استناداً إلى "لائحة اتهام طويلة"، وجّه القضاء الموريتاني، الخميس 11 آذار/ مارس، تهم فساد إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز و11 من كبار مسؤولي نظام حكمه، آمراً بوضعهم قيد "مراقبة قضائية مشددة".
وقبل بضعة أشهر، تشكلت لجنة برلمانية للتحقيق في ملفات فساد تعود إلى فترة حكم ولد عبد العزيز (64 عاماً) بين عامي 2009 و2019. والتزم الرئيس السابق عدم التعاون مع اللجنة أو الإجابة عن أسئلتها منذ البداية وتجاهل استدعائها إياه للتحقيق.
عقب توجيه الاتهام الرسمي، أكد أحد محاميي دفاع ولد عبد العزيز - ويدعى محمد ولد الشدو- أنه "رفض الإجابة عن أسئلة القاضي، متمسكاً بالحصانة التي يمنحها له الدستور في مادته الثالثة والتسعين".
نهاية تموز/ يوليو الماضي، وافق البرلمان على إنشاء محكمة عدل عليا لمقاضاة الرؤساء والوزراء في حالة "الخيانة العظمى". ويتمسك فريق دفاع ولد عبد العزيز بأن محاكمته مخالفة للدستور.
تهم عديدة خطيرة
وتضم لائحة الاتهام النهائية - التي وصفها مصدر قضائي محلي لوكالة فرانس برس بأنها "طويلة"- عدداً من الاتهامات الخطيرة، منها تبييض أموال، واختلاس، وعرقلة العدالة، وتبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية، والحصول على مزايا مادية غير مستحقة من مجموعة عمومية، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، واستغلال النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع، وإخفاء العائدات الإجرامية.
بـ"لائحة اتهام طويلة" وتهم فساد عديدة... الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز قيد "مراقبة قضائية مشددة" و11 من كبار مسؤولي نظامه، ومحاميه يؤكد التزامه الصمت وتمسكه بـ"حصانة الدستور"
وتتصل الاتهامات بعدة ملفات، أهمها إدارة عائدات النفط وبيع أملاك عائدة للدولة في العاصمة نواكشوط وتصفية شركة توريد مواد غذائية عامة ونشاط شركة صينية في مجال صيد السمك.
وصودرت مبالغ نقدية وممتلكات، بما في ذلك شركات وشقق وسيارات، تبلغ قيمتها نحو 115 مليون دولار، 80 مليون دولار منها تعود لأحد المشتبه فيهم.
وأوضح المصدر القضائي، الذي تحدث إلى فرانس برس مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن قاضي التحقيق أخذ بتوصيات المدعي العام أحمدو ولد عبد الله الذي طلب توجيه تهم فساد إلى ولد عبد العزيز ووضعه تحت مراقبة قضائية "مشددة"، واتخاذ الإجراءات نفسها بحق 11 شخصية بارزة من أركان حكمه، بمن فيهم صهر للرئيس السابق ورئيسان سابقان للحكومة وعدد من الوزراء السابقين ورجال الأعمال.
وأكد الشدو المعلومات ذاتها لفرانس برس، في حين أشار المصدر القضائي إلى أن قاضي التحقيق سيحدد قريباً شروط المراقبة القضائية التي أمر بفرضها على المتهمين.
ولم يطلب النائب العام الموريتاني بتوقيف ولد عبد العزيز، لأن القضية ضده ستستغرق وقتاً طويلاً على الأرجح.
وكانت لجنة التحقيق البرلمانية قد أحالت تقريرها النهائي إلى النيابة العامة في آب/ أغسطس الماضي. أعقب ذلك تعديل حكومي استبدل خلاله الرئيس محمد ولد الغزواني، الذي تولى البلاد خلفاً للرئيس المتهم في آب/ أغسطس عام 2019، أربعة وزراء وردت أسماؤهم كمتهمين في التقرير.
لاحقاً، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، خسر ولد عبد العزيز قيادة حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الذي أسسه. وهو ممنوع من السفر وقد صودر جواز سفره منذ أكثر من ستة أشهر.
"لبنة حقيقة في بناء صرح دولة القانون والعدالة في البلاد"... إشادة بتوجيه تهم فساد للرئيس الموريتاني السابق ووضعه تحت مراقبة مشددة، لكن المخاوف من "تمييع القضية" وتأثرها بـ"الاعتبارات السياسية" قائمة
وعلى الرغم من أن الغزواني كان مساعداً للرئيس السابق وتولى وزارة الدفاع إبان حكمه، يتهمه ولد عبد العزيز بالسعي "لتصفية حسابات" معه.
وأسفرت التحقيقات مع نحو 30 مسؤولاً كبيراً سابقاً ورجال أعمال إلى توجيه الاتهام لـ11 منهم، علاوةً على الرئيس السابق. ويستند الدفاع إلى ذلك للقول إن القضية تتعلق بـ"جر نظام بأكمله مع رجاله إلى الشرطة وتشويه شرفهم".
واستندت النيابة العامة في التهم التي وجهتها للرئيس السابق إلى 15 مادة من ثلاثة قوانين مختلفة، تراوح العقوبات فيها بين الحبس ستة أشهر و 10 سنوات، مع غرامات مالية من خمسة آلاف أوقية إلى 10 ملايين (من 160 إلى 300 ألف دولار أمريكي تقريباً).
درس وعبرة
تعقيباً على القرار، قال رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، محمد ولد مولود، لوكالة الأخبار المحلية المستقلة، إن الخطوة مبشرة ويحدوه الأمل على قيام القضاء بدوره بشكل عادل وجاد.
كما لفت إلى أمل الشعب الموريتاني في أن تكون القضية "درساً وعبرة، ولبنة حقيقة في بناء صرح دولة القانون والعدالة في البلاد"، معبراً عن تخوفه من أن يتم "تمييع القضية"، أو تتأثر بـ"اعتبارات سياسية".
برغم ما سبق، شدد ولد مولود على أن المرحلة الراهنة في القضية تعد "استمراراً للمسار التاريخي للملف، والذي بدأ بتحقيق لجنة التحقيق البرلمانية"، مضيفاً أن القضية كلها من "الملفات الأساسية التي يمكن أن تساعد في استعادة الثقة في السلطات، وفي القضاء، وفي دعم الاستقرار بشكل عام، لأن الثقة في العدالة سبب رئيسي من أسباب تعزيز الاستقرار".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 6 ساعاترائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.