يبدو الكاتب الأرجنتيني- الكندي ألبرتو مانغويل خير معينٍ على افتتاح نصٍّ يتحدث عن الكتب والترحال، عن مكتباتنا الراحلة إلى غير رجعة وعن تلك المولودة حديثاً في المنافي.
ذلك أن "بابا نويل الكتب"، كما يصفِه الروائي التونسي كمال الرياحي، كان قد منهجَ وأرّخَ، في كرونولوجيا منطقية ومفهومة، وأيضاً حميمية، كل تحولات مكتباته، شارحاً تحولات الفرد وأفكاره وكتبه المختارة من جهة، وتأثيرات الزمن والسياسة والأمكنة على المكتبات وعلى أصحابها من جهة ثانية.
تأسست مكتبة مانغويل الأولى في تل أبيب، ومكتبته الثانية في بيونس آيرس خلال سنيّ مراهقته، كما يقول. وفي عام 1969، ترك وراءه غالبية كتبه وغادر الأرجنتين قبل فترة من انتصار الديكتاتورية العسكرية فيها، وقد تيقن لاحقاً أن كان عليه إتلاف كل تلك الكتب خوفاً من البوليس لو بقي في بلاده.
لا يتذكّر وقتاً لم يكن له فيه مكتبة ما، معتبراً أن مكتبته لم تكن مخلوقاً واحداً، بل هجيناً من مخلوقات كثيرة، حيواناً فانتازيّاً يتركب من المكتبات العديدة التي أسسها ثم هجرها، المرة تلو الأخرى، طوال حياته. ويختم بالقول: "كل مكتبة من مكتباتي نوع من السيرة الذاتية عديدة الطبقات، كل كتاب محتفظ بالبرهة التي قرأتها فيه للمرة الأولى... جميعها تحاول أن تذكرني بمن كنت حينذاك".
ثمة خصوصية بالتأكيد لعلاقة مانغويل مع الكتب، كتبه، وتجربته مع القراءة، لكن فيها أيضاً ما يمكن سحبه ونسخه، نسبياً، على تجارب شخصية لكتّاب ومثقفين من العالم العربي، وتحديداً بعض السوريين، ممن تحولت أمكنتهم وتبدلت حيواتهم، وقطعَ بعضهم حبل الخلاص الذي كان "يربطهم" مع ما كان يسمى "سوريا".
بناء على ما تقدّم، تلوحُ أمامنا مشروعية كبرى للبوح والدخول بما هو شخصي على هذا الصعيد.
تحولات "الزمن الكُتبي" الأول
لا يَخفى ذلك الاستسهال الكبير في استعمال كلمة "مكتبة" في سوريا، وهي كلمة كان من الممكن أن تُطلق على أحد المتاجر التي تبيع القرطاسية وتقوم بتصوير الوثائق الضرورية لإنجاز معاملات الطلاق وحصر الإرث.
في مدينتي، كانت المكتبة "الحقيقية" الأولى بالنسبة لي ولبعض بني قومي، مكتبة افتتحها في نهاية التسعينيات سجين سياسي ستيني خرج من السجن حديثاً. عرفنا حينها أن ثمة عالماً جديداً خارج العالم التوراتي القديم الذي نعيش، وتفتحت عيوننا وأذهاننا على كتب كانت تأتي من بيروت وتصطف على الرفوف، وفق المسموح به في البلاد بالطبع.
في دمشق، كانت "بسطات" الكتب "المستعملة" تحت جسر "الرئيس حافظ الأسد" قِبلة الباحثين عن كتاب نفيس ورخيص في الآن عينه. كان العثور على كتاب أدبي أو فكري مهمّ بسعر معقول يثير غبطة عارمة تزيح ثقل الجسر وكابوسية الاسم الاسمنتي الذي يحمل
كان "أبو أحمد" يعرف أن الأوضاع الاقتصادية للقراء لا تتيح له العيش من بيع الكتب لوحدها، وعليه، كان ثمة مجال لاستعارة بعض الكتب وإعادتها مقابل مبلغ رمزيّ كان كافياً لنا لكي نقرأ، وكافياً له كيلا تبقى تلك الكتب مزروعة وساكنة خلفه بلا حراك.
أذكر أنني كنت معجباً كثيراً (وما زلت) بفرج الله الحلو، وكذلك بتجربة الحزب الشيوعي اللبناني، خاصة أنني بدأت آنئذ أميل نحو الإيديولوجيا الشيوعية وأتبناها بالتدريج (لم أعد شيوعياً اليوم). قرأت عدداً من الأدبيات اليسارية، وكتاباً عن تاريخ لبنان في الحرب الأهلية وعن اتفاق الطائف لألبير منصور. كانت تلك القراءات، يومها، "فتوحات فكرية" حقيقية بالنسبة لي.
في دمشق، كانت "بسطات" الكتب "المستعملة" قِبلة القراء الباحثين عن كتاب نفيسٍ ورخيصٍ في الآن عينه، وهي تفترش الأرض تحت ما يعرف بـ "جسر الرئيس حافظ الأسد"، وكان العثور على كتاب أدبي أو فكري مهمّ وبسعر معقول يثير غبطة عارمة تزيح ثقل الجسر وكابوسية الاسم الاسمنتي الذي يحمل.
بعد العودة إلى السلَمية عام 2005، وهو العام الذي بدأت فيه مزاولة مهنة الكتابة، وإلى جانب "كتب البسطات" التي حملتها معي، صار بالإمكان أيضاً طلب بعض الكتب من لبنان عبر المكتبات المحلية الموجودة في "المدينة"، أو عبر المسافرين القادرين والعارفين بخارطة تواجد المكتبات في بيروت. هكذا، ومع بداية الثورة عام 2011، كنت قد حزتُ مكتبة شخصية معقولة جداً، تضم كتباً تختلف عن الكثير من السائد والمتداول. لكنّ دوام الحال من المُحال.
"أحسد من يفكرون ويعيشون ويقرأون ويكتبون اليوم وكأنهم في الخمسينيات من القرن الماضي. كانت خمسينيات حافلة بالفعل، فهنيئاً لهم بها"
قبل الدخول في عالم ما بعد 2011، يفترض الكاتب أن شخصية جديدة له بدأت تتبلور بين عامي 2005 و2010، بناء على قراءاته وكتاباته في تلك المرحلة. كنتُ مدمناً على أرشفة ما أراه مهماً من مقالات وأبحاث مطولة، وعلى وضعها وتبويبها في مجلدات خاصة مرتّبة بما يسهّل العودة إليها وقت الحاجة.
لم تكن الصحافة اللبنانية التي بدأتُ الكتابة فيها منذ عام 2007 مجرد مكان للنشر ومحضَ نافذة مفتوحة على مقالات يكتبها كتاب، كنت أسمع بهم لأول مرة وصار بعضهم أصدقاء أعزّاء، وهؤلاء ساهموا بدرجة كبيرة في تشكيل جزء من هويتي الفكرية والثقافية والسياسية.
من هؤلاء مثلاً، حازم صاغية ووضاح شرارة وحسام عيتاني وجوزف سماحة وبلال خبيز وجورج طرابيشي وأحمد بيضون وصالح بشير وكنعان مكية ومحمد الحداد، وبالطبع عالِم الاجتماع العراقي الراحل فالح عبد الجبار. هذا الأخير هو واحد من كثيرين ما زلت أحتفظ لهم بكتب قيمة جداً ومقالات كثيرة لهم كانت تنشر في ملحق "تيارات" في جريدة الحياة، حيث كنت أكتب في تلك الفترة.
وليس بلا دلالة، بالمناسبة، أنني اخترت عبد الجبار ليكون محوراً لورقة بحثية يفترض بي تقديمها ضمن دراستي الجامعية في إيطاليا في شهر أيلول القادم. ورقة تستند إلى عدد من كتاباته، وخصوصاً كتابه المُذهل والقديم جداً "في الأحوال والأهوال/ المنابع الاجتماعية والثقافية للعنف". بهذا المعنى، يبدو نبش القديم بوابة لأوراق بحثية حداثية بامتياز.
ضياع مكتبتين واسئناف ثالثة
كان عام 2012 عام الخروج- الهرب من سوريا إلى لبنان، وعام 2016 عام الخروج من هذا الأخير إلى إيطاليا. أودعت مكتبتي السورية لدى صديق، ويقيني اليوم أنني لن أراها ثانية. كان الصديق "الانتحاري" الذي قبِل أن توضع الكتب عنده يشاطرني انتحارية الحصول على الكتب الممنوعة والرافضة للاستنقاع التاريخي والمستحدَث: الاستنقاع الديني والاستنقاع الأسدي.
وعليه، كان من نافل الحال أن تصطف كتبي في أحد الأقبية، بجانب كتبه، آملين، حتى اللحظة، ألّا يصل إلى المكتبتين لا إنس ولا جن، لا دورية أمنٍ توهن هذه الكتب نفسية أمتها ووطنها ورئيسها، ولا ميليشيا إسلامية ثائرة ومشارِكة في تفتّح هذا "الربيع العربي"، تتطاول هذه الكتب على ربّها وعلى ذاتها الإلهية.
في بيروت، بدأ مشروع بناء "مكتبة بيتيّة" جديدة، وكان الحال أسهل بما لا يقاس مما كان عليه في سوريا. مكتبات بيروت ودور النشر فيها كانت في المتناول، ولحظة مغادرتي لبنان، تركت ورائي مكتبة تختلف عناوين كتبها، بداهة، عن كتب البدايات في سوريا، وهو ما يمكن أن يُعزى إلى أسباب كثيرة، ليس الوحيد من بينها عامل الزمن وأثره التغييري في نمط التفكير والقراءة، وتبدّل المزاج الشخصي والتوجهات الفكرية للمرء.
صناعة الكتاب صناعة مدينية، حضرية، والمدن التي كانت لعقود طويلة حواضر كوزموبوليتية أو متروبولية، تعيش اليوم لحظة ابن رشد ولحظة جوردانو برونو، لحظة إحراق الكتب وإعدام المثقفين، والنيل من المنطق والتفكير بما جرى وما يجري وما سيجري
أحسد من يفكرون ويعيشون ويقرأون ويكتبون اليوم وكأنهم في الخمسينيات من القرن الماضي. كانت خمسينيات حافلة بالفعل، فهنيئاً لهم بها.
لم أحمل معي من بيروت إلا تلك الكتب التي كنت متيقناً من صعوبة الحصول عليها مجدداً، لكنني حملت معي، أيضاً، أرشيفاً ورقياً ضخماً من الملحق الثقافي لجريدة النهار اللبنانية، تمتد أعداده المتسلسلة من التسعينات وحتى عام 2011، وهو أرشيف أهداه لي الصديق عقل العويط، رئيس تحرير الملحق في حينه. أرشيفٌ بات اليوم بحكم المفقود تقريباً إلا لدى قلّة حالفني الحظ بكوني واحداً منهم.
غادرت بيروت قبل فترة من بداية احتضارها الحالي، وغادرت سوريا وقد بدأت تحتضر بالفعل، وفي موت تلك المدن والبلدان والأمكنة علامات على زمن جديد يبدو فيه الحديث عن الكتب والثقافة أمراً ملحاً، وربما مركزياً، على عكس ما يتم الترويج له اليوم.
صناعة الكتاب صناعة مدينية، حضرية، والمدن التي كانت لعقود طويلة حواضر كوزموبوليتية أو متروبولية، أو مشاريع حواضر ومدن من هذا النوع، تعيش اليوم لحظة ابن رشد ولحظة جوردانو برونو، لحظة إحراق الكتب وإعدام المثقفين، والنيل من المنطق والتفكير بما جرى وما يجري وما سيجري.
ربما لم نشهد محارق ممنهجة للكتب مثل التي شاهدناها في فيلم The Book Thief، لكننا شهدنا محارق وإبادات من نوع آخر، إبادات تقول كم أن التغيير ممتنع، وكم أن الاستعصاء ما يزال يفتك بأحلام من بقي في تلك البلاد ومن غادرها.
في إيطاليا، محطة الترحال الأخيرة، كان ثمة صعوبة بالغة في الحصول على الكتب العربية بسبب ندرة المكتبات هنا. كانت الصفقة "المعروضة عليّ" طوال السنوات العشر الماضية تتلخص في كلمات ثلاث: "الكتب مقابل الأمان".
إما أن تحصل على الكتب العربية في سوريا ولبنان في ظروف قد تطيح برأسك، أو أن تحصل على "الأمان" في أوروبا وتنسى أمر الحصول على الكتب بذات اليُسر الذي كان متاحاً هناك. اخترت الحل الثاني واستغنيت عن الفولكلور الثقافي لصالح "النوم قرير العين"، قبل أن تكافئني الآلهة بالتعرف على "منشورات المتوسط" في ميلانو وعلى ناشرها، وليفتح ذلك باباً جديداً للصداقة أولاً، وللوصول إلى ما لذّ وطاب من إصدارات جديدة ثانياً.
في "هجاء" الكتب
غالباً ما يتم النظر إلى الكِتاب من زاويتين: زاوية المتعة والحاجة، وزاوية الأسْطرة والأيْقَنة ورفعه إلى مصاف "اللاهوت" أو "الطوطم" حين يتم الحديث عنه بالمجرد، ادعاءً وجهلاً في بعض الأحيان.
ينحاز الكاتب إلى الصنف الأول من القرّاء، أولئك الذين يتضافر لديهم الأدب مع الفلسفة مع التاريخ مع السياسة... وهلمجرا، ويُحفّز هذا التضافرُ الفضولَ والرغبةَ في المعرفة أو في التسلية والترويح عن النفس، إلى جانب ما يتطلبه العمل في الحقل الثقافي والكتابة فيه من عدّة نظرية، بالتأكيد.
وحول هذه النقطة بالتحديد، يلخص الكاتب والشاعر اللبناني عباس بيضون رؤية الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز إلى الكتب "باعتبارها عدة شغل، وأننا نختار منها ما ينفع في شغلٍ ما، والأرجح أننا نصنع بالكتب جميعها هذا الصنيع، وأن ما تصير إليه الكتب جميعها هو أن تتحول عناصر معزولة مفردة فيها إلى براغٍ وتوصيلات ومحاور في ماكينات عقلية أو أدبية أو نفسية، أو حتى عملية".
هذا الكلام هو ما يمكن من خلاله فهم عملية التراكم في القراءة وأثرها، وأيضاً الاستثمار في الكتب، وفي هذا ما يختلف بالتأكيد عن السرقات الفكرية الرائجة التي ينسخ فيها "الكاتب" مقطعاً من هذا الكتاب أو ذاك، وينسبه إلى نفسه.
واستطراداً، يبدو الاحتفاء بالكتاب، بالمطلق وبالمجرّد، من باب الفولكلور والعتابا والميجانا الثقافيتين، تقليداً لا يمكن فصله عن الاحتفاء بأساطير عربية كثيرة، بالهويّات والقناعات الراسخة واليقينيات والأوطان النهائية مثلاً.
ربما لم نشهد محارق ممنهجة للكتب مثل التي شاهدناها في فيلم The Book Thief، لكننا شهدنا محارق وإبادات من نوع آخر، إبادات تقول كم أن التغيير ممتنع، وكم أن الاستعصاء ما يزال يفتك بأحلام من بقي في تلك البلاد ومن غادرها
كما تندرج "جوهَرَنة" الكتاب ضمن عادة ضاربة في القدم في الربوع العربية، عادة تُجوهر كل شيء، البشر والأشياء والانتماءات والأوطان والقضايا، وتقدّسها بالمطلق، بعيداً عن التركيب والتفصيل والتعقيد الذي تتشكل منه، والذي يحتاج قدرات ذهنية متقدمة لفكّ عقده وفهمه. أيقَنةُ الكتاب، لمجرد أنه "كتاب"، هي جزء من تلك الماكينة التي لا تتعب ولا تتوقف عن العمل. "كفاحي" لهتلر هو كتاب أيضاً، بالمناسبة!
ترك ألبرتو مانغويل ما يمكن أن يكون تمييزاً مهماً ودعوة إلى التغيّر والتبدّل، بحيث يكون كل كتاب ذاكرةً وشاهداً على نمط حياة وفترة زمنية من عمر مقتنيه، قد تصلح لما هو لاحق وقد لا تصلح. والصلاحية هنا تتبدى في ملاحظة التراكم ودوره، والفرد وتبدلات أمكنته وأثر تلك الأمكنة عليه، والنظر إلى كل مكتبة باعتبارها ابنة زمنها وبيئتها، وتفسير تحولات مكتباتنا وما تحتويه باعتبارها تحولات "طبيعية" لا يستقيم من دونها تفكير سليم ولا حياة فكرية سويّة.
تمكن الاستفاضة كثيراً فيما هو شخصي وما هو عام في هذا الموضوع، إلا أن كاتب هذه السطور كان مجبراً على التوقف عن الكتابة هنا، بعد أن جاءته رسالة إلكترونية مفادها أن "مفكراً" سورياً أصدر كتاباً جديداً عن "الوطنية السورية" ومستقبل سوريا والمنطقة العربية و"ضرورة التصدي لمشاريع الهيمنة".
حذفتُ الرسالة بالطبع، وانصرفتُ إلى قراءة كتاب "كرة القدم بين الشمس والظل" لإدواردو غاليانو... الكتاب الذي قمتُ بتحميله إلكترونياً قبل يومين. جاء كتاب "المفكر" السوري عن "الوطنية السورية" ليجعل من كتاب غاليانو "خير جليس" بالفعل، من خلال ما خطّهُ عن إحدى متاع هذه الحياة الدنيا القصيرة: كرة القدم. إذاً، إلى إدواردو غاليانو...
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع