوحدات الثلاثة على بعد 600 إلى 900 ياردة من "منطقة القتل"، على طريق الوصول من المطار. وتم تجهيزهم على اقتناص هدفهم عند مغادرته المطار. وكان لدى أحد القناصين منظار رصد مزود بكاميرا تبث مباشرة إلى السفارة الأمريكية في بغداد، حيث كان يتمركز قائد قوة دلتا مع طاقم الدعم".

كانت ليلة باردة ملبدة بالغيوم... وكان لدى أحد القناصين منظار رصد مزود بكاميرا تبث مباشرة إلى السفارة الأمريكية في بغداد، حيث تمركز قائد قوة دلتا مع طاقم الدعم.

كان هناك تحدٍ أمام القناصين في الرماية على مدى بعيد، بسبب وجود مجموعة متنوعة من العوامل البيئية، بما في ذلك الرياح. لهذا لجأوا إلى مساعدة عضو في مجموعة مكافحة الإرهاب (CTG)، وهي وحدة كردية نخبوية في شمال العراق لها صلات عميقة بالعمليات الخاصة الأمريكية، لدرايته بالتعامل مع اتجاهات الرياح وشدتها.

هبطت الرحلة القادمة من دمشق، سوريا، بعد منتصف ليل 3 يناير / كانون الثاني 2020، متأخرة عدة ساعات عن الموعد المحدد.

في سماء المنطقة، حلقت ثلاث طائرات أمريكية بدون طيار. أما على الأرض؛ كانت طائرة الهدف تتحرك بعيدًا عن المدرج باتجاه الجزء المغلق من المطار، ثم قام أحد العناصر الكردية المتنكرين بزي طاقم أرضي بتوجيه الطائرة إلى التوقف على المدرج.

عندما نزل الهدف من الطائرة، كان الأكراد متنكرين في ملابس عمال نقل الأمتعة، وذلك للتعرف على سليماني عند هبوطه من الطائرة.

كان سليماني قد وصل بالفعل إلى مطار بغداد الدولي، واستقل، والوفد المرافق له بعد هبوطهم من الطائرة، مركبتين، وتوجهوا نحو "منطقة القتل"، حيث كان قناصة قوة دلتا في الانتظار.

كانت أصابع القوات الأمريكية على الزناد، وحلقت الطائرات المسيرة الثلاث فوق السيارتين، وكانت اثنتان من الطائرات مسلحتان بصواريخ هيلفاير.


(قاسم سليماني في صورة يعود تاريخها إلى 2016 - ويكي كومونز)

دور إسرائيلي

في الساعات الست التي سبقت صعود سليماني إلى الطائرة من دمشق، قام الجنرال الإيراني بتبديل الهواتف المحمولة ثلاث مرات، وفقًا لمسؤول عسكري أمريكي.

في تل أبيب، عمل مسؤولو التنسيق في قيادة العمليات الخاصة الأمريكية المشتركة مع نظرائهم الإسرائيليين على المساعدة في تتبع أنماط الهواتف المحمولة لسليماني.

قام الإسرائيليون، الذين تمكنوا من الوصول إلى أرقام سليماني، بتمريرها إلى الأمريكيين، الذين تتبعوا سليماني وهاتفه الذي حمله معه إلى بغداد.

وقال مسؤول عسكري إن أعضاء من وحدة الجيش السرية المعروفة باسم "Task Force Orange" كانوا أيضًا على الأرض في بغداد في تلك الليلة، للمساعدة في الاختراق الإلكتروني لسليماني.

عندما وصلت السيارتان إلى "منطقة القتل"، أطلق مشغلو الطائرات بدون طيار النار على الموكب، حيث سقط صاروخان من طراز هيلفاير على سيارة سليماني، مما أدى إلى حرقها في الشارع. حاول سائق السيارة الثانية الهرب، فقطع مسافة حوالي 100 ياردة قبل أن يضغط على الفرامل عندما اشتبك معه قناص من قوة دلتا وأطلق النار على السيارة.

وبمجرد توقف السيارة، ضربها صاروخ ثالث من طراز هيلفاير، ففجرها إلى أجزاء.

القرار السياسي

كان مقتل سليماني أحد أهم قرارات السياسة الخارجية لإدارة ترامب، إذ من المرجح أن يكون لها آثار ستتردد لسنوات قادمة، ومن المحتمل أن تشكل البيئة الاستراتيجية التي يواجهها الرئيس الحالي جو بايدن في المنطقة.

وفي تسجيل صوتي سُرب في نيسان/أبريل الحالي، قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن غارة قتل سليماني كانت أكثر ضرراً لإيران مما لو دمرت الولايات المتحدة مدينة إيرانية بأكملها. ووفقاً لمسؤول كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية كان مؤيداً لعملية القتل، فقد كانت "إعادة تشكيل دراماتيكية للشرق الأوسط، كما رأينا منذ 50 عاماً (يقصد سقوط الشاه)، وقد حدث ذلك في غضون ساعات. لقد تغيرت قواعد اللعبة".

خطة قديمة

بحسب التحقيق؛ يعود مخطط اغتيال الجنرال الإيراني إلى الأيام الأولى لإدارة ترامب، إذ لم يمض وقت طويل على تولي مايك بومبيو رئاسة وكالة المخابرات المركزية في عام 2017، حتى جمع مجموعة مختارة من قادة الوكالة، بما في ذلك قادة مركز مهام مكافحة الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية ومركز الأنشطة الخاصة شبه العسكرية التابع لها.

كان الغرض من الاجتماع هو مناقشة كيفية "تحييد قاسم سليمان"، على حد قول مسؤول كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية في تصريح إلى معدِّي التحقيق.

وطرح مسؤولو وكالة المخابرات المركزية، الذين أرادوا إخفاء يد أمريكا في أي عملية من هذا القبيل، مختلف الخطط المحتملة لقتل سليماني، بحسب هذا المسؤول السابق.

في نفس العام، تطرق بومبيو في اجتماعات مجلس الأمن القومي أيضًا إلى موضوع قتل كبار القادة العسكريين الإيرانيين، كجزء من استراتيجية محتملة "لقطع رأس القيادة".

هذه الخطط، التي كان من المفترض أن يشارك فيها الجيش الأمريكي، قوبلت بمقاومة في ذلك الوقت من قبل مسؤولين آخرين في مجلس الأمن القومي، وكان بعضهم قلقًا بشأن مشروعية مثل هذه الإجراءات.

 قال نفس المسؤول السابق إن نهج بومبيو "السماء الزرقاء" تجاه إيران كان متحررا بعد عهد أوباما الأكثر تقييداً، وقال بومبيو لرافضي المخطط: "لا تقلقوا بشأن ما إذا كان قانونياً؟ هذا سؤال للمحامين". 

وقال المسؤول المخابراتي السابق، إن مسؤولي وكالة المخابرات المركزية اعتبروا المناقشات جادة لأنهم يعرفون مدى قرب بومبيو من الرئيس السابق.

تتذكر فيكتوريا كوتس، التي كانت نائبة مستشار الأمن القومي للشرق الأوسط وقتها، أن الرئيس ترامب "أراد طرح خيارات، لكن البنتاغون كان يخففها دائماً"،

قامت وكالة المخابرات المركزية في وقت لاحق بتخطيط "تفصيلي للغاية" لخطط سرية لقتل سليماني. وفي البيت الأبيض، انتشرت النقاشات حول مقتل سليماني خلال صيف 2018، في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة رسمياً انسحابها من الاتفاق النووي الموقع في عهد أوباما، وإعادة فرض العقوبات كجزء من استراتيجية "الضغط الأقصى" على طهران.

في ذلك الوقت، كان مخططو مجلس الأمن القومي يتطلعون إلى وحدات العمليات الخاصة التابعة للبنتاغون لتنفيذ العملية، واستبعدوا الاعتماد على  القوات شبه العسكرية التابعة لوكالة المخابرات المركزية أو وكلائها.

ومع ذلك، كانت هناك مقاومة من داخل وزارة الدفاع. تتذكر فيكتوريا كوتس، التي كانت نائبة مستشار الأمن القومي للشرق الأوسط وقتها، أن الرئيس ترامب "أراد طرح خيارات، لكن البنتاغون كان يخففها دائماً"، مضيفة إن قتل سليماني كان أحدهم، لكن "البنتاغون كان دائماً يساوي حدوث ذلك بالحرب النووية، وقال إنه سيكون هناك رد فعل عنيف".

واتخذت الأمور منعطفا أكثر خطورة بحلول منتصف نوفمبر / تشرين الثاني 2019، وذلك عندما احتدمت التوترات في جميع أنحاء المنطقة.

في تلك الفترة، تلقى مسؤولو مجلس الأمن القومي مكالمة من القيادة بأن الرئيس "بحاجة للتأكد من أن الخيارات مناسبة لقتل سليماني في ذلك الوقت".

وقال مسؤولون كبار سابقون في الإدارة الأمريكية إن هذه الخطط أُرسلت إلى مكتب ترامب بعد هجوم صاروخي شنه وكلاء إيرانيون، أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي في شمال العراق في أواخر كانون الثاني/ديسمبر 2019، إذ كان مقتل مواطن أمريكي على يد إيران بمثابة خط أحمر لدى ترامب.

أعطى المسؤولون في قيادة العمليات الخاصة المشتركة لمسؤولي مجلس الأمن القومي أربعة خيارات لقتل سليماني: استخدام رصاصة قناص بعيدة المدى، توظيف فريق تكتيكي على الأرض لمهاجمة سيارته، أو تدبير انفجار باستخدام جهاز متفجر، أو شن غارة جوية بحسب مسؤول عسكري حالي ومسؤول سابق في الإدارة.

واستقر المسؤولون بسرعة إلى حد ما على خيار الضربات الجوية، وهو ما أثار دهشة أولئك الموجودين في قيادة العمليات الخاصة المشتركة. لكن استغرقت الأسئلة المتعلقة بمكان قتل سليماني - في العراق أو في أي مكان آخر في المنطقة - وقتًا أطول في المناقشة.

كان بعض مسؤولي وكالة المخابرات المركزية قلقون من الرد الإيراني، إذ يتذكر مسؤول سابق في الوكالة، أن "سي أي إيه" لم تكن "خائفة من الإيرانيين"، لكنها اعتقدت أن القتل "يمكن أن يخلق مشاكل أكثر مما يحلها"، منها محاولة فيلق القدس "قتل أفراد من العائلة المالكة السعودية أو الإماراتية" ، أو شن "هجمات على البنية التحتية النفطية، أو" إثارة انقلابات "في المنطقة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image