من المستحيل بالنسبة للكثيرين منّا أن يشعروا حالياً بالإنتاجية، وهو أمر منطقي تماماً في خضم فيروس "قاتل" يهدد العالم، فنحن نحاول فقط اجتياز الأيام الصعبة بأقلّ أضرار ممكنة.
ولكن مع التخفيف من إجراءات الإغلاق العام في العديد من البلدان، وعودة الكثير من الأفراد إلى مكاتبهم وأعمالهم، يشعر الكثير منّا بالرغبة في تعويض الوقت الضائع وزيادة الإنتاجية الشخصية، حتى ولو كان ذلك يحدث بوتيرة بطيئة.
وعند الحديث عن الإنتاجية لا بدّ من مراقبة الروتين الصباحي، نظراً لوجود علاقة وثيقة بين المسألتين، بحيث أن القيام بتعديلات طفيفة عند الاستيقاظ من النوم يمكن أن تؤتي ثمارها في مدى النشاط والفعالية على مدار اليوم.
إليكم/نّ 7 أخطاء شائعة قد يرتكبها العديد من الأفراد في الصباح و"تقتل" الإنتاجية.
الخطأ الأول: إرغام أنفسكم/نّ على الاستيقاظ باكراً
اعتبر كريس بيلي، مؤلف كتاب The Productivity Project، أن الفكرة القائلة بأنه يجب أن يستيقظ المرء باكراً من أجل إنجاز الكثير، ليست فكرة صحيحة تماماً، مشيراً إلى أننا نجبر أنفسنا أحياناً على الاستيقاظ باكراً انطلاقاً من فرضية أننا نكون بذلك أكثر إنتاجية، ولكن الحقيقة أن كل واحد منّا "مبرمج بشكل مختلف"، على حدّ قوله.
من المستحيل بالنسبة للكثيرين منّا أن يشعروا حالياً بالإنتاجية، وهو أمر منطقي تماماً في خضم فيروس "قاتل" يهدد العالم، فنحن نحاول فقط اجتياز الأيام الصعبة بأقلّ أضرار ممكنة
يمكن للشخص الذي يستيقظ عند الساعة الحادية عشر صباحاً أن يكون منتجاً تماماً مثل الشخص الذي يستيقظ عند الساعة السادسة صباحاً، فالوقت ليس مهماً بقدر الطريقة التي يتصرف بها الفرد "بشكل متعمد" بمجرد استيقاظه.
من هنا أوضح بيلي، أنه في حال كان وقت المرء يسمح له بالمماطلة أحياناً قبل النهوض من السرير، فلا مانع من ذلك، إذ إن ذلك من شأنه أن يجعله ينجز المزيد من الأعمال على مدار اليوم.
الخطأ الثاني: بدء اليوم في "الوضع التفاعلي"
بحسب غراهام ألكوت، مؤلف كتاب How to be a Productivity Ninja، فإن أكبر زيادة في الإنتاجية تبدأ في اليوم الذي نكون فيه في "الوضع التفاعلي" بدلاً من "الوضع الاستباقي".
وأوضح ألكوت أن الكثير من الأفراد يستيقظون ويفحصون هواتفهم على الفور، لكن هذا يضعهم في "وضع تفاعلي" أي انهم يتبنون فوراً ردات فعل.
على النقيض من ذلك، فإن البداية الأكثر نشاطاً في الصباح قد تشمل تخصيص بعض الوقت في التفكير في أولويات اليوم، الاطلاع على قائمة المهام ووضع خطة مناسبة لإتمام جميع المهام المطلوبة ضمن فترة زمنية معيّنة، غير أن تحديد الأولويات لا يعني تصفح رسائل البريد الإلكتروني فور الاستيقاظ من النوم، بحسب ما أكده غراهام: "صندوق البريد هو عبارة عن قائمة بأولويات الشخص الآخر وليس أولوياتكم".
واللافت أن غراهام ألكوت ليس الخبير الوحيد في مجال الإنتاجية الذي تتمثل أهم نصائحه في الابتعاد عن البريد الإلكتروني والتركيز على وضع خطة محددة.
فقد قالت لورا فاندركام، صاحبة كتابOff the Clock: Feel Less Busy While Getting More Done إن أكبر خطأ يرتكبه الناس هو بدء أيامهم بدون خطة واضحة لما ينوون القيام به، مشيرة إلى أن أي خطة موضوعة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار بعض التدخلات الخارجية والظروف الطارئة التي لا مفرّ منها.
الخطأ الثالث: عدم ارتداء الملابس
يشدد الخبراء على ضرورة ارتداء الملابس حتى ولو كان العمل يتم من المنزل وليس من المكتب، كما يحدث حالياً بسبب جائحة كورونا والإغلاق العام.
تعليقاً على هذه النقطة، أوضح غراهام ألكوت أن ارتداء الملابس مفيد بشكل أساسي للدماغ وتطوير المهارات الذهنية: "هناك شيء في علم النفس يسمى 'الإدراك المغلق'، والذي يوضّح لنا أن الدماغ يعمل بشكل مختلف إذا كنّا نرتدي بدلة، ونحصل على درجات ذكاء أفضل إذا كنّا نرتدي معطف المختبر الخاص بالعالم حتى لو لم نكن من العلماء".
على الرغم من أننا قد لا نرغب مثلاً في ارتداء بدلة أثناء جلوسنا في المنزل، إلا أن الدراسات الأولية تشير إلى أن ارتداء الملابس يمكن أن يكون له تأثير حقيقي على مستويات انتباه الشخص، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى رمزية كل ذلك، كما أوضح المعالج النفسي رايان جي بيل، لصحيفة هافيغتون بوست: "إن الملابس تخبر عقلكم أن شيئاً جديداً على وشك الحدوث".
الخطأ الرابع: إهمال وجبة الفطور وترطيب الجسم
"يعد الإفطار جزءاً كبيراً من روتين الصباح الناجح، لأنه يوفر الطاقة التي نحتاجها للتركيز على كل ما يحدث في بقية اليوم"، هذا ما قالته أخصائية التغذية ستيفاني نيلسون، لصحيفة هافيغتون بوست.
من هنا، أوصت نيلسون بإعداد وجبة متوازنة بالبروتين والكربوهيدرات، ولكن استدركت بضرورة أن تكون الوجبة الصباحية بسيطة: "في حال كنتم تحبون صنع فطائر البروتين على الإفطار، ولكن الخيار الأبسط قد يكون، على سبيل المثال، قطعة من الخبز المحمص مع بعض زبدة الفول السوداني".
بالإضافة إلى ذلك، فإن شرب الماء يمكن أن يكون معززاً للطاقة، ولهذا السبب يوصي العديد من خبراء التغذية بشرب كوب من الماء كخطوة أولى في الصباح.
وفي هذا السياق، كشفت إريكا زيلدر، وهي مدربة صحية في نيويورك، أن شرب الماء يلعب دوراً مهماً في قدرتنا على التركيز والإنتاجية، بحيث أن الدماغ البشري يتأثر بمستوى الترطيب.
وأضافت زيلدر: "أظهرت الدراسات أنه حتى الجفاف الخفيف، بنسبة 1% في حالة الترطيب، يمكن أن يضعف الحالة المزاجية والذاكرة والتركيز والوظيفة التنفيذية".
من هنا توصي بشرب نصف وزن الجسم على الأقل في أونصات من الماء يومياً، كاشفة أن "مجرد التعود على تناول كوب من H2O أول شيء في الصباح يمكن أن يكون نقطة انطلاق جيدة".
الخطأ الخامس: تعدد المهام أكثر من اللازم
بالرغم من المشاغل ومتطلبات الحياة الكثيرة، إلا أنه يجب التركيز بشكل رئيسي على القيام بما يُعرف بـ "المهمة الواحدة"، بخاصة وأن تعدد المهام يقلل الإنتاجية بنسبة تصل إلى 40%، ويمكن أن يكون له آثار سلبية طويلة المدى على الدماغ.
الجدير بالذكر أن الانتقال إلى مهمة أحادية قد يستغرق بضعة أسابيع، بحيث يجب تدريب العقل على إعادة التركيز على مهمة محددة لفترات أطول من الوقت.
الخطأ السادس: عدم الاستعداد في الليلة السابقة
بعد نهاية يوم طويل، آخر شيء يريده أي شخص هو التخطيط لليوم التالي، لكن الخبراء يقولون إن ذلك يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في الإنتاجية، وقد يؤدي في النهاية إلى توفير المزيد من الوقت الضائع.
وعليه، بإمكان المرء أن يقوم في نهاية كل يوم عمل بوضع قائمة بما يجب فعله في اليوم التالي، وتحديد جدول للاجتماعات والمكالمات.
نجبر أنفسنا أحياناً على الاستيقاظ باكراً انطلاقاً من فرضية أننا نكون بذلك أكثر إنتاجية، ولكن الحقيقة أن كل واحد منّا "مبرمج بشكل مختلف"
والأهم من كل ذلك هوالحصول على قسط جيّد من النوم، فقد أكدت دراسة أجريت عام 2016، أن الحرمان من النوم يضعف عملية تعرف باسم الانتباه الانتقائي، أو القدرة على التركيز على معلومات محددة عندما تحدث أشياء أخرى من حولنا، وهذا يعني أن ليلة النوم السيئة تعيق قدرتنا على القيام بمهمة واحدة.
الخطا السابع: عدم إعطاء الأولوية للهدوء
يمكن أن يكون الصباح فوضوياً، خاصةً إذا كان المرء يحاول الضغط على نفسه كثيراً بهدف إنهاء العديد من المسائل العالقة والاهتمام بالآخرين، لكن كريس بيلي حذّر من أن محاولة فعل الكثير يمكن أن تأتي بنتائج عكسية.
وأوضح بيلي أنه في حال بدأنا يوم العطلة بملاحظة القلق بدلاً من الاستمتاع ببعض الهدوء، فسيستمر ذلك بقية اليوم، وعليه من الضروري اتباع بعض الطرق التي تساعد على الاسترخاء، كالتأمل لمدة خمس دقائق، أو الجلوس بهدوء مع احتساء فنجان قهوة، أو القيام بنزهة على الأقدام كخطوة أولية قبل الانطلاق في مهام اليوم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...