برغم صدور قرار بوقف بثه عقب الضجة الواسعة والاعتراضات حول محتواه "العنيف"، يستمر عرض برنامج "طنب رسلان" عبر قناة "آسيا الفضائية" العراقية، تزامناً مع تواصل الجدل حول هل يجسد واقعاً عراقياً مؤلماً أو فقط يعيد ذكريات جرائم تنظيم داعش إبّان سيطرته على مناطق واسعة من العراق.
ينتمي البرنامج لأعمال تلفزيون الواقع، وتقوم فكرته على خداع مشاهير من عالم الفن وكرة القدم باستضافتهم في حدث خيري قبل خطفهم من قبل مسلحين مزعوم انتماؤهم لداعش، وسط انفجارات وتهديدات بالقتل وتفجير أحزمة ناسفة قبل أن تحرر قوات عراقية مفترضة الضيف الذي يعيش هلعاً.
واسم البرنامج مقسم إلى جزءين، رسلان من اسم مقدمه رسلان حداد، أما "طنب" فهي لعبة عراقية شهيرة للأطفال.
وسيطر تنظيم "داعش"على مساحات واسعة من العراق عام 2014 وارتكب جرائم مروعة بما في ذلك القتل والخطف والاستعباد الجنسي، قبل هزيمته عقب حملة مستمرة بالتعاون بين التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والقوات العراقية عقب ثلاث سنوات. ويُعتقد أنه لا تزال هناك "خلايا نائمة" للتنظيم في البلاد، مع تقارير حول عمليات لمقاتليه بين الحين والآخر.
قرار غير ساري التنفيذ
وفي 3 أيار/ مايو، أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات، الجهة المنظمة للإعلام بالبلاد، وقف عرض البرنامج لانطوائه على عدة مخالفات أبرزها "إعادة بث مواد تروج لشكل من أشكال الإرهاب" و"بث مواد تمجد الجرائم" و"بث مقاطع مصورة من عمليات الاختطاف واحتجاز الرهائن" و"حماية القاصرين والأطفال من مشاهد العنف" و"تحذير الجمهور قبيل بث البرامج التي تحتوي على مشاهد عنف".
"غير إنساني" و"مُذل"... استمرار عرض برنامج المقالب العراقي "طنب رسلان" رغم القرار الرسمي المتأخر بوقفه. هل هي سطوة الحشد الشعبي الذي أنتج العمل؟
في حين أن قرار وقف العرض أثار ردود فعل ساخرة لصدوره متأخراً بعد عرض أكثر من 20 حلقة من البرنامج الذي أشعل غضباً منذ عرضه أول مرة، إلا أن القرار لم يسرِ واستمر العرض. بُثت أحدث حلقاته قبل بضع ساعات من نشر هذا التقرير، وكانت ضيفتها الفنانة العراقية داليا نعيم.
وليس واضحاً ما إذا كان السبب في عدم الالتزام بقرار الهيئة الحكومية أن العمل من إنتاج قوات الحشد الشعبي الواسعة النفوذ في البلاد، وهي ميليشيات مدعومة من الحكومة وموالية لإيران.
وكتب رسلان حداد عبر حسابه الموثق في فيسبوك أن لا صحة لوقف البرنامج وإنما توقف مؤقت "احتراماً لاستشهاد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام".
إذلال الضيف وترويعه
في الهجوم على البرنامج، اعتُبر "غير مقبول" و "غير إنساني" بل استنكر الكثيرون الطريقة المذلة التي يعامل بها الضيوف والألم النفسي الذي يخلفه "المقلب" في نفوس كل من فقد أحبة على أيدي داعش.
وتساءل أحدهم: "شنو الرسالة من برنامج يقوم بترهيب وتخويف الناس؟ شنو هي اللذة؟ صار الفنان العراقي إلى مهزلة بهاي البرامج"، لافتاً إلى احتمال أن يموت أحد الضيوف رعباً.
كما نبهوا إلى أنه "إذا كان هذا مقلب حقيقياً وبدون علم الضيف، فإنه جريمة لا تقل عن جرائم داعش بحق الأبرياء نتيجة الخوف والرعب".
وكانت الفنانة بسمة - واحدة من ضيفات البرنامج- قد تعرضت لفقدان الوعي وصعوبة التنفس خلال الحلقة. علاوة على ما سبق، أُصيبت الفنانة بحالة انهيار خلال عملية اختطافها الوهمية لتذكرها شقيقها - أحد أفراد القوات الأمنية العراقية- الذي قضى بأيدي داعش.
أخذت تصرخ: "جايتك أيسر، جايتك حبيبي"، ظناً منها أنها على وشك الموت.
مع ذلك، وعقب الضجة الواسعة حول حلقتها، خرجت الفنانة بسمة لتؤكد أنها "فخورة" بمشاركتها في البرنامج على صعوبة الموقف كونها فقدت اثنين من أشقائها في الحب ضد داعش.
وأظهرت بسمة شجاعة في مواجهة الدواعش المزعومين خلال "المقلب" باتهامهم بأنهم لا يعرفون الإسلام ولا يلتزمون تعاليمه. في حلقات أخرى، كان الضيوف أكثر رعباً يكتفون بالتوسل والصراخ.
ومن الأمور الخطيرة التي لم ينتبه إليها كثيرون استخدام أطفال في "المقلب" حيث ظهرت ضمن مشاهد الحلقات طفلة تبدو أقل من 10 سنوات، وفي بضع حلقات فتى آخر معها، وسط الانفجارات الزائفة وأصوات الرصاص والصراخ. وهو أمر غير أخلاقي وإن كان مفبركاً.
اعتُبر العمل "مُفجعاً نفسياً" لإعادته جرائم داعش للأذهان، واستخدامه الأطفال في مشاهد التفجيرات وإطلاق الرصاص. لكن مقدم البرنامج رد على الانتقادات بقوله: "إحنا كشعب عراقي مو عايشين بالسويد ولا بلجيكا ولا بهولندا والحياة وردية"
على الجانب الآخر، دافع معلقون عن البرنامج عبر وسم #متضامن_مع_رسلان، قائلين إنه برنامج وطني يُمجد بطولات القوات والعائلات العراقية.
بمَ يرد مقدم العمل؟
كذلك، استمر فريق عمل البرنامج في الدفاع عن فكرة العمل التي قالوا إنها "تدعم جهود القوات العراقية في الحرب على داعش".
في تصريح لقناة الجزيرة، وصف رسلان حداد القرار بأنه "غير منصف"، متسائلاً عن السبب الكامن وراء القرار في حين يستمر عرض "أكو أعمال خادشة للحياء".
وزعم حداد أن الصفحات التي هاجمت البرنامج "مدفوعة"، قائلاً إن مشاعر الخوف واستعادة الذكريات المؤلمة لفترة داعش كانت في الحلقتين الأوليين وتبدلت إلى التعاطف مع الضيوف بعد "تفهُم" الفكرة. ونوه بأن الضيوف لم يعترضوا على "المقلب" بدليل موافقتهم على عرضه.
وأضاف: "إحنا كشعب عراقي مو عايشين بالسويد ولا بلجيكا ولا بهولندا والحياة وردية. هذا جزء صار من واقعنا… من حياتنا"، موضحاً أن رسالة البرنامج هي "دعم القوات الأمنية، دعم الدماء والشهداء".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 9 ساعاترائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.