شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ضريبة تقديم الخبز والماء.... راهب يواجه السجن في تركيا لمساعدته أكراداً

ضريبة تقديم الخبز والماء.... راهب يواجه السجن في تركيا لمساعدته أكراداً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 8 أبريل 202103:47 م

أطلقت منظمات حقوقية وناشطون دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق سراح راهب تركي حُكم بالسجن نحو عامين، لأنه قدّم الطعام والشراب لزوار ديره دون علم مسبق بأنهم من الأكراد المعارضين للحكومة.

 

والأب هو آحو بيشلين، رئيس دير مار يعقوب السروجي (دقَرنو)، وهو دير للسريان الأرثوذكس في طور عابدين بجنوب شرقي تركيا. والتهمة التي أُدين بها في 7 نيسان/ أبريل، وفق المتداول، هي "مساعدة المنظمة"، ويشار بهذا المصطلح إلى حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الحكومة التركية الحالية "منظمة إرهابية".

 

وعبر وسم #FreeFatherAho، استنكر معلقون الحكم القاسي على الأب عقاباً على تصرفه النبيل بنجدة شخصين لاذا بالدير قبل نحو ثلاث سنوات، من دون النظر إلى هويتهما وانتمائهما السياسي والعرقي، فيما ذهب البعض إلى أن المحاكمة تمثل دليلاً على "اضطهاد المسيحيين" في البلد ذي الأغلبية المسلمة.

 

وشارك أفراد من مجتمع الدير صوراً مع الأب آحو، معلقين عليها بقولهم: "بغض النظر عن حكمهم، لا يمكن اتهام شخص قلبه وباب ديره مفتوحان للجميع، بالإرهاب". ووصف عدد منهم الاتهامات ضد آحو بالـ"ملفقة من الحكومة".

قدّم الخبز والمياه لرجلين فوجد نفسه متهماً بدعم الإرهاب... محكمة تركية تقضي بسجن راهب سرياني عامين وشهراً بتهمة مساعدة منظمة إرهابية

وتساءل معلقون: "إلى متى سيظل شعبنا (المسيحي) يدفع ضريبة صراعات الآخرين (الحكومة والأكراد)؟"، قائلين إن الحكم ضد الراهب "يجسد الظلم في أبهى صوره".

 

كسرة خبز

أوقفت السلطات التركية الأب آحو في نصيبين بمحافظة ماردين (جنوب شرقي الأناضول)، في 9 كانون الثاني/ يناير عام 2020، وبقى قيد الاحتجاز إلى أن اضطرت السلطات إلى الإفراج المشروط عنه في 14 من نفس الشهر إثر احتجاجات على اعتقاله.

 

جاء احتجاز الراهب على ذمة تحقيق في "قضية إرهاب" بعد استناد النيابة العامة إلى إفادة مخبر ومحضر درك، شهدا بـ"دخول عناصر التنظيم الدير" عام 2018.

 

في البداية، وجهت إلى الأب  تهمة "الانتماء إلى المنظمة". لكنه وجّه رسالة إلى أعضاء لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين في أورفة (جنوب شرقي تركيا) شارحاً: "حضر اثنان من أعضاء المنظمة إلى الدير في عام 2018، وطلبا مني طعاماً، فأعطيتهما. كُشف الأمر بعد ذلك (في إشارة إلى أنه لم يكن يعرف انتماءهما). وتبعاً لذلك، استقبلني قائد الدرك عبر المطران، ولم أنكر ما حدث".

 

وبينما عبّر آحو عن رغبته في "اتخاذ [السلطات] إجراءات أمنية لمنع تكرار الحادث"، أضاف: "ظننت أن القضية أغلقت بعد رفع التقرير. كان عليّ أن أقدم المساعدة بغض النظر عمن قصدني. لديّ التزام ديني وفلسفي لفعل ذلك". وأشار الراهب إلى أنه لم يتم اتخاذ أية إجراءات أمنية لاحقاً لضمان عدم تعرضه هو وغيره من آباء الكنائس إلى مواقف شبيهة.

 

وشدد الراهب: "لم أفعل ذلك قاصداً مساعدة المنظمة، ولكن بسبب إيماني"، مضيفاً أنه لا يستطيع الكذب في هذا الشأن لأنه كاهن.

 "إلى متى سيظل شعبنا يدفع ضريبة صراعات الآخرين؟"... منذ تسعينيات القرن الماضي والمسيحيون الأتراك عالقون في الصراع بين الأكراد والحكومة

اضطهاد للمسيحيين؟

بدورها، اعتبرت مؤسسة "آ ديماند فور أكشن" ADFA (أي دعوة للتحرك) الحقوقية، ومقرها السويد، أن محاكمة الراهب "جزء من اضطهاد المسيحيين في تركيا"، متعهدةً بذل ما في وسعها للمساعدة في تحرير الأب آحو، بحسب ما نشرت عبر حسابها في فيسبوك الذي يتابعه نحو 30 ألف شخص.


وسبق أن وجهت منظمة "CSW" المعنية بالدفاع عن حرية المعتقد تهمة "التمييز ضد الأقليات الدينية" للسلطات التركية على خلفية اعتقال آحو.

 

ولم يكن الأب آحو أول راهب مسيحي يُعتقل ويُتهم بالتعاون مع الحزب الكردي، إذ سبق أن اعتقل الراهب الأمريكي القس أندرو برونسون في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2016 في تركيا، ووجهت إليه لاحقاً تهمتا "التجسس والإرهاب" بالتعاون مع "جماعة فتح الله غولن" المعارضة والحزب الكردي.

أُفرج عن القس في نهاية العام 2018 عقب انقضاء فترة محكوميته، وسُمح له بمغادرة أنقرة بعدما سبب احتجازه أزمةً دبلوماسية كبيرة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

ويُعتقل نشطاء حقوق الإنسان من السريان بشكل روتيني بتهم الإرهاب والارتباط بحزب العمال الكردستاني من دون أدلة. ويقول بعضهم في المقابل إنهم يجبرون أحياناً على تقديم المساعدة لمسلحي الحزب الكردي خشية التعرض للقتل.

 

بشكل عام، منذ تسعينيات القرن الماضي، عانى المسيحيون في البلاد بسبب الصراع بين الحكومة والأكراد. وأُجبر الآلاف منهم - وكذلك من الأكراد- على مغادرة قراهم وبلداتهم نتيجة تصاعد الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني.

 

حتى الآن، يقول المسيحيون السريان في تركيا إنهم يواجهون تحديات تتعلق بهويتهم الدينية والثقافية في ظل الحزب الحاكم، الذي روج لوجهة نظر مفادها أن كون الشخص تركيّاً يعني أن يكون مسلماً سنياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image