"طلق زوجتك تكسب حريتك".
هذا العرض غير التقليدي، تلقاه الناشط الغزّي رامي أمان، أثناء اعتقاله على خلفية تنظيمه نقاشاً إلكترونياً حول "تحقيق السلام والتعايش الآمن"، شارك فيه ناشطون إسرائيليون العام الماضي.
في تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس الخميس 1 نيسان/ أبريل الجاري، صرح أمان بأنه تلقى العرض المثير بتطليق زوجته "بعد شهور من التعذيب والاستجواب في سجن حماس"، مبرزاً أنه تزوج ابنة أحد مسؤولي حماس، قبل وقت قليل من اعتقاله في مثل هذا التوقيت من العام الماضي.
وفيما أقر أمان بأنه "استسلم في النهاية للضغط"، أوضح أن زوجته السابقة - وصفها بـ"حب حياته"- أُرغمت على مغادرة القطاع وربما لن يراها ثانيةً. ولفت في مقابلته التي أُجريت على سطح منزله في مدينة غزة: "أدركت أنني أرسلت إلى هناك (السجن) لقضاء بعض الوقت حتى أنفصل عن زوجتي".
الناشط الغزّي، رامي أمان، يقول إن حماس أرغمته على تطليق زوجته - ابنة قيادي حمساوي منفيّ في مصر- وسلّمتها إلى والدها.
ولم يعتقد أمان أنه كان ينتهك القانون حين نظم اجتماعاً عبر خدمة "زووم" لمناقشة عمليات الإغلاق الواسعة النطاق في بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، وبخاصة "الإغلاق المزدوج" في غزة التي عانت 14 عاماً من الحصار الإسرائيلي المصري المشدد، الذي يستهدف حماس بالأساس.
وعن ذلك أوضح أمان: "أردت أن أجعل الناس يعرفون أكثر فأكثر كيف يكون الأمر عندما تعيش تحت الاحتلال والحصار الإسرائيليين، محروماً من الحقوق التي يتمتّع بها بقية العالم".
لأكثر من ساعتين آنذاك، تحدث أمان ومجموعته من نشطاء السلام في لجنة شباب غزة عن التعايش مع مجموعة من الإسرائيليين.
ومع تسريب أنباء الاجتماع، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الغاضبة التي وصفت الناشط الغزّي بالخائن. وحث البعض حماس على التحرك ضده.
تعذيب في "الباص"
في 9 نيسان/ أبريل 2020، استُدعي أمان وسبعة أعضاء من مجموعته إلى الأمن الداخلي في حماس، الجهاز الذي يتعامل مع المنشقين والمتهمين بالتجسس لمصلحة إسرائيل.
وقال الناشط إنه جرى تعصيب عينيه، وأُرسل بسرعة إلى "الباص"، وهو غرفة تضم محتجزين يُجبرون على الجلوس على كراسي روضة أطفال لأيام أو أسابيع في بعض الأحيان، مع فترات راحة قليلة.
وشدد أمان: "لم يقدموا أي دليل ضدي"، بينما أشار إلى إجباره على الجلوس على الكرسي الصغير من السادسة صباحاً حتى الواحدة بعد منتصف ليل اليوم التالي، فضلاً عن فترات الاستجواب أو الصلاة. وقال أيضاً إنه لم يُسمح له بإزالة العصابة عن عينيه إلا عندما كان يذهب إلى الحمام.
علماً أن الأسئلة تطرقت إلى اجتماع زووم، والهدف من ورائه، وقد وُجِّهت لأمان تهمة التعاون مع إسرائيل، وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام هناك.
وشرح أمان كيف أنه كان في الساعة الواحدة صباحاً، يسمح لـ"ركاب الباص" بالنوم معصوبي العيون بجوار الكراسي، تغطيهم ستراتهم على الأرض الباردة قبل أن يوقظوا بعد بضع ساعات لأداء صلاة الفجر. في تقرير عام 2018، وثقت هيومن رايتس ووتش روايات مماثلة عن "الباص".
"الآن لدي معركتي الشخصية: العودة إلى زوجتي"... ناشط غزّي يتنحى عن السياسة ويبحث عن "حب حياته" متهماً حماس بتفريقهما. وداخلية الحركة تزعم أن القضية "في طريقها إلى الحل"
طلاق بالإكراه؟
روى أمان أنه أمضى 18 يوماً مؤلماً في "الباص" قبل نقله إلى زنزانة صغيرة حيث أخذ الاستجواب منعطفاً جديداً وغريباً.
وقال إنه كان قبل شهرين من اعتقاله قد تزوج ابنة قيادي في حماس، منفيّ في مصر، حيث جمعتهما قصة حب بعدما قابلها عام 2018 عقب انفصالها عن زوجها الأول. وفيما رفض الإفصاح عن هوية زوجته هذه، قال إنها "تؤمن برسالة السلام" وانضمت إلى فريقه في عدة مناقشات مع إسرائيليين، مؤكداً أنها اعتقلت معه قبل فصلها عنه.
وادّعى أن أحد الضباط قال له إبان التحقيق: "إنها لا تريدك. من الأفضل لكما الطلاق"، لافتاً إلى أنه قاوم الضغوط لتطليقها مدة شهرين حتى زارته في 28 حزيران/ يونيو الماضي، وأخبرته أنها حصلت على إفراج بكفالة.
وأضاف: "لم تكن هذه المرأة التي أعرفها. كان واضحاً أنها كانت تحت ضغط شديد"، منوهاً بأن الضباط حضروا لقاءهما بينما رفض هو تطليقها في حينه.
كذلك أشار إلى أنه في الشهر التالي نُقل إلى سجن حماس المركزي حيث توقف الاستجواب والتعذيب، متابعاً أنه وقّع أوراق الطلاق في منتصف آب/ أغسطس بعدما وُعد بإطلاق سراحه في اليوم التالي. لكنه ظل قيد الاعتقال شهرين آخرين.
وبينما فتحت مصر حدودها مع غزة في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أمام وفد من حماس كان متجهاً إلى القاهرة، أُدين أمان بتهمة غامضة: "إضعاف الروح الثورية". وُأطلق سراحه بعقوبة موقوفة التنفيذ. لاحقاً علم أمان أن زوجته السابقة ذهبت مع الوفد إلى مصر حيث تسلمها والدها.
وذكرت "أسوشيتد برس" أنها تواصلت مع الزوجة التي أكدت أنها أُجبرت على الطلاق وتريد العودة لزوجها.
في غضون ذلك، يتواصل أمان، الذي علم أنه ممنوع من مغادرة غزة، مع محاميه ومجموعات حقوق الإنسان ويراسل مسؤولي حماس بعدما وضع نشاطه السياسي جانباً. قال: "الآن لدي معركتي الشخصية: العودة إلى زوجتي".
تهديد عقيدة حماس
وخلصت "أسوشيتد برس" إلى أن تجربة أمان "تُظهر القيود الصارمة على حرية التعبير في الأراضي التي تسيطر عليها حماس" وعلى "عداء الجماعة المسلحة لأي حديث عن التعايش مع إسرائيل".
ونقلت عن عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومن رايتس ووتش قوله إن "المعاملة المؤسفة لرامي أمان من قبل سلطات حماس تعكس ممارستها المنهجية لمعاقبة أولئك الذين يهدد كلامهم عقيدتها".
وعقّب إياد البزم، المتحدث باسم داخلية غزة، للوكالة، بأن القضية "في طريقها إلى الحل"، من دون تفاصيل، في حين رفض مسؤولون في حماس التعليق.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين